خبير بمركز الأهرام للدراسات: العالم بعد حرب أوكرانيا يتجه نحو قطبية تعددية

قال الدكتور أحمد سيد أحمد خبير العلاقات الدولية والشؤون الأمريكية بمركز الأهرام للدراسات، إن العالم بعد حرب أوكرانيا يتجه نحو قطبية تعددية، وإن الأمم المتحدة وخاصة مجلس الأمن غير قادر على معالجة الأزمة بسبب تناقض الموقف الروسى مع الغربي داخل المجلس.

قال الدكتور أحمد سيد أحمد خبير العلاقات الدولية والشؤون الأمريكية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية إن العالم بعد الأزمة الأوكرانية لن يكون كما كان قبلها فمثلما حدثت تغييرات جوهرية فى النظام الدولى بعد الحرب العالمية الثانية وبعد انتهاء الحرب الباردة وبعد ١١ أيلول/سبتمبر فإن النظام الدولى سيتغير أيضًا بعد حرب أوكرانيا وسيتجه نحو التعددية وانتهاء الأحادية القطبية الأمريكية مع صعود الصين وروسيا كقوى عظمى أيضا تغير قواعد اللعبة فى اوروبا ورسم حدود جديدة بين روسيا والناتو

وأضاف في مقابلة خاصة مع وكالة فرات للأنباء (ANF)، "الصين تأخذ موقف الحياد الإيجابي ظاهرياً بتنبني سياسة متوازنة تقوم على عدم خسارة روسيا وفى ذات الوقت عدم الصدام مع الغرب وهو يستهدف تعظيم مصالحها الاقتصادية والاستفادة من الأزمة الأوكرانية ولكن فى الباطن هى متضامنة مع روسيا ومتوافقة معها فى تحجيم النفوذ الأمريكى وإقامة نظام دولى متعدد الأقطاب ولذلك عند مرحلة معينة من الأزمة ستتجه إلى التخلى عن الحياد والانحياز لروسيا".

ولفت إلى أن الأزمة الأوكرانية ستلقي بظلالها على الأمم المتحدة خاصة مجلس الأمن وذلك بعد اللجوء إلى الجمعية العامة، وهذا يدفع إلى ضرورة إصلاح الأمم المتحدة لأنها بنظامها الحالي أصبحت عاجزة عن أداء دورها... فإلى نص الحوار 

يبحث مجلس الأمن مشروعاً روسياً حول الوضع الإنساني في أوكرانيا.. كيف تنظرون إلى هذه المسألة وما المتوقع في السياق؟

رغم المأساة الانسانية التى يواجهها الشعب الأوكراني ودفعت أكثر من ربع السكان أى حوالي ١٠ ملايين نسمة للنزوح بسبب الحرب الروسية منهم ٣ ملايين خارج البلاد، إلا أن الأمم المتحدة وخاصة مجلس الأمن غير قادر على معالجة الأزمة بسبب التناقض بين الموقف الروسى والموقف الغربى داخل مجلس الأمن حول الوضع الإنساني حيث قدمت روسيا مشروع قرار يعتمد على تقديم المساعدات الإنسانية الخارجية لأوكرانيا عبر معابر حدودية تسيطر عليها القوات الروسية كما أن مشروع القرار الذى تقدمت به يتضمن أيضا فتح ممرات إنسانية باتجاه روسيا وبيلاروسيا وهو ما ترفضه الدول الغربية التى تريد معالجة الوضع الانسانى فى إطار وقف إطلاق النار ولذا من المتوقع ألا يمر مشروع القرار الروسى فى المجلس بهذه الصيغة.

مندوبة الولايات المتحدة الدائمة لدى الأمم المتحدة قالت إن بلدها ستقف ضد مشروع القرار واشنطن لن تدعم مشروع القرار الروسي.. إلى أين سيؤدي التصعيد في الأمم المتحدة ومجلس الأمن حول الموضوع وهل تؤذن الأزمة الأوكرانية بمستقبل عصيب للمنظمة الأممية؟

 واشنطن أعلنت أنها ضد مشروع القرار الروسى، وبالتالى ستستخدم حق الفيتو لإجهاض المشروع الروسي وهو ما يعنى فشل مجلس الأزمة فى معالجة الأزمة الأوكرانية، ليس فقط فى جانبها الإنساني ولكن أيضا فى جانبها السياسي والعسكري بسبب الفيتو الروسي وهو يعكس عجز مجلس الأمن عن أداء دوره فى حفظ الأمن والسلم الدوليين وبالتالى فإن معالجة الأزمة ستكون خارج المجلس وهو ما يعقدها ويقلل فرص التوصل إلى تسوية سلمية بسبب تناقض وتعارض مواقف أطراف الأزمة كما أن الأزمة الأوكرانية ستلقي بظلالها على المنظمة الدولية خاصة مجلس الأمن وذلك بعد اللجوء إلى الجمعية العامة، وهذا يدفع إلى ضرورة إصلاح الأمم المتحدة لأنها بنظامها الحالى أصبحت عاجزة عن أداء دورها.

ما توقعاتكم للزيارة الأوروبية التي يقوم بها الرئيس الأميركي جو بايدن  لبحث تطورات الأزمة الأوكرانية؟

الزيارة الاوروبية، التى يقوم بها الرئيس بايدن ومشاركته فى قمة مجموعة السبع وقمة حلف الناتو والقمة الأوروبية وكذلك زيارة بولندا، تستهدف إرسال رسائل طمأنة إلى الحلفاء الأوروبيين خاصة فى شرق أوروبا بأن أمريكا معهم ضد التهديدات الروسية كما أنها تستهدف تعزيز الاصطفاف الأوروبى الأمريكى ضد روسيا واتخاذ مزيد من العقوبات ضدها ضمن سياسة أقسى الضغوط لكن هناك قيود على العقوبات على روسيا خاصة أن هناك دول أوروبية متضررة من العقوبات مثل ألمانيا وتعارض توسيع العقوبات لتشمل النفط والغاز الروسى ولذلك لن تحقق الجولة نتائج مهمة بشأن وقف الهجوم الروسى أقصى ما ستفعله هو إعلان الدعم العسكرى لأوكرانيا مع فرض عقوبات جديدة غير مؤثرة مثل فرض عقوبات أمريكية على أعضاء البرلمان الروسى (الدوما).

في ظل سياسات الحظر الأمريكية المتبعة تجاه روسيا برز مشروع قرار حظر اليورانيوم الروسي ما تأثير ذلك على الوضع الروسي، والى أي درجة تتأثر روسيا بذلك بعد حظر واردات النفط والغاز والفحم والى أين تصل بوصلة الحظر من جديد؟

سياسة الحظر الأمريكية وممارسة أقصى الضغوط على روسيا وفرض حزم متعددة من العقوبات مثل النظام المصرفى ووقف استراد النفط والغاز الروسى وحظر استيراد اليورانيوم الروسى تشمل ضغوطا على روسيا وستؤثر عليها بالفعل لكنها غير كافية حتى الآن فى ردع روسيا ووقف هجومها العسكري على أوكرانيا بسبب ضعف العقوبات وبسبب التفاف روسيا عليها والبحث عن بدائل مثل الصين كما أن الأوروبيين يعارضون فرض حظر على النفط والغاز والفحم الروسي بسبب اعتمادهم الكبير عليه وبالتالى سلاح العقوبات الأمريكي والحرب الاقتصادية غير قادر على موازنة الحرب العسكرية الروسية.

إلى أي درجة ستتأثر المنطقة بتبعات الأزمة الأوكرانية.. الوضع الاقتصادي يبدو أنه يتداعى من جوانب عدة لكن إلى أين ستصل بنا؟

بالطبع ستتأثر منطقة الشرق الأوسط بتبعات الحرب الأوكرانية خاصة الجانب الاقتصادى فى ظل اعتماد كثير من دول المنطقة عدى استيراد القمح من روسيا وأوكرانيا وهو ما سيؤدى إلى ارتفاع أسعار الغذاء، التى زادت بالفعل وحدوث موجات من التضخم كما العقوبات الغربية على روسيا أدت إلى ارتفاع أسعار الطاقة خاصة النفط وهو ما استفادت منه الدول الخليجية المصدرة للنفط لكن هناك دول تضررت فى قطاع السياحة خاصة بعد توقف السياحة الروسية لدول المنطقة وبالتالى مع استمرار الحرب وإطالة أمد الازمة ستتفاقم التأثيرات والتبعات الاقتصادية على دول المنطقة.

العالم بأسره يتحدث عن التغيير في القطبية العالمية بعد أزمة أوكرانيا ماتعقيبك حول ذلك؟

بالتأكيد العالم بعد الأزمة الأوكرانية لن يكون كما كان قبلها فمثلما حدثت تغييرات جوهرية فى النظام الدولى بعد الحرب العالمية الثانية وبعد انتهاء الحرب الباردة وبعد ١١ أيلول/سبتمبر فإن النظام الدولى سيتغير أيضًا بعد حرب أوكرانيا وسيتجه نحو التعددية وانتهاء الأحادية القطبية الأمريكية مع صعود الصين وروسيا كقوى عظمى أيضا تغير قواعد اللعبة فى أوروبا ورسم حدود جديدة بين روسيا والناتو.

كيف تقيم موقف الصين والى متى ستظل على موقفها من ادعاء الحيادية؟

الصين تأخذ موقف الحياد الإيجابي ظاهريا بتنبني سياسة متوازنة تقوم على عدم خسارة روسيا وفى ذات الوقت عدم الصدام مع الغرب وهو يستهدف تعظيم مصالحها الاقتصادية والاستفادة من الأزمة الأوكرانية ولكن فى الباطن هى متضامنة مع روسيا ومتوافقة معها فى تحجيم النفوذ الأمريكى وإقامة نظام دولى متعدد الأقطاب ولذلك عند مرحلة معينة من الأزمة ستتجه إلى التخلى عن الحياد والانحياز لروسيا.