باحث مصري: تركيا استعانت بالتنظيمات الإرهابية لتنفيذ مخططها بتقسيم سوريا وتغيير ديموغرافيتها

قال محمود البتاكوشي، الباحث المتخصص في الشؤون التركية إن الفيديوهات التي ينشرها زعيم المافيا التركي سادات بيكر، تكشف كثير من الأزمات في عصب النظام التركي الحالي، وأنها تعبر عن حالة صراع حقيقي بين مراكز القوى التركية.

في حوار له مع وكالة فرات للأنباء، أكد الباحث المصري محمود البتاكوشي أن الفيديوهات التي ينشرها زعيم المافيا التركي سادات بيكر شكلت أزمة جديدة للنظام التركي الذي تنفجر الأزمات في وجهه باستمرار.

وأوضح البتاكوشي أن تركيا تعيش حاليا صراع حقيقي بين مراكز القوى في النظام التركي وأن أحدهم يحرك زعيم المافيا سادات بكر حتى يعري أردوغان أمام الرأي العام المحلى والخارجي، وخاصة أنه كان يعيش في تركيا حتى وقت قريب وتحت حماية الأمن التركي.

ولم يستبعد أن يكون لأجهزة مخابرات إقليمية دور في تحريك سادات الآن، لكنه في الوقت نفسه عبر عن ميله لأن ما يحدث هو صراع بين مراكز القوى في النظام التركي بهدف القضاء على وزير الداخلية سليمان صويلو، رجل النظام القوي وأحد أبرز رجال الدولة العميقة، فضلًا عن علاقته الجيدة بحزب الحركة القومية التركية، وتنظيم أرجنكون حليفي أردوغان.

وحول ما جاء في آخر فيديوهات سادات بيكر واتهامه الحكومة التركية بإرسال الأسلحة إلى جبهة النصرة في سوريا عبر شركة سادات، قال إن "هذه الفيديوهات لم تأت بجديد فعلاقة النظام التركي بالتنظيمات الإرهابية مفضوحة منذ زمن بعيد فقد استعان الرئيس التركي في مخططه المشبوه لتقسيم سوريا وتغيير شكلها الديموغرافي، بأكثر من فصيل إرهابي يعد أبرزهم، هيئة تحرير الشام، داعش وجماعات الإيغور، والقاعدة رغم تذبذب العلاقة بينهم في أكثر من موقف".

فإلى نص الحوار:

** نتابع خلال الفترة الأخيرة ما ينشره أحد رجالات المافيا في تركيا، وهو سادات بيكر، من فيديوهات حول الدائرة المقربة من أردوغان متهماً بعض القيادات في العدالة والتنمية والحكومة التركية بالفساد والقتل والعمل خارج الأطر الشرعية، ما دلالة الفيديوهات ونشرها وكذلك توقيتها؟

مما لا شك فيه أن النظام التركي يخسر يوميًا الكثير من قواعده الجماهيرية بفعل مقاطع الفيديو التي ينشرها زعيم المافيا التركي سادات بيكر، والتي يزعم فيها تورط الشخصيات الحكومية المقربة من أردوغان، في جرائم قتل وتجارة المخدرات، حيث حصدت ملايين المشاهدات مما دفع أحزاب المعارضة التركية بمطالبة حكومة أردوغان بفتح تحقيق شفاف، حول الإتهامات، خاصة أنها تدين عناصر كثير من أعمدة النظام التركي وعلى رأسهم وزير الداخلية سليمان صوليو، وكان آخرهم نجل آخر رئيس وزراء تركيا بن علي يلدريم.

أعتقد أن تركيا تعيش حاليا صراع حقيقي بين مراكز القوى في النظام التركي وأحدهم يحرك زعيم المافيا سادات بكر حتى يعري أردوغان أمام الرأي العام المحلى والخارجي، وخاصة أنه كان يعيش في تركيا حتى وقت قريب وتحت حماية الأمن التركي.

النظام التركي يحاول في الوقت الراهن لملة القضية سريعا مهما كلفة الأمر من تضحيات لأن سمعته باتت على المحك، وتضر مصالحه، وتراجع شعبيته، لذا أردوغان قد يضحي بمسئولين كبار في حزب العدالة والتنمية أو حكومته إذ أقتضى الأمر ذلك.

وأكبر دليل على ذلك انخفاض شعبية العدالة والتنمية إلى أقصى مستوياتها حيث بلغت 27% وفق أخر استطلاع للرأي أجراه معهد استطلاعات الرأي التركي  Metropoll ، كما خسر أردوغان شعبيته بنسبة كبيرة إذ وصلت إلى 40%.

** في آخر فيديو يتهم سادات بيكر الحكومة التركية بإرسال الأسلحة إلى جبهة النصرة في سوريا عبر شركة سادات، المصنفة دولياً وحسب المجلس الأمن بالإرهاب، باعتبارها مساعدات غذائية لتركمان سوريا، كيف ترى هذه العلاقة بين التنظيمات الإرهابية والحكومة التركية؟

هذه الفيديوهات لم تأت بجديد فعلاقة النظام التركي بالتنظيمات الإرهابية مفضوحة منذ زمن بعيد فقد استعان الرئيس التركي في مخططه المشبوه لتقسيم سوريا وتغيير شكلها الديموغرافي، بأكثر من فصيل إرهابي يعد أبرزهم، هيئة تحرير الشام، داعش وجماعات الإيغور، والقاعدة رغم تذبذب العلاقة بينهم في أكثر من موقف.

لا يخفى على أحد أن تركيا غضت الطرف عن التواجد الداعشى المسلح فى منطقة غازى عنتاب بجنوب تركيا وامتلاك داعش لمعسكرات تدريب فيها، بالإضافة إلى تسهيل مرور العناصر الإرهابية إلى سوريا عبر الأراضي التركية.

واستخدمت تركيا عناصر داعش خلال هجومها على عفرين الكردية شمالي سوريا، بعد أن دربتهم على تكتيكات عسكرية جديدة، والابتعاد عن أسلوب السيارات المفخخة والهجمات الانتحارية، حتى لا تفضح التعاون التركي الداعشي وتثير انتقادات دولية.

كما أن عملية (نبع الفرات) أكدت بما لا يدع مجالا للشك أن تركيا على صلة وثيقة بتنظيم داعش الإرهابي فالعملية العسكرية سمحت بهروب مقاتلي داعش المحتجزين في السجون السورية.

ولا ينبغي أن ننسى أن تركيا لديها ثلاث معسكرات لتجنيد وتدريب الجهاديين؛ ما يسهل عليها التغلغل في سوريا، أولهما في مدينة كرمان، التى تقع فى وسط الأناضول بالقرب من إسطنبول، يليه في مدينة أوزمانيا الاستراتيجية بالقرب من القاعدة العسكرية التركية ـ الأمريكية المشتركة فى عدنان ومنطقة وسط أسيا إلى ميناء “سيهان” التركية على البحر المتوسط، وأخيرًا مدينة سان ليلورفا فى جنوب غرب تركيا.

** ما مستقبل السلطة التركية الحالية في ظل كشف سادات بيكر لكثير من عمليات الفساد والقتل والاغتصاب، هل سوف يتزايد تدني شعبية أردوغان وحزب العدالة والتنمية، وكيف ترون موقف المعارضة في تركيا مع رغبتها وإصرارها على الإنتخابات المبكرة بعد نشر الفيدوهات؟

وضعت الفيديوهات التي يبثها سادات بيكر النظام التركي في موقف بالغ الحرج فأركان النظام متهمون بالفساد والمشاركة في اعمال قتل واغتصاب وفساد كبيرة ، يكفي أنها أثبتت للعالم أجمع أن الأسلحة المتجهة إلى سوريا، لم تكن ترسل إلى تركمان سوريا، بل ترسل إلى جبهة النصرة السورية، وهذه ضربة تكلف أردوغان ثمناً باهظاً.

اهتزت صورة النظام التركي في عيون الأتراك سواء في الداخل أو الخارج فكما أنخفضت شعبية العدالة والتنمية إلى 27% وخسر أردوغان شعبيته بنسبة كبيرة إذ وصلت إلى 40%، بات 90% من الأتراك الذين يعيشون في ألمانيا يصدقون ادعاءات زعيم المافيا

وفي استطلاع آخر، أجراه مركز «أوراسيا» لاستطلاعات الرأي، تبين أن 75 % من المواطنين داخل تركيا يصدقون ادعاءات سادات بكر.

** كيف يمكن للأطراف السورية بما فيها الحكومة السورية والإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا المتضررة من دعم تركيا للجماعات الإرهابية من العمل لمحاسبة تركيا على هذه الأفعال؟

قدم زعيم المافيا التركي سادات بيكر للسوريين دليلا دامغا على دعم تركيا للكيانات الإرهابية، وعليه يجب أن تتحرك لتقديم هذه الأدلة والإتهامات إلى المجتمع الدولي والقوى العالمية الفاعلة لمحاسبة النظام التركي على هذه الجرائم التي لا تسقط بالتقادم، فيجب أن يدفع ثمن أفعاله التي يندى لها جبين البشرية ويجب محاكمة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان كمجرم حرب بسبب أعماله الإرهابية والإجرامية القدزة داخل سوريا وليبيا.

** يُقال بنشر هذه الفيديوهات أن ائتلاف القوى الذي ساعد أردوغان في الوصول لسدة الحكم هو الآن في حالة صراع ونزاع داخلي وفيدوهات سادات بيكر يؤكد ذلك، مع ملاحظة الصراع الذي يدور بين وزير الداخلية سليمان صويلو من جهة وصهر أردوغان برات البيرق ومجموعة بليكان ومجموعة البجعة من جهة أخرى، كيف تقرأون التشققات والصراعات في العدالة والتنمية؟

كما قلت سابقًا أعتقد أن تركيا تعيش حاليًا صراع حقيقي بين مراكز القوى في النظام التركي وأحدهم يحرك زعيم المافيا سادات بكر حتى يعري أردوغان أمام الرأي العام المحلى والخارجي، وخاصة أنه كان يعيش في تركيا حتى وقت قريب وتحت حماية الأمن التركي، ومن الوارد جدًا أن تكون عصابة البجع التي يسيطر عليها بيرات البيرق، وزير المالية السابق وصهر أردوغان، دور في نشر هذه الفضائح وخاصة أن الخاسر الأكبر منها سليمان صويلو وزير الداخلية نظرًا لعلاقتهم المتوترة كما أن الشواهد السابقة تؤكد قيام صهر أردوغان بالضرب تحت الحزام مستخدما عصابة البجع تماما كما فعلها مع أحمد داود أوغلو، رئيس وزراء تركيا الأسبق، في وقت سابق.

لا أحد ينسي حرب الشائعات التي شهدتها ليلة استقالة صويلو من منصبه، وثبت بعد ذلك تورط عصابة البجع فيها بهدف إقصاء صويلو من المشهد؛ إذ سوقت اللجان الإلكترونية ووسائل الإعلام التابعة لوزير المالية، أن الاستقالة تمت بموافقة أردوغان، في محاولة للتخلص من وزير الداخلية وهذا ما ستكشفه الأيام المقبلة.

** تم الإشارة من قبل سادات بيكر إلى محاولات استغلال تركيا للقضية الفلسطينية ومعاناة الشعب الفلسطيني، حيث يقول أن تركيا تكتفي فقط بالكلام والشعارات بينما كل أنواع التجارة وبيع الإسمنت والحديد التركي وغيرها مستمر. مع تساؤله لعدم إرسال أردوغان لطائرات البيرقدار إلى غزة لمساعدة الفلسطينيين، كيف يمكن قراءة الموقف التركي من التطورات الاخيرة في فلسطين؟

يوما بعد يوم يتأكد القاصى والداني من برمجاتية الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، فهو يقول الشئ وعكسه في نفس اللحظة ومواقفه من دعم الشعب الفلسطيني لا يعدو كونه التصريحات الحنجورية لأنه لا يستطيع على دفع ثمن معاداة الإحتلال الإسرائيلي في حقيقة الأمر وذلك لأكثر من سبب أهمها أنه يعلم جيدا أن أقصر طريق للوصول إلى قلب وعقل الإدارة الأمريكية هو رضاء إسرائيل، لذا فقد حاول مؤخرًا فتح صفحة جديدة مع تل أبيب ويكفي الإشارة إلى تصريح أردوغان مؤخرًا: «إن قلوبنا ترغب بأن نتمكن من نقل العلاقات مع إسرائيل إلى مستوى أفضل»، وذلك في محاولة منه لإذابة الجليد بعد تصريحات زادت التوتر مع تل أبيب لسنوات.

وأكد مسعود كاسين، المستشار التركي للشؤون الخارجية، في ديسمبر 2020 أن العلاقة بين أنقرة وتل أبيب على وشك انفراجة، ويمكن أن تستأنف الاتصالات الدبلوماسية الكاملة بين البلدين في مارس المقبل، قائلًا: "إذا خطت إسرائيل خطوة واحدة، فربما يمكن أن تخطو تركيا خطوتين، إذا رأينا ضوءًا أخضرًا، ستفتح تركيا السفارة مرة أخرى وتعيد سفيرها، وربما في مارس، يمكننا استعادة العلاقات الدبلوماسية الكاملة مرة أخرى، لِمَ لا؟".

وأشار المستشار التركي للشؤون الخارجية إلى وجود محادثات على أعلى مستوى يقودها «هاكان فيدان» رئيس المخابرات التركية مع مسؤولين إسرائيليين، الذين كان لهم 3 شروط لاستعادة العلاقات كما كانت، وهي أن تكف تركيا عن السماح لحركة حماس في قطاع غزة بالتخطيط لأنشطة عسكرية انطلاقًا من أراضيها، وأن تكون أنقرة أكثر شفافية بشأن أنشطتها في القدس الشرقية، وأن يخفف «أردوغان» والمسؤولون الأتراك من حدة خطابهم القاسي المناهض لإسرائيل.

النظام التركي لم يتردد وحسم أمره بقبول الشروط الثلاثة أملًا في كسب ود الرئيس الأمريكي «جو بايدن» الذي يضغط على «أردوغان» بورقة المعارضة، كما أن أنقرة بعيدًا عن واشنطن، تصبح في عزلة، مع احتمال أن تواجه كتلة إقليمية مؤيدة للغرب ومعادية لها، بعد اندفاع أنقرة إلى التنقيب عن الغاز في المتوسط، وشن هجمات عسكرية، إذ أكد «إبراهيم كالين» المتحدث باسم الرئاسة التركية، في بروكسل أن تركيا مستعدة لتقديم تعهد بعدم دعم جماعة الإخوان وحماس، لإصلاح العلاقات مع تل أبيب، فضلا عن العلاقات الإقتصادية والعسكرية التي تجمع بين البلدين .

** هل سيكون لفيدوهات تداعيات على علاقات تركيا مع المحيط والعالم في ظل كشف طبيعية السلطة التركية ودعمها للقوى الإرهابية في المنطقة، وفي ظل الأنباء المتواردة أن هذه الفيدوهات تبث من أحد دول المنطقة ومن الممكن أن من يقف وراء نشر الفيدوهات قوى إقليمية ودولية للضغط على تركيا أو الذهاب إلى إنتخبات مبكرة للتخلص من أردوغان؟

من الممكن أن تكون أحدى القوى الإقليمية تقف وراء الفضائح التي ينشرها زعيم المافيا التركية سادات بيكر ولاسيما أن النظام التركي نجح على مدار السنوات الماضية في خلق عداوات مع جميع القوى الإقليمية ودول الجوار بسبب أطماعه وبات الإطاحة به هدفا للعديد من الدولة حتى تنعم المنطقة بالإستقرار والهدوء كما كانت قبل أن تتخلى الدولة التركية عن نظرية صفر مشاكل، لذا ليس من المستبعد أن تكون أجهزة المخابرات وراء هذه الفضيحة التي تعد من العيار الثقيل فجرائمه في سوريا وليبيا وتحرشه المستمر بدول البحر المتوسط وولاسيما اليونان وقبرص لم تنتهي، ولكن أعتقد أن ما يحدث هو صراع بين مراكز القوى في النظام التركي بهدف القضاء على وزير الداخلية سليمان صويلو، رجل النظام القوي فهو من رجال الدولة العميقة، فضلًا عن علاقته الجيدة بحزب الحركة القومية التركية، وتنظيم أرجنكون حليفي أردوغان، الأمر الذي يزعج وزير المالية؛ لأنه يجد من صويلو منافسًا قويًّا على زعامة العدالة والتنمية وخلافة أردوغان.