من مقاومة كوباني حتى "قضية كوباني"

كيف بدأت مقاومة كوباني وكيف انضم اليها الملايين؟ كيف انتصرت كوباني؟ ولماذا هاجمت الدولة التركية الموالين والداعمين للمقاومة بعد الانتصار؟ تحدث عصمت شيخ حسن عن مرحلة مقاومة كوباني وحتى "قضية كوباني".

تحدث الرئيس المشترك للمجلس العسكري لمقاطعة كوباني عصمت شيخ حسن لوكالة فرات للأنباء ANF عن المقاومة والانتصار التاريخي في كوباني وهجمات الدولة التركية الوحشية.

وتحدث عصمت شيخ حسن في البداية عن بدء مقاومة كوباني، قال: " في عام 2011 لم يجد الكرد نصيبهم في الثورة السورية، ولهذا بدأت مقاومة كوباني مثل عشرات الثورات في كردستان، لم يجد الكرد نصيبهم لهم في الثورة السورية، لأنهم لم يسموا الثورة باسم ربيع الشعوب، بل سموها بالربيع العربي، ماذا يعني هذا؟ لقد حولوا الثورة الى تغيير الكرسي فقط، وإزاحة بشار الأسد ويحلون هم محله، وسيبقى الظلم والمشاكل مثلما هي، بعد أن رأى الشعب الكردي في روجآفا أنهم لا نصيب لهم في هذه الثورة كحركة حرة، بدأوا بثورة روجافا، وانتفضوا ضد الظلم والطغيان، وبهذا الشكل أطلقنا اسم ربيع الشعوب على هذه الثورة ".

من خلال محاولة احتلال كوباني أرادوا القضاء على الشعب الكردي 

بعد أن نلنا نصيبنا من هذه الثورة، قامت الجماعات الإسلامية المتطرفة (الجيش الحر، أحرار الشام، إلخ) بالهجوم علينا، هاجموا أولاً شرق كوباني وكري سبي (تل أبيض)، وهاجموا منازل الكرد وفجروها، وقبل ذلك هاجموا سري كانيه ثم هاجموا مناطق عفرين، وأرادوا القضاء على الكرد، لماذا يريدون القضاء على الشعب الكردي؟ أولاً، دعمت تركيا هؤلاء المرتزقة لمنع الكرد من نيل حقوقهم، وبحسب أردوغان، إذا حصل الكرد على حقوقهم، فسيكون هذا تهديد لهم، لأن هناك 25 مليون كردي في تركيا والكرد هناك أيضاً تحت الضغط والقمع , والجميع يعلم بهذا ، ولكن لا يتم تجاهله. 

ولهذا تلقت الجماعات المتطرفة  دعماً من تركيا وهاجمتنا في سري كانيه وعفرين وكوباني , كان الهدف من الهجوم على كوباني قطع الرابط الجغرافي  بين  مناطق الجزيرة وعفرين، في حين أن كوباني تتمتع بخصوصية، لأن القائد قد مكث فيها في البدايات، ونشر الأيديولوجية الحرة للشعوب, فكان هدفهم القضاء على الكرد في شخص كوباني , في هذا الإطار هاجموا مقاطعة كوباني, ظلت كوباني تحت الحصار قرابة 3 سنوات , أولئك الذين انتفضوا ضد الجماعات المتطرفة الإرهابية هم من المدنيين وأبناؤنا من وحدات حماية الشعب والمرأة (YPG-YPJ) , كانت إمكانيات قواتنا محدودة, حيث كانت تقتصر على الأسلحة الفردية."

مساندة ودعم شعب شمال كردستان كان له تأثير على كافة الشعوب

ولفت عصمت شيخ  حسن الانتباه إلى تأثير مقاومة كوباني على المنطقة برمتها، وقال: " انتفض شعب شمالي كردستان على الفور عندما هوجمت كوباني, لأنه عندما وقع الهجوم على كوباني لم يحدث هذا الهجوم باسم داعش , صحيح كان  يُعرف الهجوم باسم داعش و الجميع يقول ذلك ، لكن الهجمات على كوباني تمت تنفيذها من خلال مجموعة  من الشركاء, على سبيل المثال ، عندما اندلعت الحرب في الموصل ، نقلت الحكومة العراقية  جميع أسلحتها الى هناك ، ولكن لا تركيا ولا سوريا ولا إيران لم تتخذ أي إجراءات لصد الهجوم ، وبالنفس الوقت  يقوم النظام السوري بإلقاء البراميل المتفجرة على السكان في دمشق وحمص وحلب  والتي أدت الى مصرع مئات الاشخاص، ولن يتم اتخاذ أي إجراءات عسكرية لصد هجوم القوافل القادمة من الموصل من قبل تلك المجموعات, لأن تلك القوافل كانت كفيلة بالقضاء على كوباني والقضاء على الكرد , لذلك تم مساندة هذه القوة القادمة من الموصل، وأقدمت الدولة التركية بإرسال دباباتها ومدفعيتها ودعمها اللوجستي الى قرية (سيليفكان) الواقعة بين كري سبي (تل أبيض)  وكوباني على سكة القطار بين روج آفا وتركيا, لذلك نقول بأن الجميع قدم المساعدة لتلك المجموعات المتطرفة.

لقد انتفض شعب شمال كردستان عندما رأوا دعم تركيا والنظام البعثي وجميع المعارضين الكرد , عندما انتفض الشعب , لم يبقى بيننا حدود وتوحد الكرد, وتقاسموا آلام شعب كوباني , كانوا على الحدود مع شمال كردستان حتى النصر في كوباني , كانوا يستقبلون بشكل يومي  الجرحى والشهداء , استجاب أهالي شمال كردستان للصعوبات و المتاعب في كوباني , لقد كان لها اثر كبير على الشعب الكردي وعلى جميع شعوب العالم، عندما قامت تركيا بتوجيه داعش نحو كوباني ، قال أردوغان وقتها "إن كوباني على وشك السقوط و سوف تسقط ", و شعب شمال كردستان ردت على هذا".

لولا فلسفة القائد أوجلان لم يكن باستطاعتنا إيقاف الهجمات

وأكد عصمت شيخ حسن بأنه في تلك الفترة كان اهتمام جميع شعوب العالم على الكرد وتابع بالقول:" لقد شاهدوا مقاومة الشعب الكردي ضد الإرهاب، لأننا قاتلنا ضد الجماعات الإرهابية مثل مرتزقة داعش، أطلقت تركيا علينا اسم" الإرهاب " , لقد تدفق أهالي شمال كردستان مع أبنائهم وكبار السن وزوجاتهم إلى الحدود وحملوا السلاح ودعموا كوباني ، الأمر الذي ساعد كوباني على الوقوف وخلقت منها وحدة الشعب الكردي , كان يعتبر الوضع الأساسي للكرد.

قد يتواجد بعض الكرد الغير مقاومين، وبائعي أنفسهم لأردوغان ويقولون: "أردوغان سيبني لنا دولة وسيدعم الكرد". هذه الكلمات غير صحيحة، اردوغان ومن امثاله اعداء الكرد منذ عهد الشيخ سعيد وقاضي محمد , إن فكرهم يهدف الى  القضاء على الكرد حتى ولو كانوا قاطنين في الخيام في أفريقيا , يبيعون أنفسهم  مقابل بضعة دولارات , لأنهم وضع  مصالحهم الشخصية بحوزة أردوغان , ولكن سيتم قطع رؤوسهم أيضاً في حال خسرنا , ما حدث للكرد من قبل سيحدث الشيء نفسه مرة أخرى. لكن سننجح هذه المرة بفكر وفلسفة القائد عبد الله أوجلان ".

وأكد عصمت شيخ حسن أنه لولا فلسفة القائد عبد الله أوجلان، لما تمكنت كوباني، وهي قرية صغيرة جدًا، من الوقوف ضد دولة الناتو، وتابع قائلاً: "من هم المقامون؟ فتياتنا اللواتي تتراوح أعمارهن بين 18 ـ 20 عامًا لم يقاتلن أبدًا في التاريخ، ولم يفقدن معنوياتهن أبدًا، وربما فقدنا 400 من قرانا، وثلث مدينة كوباني، وبرغم ذلك كانوا يقولون "سننتصر" كانوا يرفعون من معنويات الشعب، وسأتحدث عن مقاومة في مدرسة في كوباني على سبيل المثال , 12 من أصدقائنا أبدوا مقاومة لساعات ورفضوا قرار قياداتهم في وحدات حماية الشعب YPG ,قائلين نعتذر لـ YPG هذه المرة. هذه المرة نحن نرفض وسنظهر لعدونا أنهم لن يتمكنوا من دخول أرضنا. حتى لو فعلوا ذلك، فسوف يمرون فوق أجسادنا."

لقد أسس أبناؤنا قوتهم على هذا الأساس,  رفعوا من معنويات الشعب, كانت فتياتُنا قدوة للعالم عندما واجهن مرتزقة وإرهاب داعش بالسلاح الفردي , هذه القدوة لاتزال ماثلة حتى الآن, هذا ما كان سبب انتصارنا, اجتمعت بناتنا وشبابنا  مع بعضهم البعض و انتفضوا في وجه الجماعات الإرهابية ,وكانوا رداً، حيث وقفوا في وجه تلك القوة التي لم يقف أمامها أحد حينما كانت تقطع رؤوس البشر , عندما حدث هذا ، أصبحت نساء كوباني و نساء كردستان قدوة لنساء العالم , عندما ينظر المرء إلى مزار الشهيدة دجلة في كوباني ، يرى أن هناك شهداء من جميع أنحاء كردستان والعالم , مثل نيويورك  و دول كثيرة".

ولفت عصمت شيخ حسن الانتباه إلى اللامبالاة في الوقت الراهن من قبل الدول تجاه الدولة التركية وقال: "أردوغان لا يزال وحتى الآن مثل الأب لمرتزقة وإرهاب داعش , أردوغان يلبي جميع احتياجات داعش , كان هذا واضحاً. لكن من أجل مصالحهم الخاصة مع الدولة التركية يتم تجاهل هذه السياسات التي تنفذها تركيا، قامت الدولة التركية باحتلال سوريا وهزيمتها، ولكن الدول العربية لا تزال صامتة إيزاء ذلك، ربما تقوم مصر ببعض الأشياء، لكن البعض الآخر لم يفعل شيئًا، هدف الدولة التركية هو استعادة الأمبراطورية العثمانية، والعودة الى الحكم القديم، ومن ضمن أهدافهم هو القضاء على الشعب الكردي ".

وذكر عصمت شيخ حسن بأنه عندما وجدت الدولة التركية بأن أهدافها لم تتحقق , قامت بالهجوم على داعمي ومساندي  مقاومة كوباني ، وقال: " لقد دعم الشعب الكردي مقاومة  كوباني , فلما وجدت الدولة التركية أن كوباني قد انتصرت ودعمتها دول العالم، وعندما رأت بان كوباني أصبحت مثالاً للشعب الكردي ، وأصبحت الأجزاء الأربعة من كردستان موحدة في موقفها ، حيث كان ذلك مخالف لتوقعات أردوغان ، حيث أراد في ذلك الوقت القضاء على الكرد بطرق مختلفة , فكيف يكون ذلك؟ لقد القوا القبض على مئات الأشخاص، واعتقلوا الآلاف من أبناء شعبنا، وقاموا بحرق العشرات من أبناء شعبنا وزجوا الآلاف في السجون، ومصير الكثير منهم مجهول".

نحن أصحاب حق وسننتصر 

وتحدث عصمت شيخ حسن عن سياسات الدولة التركية العدائية ضدهم وقال: "الدولة التركية ليست مجرد عدو لجزء من كردستان، إنها عدو كل اجزاء كردستان والكردستانيين , أينما وجد كردي مقاوم، تقوم بالهجوم عليه ، سيستمر وقف إطلاق النار حتى تهاجم قوات الدولة والجماعات المتطرفة مقاتلينا، واضاف "سنرد على القوات التي تهاجمنا دفاعا" والقبض عليه وسجنه وقتله , كما تقوم باعتقال مناصري مقاومة كوباني وزجهم في السجون وقتلهم بحجج مختلفة,  تشدد العزلة على القائد، وتلحق الاذى بالكرد ، فلتعلم الدولة التركية وداعميها وجميع أعداء الكرد، بأن الانتصار لن يكون حليفهم , لأن الشعب الكردي ليس الشعب الذي عاهدوه من قبل، الآن هو يملك السياسة والسلطة والقيادة.

الشعب الكردي يدير أموره وشؤونه في أصعب الحالات، لقد عرّف الشعب الكردي نفسه للعالم أجمع، لقد ضحى شبابنا في ريعان شبابهم بأنفسهم من أجل شعوب العالم، لماذا من أجل شعوب العالم؟ لأنه لو انتصر مرتزقة داعش في ذلك الوقت لكانوا شكلوا تهديدًا على العالم أجمع، لم نقم بالدفاع عن الشعب الكردي فقط، بل عن جميع شعوب العالم، لأن الجميع يعرف الجرائم التي ارتكبها ويرتكبها مرتزقة داعش، هذه القوى الظلامية، لذا فإن الانتصار هو نصيبنا، وسوف ننتصر، لن يتمكن أردوغان من الانتصار، نحن أصحاب الحق وأصحاب هذا البلد".