سباق التعاون الدفاعي في المنطقة يكشف تفوق "الدبلوماسية العسكرية" المصرية

شاركت مصر خلال الأيام الماضية في عدد كبير من التدريبات والأنشطة العسكرية المشتركة، من أبرزها التدريب البحرى المشترك الذي اختتم اليوم في تونس وشاركت به الولايات المتحدة وبريطانيا ودول أخرى.

ترتبط الدبلوماسية العسكرية أو الدفاعية Military diplomacy بقدرة الدولة على توظيف قدراتها الدفاعية لتحقيق أهداف السياسة الخارجية، من خلال الاستخدام السلمي لتلك القدرات بهدف تحقيق علاقات المنفعة المتبادلة لخلق بيئة إقليمية ودولية أكثر استقرارا.

وتشهد منطقة الشرق الأوسط خلال الأسابيع الأخيرة، تفاعلات كثيفة بين دول المنطقة من أجل إعادة رسم خريطة العلاقات الدفاعية في ضوء ما شهده العلاقات الدبلوماسية بين عديد من دول المنطقة من توجهات جديدة، كان أبرزها خطوات المصالحة بين مصر ودول خليجية وعربية من جهة، وقطر من جهة أخرى، فضلا عن تحولات السياسة التركية الساعية إلى إعادة ترميم علاقاتها المتدهورة مع عدة بلدان عربية وأوروبية وغربية، وكذلك مساعي تسوية أزمات اليمن وليبيا ومفاوضات البرنامج النووي الإيراني وغيرها، إضافة إلى تصاعد التوتر بين مصر والسودان وإثيوبيا حول مشروع السد الذي ترفض القاهرة والخرطوم مواصلته من دون اتفاق شامل حول ملء وتشغيل المشروع الأضخم على نهر النيل.

وتشمل أدوات الدبلوماسية الدفاعية توجيه المساعدات الإنسانية والدفاعية وعقد الاتفاقيات التعاونية والقيام بأدوار تفاوضية، فضلا عن ترتيب وتخطيط فرص المناورات والتدريبات والمعارض والمؤتمرات ذات الصلة وكذا الزيارات المتبادلة.

وبينما تستعد مصر إلى تنظيم معرض الصناعات الدفاعية"EDEX -2021" والذى تقام فعالياته خلال شهر كانون الثاني ديسمبر 2021 بالقاهرة، إلتقى وزير الدفاع المصري الفريق أول محمد زكى وزير برنامج إدارة المشتريات الدفاعية ( DAPA )  الكوري الجنوبي كانج أون هوا والوفد المرافق له الذى يزور مصر حالياً، حيث تناول اللقاء سبل دعم التعاون المشترك وتعزيز العلاقات العسكرية بين القوات المسلحة لكلا البلدين فى مجالات التصنيع العسكري والدفاعى، وتعزيز الشراكة الإستراتيجية فى مختلف المجالات لا سيما فى مجالات التعاون مع الشركات الكورية العاملة فى المجالات المختلفة للصناعات الدفاعية .

وأعرب الوزير الكورى الجنوبى عن تطلع بلاده للمشاركة فى النسخة الثانية من معرض مصر الدفاعي، بإعتباره حدثاً عالمياً فى تعزيز الصناعة الدفاعية ويستقطب كبرى الشركات العالمية المصنعة للأنظمة الدفاعية العسكرية والأمنية.

النيل يوثق التعاون بين جيشي مصر والسودان

ونفذت مصر والسودان مناورات عسكرية مشتركة "حماة النيل" قبل أسابيع قليلة من بدء موسم الفيضان، وسط حراك دبلوماسي يستهدف إثناء اثيوبيا عن مواصلة بناء السد وملء خزانه الضخم.

وأكد رئيس هيئة أركان الجيش المصري الفريق محمد فريد حجازي، إن مناورات "حماة النيل" بين الجيشين المصري والسوداني، تعد تدريب نوعي واستراتيجي في ظل التحديات الإقليمية.

وقال رئيس أركان القوات المسلحة المصرية خلال مؤتمر صحفي اليوم بمناسبة انتهاء مناورات "حماة النيل": "نهدف خلال المناورة لرفع القدرات القتالية للقوات لتشكل رادعا للمتربصين والأعداء، لمسايرة التهديدات المتوقعة وليس استهدافا لأحد".

ومن جانبه، قال رئيس هيئة الأركان بالجيش السوداني محمد عثمان الحسين، إن التعاون العسكري بين مصر والسودان يشهد تطورا مستمرا. وأوضح محمد عثمان الحسين، أن هذه الأخيرة "تأتي في إطار التعاون العسكري المشترك بين الجيشين المصري والسوداني".

وتابع "نهدف لرفع القدرات القتالية للقوات لتشكل رادعا للمتربصين والأعداء ومسايرة للتهديدات المتوقعة وليس استهدافا لأحد".

واستكمل المسؤول السوداني: "نتطلع لأعمال موحدة في كل المجالات السياسة والاقتصادية والاجتماعية بين مصر والسودان".

وتأتي "حماة النيل" بهدف تأكيد مستوى الجاهزية والاستعداد للقوات المشتركة، وزيادة الخبرات التدريبية للقوات المسلحة لكلا البلدين، وفق ما أعلنته القوات المسلحة المصرية.

وتعد التدريبات المصرية - السودانية هي الثالثة من نوعها بين البلدين خلال أشهر قليلة، فقد سبقها "نسور النيل – 1" في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، و"نسور النيل – 2" في شهر نيسان/ أبريل الماضي.

كان رئيس الأركان المصري، زار الخرطوم في آذار/ مارس الماضي، على رأس وفد رفيع المستوى من قادة القوات المسلحة، للمشاركة في الاجتماع السابع للجنة العسكرية المشتركة المصرية - السودانية، بهدف دعم مجالات الشراكة والتعاون بين دولتي وادي النيل.

وكان رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصري قد أنهى، قبل يومين، زيارة إلى دولتى كينيا ورواندا لتطوير التعاون العسكرى المصرى الكينى فى ضوء عمق الروابط التى تجمع البلدين. وأسفرت إجتماعات اللجنة العسكرية المشتركة عن التوافق على تطوير أوجه التعاون العسكرى فى مجالات التدريب والتأهيل ونقل الخبرات ورفع القدرات العسكرية بما يعزز قدرات الجانبين على مواجهة التحديات لأمنهما القومى ومصالحهما المشتركة.  

كما قام الفريق فريد بزيارة أخرى إلى رواندا إلتقى خلالها مع وزير الدفاع الرواندى اللواء ألبرت موراسيرا، وتم خلال اللقاء تبادل الرؤى حول تطورات الأوضاع فى المنطقة والتحديات الأمنية التى تواجه الأمن القومى لكلا البلدين، والتوافق على أهمية التنسيق والعمل المشترك لمواجهة تلك التحديات بما يحقق الإستقرار فى المنطقة. وفى نهاية الزيارة قام رئيس الأركان المصري والوفد المرافق له بزيارة النصب التذكارى لضحايا الإبادة الجماعية ووضع إكليل من الزهور .

تدريب بحري في غرب المتوسط

وإلى ذلك، اعلنت القاهرة يوم الإثنين ختام فعاليات التدريب البحرى المشترك (Phoenix Express-2021) والذى إستمر لعدة أيام بالمياه الإقليمية لتونس بالبحر المتوسط بمشاركة (13) دولة، شملت مصر وتونس والولايات المتحدة الأمريكية وبلجيكا واليونان وإيطاليا وأسبانيا ومالطا والمملكة المتحدة والجزائر والمغرب وليبيا وموريتانيا .

اشتملت المناورات تنظيم عدد من المحاضرات النظرية على الموضوعات والأنشطة المخطط تنفيذها خلال المرحلة الرئيسية للتدريب لتبادل الخبرات فى مجال التخطيط وإدارة العمليات البحرية المشتركة التى تؤثر على السلامة البحرية ومجابهة التهديدات الغير نمطية .

وخلال المرحلة الختامية للتدريب المشترك تم تنفيذ العديد من تشكيلات الإبحار وقيام عناصر الوحدات الخاصة تنفيذ عدة بيانات عملية لأعمال الإعتراض البحرى وحق الزيارة والتفتيش لسفينة مشبوهة والسيطرة عليها، كذلك التدريب على سبل تعزيز إجراءات الأمن البحرى بمناطق عمليات البحر المتوسط، من خلال التدريب على العمل المشترك لمجابهة التهديدات وتوحيد مفاهيم أعمال القوات المشتركة، ظهر خلال التدريب مدى الدقة والمهارة العالية التى تتمتع بها القوات المشاركة فى التدريب .

وقال المتحدث العسكري للقوات المسلحة المصرية في بيان إن هذه التدريبات تأتي إستمراراً لعلاقات الشراكة والتعاون العسكرى بين القوات المسلحة المصرية ونظائرها من الدول الشقيقة والصديقة لتعزيز آفاق التعاون العسكرى والتعرف على كل ماهو جديد فى أساليب تأمين مسارح العمليات البحرية ضد العدائيات وإرساء قواعد الأمن البحرى فى المنطقة.

مصر وباكستان.. خطوة نوعية

وشاركت باكستان في التدريب "حماة السماء -1" فى إطار تنمية العلاقات العسكرية والتعاون المشترك لقوات الدفاع الجوى مع مصر، وذكرت القوات المسلحة المصرية في بيان أمس إن عناصر قوات الدفاع الجوى المصرية والباكستانية واصلت تنفيذ فعاليات التدريب المصرى الباكستانى المشترك "حماة السماء -1"، والذى تشارك به عناصر من وحدات وأنظمة الدفاع الجوى المصرية والباكستانية المختلفة.

تضمنت الأنشطة مرحلة تدريب مسبق لتحقيق الدمج بين القوات المصرية والباكستانية بتنفيذ مجموعة من المحاضرات النظرية والعملية التى تناولت مناقشة أنظمة الدفاع الجوى الحديثة والمتطورة ، وتنظيم معرضاً لأسلحة ومعدات الدفاع الجوى المشتركة فى التدريب بحضور قائد قوات الدفاع الجوى المصرى والفريق محمد حيدر مدير عام الأركان المشتركة الباكستانية .  ونفذت القوات المشاركة من الجانبين عدداً من التدريبات التكتيكية المشتركة ، ظهر خلالها مدى ما تتمتع به العناصر المشاركة من دقة وكفاءة عالية خلال تنفيذها كافة المهام التى تكلف بها.