"خطة النصر" الأوكرانية.. رؤية واقعية لـ "زيلينسكي" أم مناورة سياسية؟

ما من ظهور للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلنيسكي على مدار الأيام الماضية إلا ويتحدث عن "خطة النصر" التي يفترض أن يعرضها قريباً على حلفائه الغربيين، في وقت تتباين وجهات النظر حول جديتها.

وفي أحدث ظهور له، أكد الرئيس الأوكراني، أمس السبت، أنه سيعرض "خطة النصر" هذه على حلفائه الغربيين الأسبوع المقبل، كما تحدث عن أنه لم يأخذ موافقة منهم بشأن استخدام صواريخ بعيدة المدى لاستهداف العمق الروسي، وذلك في ظل خشية هؤلاء من مغبة التصعيد في مواجهة موسكو.

ودون الكشف عن مضامينها، وصف الرئيس الأوكراني الخطة بأنها "مخطط لكيفية إجبار روسيا على إنهاء حربها دبلوماسياً"، وقال إنها تعتمد على "قرارات سريعة من جانب الحلفاء الرئيسيين، في الفترة من أكتوبر/تشرين الأول إلى ديسمبر/كانون الأول من هذا العام، معرباً عن أمله بلقاء الرئيس الأمريكي السابق والمرشح الرئاسي دونالد ترامب لعرض تلك الخطة عليه.

ملامح الخطة

يقول الدكتور عماد أبو الرب مدير المركز الأوكراني للتواصل والحوار، في اتصال هاتفي لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إن خطة النصر التي تحدث عنها الرئيس الأوكراني كشف عن أجزاء من مضامينها لكن ما غير معروف أكثر، إلا أنها قد تتضمن دراسة مقترح انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي "الناتو"، ودراسة مقترح الاستمرار في استهداف العمق الروسي والمواقع التي تنطلق منها الهجمات الروسية على أوكرانيا.

وأضاف "أبو الرب" أن الخطة قد تتضمن استمرار الدعم الاقتصادي الغربي والدعم الإنساني ودعم البنية التحتية، معتبراً أن الأهم في ذلك الحديث عن عضوية كييف في حلف "الناتو" ضمن خطة النصر، مشيراً إلى أنه حسب المعلومات فهناك بعض الدعم العاطفي داخل الحلف لعضوية كييف لكن الأمر لا يرقى إلى تصويت أو إجراء فعلي، ونفس الأصوات تعود لتقول إن أوكرانيا تحتاج لتعديل قوانين وأوضاع قبل العضوية أبرزها ألا يكون لديها أراض محتلة.

واعتبر السياسي الأوكراني أن ذلك لا يعني أن حلف "الناتو" تخلى عن كييف ولكن أعطى لها بديلاً هو استمرارية الدعم المباشر، معرباً عن اعتقاده في الوقت ذاته أنه لن تسمح بريطانيا والولايات المتحدة بشكل علني للجانب الأوكراني باستخدام صواريخ بعيدة المدى لاستهداف روسيا تجنباً لاستفزاز الأخيرة على نحو يهدد باندلاع حرب عالمية ثالثة ويمكن أن يكون البديل تصنيع هذه الأسلحة داخل الأراضي الأوكرانية.

وتطالب أوكرانيا بالحصول على إذن لضرب العمق الروسي بصواريخ بعيدة المدى، لكن الغرب، خصوصاً الرئيس الأمريكي جو بايدن، يخشى رد فعل روسيا، إذ أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كان قد حذر من أن قراراً مماثلاً سيعني أن "دول الناتو في حالة حرب مع روسيا".

كما يأتي الحديث الأوكرانية عما يعرف بـ "خطة النصر" في ضوء انقسامات غربية حول جدوى الدعم إلى كييف، على نحو أدى إلى تأخير في تسليم المساعدات الغربية، ما تسبب بدوره في نفاد الذخيرة والأسلحة لدى الجيش الأوكراني، حيث تعتمد كييف بشكل كبير على دعم حلفائها في مواجهة جيش روسي أكثر عدة وأفضل عتاداً.

مجرد بروباجندا؟

من جهته، يقول الدكتور عمار قناة رئيس مركز الدراسات الاستراتيجية والتنبؤ السياسي في روسيا، خلال تصريحات لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إن خطة النصر هذه لا تختلف تماماً عما تتحدث عنه كييف على مدار الفترة الماضية، معتبراً أنها تعبر عن حالة إفلاس سياسي للمنظومة الغربية وللنظام السياسي الغربي، على حد قوله.

وقال إن زيلنيسكي يدرك في الوقت الحالي حالة الارتباك التي تضرب المنظومة الغربية الداعمة لكييف نتيجة تعرضها لـ "الخسارة الاستراتيجية"، كما أنه يعلم مدى الارتباك في المنظومة الأمريكية ولديه مخاوفه من قدوم الرئيس السابق دونالد ترامب الذي له تصريحات معروفة لا تتفق مع الهوى الغربي الأوكراني، ولذلك فإنه يحاول استغلال هذه الفترة التي تسبق الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة المقررة في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.

ويشدد الدكتور عمار قناة على أن هذه الخطة لا تعدو كونها مجرد مناورة سياسية يحاول من خلالها زيلينسكي تقديمها في ظل تهاوي القوات الأوكرانية – حسب وصفه – خاصة في منطقة الدونباس، وفشل الخطة الإعلامية التي يتم الحديث عنها بشأن التعظيم من الهجوم على كورسك الروسية، على حد قوله.

وكانت القوات الأوكرانية شنت هجوماً على منطقة كورسك الروسية مدعومة بالأسلحة الغربية ونجحت في التوغل بأراضي روسيا، إلا أن الأخيرة أعلنت مؤخراً وقف هذا الهجوم المضاد، الذي صاحبه حديث كبير عن مرحلة جديدة في الحرب المندلعة من فبراير/شباط من عام 2022.