في مقال له حذر عبدالكريم ساروخان، عضو المجلس العام في حزب الاتحاد الديمقراطي، مما قد تؤدي إليه حالة الاقتتال الكردي الكردي من خدمة لأنقرة وحكامها الساعين لضرب كل المنجزات التي تخص الشعب الكردي.
وجاء مقال ساروخان بعنوان: "الرماديون والاقتتال الكردي الكردي"، مؤكداً أنه وفي هذه المرحلة التاريخية والمصيرية مطلوب من كل إنسان وطني توضيح موقفه من هجمات الأعداء، ومن الذين يدعمون تلك الهجمات من الأحزاب والشخصيات الكردية.
وشدد على أن المواقف الرمادية لم تعد تجدي نفعاً للقضية، بل أنها تخدم الأعداء في بعض النواحي، فإلى نص المقال:
الرماديون والاقتتال الكردي الكردي
في الوقت الذي يشتد فيه المعارك والاشتباكات بين مقاتلي حزب العمال الكردستاني وجيش الاحتلال التركي في المناطق الجبلية من متينا وآفاشين وزاغروس، يحشد حزب الديمقراطي الكردستاني قوات البيشمركة التابعة له بالقرب من مواقع المقاتلين، في خطوة يزيد التوتر، وقد يتسبب في إشعال حرب واقتتال داخلي بين الكرد لا تستفيد منه سوى أنقرة وحكامها الساعين لضرب كل المنجزات التي تخص الشعب الكردي.
علماً أن تلك المنطقة الحدودية ذات التضاريس الوعرة، يتواجد فيها مقاتلي حزب العمال الكردستاني منذ 40 عاماً، وبعلم حزب الديمقراطي الكردستاني، وخاصة أن هذه المناطق ومناطق من شمال كردستان كشرناخ وبوطان وهكاري هي متداخلة جغرافياً، وكانت ملاذاً للبيشمركة وللمقاتلين في كل الثورات والانتفاضات الكردية منذ العهد العثماني وحتى بعد تأسيس الجمهورية التركية وإلى الآن.
وما قدمه الكرد من دعم للبشمركة وفي جميع أجزاء كردستان، لا يحتاج إلى دليل أو برهان، وليس هذا فحسب فقد كانت شمال كردستان وشرقها تضم العشرات بل المئات من المقرات والمعسكرات والمخيمات لتلك القوات، و روجافا نفسها قدمت كل ما في وسعها لتلك القوات، واستشهد المئات من أبنائها دفاعاً عن جنوب كردستان.
وبالعودة إلى التاريخ الحديث، فقد كان المرحوم ملا مصطفى البرزاني وزيراً للدفاع في جمهورية مهاباد التي أعُلِنت في شرق كردستان من قبل القاضي محمد في عام 1946، هل كان ذلك تدخلاً في شؤون شرق كردستان ؟ ، أم دعماً اخوياً في ذاك الوقت؟
باختصار مصير الكرد واحد، وهذا الوطن المجزأ هو لجميع الكرد، والمطلوب هو أن ندعم بعضنا ونقف إلى جانب بعضنا البعض ضد كل الهجمات التي تستهدف وجودنا كشعب يعيش على أرضه التاريخية، وليس الوقوف مع الأعداء وتبرير هجماتهم على الكرد.
وفي هذه المرحلة التاريخية والمصيرية مطلوب من كل إنسان وطني توضيح موقفه من هجمات الأعداء، ومن الذين يدعمون تلك الهجمات من الأحزاب والشخصيات الكردية، فالمواقف الرمادية لم تعد تجدي نفعاً للقضية، بل أنها تخدم الأعداء في بعض النواحي.
ومن أدنى متطلبات الوطنية هو دعم المقاتلين الكرد ولو معنوياً في وجه طغيان أردوغان وجيشه الفاشي، وفي هذا المجال تجربة إسرائيل وفلسطين هو مثال مهم لنا ككرد، فكل العرب يقفون مع الفلسطينيين رغم أن بعض الحركات المتطرفة كحماس والجهاد هي التي تتسبب في اندلاع الاشتباكات، لكن موقف جميع دول العربية هو دعم فلسطين رغم أن العديد منها لها علاقات مع إسرائيل، وفي الجانب الآخر تجد كل اليهود ومن جميع أصقاع العالم مع دولة إسرائيل رغم اختلافاتهم الفكرية والسياسية ، أليس من الواجب أن نكون مثلهم؟ كيف يقبل إنسان كردي لنفسه أن يدعم جيش الاحتلال التركي وهو جيش يهدف لإبادة الكرد؟
ونحن نعلم أن مقاتلي حزب العمال الكردستاني هم نخبة من أبناء هذا الشعب ضحوا وما زالوا يضحون من أجل كل الكرد بدون استثناء، وتجدهم في كل الساحات والمدن لو تطلب الأمر، في هولير وشنكال وكركوك وكوباني وأورومية وآمد وبدون أي مقابل، وهم اليوم يخوضون ملحمة بطولية في وجه جيش الاحتلال وهجماته التي تستهدف إقليم كردستان بالدرجة الأولى.
وللتوضيح أكثر أود أن أذكر بعض النقاط المهمة، وأولها أن قوات الكريللا هي قوة كردستانية بامتياز، ومن أجل ذلك تشن تركيا أعنف هجمات ضد هذه القوة لأنها تمثل الأمل بالتحرير، ولأنها بالفعل تشكل خطراً حقيقياً على الحكومة الفاشية.
ثانياً-مساعدة أي كردي ودعمه لهذه القوات هو واجب وطني، بالمقابل كل من يبرر هجمات الأعداء ويعادي هذه القوة يخدم خدمة مجانية للأعداء وبالتالي يرتكب خطأ تاريخي لن يغتفر.
ثالثاً-قوات الكريللا كانت إلى جانب حكومة الإقليم في حربها ضد تنظيم داعش الإرهابي، ودعمت الاستفتاء، في الوقت الذي كان أردوغان وجيشه يهددون الإقليم بسبب الاستفتاء، وكذلك أكدت المئات من التقارير الحقوقية والدولية ان الدولة التركية دعمت كل التنظيمات الإرهابية بالمنطقة بما فيهم داعش.
رابعاً-الوحدة الكردية وتأسيس مرجعية تمثل الكرد في جميع أجزاء كردستان ضرورة تاريخية، ولذلك يجب العمل من أجلها، عبر تمتين الوحدة الكردية ونبذ التفرقة التي يزرعها الأعداء بيننا، وفي روجافا أيضاً على جميع القوى السياسية أن تأخذ مبادرة القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي على محمل الجد، لتكون البداية لتحقيق المرجعية ليس في روجافا وحدها بكل في كل أجزاء كردستان.
خامساً- هناك فرق بين الخلافات الحزبية وبين المواقف الوطنية، فالهجمة الحالية على قوات الكريللا تتطلب موقف وطني من كل الأحزاب، أي مطلوب نبذ الخلافات الفكرية والتصدي للهجمة، أو على الأقل إظهار موقف وطني، ففي هذا الوقت حشد قوات البيشمركة لمحاصرة الكريللا ليس موقفا وطنياً وهي خطو لا تخدم الكرد ولا تخدم إقليم كردستان، بل تخدم فقط تركيا وجيشها التي ترفض كل الحلول السلمية وتصر على إبادة الكرد.
سادساً-وجود قوات الكريللا ليس انتهاكاً لسيادة الإقليم، ولا تشكل أي خطر على المدنيين، بل العكس، هذه القوة تحمي الإقليم، وهي أكبر سند لها، وتصديها لهجمة داعش هو أفضل مثال، في حين عدوان الجيش التركي هو الذي يعتبر انتهاكاً لسيادة العراق وكردستان، بدليل وجود العشرات من المقرات له ضمن حدود الإقليم وعدم وجود ردود فعل من سلطات الإقليم والحكومة العراقية رغم الحاق الاضرار بأبناء تلك المناطق وحرق قراهم .
سابعاً-قد يقول البعض أن حزب الديمقراطي لا يستطيع محاربة تركيا، وله مصالح اقتصادية مع أنقرة، ولو فرضاً جدلاً انه بالفعل لا يستطيع دعم حزب العمال الكردستاني، لكنه يستطيع على الأقل أن يكون له موقف وطني، وحتى لو عجز عن تحديد موقفه كان باستطاعته الوقوف جانباً وعدم دعم تركيا في حربها العدوانية، لكن ما نرى هو دعم لتركيا وتبرير هجماتها مع الهجوم على حزب العمال الكردستاني ومحاصرة مقاتليه لإرضاء أنقرة.
ثامناً- ما يتم نشره من سموم في فضائيات تابعة للحزب الديمقراطي بهدف تشويه الحقائق والتحريض ضد حركة تحرير كردستان ومقاتلي الكريلا، لا يخدم القضية الكردية بتاتاً، بل أنها تخدم أنقرة وسياسة حكومة أردوغان وبخجلي.
وعلى هذا الأساس يجب أن يعبر المثقفين والكتاب وكافة الشخصيات والشرائح الوطنية عن رفضهم لذلك ، وأن يعارضوا كل الخطوات التي تأجج الخلافات بين الأطراف الكردية، والتي تدعو إلى الاقتتال بين الأخوة، وبدون تردد لأنها قضية وطنية تخص الكرد عموماً.
المواقف الخجولة والرمادية تحت مسميات الحيادية والاستقلالية هو بمعنى من المعاني تعني التساوي بين الظالم والمظلوم وبين الجلاد والضحية وبين الوطنية والخيانة، فلم يعد خافياً ما يفعله الحزب الديمقراطي من دعم علني للدولة التركية، ولذلك فإن التشهير بهذه الأعمال هو واجب كل أنسان وطني من أجل ردع هذا الحزب وإجباره للعودة إلى الصف الوطني، وبهذه المناسبة يعتبر خطوة البعض من عناصر البشمركة حينما أعلنوا أنهم ضد الاقتتال وتركوا السلاح خطوة شجاعة ويدل على الروح الوطنية لدى البعض من البيشمركة .
وأخيراً نعيد ونكرر الاقتتال الكردي الكردي لا يخدم سوى الأعداء وعلينا جميعنا العمل والنضال من أجل منعها، ولكي نمنعها بالفعل علينا أن نرفع صوتنا ونقول للجهة المسببة أن هذه التحشدات يجب أن تتوقف أولاً، ومن ثم على جميع الأطراف السياسية الكردية الجلوس على طاولة الحوار لحل كافة الخلافات بما يخدم المصلحة العامة للشعب الكردي.