بعد قضاء واشنطن على أحد قياديه.. أسرار تنظيم حراس الدين فرع القاعدة الأصلي في سوريا

قامت القيادة المركزية الأمريكية بتصفية قيادي جديد من تنظيم حراس الدين المبايع لتنظيم القاعدة في إدلب مما يثير التساؤلات عن نشاط التنظيم وأهميته في الوقت الحالي.

أعلنت القيادة المركزية الأمريكية "سنتكوم" مقتل، أبوعبد الرحمن المكي، الزعيم البارز في تنظيم "حراس الدين" المرتبط بتنظيم القاعدة، في أحدث الضربات الأمريكية ضد القاعدة وداعش في إدلب.

وأكدت القيادة المركزية الأمريكية أن المكي كان مسؤولاً عن الإشراف على العمليات الإرهابية من سوريا، مما يثير التساؤلات حول تنظيم حراس الدين ومدى ارتباطه بالقاعدة وأهمية نشاطاته داخل سوريا.

تنظيم حراس الدين

يعد تنظيم حراس الدين هو الابن الشرعي الوحيد لتنظيم القاعدة الإرهابي داخل محافظة إدلب، والذي تشكل في أواخر فبراير\شباط 2018، منفصلاً عن هيئة تحرير الشام بعد أن أعلن في عام 2016 فك ارتباطه عن القاعدة، ليظل "حراس الدين" على ولائهم لتنظيم القاعدة المركزي، وانضموا لغرفة عمليات "وحرض المؤمنين" والتي شنت عدة هجمات ضد النظام السوري.

لا يتوفر وصف.

ويقول عبد الرحمن ربوع الكاتب والباحث السياسي السوري في تواصل هاتفي مع وكالة فرات للأنباء (ANF)، أن تنظيم حراس الدين مثله مثل معظم التنظيمات الإرهابية في سوريا يدخل هذه الفترة في حالة سبات وكمون بعد الحملة العالمية التي قادتها الولايات المتحدة ضد تنظيم داعش وإسقاط دولته في سوريا والعراق.

وأضاف، أنه منذ العام 2018 وبعد أن تم إخراج فصائل المعارضة الإسلامية من درعا ودمشق وحمص وانتقالها إلى إدلب وحلب ومن ثم تصفية وانحلال معظمها لم نعد نسمع عن تنظيم حراس الدين في سوريا إلا بعض الأخبار غير المؤكدة عن عمليات هنا وهناك سواء ضد قوات النظام وحلفائها الإيرانيين أو ضد الفصائل الإسلامية الأخرى.

لا يتوفر وصف.

ويقول أحمد سلطان الباحث في شؤون الجماعات المتطرفة في تواصل هاتفي مع وكالة فرات للأنباء (ANF)، إن غالبية أعضاء تنظيم "حراس الدين" حالياً لا عمل حقيقي لهم، واتصال التنظيم بالقيادة العامة للقاعدة في خراسان ضعيف وشبه متوقف، وتهديده الأمني محدود للغاية سواء للولايات المتحدة أو حتى لغيرها.

وأضاف، أن أهم ملف كان في التنظيم هو خلف خطوط العدو وهو يعني الخلايا النشطة في عمق مناطق النظام السوري وفي خارج سوريا وكان المسؤول عن هذا الملف عبد الحميد المطر وهذا القيادي قتل قبل عامين في غارة أمريكية بوشاية من داخل سوريا، مبيناً أن وضع الفوضى يسمح للتنظيمات الجهادية بإعادة بناء نفسها، ولكن نتيجة غياب الدعم الحقيقي للقيادة العامة للقاعدة وتقويض التنظيم يظل دور حراس الدين في داخل سوريا وعودته للعمل بفاعلية محل شك كبير خلال الوقت الحالي.

الاستهداف الأمني للتنظيم

بدأ استهداف التنظيم منذ 31 أغسطس\آب 2019، عندما نفذت الولايات المتحدة سلسلة من الغارات الجوية على اجتماع "غرفة عمليات وحرض المؤمنين" بين كفريا ومعرة مصرين ومنذ ذلك التاريخ وتشن الولايات المتحدة غارات لتصفية أعضاؤه، بالتزامن مع الحملة التي قامت بها هيئة تحرير الشام عام 2020 لمطاردة واعتقال عناصر تنظيم حراس الدين.

وأشار "سلطان" إلى تعرض التنظيم لحملة إضعاف كبيرة جداً، وهذه الحملة راعتها الاستخباراتية الأمريكية والتحالف الدولي، وساهم فيها على الأرض جهاديون سابقون وجهاديون حاليون هم هيئة تحرير الشام، مبيناً وجود مجموعة داخل الجهاز الأمني للهيئة تركز على ملف حراس الدين، والجهادية المعولمة وتم تسليم بيانات كاملة عن مقاتلي وقيادات حراس الدين للتحالف الدولي، بجانب خلية استخباراتية لنفس الأمر تكونت من جهاديين كانوا على صلة بالقاعدة مثل أبو مارية القحطاني وغيره.

وأوضح الباحث في شؤون الجماعات المتطرفة، أن الهيئة لم تكتفي بتسليم معلومات عن التنظيم، ولكنها عملت على القبض على كوادر التنظيم حتى من انتسب يوما للتنظيم أو انضم إلى معسكر من معسكراته تم القبض عليه وتمت معاملتهم بقسوة داخل السجون، واتبعت الهيئة سياسة تجفيف المنابع المالية للتنظيم، ورفضت اللجوء إلى محكمة شرعية للفصل ما بينها وما بين حراس الدين، وطاردت قياداته ومازال كبار قادته مثل أبو همام الشامي قائد التنظيم وسامي العريدي "شرعي" التنظيم مطلوبين للهيئة، وكان هناك تعاون بين الهيئة والتحالف الدولي من أجل تقويض التنظيم وبالفعل نجحت في ذلك.

وحول أسباب مطاردة هيئة تحرير الشام، أوضح سلطان أن الهيئة تحولت من تبني نهج الجهادية العالمية عندما كان يسمى جبهة النصرة إلى فصيل يرى ضرورة الحفاظ على ما حققه وان يتحول الى صيغة أخرى عبر التوافقات والتفاهمات مع القوى الإقليمية والدولية أو بمعنى أدق "نوع من تغيير الجلد"، مشيرًا إلى أن الضربات المتلاحقة لتنظيم "حراس الدين" جعلته في الوقت الحالي ضعيف خاصة بعد مقتل مسؤولين العمليات الخارجية مثل عبد الحميد المطر وغيره.

بينما أشار عبد الرحمن ربوع، إلى أن المتابعة الأمنية والاستخباراتية لتنظيم "حراس الدين" وقادته قد توقفت بل هي مستمرة وكل فترة نسمع عن استهداف وتصفية لقائد أو لمجموعة من التنظيم سواء في إدلب أو حلب أو اللاذقية أو حماة، وذلك فضلا عن اعتقال السلطات التركية للعشرات منهم ممن حاولوا دخول تركيا أو المرور عبرها إلى دول أخرى سواء للعودة إلى بلادهم أو إلى مناطق أخرى يمكنهم فيها مواصلة نشاطهم الإرهابي، رغم رعاية أنقرة لباقي التنظيمات المتطرفة داخل إدلب وعلى رأسها هيئة تحرير الشام.

تصفية عبد الرحمن المكي

وصف بيان القيادة المركزية الأميركية "المكي" بأنه من القادة البارزين في "حراس الدين"، رغم أنه كان معتقل لدى "تحرير الشام" منذ عام 2020، ونتيجة لعدد من الدعوات التي أطلقتها العناصر المتطرفة، أفرجت عنه الهيئة بشكل غير معلن في 2022.

وبين سلطان في ختام تصريحاته لوكالة فرات للأنباء (ANF)، أن عبد الرحمن المكي كان عضو مجلس شورى التنظيم، مشيراً إلى أن الرجل كان معتزلا متوقفا عن النشاط التنظيمي منذ مدة وكان بعيدا عن المهام والتنظيمية، لكن بالنسبة للولايات المتحدة والتحالف الدولي هو كادر من القاعدة ومقتله مهم بالنسبة للتحالف الدولي وهو لا يريد الإبقاء على أي فرد أو عضو بالتنظيم فضلاً عن أنه قيادي له رمزيته.

تأثير العملية على إدلب وهيئة تحرير الشام

تأتي العملية في ظل هيمنة هيئة تحرير الشام على مقاليد الأمور في إدلب مع استمرار الرفض الشعبي لحكم التنظيم للمحافظة والمسيرات والمظاهرات الرافضة لوجوده، مما يثير التساؤلات حول تأثير العملية في هيئة تحرير الشام وإدلب.

وأكد ربوع في ختام تصريحاته لوكالة فرات للأنباء(ANF)، أنه لا تؤثر استهدافات قوات التحالف الدولي لقادة وعناصر تنظيم حراس الدين أو داعش على تنظيم هيئة تحرير الشام بل بالعكس تقوية وتفسح له المجال لحرية أكبر في الحركة لأن العدو الأكبر والأخطر اليوم لهيئة تحرير الشام هو تلك المجموعات الإرهابية التابعة لداعش والحراس لأنهم يعتبرون الهيئة قد غدرت بهم وانفصلت عنهم بل إنها تتعاون مع الأمريكان والروس ضدهم وضد الحزب التركستاني والمجموعات الشيشانية، مشيرًا إلى أن هذا لا يعفيها من المساءلة والملاحقة لأن الهيئة مهما فعلت وغيرت وبدلت جلدها ستظل في نظر الجميع ابنة تنظيم القاعة المصنف دولياً كتنظيم إرهابي ولا مكان لها في حكم وإدارة شمال غرب سوريا خصوصاً مع الرفض الشعبي لها سياستها وممارساتها والمتمثل بالاحتجاجات الشعبية اليومية ضدها.