قالت الدكتورة فرناز عطية، الباحثة في العلوم السياسية، إن تركيا تنتهج سياسة تهدف إلى تحقيق مصالحها النفعية في المنطقة، لا فتة إلى أن ما يحدث في إقليم كردستان، شمالي العراق ما هو إلى ملمح لذلك المسعى التركي الذي لم يكن الأول ولن يكون الأخير.
وأوضحت عطيه في تصريحات خاصة لوكالة فرات للأنباء ANF: تركيا تدعي خلال الفترة الأخيرة التهدئة في علاقاتها مع محيطها العربي، وتحاول أن تتظاهر بأنها تنحى منحى جديد ومختلف عن ذلك الذي اتخذته في الفترة الماضية تجاه الدول العربية، وبالطبع فإن هذا المنحى كان قائمًا بالأساس على التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية، إضافة إلى دعم الجماعات المتطرفة في الدول العربية مما يزعزع الأمن والاستقرار لهذه الدول ويهدد أمنها".
وأضافت عطيه في تصريحاتها للوكالة "لكن في الأصل تسعى تركيا دائمًا إلى تحقيق مصالحها بشكل نفعي فاضح وبحت، وهذا يظهر لنا بوضوح إذا تتبعنا سياسة تركيا في سوريا منذ اندلاع الثورة السورية عام ٢٠١١، والسياسة التركية في سوريا هي سياسة انتهازية وسياسة دولة محتلة، تسعى لتسخير كل الموارد الطبيعية وغير الطبيعية في شمال سوريا، في الجزء الذي يقع تحت سيطرة تركيا، وهي تسعى لتسخيره لمصلحة تركيا ولاستنزافه بشكل ممنهمج، وبالتالي فإن تركيا وسياستها المتعلقة بالتدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية، وزعزعة أمنها واستقرارها ونهب ثرواتها، فأي شبر من الدول العربية يقع تحت السيطرة التركية أو يقع تحت الهجوم التركي لا تتردد تركيا في أن تستنزف هذه المنطقة أو هذا الجزء من الدولة وتستغله أسوأ استغلال، لتحقيق مصالحها سواء السياسية أو الاقتصادية، أو حتى الأمنية".
وأكدت أن "ما يحدث الآن في شمال العراق، فإن هذا ليس الاختراق الأول الذي تقوم به تركيا، ونذكر أن هناك عدة مرات قامت بها الدولة التركية بخروقات لسيادة دولة العراق في الجزء الشمالي، أو منطقة كردستان تحديدا، سواء بالهجمات أو بالتدخل في هذه المنطقة، وبالتالي فإن الهجمات التي تقوم بها تركيا في شمال العراق هي تنافي تماما مباديء القانون الدولي واحترام سيادة الدول لأنها بذلك تنتهك سيادة دولة مستقلة وهي العراق بزعم القضاء على الإرهابين وتتبعهم، وهذا للأسف حديث تردده تركيا مرارا وسمعناه منها وكانت تستتر وراءه، لهذه القضية المفتعلة بأنها تتعقب الإرهابيين الذين سيهددون أمن تركيا واستقلالها ويدعون للانفصال".
وأردفت: "وهذا بالطبع ليس سوى ذريعة للتدخل في شؤون الدول ونهب خيراتها، فكما رأينا في شمال العراق بدأت عمليات هجوم، وفي وقت سابق قام مسؤولو وزارة الدفاع التركية بزيارة المنطقة في كردستان العراق، التي تتناوبها تركيا بين الحين والآخر بالقصف دون إذن أو تصريح من الجانب العراقي وهذا انتهاك صارخ للسيادة العراقية وغير هذا أيضًا إنهاء حياة عدد كبير من المواطنين الكرد في هذه المنطقة، حيث باغتتهم بضربات وقصف وتهديد لحياتهم، بحجة أنها ستقضي على الإرهابيين وستتعقبهم. وهذا ما أعلنه رجب طيب أردوغان لما هاجم مخيم مخمور، والذي يضم لاجئين كرد من الجانب التركي، وأعلن أنه سيقوم بتطهير هذه المنطقة إذا لم تتولى الأمم المتحدة هذه العملية الخاصة بالتطهير.. وهو يقول ذلك بشكل مستهجن ومستغرب فما دليله على أن هؤلاء إرهابيين..؟ لا دليل هي مجرد ادعاءات يسير بها أردوغان ليحقق مصالحه ، ونحن تابعنا ما أعقب التدخلات التركية في هذا الجزء من العراق كيف أنه بدأت عمليات تجريف الأراضي وعمليات استنزاف بعض موارد المنطقة الطبيعية، فبأي حق تستنزف تركيا أو تستغل هذه الموارد.. فلا هي أرضها ولا تقع في نطاق سيادتها ولا أي شيء.. فبالتالي تركيا تحاول أن تستغل ظروف الإقليم والدول العربية لتسيطر على أكبر قدر ممكن من المناطق التي تخدم مصالحها سواء من الناحية الاقتصادية أو من الناحية السياسية بذرائع غير حقيقية".
وشددت على أن الاستهدافات التركية لإقليم كردستان ممنهمجة، فتركيا تضع لها نهج معين يخدم مصالحها الاقتصادية والسياسية والأمنية، وتستتر فيه تحت مظلة أو دعوى أنها تحارب الإرهاب وتتعقب الإرهابيين.
وتابعت: "هي تقصد بذلك حزب العمال الكردستاني وأعضائه، الحقيقة أن تركيا تسعى لتحقيق مصالحها والسيطرة على أكبر جزء ممكن من الدول العربية المحيطة بها والتدخل في شؤونها لاستعادة الأمجاد العثمانية، وفي مسعى لإنشاء سلطنة عثمانية جديدة على حساب الدول العربية خاصة تلك التي تعاني من مشكلات، خاصة مشكلات إثنية، أو أمنية أو سياسية أو اقتصادية فبالتالي تحاول تركيا التدخل وبالتالي تحقيق مصالحها من خلال هذه التدخلات".
وأردفت: "أكبر مثال كما قلنا الموضوع الموجود الآن في شمال سوريا والمناطق التي تسيطر عليها تركيا تعاني من أزمات بالغة الخطورة ومستنزفة بشكل كبير، ومسخرة بشكل كامل لخدمة الجانب التركي".
وحول الاعتداءات المتعاقبة لتركيا على مخيم مخمور الخاضع للرعاية الأممية قالت فرناز عطيه: "إن تركيا تنتهك في ذلك القانون الدولي وحقوق الانسان فيه، وهذا ليس جديد على تركيا، التي سبق أن جندت الأطفال في سوريا وإرسلتهم إلى ليبيا للقتال، كون أننا نتابع قصف لمخيم مخمور راح ضحيته لاجئين، من نساء وأطفال وشيوخ وحتى رجال لهم حقوق معترف بها، لكن تركيا ضربت بكل هذه الأمور عرض الحائط لأنها وضعت نصب عينها المصالح التركية، والحقيقة أن تركيا تريد القضاء على القضية والحق الكردي وهذا ما تنتهجه".