وكانت وزارة التربية والتعليم في حكومة جنوب كردستان، قد اعلنت في 12 من كانون الأول الجاري، إيقاف دراسة ملحمة درويشه عبدي وحذفه من مناهج العام المقبل.
وجاء ذلك بعد مطالبة كتلة الاتحاد الإسلامي في برلمان جنوب ركردستان بتقديم اعتذارٍ للمسلمين، جراء ما تضمنه النص من قول درويش "بأنه بريء من دين الإسلام".
الامر الذي اثار جدلا وسخطاً كبيراً في الأوساط الثقافية والسياسية والاجتماعية،والذي أكدته شيرين رشيد عضوة لجنة التدريب في حركة الهلال الذهبي(عفرين) من خلال حوار خاص ومقتضب مع وكالة فرات للانباءANF، من خلال قولها،بأن هذه الملاحم لا تقل أهمية عن ملحمة كلكامش و أوديس والأخريات. وبأن الملاحمُ الكردية مثل ( درويشه عبدي - ممي آلان ممو وزين.... الخ) وبأن كلها ساهمت عبر التاريخ على التماسك و التآلف بين الكرد خاصة كمجتمع وبين المكونات الموجودة على جغرافية كردستان عامة والتي ساهمت في الحفاظ على تراثهم المتنوع و ثقافتهم الغنية.
وفيما يلي نص الحوار:
-أعلنت وزارة التربية والتعليم في حكومة جنوب كردستان في 12 من كانون الأول الجاري، إيقاف دراسة ملحمة درويشه عبدي وحذفه من مناهج العام المقبل،كيف تقيمين هذا الإعلان؟
إن هذا الإعلان ماهو إلا إجحاف بحق شريحتين مهمتين في المجتمع الكردي:
الشريحة الاولى المتمثلة في الجيل الحاضر و المستقبل الذي سيكبر على تاريخٍ فارغٍ من أهم المنعطفات التاريخية و التي تثبت على تواجد الكرد منذ أزل الأزلين و مواجهتهم المريرة ضد الأعداء المغتصبين لكردستان سواءً بالسيف أم بالمفاهيم و المعتقدات الدينية كالإسلام المتطرف و المتعصب لفكره والذي دفع ببعض الكرد للرضوخ لهذه المفاهيم تارة بالقوة و تارة لحماية أنفسهم من خلال التقوقع داخل قوقعة الدين والمذاهب و هكذا كان بعض الكرد في كردستان.
أمّ الشريحة الثانية :
هم الجيل السابق الذي تحمّل عناء الظلم و القهر تحت سطوة الدين و السيف لكي يُوصل هذه الملاحم التاريخية الفذّة والتي تدل على جسارة الشعب الكردي عامة و الإيزيدي خاصة... فذاك الجيل الذي واظب على توارث هذه الملاحم و الاحداث و حتى تلك التفاصيل الدقيقة ومن ضمنها الثقافة الكردية، لإيصالها إلى الجيل الذي يليه وإلى كل العالم من خلال الأغاني و المواويل والحكايات وحتى الرقصات الشعبية.
اعتقد بأنّه إنكار لكد وعناء الجيل السابق و لهو إجحافٌ بحق ترابهم الطاهرة.
-ماذا تمثل ملحمة درويشه عبدي للشعب الكردي عما يتحدث ومااهميته؟
ملحمة درويشه عبدي تمثل ذروة القضية الكردية عبر التاريخ وإلى يومنا الحاضر... فما جرى في عفرين و كري سبيه و سري كانيه المحتلتين من قبل الاحتلال التركي القريبة من موقع الحدث أي " الملحمة درويشه عبدي" ما هو إلا دليل على محاولة الاحتلال التركي و مرتزقته الجيش الحر وحتى في زمن درويش عبدي كان قبيلة جاسي "gêsî" إحدى القبائل العربية لمحو كل ما يتعلق بالثقافة الكردية وطمث الهوية الكردية . ففي المجلد الاخير للقائد عبدالله أوجلان المعنّون " إلى الكرد المحصورين بين فكيّ الإبادة الثقافية" وفيها نوه إلى أهمية الثقافة الكردية و كيفية المحافظة على هذا التراث الثمين الذي جناه أجدادنا عبر التاريخ.
الملحمةُ لا تتحدث فقط عن عشق درويش لعدولة، عشقٌ بين إيزيدي هُجرِ أهله من ديارهم شنكال بسبب ظلم و جور المغتصبين نحو عشيرة ملة" تمر زور باشا" وهم الكرد المسلمين حيث تضم عشيرته ٣٢ ألف عشيرة. قصة درويشه عبدي طويلة ولكن سأختصرها في كلمتين : وهي أن عشق درويش لكردستان كان أقوى و أكبر من عشقه لعدولة حين قال لإخيه " عفر" من المكون العربي الذين طمرا سويا حجراً تحت التراب و تعاهدا على الاخوة منذ الصغر : (لن أسمح لأعداء أن يدوسوا تراب كردستان فهي أرض الكرد ) رغم اختلاف الدين بين ملحم عبدي والد درويش و ملة تمر زور باشا والد عدولة، بهذه الكلمات حارب درويشه عبدي مع خمسة من الإيزيديين و ستة من عشيرة الملة جيشاً كبيراً من الترك و قبيلة جاسي المكون من ١٧٠٠ جندي وقد يكون أكثر. حين أدرك الترك بأنهم سيُهزمون أمام جسارة درويشه عبدي وشجاعته قاموا بوضع كمين له في واديٍ حيث أنفاق الفئران كأنفاقهم وبهذا الشكل أوقعوه أرضاً وانهالوا عليه بالسيوف الغادرة كما هو معروفٌ عن تاريخ الترك القذر.
-الى أي مدى تساهم مثل هذه المواد(درويشه عبدي)في تمسك الشباب الكردي بتاريخهم وتراثهم؟
هذه الملاحم لا تقل أهمية عن ملحمة كلكامش و أوديس والأخريات. فالملاحمُ الكردية مثل ( درويشه عبدي - ممي آلان ممو وزين.... الخ) كلها ساهمت عبر التاريخ على التماسك و التآلف بين الكرد خاصة كمجتمع وبين المكونات الموجودة على جغرافية كردستان عامة والتي ساهمت في الحفاظ على تراثهم المتنوع و ثقافتهم الغنية، فإنّها ستعطي الدافع للشباب ليتمثّلوا بأخلاقها و يتمسكوا بثقافتها أكثر حين يتلمسون كل هذه الخصال الحميدة و الصفات الشجاعة في أجدادهم و قد يدفعهم أكثر للتشبث بأرضهم و ترابهم كردستان. فكردستان هي أمُّ الحضارة و منبع العين للعالم أجمع.
حين يتربى الجيل على هذه الملاحم حتماً سيتعلم منها لأنّ الصغار هم دفاترٌ بصفحاتٍ بيضاء فما عليك سوى ملأها بالكلمات و المشاعر.
-إيقاف دراسة هذه المادة جاء بعد مطالبة كتلة الاتحاد الإسلامي في برلمان جنوب كردستان بتقديم اعتذارٍ للمسلمين، جراء ما تضمنه النص من قول درويش "بأنه بريء من دين الإسلام". كيف تقيمن هذه الادعاءات؟
هي إدعاءاتٌ لا مبرر لها... حين يقوم بعض المتسلقين و المستغلين بإستخدام الدين كسلاحٍ لهم للوصول إلى أهدافهم و غاياتهم اعتقد بأن هذا لا يعتبر ديناً... فجميع الأديان السماوية جاءت لخلاص الشعوب من الظلم و القهر و ليس لإستعبادهم بإسم الدين الذي مازال يُستغلُ إلى يومنا هذا. كما يفعل أردوغان و أمثاله... يصلون في الجوامع بإسم الدين و يقتلون الابرياء من الأطفال و النساء و الشيوخ بإسم الأمن القومي... إذا اين الإسلام والمسلمين من كل هذا؟