في الوقت الذي تستقبل القاهرة، لأول مرة منذ القطيعة، أمير قطر، يبدو أن القاهرة باتت قبلة القادة والحكام العرب لبحث ترتيبات الأوضاع في المنطقة التي لا تزال تشهد أحداث بالغة التعقيد، فقد سبق الزيارة جولات مكوكية لقادة البحرين، الأردن، وولي العهد السعودي قبل زيارته لتركيا، كما سبق ذلك زيارة المجلس الرئاسي اليمني وغيرها من الزيارات المختلفة.
حول أبعاد تلك التحركات العربية والتي تستبق القمة المرتقبة العربية الأمريكية التي تستضيفها المملكة السعودية منتصف الشهر القادم يؤكد د.محمد صادق إسماعيل مدير مركز العربي للدراسات، إن هناك ثمة ترتيبات جديدة تُعقد وتحتضنها القاهرة التي أصبحت محور اهتمام القادة العرب للتشاور والتباحث حول ما يمكن اتخاذه من اجراءات او تشكيل رأي عام عربي موحد سيتم عرضه على الجانب الأمريكي خلال القمة المرتقبة.
وقال إسماعيل في تصريحات خاصة لوكالة فرات للأنباء ANF: بالفعل هناك ترتيبات جديدة في المنطقة العربية خاصة بعد الأحداث الأخيرة سواء ما يتعلق منها الحرب الروسية الأوكرانية، والتي نعلم تداعياتها عن المنطقة العربية خاصة في الناحية الاقتصادية، إضافة إلى ما يحدث في العالم من تداعيات.
وأضاف "أثرت هذه الحرب على التوجهات الغربية، كنا أثرت أيضًا على مسألة الرؤية للنظام العالمي بمعنى أن حاليا الاتحاد الأوروبي في موقف مخالف أو مضاد الموقف الروسي، هذا من جانب، من جانب آخر حاليا الولايات المتحدة الأمريكية تسعى إلى تدشين ما يعرف مسألة الانقسام؛ هناك أزمات عديدة تواجهها الولايات المتحدة الأمريكية العام الماضي في مجموعة G 7 أو اجتماع السبعة الكبار، أطلقت على الصين عدو مباشر. وبالتالي هذه الأيام نرى أن الصين تحاول القفز على مسألة طبعا التعدي على تايوان او ضمة تايوان هذا من جانب، من جانب آخر رأينا كوريا الشمالية والعناد المستمر للولايات المتحدة الأمريكية.. رأينا روسيا وموقفها مع الولايات المتحدة الامريكية، إضافة إلى الموقف الإيراني وعدم القدرة على اتخاذ مبادرة أو اتفاقية لمسألة الأزمة النووية".
وتابع: إذا المتحدة الأمريكية تواجه مشاكل عديدة في القارة الآسيوية. الولايات المتحدة الامريكية على الجانب الآخر ابتعدت كثيرا عن الشرق الاوسط أو المنطقة العربية تحديدا منذ مجيء جو بايدن، رأينا ذلك ماليا من خلال توجهه نحو آسيا. لكن توجهه نحو اسيا كان فكرة جيدة من وجهة النظر الأمريكية، لكن طبعا البعد عن الجانب العربي أضره كثيرا.
وأكد أن لقاء جدة المرتقف، الذي يجمع ما بين القيادات الأمريكية ودول مجلس التعاون الخليجي إضافة إلى مصر والعراق والأردن كان يحتاج إلى مثل هذه الترتيبات العربية.
ولفت إلى أن الترتيبات من خلال لقاءات عديدة تجريها الدبلوماسية المصرية حاليا مع القادة العرب؛ مضيفًا "رأينا اجتماع ثلاثي في شرم الشيخ جمعه ما بين البحرين والاردن ومصر. ثم بعد ذلك زيارة ولي العهد السعودي للقاهرة. ثم بالأمس كانت زيارة الأمير تميم أمير قطر لمصر بعد حوالي غياب سبع سنوات وكان قبل ذلك كله كان أيضا لقاء هام جدا ما بين الرئيس وبين القادة في اليمن في القاهرة".
واستطرد: أنا اعتقد أن هناك ترتيبات- كما أشرت في سؤالك- جديدة تُعقد في القاهرة أو أن القاهرة أصبحت محور اهتمام القادة العرب للتشاور والتباحث حول ما يمكن اتخاذه من إجراءات أو تشكيل رأي عام عربي موحد. سيتم عرضه على الجانب الأمريكي.
وأردف: اعتقد أن الإدارة الأمريكية عليها مسؤوليات خاصة ما يتعلق منها بأزمات العرب الأساسية، التي رأينا أن جو بايدن لم يفعل فيها شيء، على سبيل المثال الأزمة الأم، الصراع العربي الإسرائيلي لم نر السيد جو بايدن يدلي بدلوه في هذا الملف مطلقا.. بينما حاولت القيادة المصرية من جانبها تفعيل مسألة الحراك ما بين الجانب الفلسطيني والجانب الاسرائيلي، رأينا عدة زيارات من وفود مصرية لقطاع غزة ورام الله لكن المشكلة أن الادارة الأمريكية غائبة عن المشهد تماما.
وأردف: من جانب آخر هناك الأزمات الكبرى في المنطقة العربية، الأزمة الليبية الأزمة السورية الأزمة اليمنية، لم نرى الولايات المتحدة الامريكية تقوم بأي دور فيها، اللهم الا مسألة حرب القاعدة في اليمن.. وأعتقد أن هذا شيء قديم ما يتعلق منه بالقاعدة، فما حجم القاعدة في اليمن؟ لكن المشكلات الكبرى مثل الأزمة الليبية على سبيل المثال عدم وجود رئيس ليبي لمدة 12 عام.
وتابع: كذا الأزمة السورية وتدخلات سواء تركيا في الشمال السوري أو من قبل إسرائيل التي قامت بقصف في مطار دمشق خلال الأسبوعين الماضيين، بالإضافة طبعا إلى مسألة الوجود الروسي المستمر في سوريا وما إلى ذلك. الدعم الايراني المستمر للحوثيين في اليمن والذي أدى إلى إطالة أمد الحرب ودخول المملكة العربية السعودية في حرب مستمرة أو قوات التحالف العربي في اليمن منذ 2015 حتى تاريخه نتيجة الدعم الإيراني المستمر والدعم اللوجستي المستمر للحوثيين، كلها أمور أعتقد أنها تقتضي عودة الولايات المتحدة الأمريكية للقيام بدور فاعل في المنطقة".
واختتم حديثه مؤكدًا أن الترتيبات العربية كلها تصب في هذا الجانب، تصب في مسألة رأي عام موحد تجاه هذه القضايا لعرضه على القيادة الامريكية إضافة إلى سُبل التعاون العربي الأمريكي حيال القضايا المختلفة وما إلى ذلك كلها أمور هامة جدا ناهيك طبعًا عن مسألة البعد الاقتصادي والبعد الحاضر بقوة في الاجتماعات العربية الأمريكية المستقبلية".