محلل تركي لوكالة فرات للأنباء: "أردوغان" مصيره السجن إذا خسر الانتخابات

أتت أحدث استطلاعات الرأي بشأن الانتخابات الرئاسية التركية لتشير إلى تراجع شعبية الرئيس التركي أردوغان في مواجهة كمال كليجدار أوغلو قبيل انتخابات مايو الرئاسية المقبلة، في وقت يعود "أردوغان" للتلويح بورقة ترهيب الشعب من انتخاب المعارضة.

وكان استطلاع الرأي الذي أجرته مؤسسة "إيه أل إف" للأبحاث أظهر أن كليجدار أوغلو يتفوق في نوايا التصويت بنحو 55 في المئة مقارنة بـ 44 في المئة لصالح أردوغان، في وقت يتسابق قرابة 10 مرشحين لخوض سباق الانتخابات الرئاسية التي تشكل اختبارا كبيرا للرئيس التركي متهالك الشعبية.

التدهور الاقتصادي والقانوني وراء تراجع شعبية "أردوغان"

في هذا السياق، قال المحلل السياسي التركي ياوز أجار، في تصريحات خاصة لوكالة فرات للأنباء، إن ‏استطلاعات الرأي التي أجرتها الشركات المحايدة قبل نحو شهرين كانت تشير إلى تراجع شعبية أردوغان، بسبب التدهور في الملفين القانوني والاقتصادي في البلاد، ‏وإلى تقدم زعيم حزب الشعب الجمهوري كمال كليجدار أوغلو عليه ولو بنسب قليلة.

ويضيف "أجار": "لكن بعد ما حسمت الطاولة السياسية للمعارضة أمر مرشحها لمنافسة أردوغان، وعينت بالإجماع كليجدار أوغلو فإن الفجوة بين الطرفين تفاقمت لصالح مرشح تحالف العمل والأخوة"، لافتا إلى أنه إذا أخذ في الاعتبار قرار تعيين كل من رئيسي بلدية أنقرة منصور يافاش وإسطنبول أكرم إمام أوغلو نائب رئيس في حال فوز المعارضة، فإن فرص فوز المعارضة ارتفعت إلى أوجها، لأن استطلاعات الرأي كانت تشير إلى أن أغلبية الفئات المعارضة كانت تريد أن يكون أحد من هذين الزعيمين مرشحا رئاسيا، وبفضل هذه الخطوة الذكية التي جمعت المعارضة على ثلاثة رجال (كليجدار أوغلو منصور يافاش وإمام أوغلو) فإن فرص فوز أردوغان تضاءلت بشكل كبير.

أردوغان يعود لتهديد المعارضة والشعب

يؤكد المحلل والكاتب التركي أن سيناريو الفوز للمعارضة هو الطبيعي في حال إجراء انتخابات نزيهة، حيث نرى أن أردوغان يوجه تهديدات للمعارضة حين، وللناخبين حينا آخر، لافتا إلى أنه هدد مؤخرا الشعب بشكل علني قائلا: ‏"بعد الانتخابات، سوف نتكلم مع الجميع باللغة التي يفهمونها".

ويقول "أجار" إن الخوف من خسارة السلطة يثير جنون أردوغان وشيعته من حزب الحركة القومية وحزب الوطن، إذ إنهم أفضل من يعلم أن مصيرهم المحاكمة والسجن في حال فقدانهم درع حصانتهم وسلطاتهم الحالية.

وتابع: "كما بدأت تظهر على شاشات التلفزيون أسماء ذات صلة بما يسمى في تركيا الدولة العميقة والذين يهددون الشعب بأنه لا يمكن لأحد الحكم في تركيا غير الرئيس أردوغان

وكان الرئيس التركي وصف فوز المعارضة في الانتخابات المقبلة بالكارثة على البلاد، وحذر الناخبين الأتراك من الإدلاء بأصواتهم للمعارضة، قائلا إنه لا يمكن أبدا أن نسمح لهذا التحالف المعارض بحكم البلاد.

المعارضة تتجه أكثر نحو توحيد جهودها لمواجهة أردوغان

وسيواجه "أردوغان" منافسة شرسة من قبل كمال كليجدار أوغلو وهو زعيم حزب الشعب الجمهوري الذي كان أسسه مصطفى كمال أتاتورك مؤسس الجمهورية التركية، ويضم تحالف كليجدار أوغلو مجموعة من الأحزاب مثل العمال والعمل والحرية الاجتماعية واتحاد المجالس الاشتراكية.

بدوره، يقول مصطفى صلاح الباحث المتخصص في الشأن التركي، لوكالة فرات للأنباء، إن هناك مجموعة من الملامح الرئيسية التي بات عليها المشهد الداخلي والخارجي التركي في ظل الاستقطاب الحاد واتجاه المعارضة نحو توحيد جهودها لمواجهة أردوغان وحزبه الحاكم.

وأضاف "صلاح": "ولعل تراجع شعبية حزب العدالة والتنمية التركي والانقسامات التي شهدها ويشهدها تؤشر على مدى التصدعات الداخلية التي يعاني منها خاصة وأن الجيل الجديد من الشباب يشعر بالاحباط من السياسات التركية التي أقحم بها أردوغان تركيا وجعلها بؤرة للأزمات الداخلية والخارجية وهو ما يحاول أردوغان وحزبه معالجته من خلال بعض السياسات ذات الصلة".

سيطرة أردوغان على مفاصل الدولة والعمل على تحجيم المعارضة

وفي معرض حديثه لوكالة "فرات للأنباء" يقول الباحث في الشأن التركي إنه من الجدير بالذكر أن أردوغان بعد سيطرته على مفاصل الدولة والتحكم الكامل في مجريات الأوضاع الداخلية والخارجية التركية يحاول الآن استخدام إعلامه وسلطاته لتحجيم نشاط المعارضة.

واستعرض "صلاح" بعض الأمثلة على ذلك منها قيامه بمحاصرة أكرم إمام أوغلو قضائيا لمنعه من الترشح أمامه بجانب مصادرة أموال حزب الشعوب الديموقراطي الكردي، وهو ما يؤشر على مدى الخوف الذي يشعر به أردوغان من إمكانية توحيد المعارضة صفوفها ويحاول اللعب على تناقضات التوجهات السياسية، بينهم باعتبار أنهم كتلة قادرة على تغيير المعادلة السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

انتخابات على مستقبل تركيا ووضعها ومخاوف من اضطرابات

ويقول الباحث في الشأن التركي: "وبالتالي نحن أمام مشهد مختلف فيما يتعلق بظروف استثنائية تمر بها تركيا من حيث الأوضاع السياسية والاقتصادية، بل هي انتخابات على مستقبل تركيا ووضعها، ولكن المهم هنا أنه برغم النتائج التي ستفرزها الانتخابات إلا أن الوضع الداخلي في ظل تصاعد حدة الاستقطاب، فإنه ينذر بمستقبل من عدم الاستقرار.

وأوضح "صلاح" أن فوز المعارضة يعني التحول الجذري في سياسات النظام التركي الحالي لمحاولة تجاوز المشكلات التي ورط بها أردوغان تركيا وجعلها منبوذة إقليميا، وإن كان يحاول استعادة هذه العلاقات الإقليمية من جديد، وفيما يخص المعارضة فإنها أكثر انفتاحا وتعاونا فيما يتعلق بتسوية الأزمات الداخلية دون إقصاء القوى الأخرى وهو ما لم يفعله أردوغان وحزبه.

وفي ختام تصريحاته، يقول "صلاح" إن محاولات أردوغان الآن لا يمكن تفسيرها إلا في إطار ضيق يتعلق بالموسم الانتخابي ومحاولته الاستحواذ على ثقة الناخبين، لأن المتتبع لسياسة أردوغان يجد أن وعوده بلا قيمة ولا موثوقية وهو ما أدركته المعارضة والشعب التركي.

وتأتي الانتخابات في أعقاب الزلزال المدمر الذي وضع كثير من علامات الاستفهام حول تعامل الدولة مع تلك الكارثة، فضلا عن معاناة الشعب التركي من تداعيات التضخم والأوضاع المعيشية الصعبة.