لم ترد أية معلومات عن المقاتلين الذين تم اسرهم في الهجمات الاحتلالية لدولة الاحتلال التركي على مقاطعة عفرين حيث أكثر من نصف المدنيين الذين يبلغ تعدادهم 8 آلاف خطفوا خلال سنوات الاحتلال الأربعة، وبحسب الأنباء فقد فقدَ العديد من السجناء حياتهم تحت وطأة التعذيب الذي مارسته السلطات التركية في السجون، كما تؤكد الأدلة الموثقة بنقل بعض السجناء إلى تركيا في تجاهل للقانون الدولي ومحاكمتهم هناك والحكم عليهم بالسجن المؤبد.
وتمارس دولة الاحتلال التركي عمليات التعذيب والتهديد بحق أسرى الحرب والمدنيين المختطفين لتحولهم إلى جواسيس للعمل لصالحها منذ 2018، حيث تحدث العديد من سكان عفرين الذين تم الإفراج عنهم عن ممارسات التعذيب والتهديد من أجل فرض التجسس عليهم، ومن بينهم فاطمة شعبو والتي كانت عضوة في الأسايش في مقاطعة عفرين المحتلة.
وتنحدر فاطمة شعبو من ناحية موباتا، وكانت فاطمة لا تزال عضوة في الأسايش، عندما بدأت الهجمات الاحتلالية على عفرين في 20 كانون الثاني 2018، كانت قوات أسايش عفرين توفر الأمن وتأخذ مكاناً لها في جبهات المقاومة.
وقعت فاطمة في الأسر أثناء محاولتها إنقاذ رفاقها، ولاقت شتى أنواع التعذيب على يد السلطات التركية ومرتزقتها على مدى ثلاثة أشهر، وشهدت كيف فقد أربعة من رفاقها حياتهم تحت التعذيب، بعد ثلاثة أشهر أتت مرتزقة السلطان مراد بفاطمة شعبو ومجموعة من رفاقها إلى عفرين ومارسوا الضغط عليهم كي يقوموا بالتجسس لصالحهم، إلا أنها لم تستسلم لهم بالرغم من التعذيب الذي تعرضت له، حيث تمكنت من الخروج من عفرين والوصول إلى حي الشيخ مقصود في حلب وانضمت إلى عمل الأسايش ثانية.
وأوضحت فاطمة كيف اعتقل جيش الاحتلال التركي أهالي عفرين وزجت بهم في الزنازين، وكيف مارست الدولة التركية ومرتزقتها التعذيب بشكل لا أخلاقي في هذه الزنازين، وأضافت: لقد أرادوا كسر إرادتنا لنستسلم ونخون قيمنا، ولكن على العكس زادت من إيماننا واصرارنا على الصمود.
كما ذكرت شعبو أنه بعد أسرها تم نقلها إلى مقر عسكري في تركيا، وتم استجوابها من قبل الاستخبارات التركية الذين مارسوا عليها التعذيب، وقالت: أخذوني إلى مكان في تركيا، وضعوا عصابة على عيني، لم أكن أعلم أين أنا، لكن كان مكاناً عسكرياً، ثم كبلوني ووضعوا العصابة على عيني مرة أخرى، وبدأوا باستجوابي، ولكوني لا أعلم التركية فقد كان المرتزقة يقومون بدور الترجمة، مارسوا علي شتى أنواع التعذيب، واستمر التحقيق لمدة ثلاث ساعات، اكتفيت خلالها بالصمت، كنت أتحدث في قرارة نفسي وأقول طالما وقعت في الأسر فليقتلوني، كانوا يطرحون الأسئلة ويقومون بضربي وشتمي، في الحقيقة لم أعد أعلم ما جرى لي فقدت صوابي، ثم صوبوا المسدس إلى رأسي وقالوا سنقتلكِ إلا أنهم لم يقتلوني بل وجهوا إلي بعض الشتائم وانهالوا علي بالضرب وعذبوني
وذكرت شعبو أنه بعد استجوابها وتعذيبها من قبل المخابرات التركية نُقلت إلى زنزانة أخرى مقيدة ومعصوبة العينين، وأن الزنزانة تعود لعصابة السلطان مراد، وقالت: "أخذني المرتزقة إلى حجرة التعذيب، وعرضوا أدوات التعذيب، وهددوني إن لم أقل الحقيقة فسوف يمارسونها علي، كما قالوا بأن الأتراك سيأتون في الصباح ويحققون معك، وسوف تقولين الحقيقة، في اليوم التالي، جاءت المخابرات التركية وطرحوا نفس الأسئلة مرة أخرى، في ذلك الوقت لم تكن عفرين محتلة بعد، سألوني أين مكان الأسلحة الثقيلة والرفاق، كنت دائما أجب "لا أعلم"، عذبوني مرة أخرى، ثم اقتادوني إلى الزنزانة، ومكثت فيها، كانوا ينهالون علينا بالشتائم والضرب، لكسر إرادتنا والتحكم بنا، و عندما احتلوا عفرين، جعلونا نشاهد بعض المشاهد التي أظهرت كيف دمروا تمثال كاوا الحداد، وكيف احتفلوا باحتلالهم لعفرين، كانوا يحاولون هزيمتنا نفسياً كي نخون رفاقنا.
كما ذكرت شعبو أن أعضاء من وحدات حماية الشعب ووحدات حماية المرأة و الأسايش وقوات الدفاع الشعبي كانوا في الزنزانة، بالإضافة إلى أعضاء من المؤسسات المدنية مثل الكومينات والمراكز النسائية، وقالت: كان السجن يكتظ بالمعتقلين، كانت المرتزقة تمارس التعذيب بشكل كبير على الرجال، وفي كثير من الاحيان كانت تعذبهم أمام أعيننا، وتنهال عليهم بالضرب كل ليلة، كان صوت صرخاتهم يقض مضاجعنا حتى الصباح، كانت حلقة التعذيب تبدأ الساعة 12 وتستمر حتى الساعة 06:30 صباحاً، استشهد بعض الرفاق تحت التعذيب، كانوا يواصلون تعذيبهم لعدة ليالي إلى أن تلفظوا أنفاسهم الأخيرة في غرفة التعذيب، ثم يقولون مات، رأيت هناك كيف استشهد أربعة من رفاقنا تحت التعذيب، كان مهجعنا مقابل مهجع رفاقنا الشباب، كنا نرى آثار التعذيب عليهم عندما كانوا يأتون بهم من غرفة التعذيب، كانوا يقولون سنأخذكم للاستحمام، إلا أننا كنا نراهم ملقين في الممرات، كانوا ينهالون عليهم بالضرب أمام أعيننا، كانوا يفعلون ذلك كي يكسرو عزيمتنا.
كما تطرقت فاطمة شعبو في حديثها الى كيفية الافراج عنها بعد ثلاثة اشهر من اعتقالها وقالت: "في يوم جاؤوا وقالوا لي ولثلاثة من رفيقاتي في قوات الأمن الداخلي بأن مدة حكمنا قد انتهت وسيفرجون عنا، وقد تحدثوا معنا قبل الافراج واكدوا علينا البقاء في عفرين بالقول ستعملون لصالحنا وستفيدوننا بمعلومات عمن يأتي الى عفرين ومن يخرج منها؛ عندما تم اعتقالي كنت متزوجة وكان لدي ابنة، وحينها لم اكن اعرف شيئا عن عائلتي، لقد أودعوني لبيت والدي وبقيت في عفرين لمدة شهر وعشرة ايام، وحينها تمكنت من التواصل مع عائلتي، كان زوجي وابنتي متواجدان في مناطق الشهباء، لقد حدث تغيير كبير في عفرين، لم تعد عفرين السابقة التي كنا نعيش فيها بحرية؛ لقد حولوا عفرين الى مركز للتعذيب والظلم، لم اكن استطيع الخروج من المنزل كي لا يتم اعتقالي مرة اخرى، وبعدها تمكنت من الخروج من عفرين والتوجه لمناطق الشهباء وهناك توجهنا انا وعائلتي الى حي الشيخ مقصود في مدينة حلب.
كما اكدت فاطمة شعبو في مستهل حديثها بأن المحتلين لجأوا لكافة اساليب التعذيب والترهيب لكسر ارادتهم واجبارهم لخيانة شعبهم ووطنهم وقالت: "لقد خضع البعض للمحتلين بسبب الترهيب الذي كانوا يمارسونه ضدهم، الا انني والعديد من رفيقاتي لم نستسلم لهم وعلى العكس كانت إرادتنا صلبة كالحديد؛ وفي حديثهم الاخير لنا عندما افرجوا عنا قالوا سنعتقلكن مرة ثانية وسنقتلكن إن عدتن وعملتن مع الحركة، وحينها كنت قد اقسمت على نفسي عندما كنت في المعتقل بأنني سأعود للعمل مع الحركة مهما يحدث لي، لقد ارادوا كسر إرادتنا وابقائنا بلا قوة، لكننا اقوياء ولن نستسلم لهم وسنواصل نضالنا