لا ترتقي الشعوب والأمم ما لم تتقدم في الفكر والإبداع والثقافة

لا ترتقي الشعوب والأمم ما لم تتقدم في الفكر والإبداع والثقافة، وما من ثقافة تتقدم وتزدهر ما لم تكن متفتحة على الثقافات التي حولها، وتتقدم بتواصلها معها وتسمو وتؤثر وتتأثر، وتحافظ على خصوصيتها من غير تفرد وتسمح بالتلاقح الثقافي من غير تمرد.

قال الرئيس المشترك لحركة ميزوبوتاميا للثقافة والفن في شمال وشرق سوريا عدنان إبراهيم، بأن دولة الاحتلال التركي تستمر في محو تاريخ وثقافة الشعب الكردي وتستهدف المناطق الاثرية والثقافية في المناطق المحتلة بعفرين وسري كانيه وكري سبي ومن خلال تهديداتها بزعامة حزب العدالة والتنمية ، ونشهد على الدوام حروباً، صراعات، مجازر ومختلف أشكال وأنواع إبادة الشعوب، كما وتزداد ممارسات دولة الاحتلال التركي عنفاً في المناطق المحتلة في شمال وشرق سوريا، وسط صمت المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية، فالتغيير الديمغرافي ونهب خيرات عفرين واغتصاب وقتل وخطف النساء وتهجير السكان قسراً شهد صمتاً دولياً وقد كان من المفترض أن يلقى رادعاً لأعمال الاحتلال وممارساته ونهيه عن العبث بأمن الأهالي.

 

واشارعدنان" همجية دولة الاحتلال التركي في المناطق المحتلة، وانعدام إنسانيتها، وانتهاكاتها ضد المدنيين منذ احتلال الدولة التركية لعفرين وسري كانيه وكري سبي/ تل أبيض وانتهاكاتها المستمرة على السكان الأصليين، حيث القتل والسرقة وحتى يومنا هذا لم تتوقف، تعتمد دولة الاحتلال التركي، سياسة ممنهجة للإبادة والاضطهاد والتمييز في المعاملة، واستهداف المكونات السورية، التي لم تنزح بعد من مدن عفرين وكري سبي/ تل أبيض وسري كانيه/ رأس العين المحتلة، وضرب لحمتها الوطنية، وزرع الفتنة والبغضاء والتنافر بين الفسيفساء الاجتماعي الذي لم يعد منسجماً، وتسلِّطُ في سبيل تلك المآرب، قوى ومليشيات سورية سلفية متطرفة، كان أغلبها فيما مضى داعشيًا، أو محسوبًا على النهج الداعشي، بغية اقتراف جرائم ضد الإنسانية، وجرائم التفرقة العنصرية، وجرائم إبادة الجنس البشري على أسس عرقية ودينية وفكرية ما تقوم به دولة الاحتلال التركي في مناطق شمال وشرق سوريا وهي ممارسات لاإنسانية بحق الشعوب هدفها زرع الفتنة بين المكونات الموجودة في المنطقة".

وبين أن "تركيا تسعى لتهجير السكان الأصليين والقضاء على تراث وثقافة جميع المكونات من خلال بث الرعب وزعزعة أمن واستقرار المنطقة، كما أنها تستهدف مشروع الامة الديمقراطية الذي طرحه القائد عبد الله اوجلان". 

واشارعدنان ان شمال شرق سوريا التي شهدت تغييرات جمة لم يكن الواقع الثقافي بمنأى عمَا حصل من تغيرات على الأرض، بل لعل الواقع الثقافي كان الأكثر تغيراً اذ كانت الظروف الموضوعية أكثر ما تغيرت، وكذلك الحال في الكم ، وبرزت أشكال وأنماط جديدة في الحراك الثقافي، كانت حتى أمد قريب من مفردات الممنوع والمرفوض وتارة كانت تصب في خانة ما يُعاقب علية القانون الذي ما كان من سنّه ووضعه بأحسن مما كان يحاول تطبيقه، فقد كانت سياسة اللغة الوحيدة والثقافة الواحدة  والفن والفلكلور والتراث وحتى النزرة واحدة، فطغت تلك الثقافة الشوفينية الإقصائية حتى أوشكت أن تفتك بغيرها من الثقافات، أما في السنوات السبع الأخيرة وإبان هذه الثورة فقد تغيرت المفاهيم والاتجاهات وظهرت الكثير من الاتجاهات والثقافات لتتجلى حقيقة الثقافة المشتركة المتعددة المتكاملة في كل بيت وشارع ومدينة ومع تلاحم وتكامل تلك الثقافات كانت الخصوصية الفكرية والثقافية والإثنية لكل الشعوب المتعايشة في وئام وسلام كما ولاقت العديد من الفعاليات الثقافية والفنية صدى اجتماعي وأقبال جماهيري وباتت من ثقافة المنطقة ومن طقوسها السنوية، كمعرض الكتاب ومهرجان الأدب ومهرجان الموسيقا ومهرجان المسرح بالإضافة إلى فعاليات خاصة بالمرأة كفعاليات مهرجان أدب وفن المرأة وفعاليات ونشاطات رابطة المرأة المثقفة والهلال الذهبي إضافة لمهرجان فن وأدب الطفل معرض الكتاب الثاني والمعارض المتنقلة ونشاطات كومين السينما والمسرح وحركة الثقافة والفن والمؤسسات الثقافية الأخرى كاتحاد مثقفي إقليم الجزيرة واتحاد الكتاب الكرد-سوريا واتحاد مثقفي روج آفا كردستان وهيئة الثقافة

معارض الكتاب والمعارض المتنقلة

  واوضح  عدنان كان القرار بإقامة معرض سنوي للكتاب في روج آفا قراراً فيه الكثير من التحدي والبعض من المغامرة نظراً للظروف التي تشهدها سوريا عامة وشمال شرق سوريا بشكل خاص، وحوارات الطاولة المستديرة، والتي تناولت قضايا في الثقافة والفن والأدب والإعلام وأدب المرأة، كما كانت عفرين التي أُهدي المعرض إلى مقاومتها حاضرة في المعارض والصور المرافقة للمعرض بالإضافة إلى الأفلام الوثائقية، وكانت الحوارات والنقاشات التي رافقت المعرض بناءة وهامة خرجت بتوصيات هامة كان من أبرزها إقامة معارض كتب متنقلة في مدن وبلدات ومناطق شمال شرق سوريا

المهرجانات الثقافية… أعراس للفن والأدب

كانت المهرجانات ولا تزال تشكل اللبنة الأساسية في التواصل الجماهيري، وتبادل المعرفة والثقافة والفنون، ومنذ انطلاقة ثورة روج آفا كانت المهرجانات سمة أساسية ووسيلة للتواصل بين شعوب ومكونات المنطقة بأسرها، وباتت العديد من المهرجانات طقوساً سنوية تقام كل عام، وتتنوع في خصوصيتها بين أدبية وفنية، وفي توجهها وتنوع رسالتها، فكانت مهرجانات “مهرجان الأدب، مهرجان أدب وفن الطفل، مهرجان أدب وفن المرأة، مهرجان المسرح، مهرجان الأغنية، مهرجان عروض السينما العالمية وغيرها من المهرجانات التي لاقت الصدى الطيب والإقبال والحضور الجماهيري الذي دل على النهم الثقافي والمعرفي، وفي مجمل تلك الفعاليات كانت الفرصة الأكيدة والممتازة للتعريف بالثقافة المشتركة بين شعوب شمال شرق سوريا والتعريف بخصوصيات كل منطقة من جهة كما كانت فرصة لنقل الفن والادب والثقافة السورية إلى العالم للتعريف بها أكثر وبطرق ومفاهيم جديدة بعيدة عن الإقصاء والتهميش لأحد

المكتبات العامة… صروح ثقافية

المكتبات ذاكرة الشعوب ورسول أجيالها عبر ما تكتنزه الكتب من فن وثقافة وأدب وتاريخ للأجداد تنقله للأحفاد، وكذلك ما تحمله من ثقافات الشعوب الأخرى وتطلعنا عليها لذا كانت المكتبات في أولويات القائمين على المؤسسات الثقافية، إن كانت متمثلة بهيئة الثقافة والفن أو حركة الثقافة والفن الديمقراطي أو المؤسسات الثقافية الأخرى كاتحاد مثقفي الجزيرة، وفروع هذه المؤسسات في جميع مدن ومناطق شمال وشرق سوريا، 

وفي ختام حديثه نوه عدنان" لا أحد يمكنه أن يفصل بين ما تشهده المنطقة ككل وبين الحراك الثقافي الذي بات في ثورة حقيقية واضحة المعالم، وباتت الثقافة المجتمعية المشتركة في تكامل يغني المشهد الثقافي ويحافظ على الخصوصية الدقيقة للشعوب والمكونات، وبين ما قدمته الفرق المتنوعة من موسيقى وغناء وتراث، وما قدمته المؤسسات الثقافية من نتاج فكر يعبر عشرات الكتب التي صدرت في مواضيع شتى، والمناهج التعليمية باللغات الام، والفعاليات الأدبية والفنية، تكاد الثقافة المجتمعية تسود كافة الشرائح ولا يكون أحد بمنأى عن فعالياتها والمشاركة فيها ويجد كل شخص من أبناء هذه الأرض نصيبة في المشاركة بصنع غد أجمل وأغنى جمالاً وثقافةً وسلاماً.