باحثة وأكاديمية اردنية:استخدام الأسلحة الكيماوية ضد الشعب الكردي هي جزء من سياسة الفشل وردة فعل على الهزيمة

قالت الأكاديمية والباحثة الأردنية في الشؤون السياسية والقانونية والدولية، دانييلا القرعان،أن استخدام الأسلحة الكيماوية ضد الشعب الكردي هي جزء من سياسة الفشل وردة فعل على الهزيمة وبأن الحركة السياسية الكردستانية لم تتمكن حتى الآن من تعزيز تلاحمها القومي.

أكدت الأكاديمية والباحثة الأردنية في الشؤون السياسية والقانونية والدولية، دانييلا القرعان،من خلال حوارخاص مع وكالة فرات للانباءANF بأن الشعب الكردي يخوض مقاومة مجتمعية مشروعة ضد الدول التي تمارس عليه العنف العسكري باستخدام كافة أنواع الأسلحة المحرمة دوليا،ونوهت بأن استخدام الأسلحة الكيماوية ضد الشعب الكردي هي جزء من سياسة الفشل،كما وأشارت بأن الحركة السياسية الكردستانية لم تتمكن حتى الآن من تعزيز تلاحمها القومي للتصدي لهذه الممارسات التي تستهدف الكرد وليست حزب أو مجموعة من القوى.

وفيما يلي نص الحوار:

-في ظل المعارك الدائرة في شمال العراق بين قوات الكريلا من جانب والقوات التركية من حانب اخر وردت تقارير مصورة حول استخدام تركيا للأسلحة الكيماوية ضد مقاتلي الكريلا الى جانب توثيق عدد المرات التي استخدم فيها الجيش التركي لهذه الأسلحة والتي بلغت 157 مرة خلال شهر واحد فقط ،كيف تصفين هذه الاحداث أي استخدام الأسلحة الكيماوية المحرمة دوليا من قبل تركيا؟

يخوض الشعب الكردي ومعه شعوب المنطقة سياسة الإبادة والانكار وهي السياسة المركزية المتبعة من قبل الدول التي تمارس كافة العمليات العسكرية والأمنية والحصار الاقتصادي والإبادة الثقافية. ويخوض الشعب الكردي مقاومة مجتمعية مشروعة ضد الدول التي تمارس عليه العنف العسكري باستخدام كافة أنواع الأسلحة المحرمة دوليا، وهذه المقاومة الشعبية المجتمعية يخوضها الشعب الكردي حسب القوانين الدولية والأعراف السماوية والوضعية للدفاع عنه وعن كرامته وحريته بحقه الأساس بإدارته منطقته والعيش بثقافته المعروفة دون الاعتداء عليها من أحد.

أصف استخدام الأسلحة المحرمة دوليا ضد الكرد بالسياسة الفاشلة والهزيمة المؤكدة للقوى المحتلة للشعب الكردي، بالرغم من خلافاتها الا أنها تتفق في سبيل إبادة الكرد لتشابك مصالحها الاقتصادية والسياسية، لذلك استخدام الأسلحة الكيماوية ضد الشعب الكردي هي جزء من سياسة الفشل وردة فعل على الهزيمة. المخططات العدوانية التي تخطط لها الدول الإقليمية الغاصبة لكردستان، هذه المخططات لم تتوقف منذ عشرات السنين، هذه الدول رغم اختلافاتها تتفق حينما يكون الموقف تجاه الشعب الكردي حيث تتشابك مصالحها الاقتصادية والسياسية وتتفق على مفهوم الإبادة ومحو الوجود للكرد".

-كيف ينظر القانون الدولي(النظرة القانونية) الى هكذا اعمال أي استخدام الأسلحة الكيماوية ؟

ندد بالصمت الدولي تجاه ما يحدث للكرد، والهجوم على الكرد لا يستهدف حزب أو مجموعة قوى فقط بل يستهدف الكرد جميعاً " المجتمع الدولي صامت إزاء هذا الوضع المأساوي ولم يقم بمهامه الإنسانية حتى تجاه ما يحدث للكرد، كما أن الحركة السياسية الكردستانية لم تتمكن حتى الآن من تعزيز تلاحمها القومي للتصدي لهذه الممارسات التي تستهدف الكرد وليست حزب أو مجموعة من القوى".

من الناحية القانونية

يتضمن القانون الدولي الإنساني مبادئَ وقواعد أساسية تحكم اختيار الأسلحة وتحظر استعمال أسلحة معينة أو تقيّدها. وتضطلع اللجنة الدولية للصليب الأحمر بدور ريادي في التعريف بالقانون الذي ينظم استعمال أسلحة معينة، وتطويره. جاءت نصوص القانون الدولي الإنساني، منذ البداية، لتضع حداً للمعاناة التي تسببها النزاعات المسلحة. ولهذه الغاية، يحدد القانون الدولي الإنساني كلاً من سلوك المقاتلين وقواعد اختيار وسائل الحرب وأساليبها بما فيها الأسلحة. ونصت المعاهدات الأولى في هذا المضمار على حظر استعمال المقذوفات المتفجرة التي يقل وزنها عن 400 غرام (عام 1868) والرصاصات التي تتفلطح ما أن تخترق جسم الإنسان (عام 1899). وفي 1925، اعتمدت الحكومات بروتوكول جنيف الذي يحظر استعمال الغازات السامة ووسائل الحرب الجرثومية. وتم تعديل هذه المعاهدة باعتماد اتفاقية الأسلحة البيولوجية عام 1972 واتفاقية الأسلحة الكيمائية عام 1993 اللتين جاءتا لتعزيز بروتوكول عام 1925 من خلال توسيع نطاق الحظر إلى حظر تطوير الأسلحة البيولوجية والكيمائية وإنتاجها وحيازتها وتخزينها والاحتفاظ بها ونقلها، والمطالبة بتدميرها. وتنظم نصوص الاتفاقية المتعلقة بأسلحة تقليدية معينة لعام 1980 استخدام عدد من الأسلحة التقليدية. فهي تحظر استعمال الذخائر ذات الشظايا التي لا يمكن الكشف عنها بواسطة الأشعة السينية، وأسلحة الليزر المسببة للعمى. كما أنها تقيّد استعمال الأسلحة الحارقة والألغام والأشراك و"غيرها من النبائط". وكانت الاتفاقية أيضا المعاهدة الأولى التي وضعت إطاراً لمواجهة المخاطر الناجمة عن الذخائر غير المتفجرة والمتروكة في مرحلة ما بعد النزاعات.

وتم حظر الألغام المضادة للأفراد بموجب اتفاقية حظر استعمال وتخزين وإنتاج ونقل الألغام المضادة للأفراد وتدمير تلك الألغام لعام 1997. وكان لانضمام أكثر من ثلاثة أرباع بلدان العالم إلى هذه الاتفاقية وقع إيجابي في مجال تدمير المخزونات وإزالة الألغام وتخفيض عدد الإصابات ومساعدة الضحايا. وفي 30 أيار/مايو 2008، اعتمدت 107 دولة الاتفاقية المتعلقة بالذخائر العنقودية. وأصبحت أحكام المعاهدة، اعتباراً من 1 آب/أغسطس 2010، ملزمة قانوناً على 30 دولة صادقت عليها، وعلى الدول الأخرى التي تصادق على الاتفاقية، في وقت لاحق. وتكون الدول، باعتمادها الاتفاقية وتوقيعها، قد خطت خطوة كبيرة نحو إنهاء الموت والجراح والمعاناة التي تتسبب فيها تلك الأسلحة. ويسهم الانتشار غير المراقب للأسلحة في زيادة انتهاكات القانون الدولي الإنساني ويقوّض جهود تقديم المساعدات إلى الضحايا. وبدأت الدول منذ عام 2006 مناقشات بشأن إبرام "معاهدة لتجارة الأسلحة" تطبق على الصعيد العالمي. وقررت الجمعية العامة للأمم المتحدة في كانون الثاني/يناير 2010، عقد مؤتمر الأمم المتحدة الخاص بمعاهدة تجارة الأسلحة لعام 2012، بهدف إعداد صك ملزم قانوناً يحدد أعلى المعايير الدولية الممكنة لتنظيم نقل الأسلحة التقليدية. وتؤيد اللجنة الدولية إعداد معاهدة شاملة وملزمة قانوناً بشأن تجارة الأسلحة تحدد معايير دولية مشتركة لتنظيم نقل جميع الأسلحة التقليدية وذخيرتها والسمسرة فيها بشكل مسؤول. ومع أن القوة المدمرة للأسلحة النووية تضعها في فئة خاصة، لا يوجد أي حظر شامل أو عالمي لاستخدامها بموجب القانون الدولي. إلا أن محكمة العدل الدولية خلصت في تموز/يوليو 1996 إلى أن استخدامها سيكون بصورة عامة مخالفاً لمبادئ القانون الدولي الإنساني وقواعده. وترى اللجنة الدولية أن من الصعب التصور كيف يمكن لأي استخدام للأسلحة النووية أن يتوافق وقواعد القانون الدولي الإنساني. وبالنظر إلى الخصائص الفريدة للأسلحة النووية، تدعو اللجنة الدولية أيضا جميع الدول إلى ضمان ألا تعود أبداً إلى استخدام الأسلحة النووية بصرف النظر عما إذا كانت تعتبر استخدامها قانونياً أو غير قانوني. وأمام التطور المستمر والسريع الذي تشهده الأسلحة، نشرت اللجنة الدولية دليلاً يستعرض مشروعية الأسلحة الجديدة ووسائل الحرب وأساليبها الجديدة تحت عنوان: "Guide to Legal Reviews of New Weapons, Means and Methods of Warfare" وذلك لمساعدة الحكومات على الوفاء بالتزاماتها بشأن ضمان الامتثال لقواعد القانون الدولي الإنساني في استخدام الأسلحة الجديدة ووسائل الحرب أو أساليبها.

طبعًا هنا ميثاق الأمم المتحدة وفقًا للمادة 2 فقرة 4 يجرم استعمال القوة أو حتى التهديد باستعمال القوة ضد سيادة دولة أو سلامة أراضيها أو استقلالها السياسي، لكن طبعًا المجتمع الدولي فتح مجالًا لاستثناءات في استعمال القوة، الاستثناء الأول وفقًا للمادة 42 التي تجيز لمجلس الأمن وفقًا أو انتفاضةً لفكرة حفظ الأمن والسلم الدوليين أنه يجيز استعمال القوة على إقليم دولة أخرى إذا كان هناك تهديد للأمن والسلم الدوليين، ولكن هنا أيضًا لدينا فشل سياسي، لأنه بالطبع جهاز مجلس الأمن هو جهاز سياسي بامتياز، يتكون من الخمس دول دائمة العضوية المنتصرة في الحرب العالمية الثانية، ولكن للأسف الشديد نعود ثانيةً للوضع الجيوسياسي والتاريخي للمنطقة، ستجد دائمًا حلفاء لبعض هذه الدول داخل منطقة الشرق الأوسط ، وبالتالي كلٌّ منها لديها حق الاعتراض من الدول الخمس.

-أرسلت لجنة العلاقات الخارجية في منظومة المجتمع الكردستاني رسالة لممثلي الولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا وفرنسا وكندا وبريطانيا وهولندا وروسيا والعديد من الدول الأخرى وممثلية الاتحاد الأوروبي، والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، وجامعة الدول العربية وعدد من الأحزاب السياسية والمنظمات المعنية، تضمنت تفاصيل جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي ترتكبها الدولة التركية ومنها استخدامها للأسلحة الكيماوية لكن لم تتخذ أي دولة او جهة دولية أي اجراء او أصدرت ادانة ضد هذه الجرائم مالسبب برأيك؟

يكمن السبب حسب رأيي في عدم اتخاذ أمريكا والدول الأوروبية وجامعة الدول العربية موقفا او أصدرت ادانة ضد جرائم الحرب في شمال العراق في أنه يجمع هذه الدول الكثير من المصالح الاقتصادية والسياسية والعلاقات الدبلوماسية والثقافية مع المتهم الأول لهذه الجرائم وهي تركيا، أضافة الى أن الحركة السياسية الكردستانية لم تتمكن حتى الآن من تعزيز تلاحمها القومي للتصدي لهذه الممارسات التي تستهدف الكرد وليست حزب أو مجموعة من القوى". وكذلك الصمت الدولي من اعلام وصحافة وكتاب وباحثين وشعوب لا تنادي بحرية الكرد كونهم الأقلية ولا يمتلكون مقومات ومصالح اقتصادية كبرى ممكن ان تستفيد منها بقية الدول.

-هل برأيك هذا الصمت الدولي سيولد حافزا لدى قوى أخرى متصارعة في بقع جغرافية مختلفة لاستخدام الأسلحة الكيماوية في صراعاتها ؟

نعم طبعا الصمت الدولي وكما ذكرت يشمل الحكومات والشعوب والصحافة والأحزاب والقوى السياسية والمنظمات والهيئات ورؤساء الدول، وسيكون لهذا الصمت أثار وعواقب وخيمة ليس فقط على الشعب الكردي وانما على أي اقلية او أي شعب مستضعف ليس له لا حول ولا قوة، وسيكون أيضا حافزا قويا لقوى تتصارع من اجل بسط نفوذها وهيمنتها على بقع جغرافية وأماكن شاسعة لا تستخدم الأسلحة بشكل عام.

-قانونياً وعملياً،مالمطلوب كي يتم ادانة هذه الأفعال من قبل الأمم المتحدة او المنظمات المعنية؟

المطلوب علميا وقانونيا الان هو كسر الصمت الدولي باتباع أساليب مختلفة والتركيز بشكل كبير من خلال كتاب واعلاميين وسياسيين بحيث يتم التركيز على الاعلام الدولي والظهور الإعلامي في المحطات التلفزيونية للحديث عن القضية الكردية بشكل عام والعنف والقوة التي تستخدمها تركيا ضدهم، وان يخدم القلم القضية الكردية من خلال الكتابة بمجلات عالمية، وعقد مؤتمرات سواء بالتعاون مع الكرد وبعض المسؤولين او مع دول عربية وعالمية.

قانونيا للأسف هنالك الكثير من المواد التي تحرم وتحظر استعمال السلاح وخصوصا السلاح الكيماوي لكنها غير مطبقة على ارض الواقع، يجب على الشعب الكردي إيصال رسائل موقعة ومختومة من كل الأحزاب والقوى والشعب تبين فيها ما آل اليه الوضع من استخدام الأسلحة المدمرة، وان يكون هنالك قنوات اتصال دائمة مع من يؤيدون القضية الكردية مثلما يحدث في القضية الفلسطينية لتمثيل الكرد في شتى المحافل الدولية والإقليمية، والسيطرة على الرأي العام من خلال استغلال منصات التواصل الاجتماعي وعمل هاشتاغات مستمرة تدعم القضية الكردية. والتقاط الكثير من الصور الحية تعكس مدى الخراب والدمار الذي خلفته الأسلحة الكيماوية ونشرها ع مواقع التواصل الاجتماعي ليرى العالم اجمع مدى الضرر الذي يعيشه الشعب الكردي.