شخصيات عربية... أفكار أوجلان ستسهم في استقرار الشرق الأوسط

أكدت شخصيات عربية أكاديمية وسياسية وقانونية خلال ندوة افتراضية أن القائد أوجلان يعتبر رمزاً أممياً وافكار تسهم في استقرار الشرق الأوسط.

عقدت المبادرة العربية لحرية القائد عبد الله أوجلان مساء السبت، ندوة حوارية عبر تطبيق زووم بمشاركة عدد كبير من الخبراء والقانونيين والسياسيين العرب وبحضور الرئيس المشترك لحزب الاتحاد الديمقراطي، صالح مسلم.

وناقشت الندوة التي حملت عنوان "أوجلان، عزلة مجحفة وصمت دولي ونداءات إنسانية" العديد من الملفات حول الوضع القانوني والحقوقي تجاه ما تمارسه تركيا بحق القائد أوجلان والدور المنوط بالمبادرة العربية تجاه ما يتعرض له القائد وكيفية فضح الممارسات التركية والصمت الدولي بحقه.

الخوف من فكر أوجلان

في بداية الندوة تحدثت "أروى الصالح" عضو المبادرة السورية لحرية أوجلان، حول الدوافع التركية لفرض عزلة على المفكر الأممي أوجلان.

وأشارت إلى أن الدوافع والأهداف وراء العزلة التي تفرضها الدولة التركية على أوجلان تأتي من إدراكها لقوة فكر أوجلان ورفضه للأنظمة السلطوية والإرهاب وممارستها للمجازر والإبادات بحق الشعوب في حين أن أوجلان يدعو للسلام وأخوة الشعوب.

وبحسب أروى "تتخوف الدولة التركية والنظم المستبدة بشكل عام من انتشار فكر كفكر أوجلان خاصة أنه مناهض لما تريده الأنظمة السلطوية من صنع طبقات تخدم مصالحها"، مشيرة إلى أن تشديد العزلة هدفه إبعاد القائد عن مؤيديه والمعجبين بفكره وعن عموم الشعوب من أجل الاحتفاظ بالسيطرة وضمان بقاء الأنظمة السلطوية التي يهددها انتشار فكر أوجلان.

كما اعتبرت أن تشديد العزلة جزء من الحرب النفسية القائمة على الشعب الكردي لإضعاف معنوياته وإخمادها بعد أن رأت حجم التأثير الكبير لفكر أوجلان وسط أبناء شعبه وعموم شعوب المنطقة.

إفلاس تركي وتواطؤ دولي

من جانبه أعرب المؤرخ المصري، علي أبو الخير عن شعوره بالإعجاب الشديد من موسوعية فكر أوجلان وقدرته على ربط التاريخ الكردي بالتاريخ القديم.

وأشار خلال كلمته في الندوة إلى أن أوجلان ظهر في وقت شديد التعقيد ولكنه استطاع بفكره ومنهجيته أن يكون الحلم الذي يمثل كل الكرد والحلم الذي يمثل كل العرب وكل شعوب المنطقة.

وبحسب أبو الخير فإن تركيا تعاني إفلاساً سياسياً ممتداً منذ زمن أتاتورك وحتى أردوغان ولا تجد الأنظمة التركية المتعاقبة سوى القتل والتدمير في مواجهة المطالب الكردية المشروعة بحق تقرير المصير.

ويرى المؤرخ المصري أن فكر أوجلان يتسق مع المفاهيم العالمية لحقوق الإنسان وحقوق المرأة ويتفق مع القيم والمبادئ الأخلاقية والإنسانية لذلك حاربوه، مشيراً إلى أنه لو استمر أوجلان لانتشر فكره داخل المجتمع التركي وأطاح بالنظم المستبدة التي توالت على حكم تركيا.

وشدد على أنهم لا يريدون لفكر أوجلان أن ينتشر إلا بصيغة محددة هي صيغة الحركة الكردية أو حزب العمال الكردستاني الذي يصنفونه في خانة الإرهاب في حين أننا لم نرَ من أوجلان سوى الدعوة لأخوة الشعوب والسلام والديمقراطية، وأن الإرهاب ما تمارسه تركيا بحق الكرد في شمال سوريا والعراق من قتل وتدمير للبنية التحتية وتهجير للمدنيين.

ويشير إلى أن هناك تحالفاً بين الإفلاس السياسي لتركيا وانعدام الضمير الدولي الذي يسمح لتركيا باستمرار اعتقال أوجلان وضرب الكرد.

رمز أممي يستحق التكريم

من جانبه اعتبر الكاتب الصحفي، إلهامي المليجي، أن النظام التركي يجيد اللعب على الحبال السياسية حيث نجح أن يحيد المنظمات الدولية ويكتم صوتها حتى أصبحت المنظمات الدولية والعالمية التي تتحدث ليل نهار عن حقوق الإنسان تغض الطرف عن قضية أوجلان الذي أمضى أكثر من ربع قرن في معتقل يفتقد أدنى المقومات الإنسانية.

ويرى المليجي أن النظام الدولي الذي يتجاهل هذه الانتهاكات الصارخة بحق السيد أوجلان كشف عورته وأظهر خيانته لمبادئ الإنسانية وقيمها العليا.

وبحسب المليجي فإن أوجلان رمز أممي بما يقدم ويمثل من فكر سيسهم في استقرار الشرق الأوسط الذي يعاني من اضطرابات منذ أكثر من قرن من خلال دمقرطة المنطقة بحيث تعيش شعوب المنطقة في أمن وأمان ومحبة وتعايش بين جميع مكوناتها ويصبح من حق شعوبها الحفاظ على موروثها وثقافتها دون تأثير أو اضطهاد.

وقال إنه بدلاً من تكريم أوجلان ونشر فكره الذي يحل أزمات المنطقة يتم أسره في جزيرة نائية في ظروف إنسانية صعبة وحرمانه من أبسط حقوقه كمعتقل ومنع ذويه من رؤيته.

مؤكداً أن الشواهد كثيرة على نفاق هذا المجتمع الدولي والعمل على خدمة مصالح الدول الكبرى، معتبراً أن هذه المصالح هي ما تجعل دولاً مثل أمريكا والاتحاد الأوروبي تتغاضى عن مبادئها وشعاراتها حول حقوق الإنسان وتصمت على بقاء سجين ومفكر بحجم أوجلان خلف القضبان التركية في ظل ظروف تفتقد للإنسانية.

وختم كلمته بالدعوة لمخاطبة من وصفهم بأصحاب الضمائر الحية حول العالم وتوضيح الظروف التي يعيش فيها أوجلان داخل سجنه وحجم إسهاماته الفكرية والإنسانية والسياسية التي تجعل منه رمزاً فكرياً وسياسياً أممياً يجب على جميع دعاة الحرية التحرك من أجل تحريره وإخراجه من سجنه الذي قضى فيه ربع قرن.

جمع تواقيع

بدوره دعا عبد الكريم الأنسي، رئيس منظمة اليمن أولاً، لجمع تواقيع من منظمات حقوق الإنسان العربية وبعموم الشرق الأوسط لمطالبة الدول الأوروبية ومنظمات حقوق الإنسان العالمية للتدخل في قضية أوجلان وإلزامها بتقديم تقرير عاجل عن الحالة الصحية للقائد الكردي.

انتهاك لكل القوانين

بدوره تحدث نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية بمصر، الدكتور مختار غباشي حول قانونية العزلة التي تفرضها تركيا بحق القائد أوجلان وما المطلوب القيام به لمواجهتها.

وأكد غباشي أنه ليس هناك إطار قانوني واحد لما يتعرض له أوجلان لكن الإطار السياسي هو الحاكم في القضية ولا مجال للحديث عن قانون أو دستور فيما يتعرض له القائد.

وقال: إن "جزيرة إمرالي فور وصول أوجلان تحولت لثكنة عسكرية وانتقلت إداراتها المدنية لإدارة الأزمات التابعة لمجلس الوزراء التركي".

وبحسب الخبير المصري فإن أوجلان محروم من أبسط الحقوق التي تكفلها القوانين الدولية للسجناء والمعتقلين حيث أنه محروم من التواصل هاتفياً مع ذويه، معتبراً أن الإجراءات التركية بحق أوجلان خارج إطار وقواعد القانون الدولي وقواعد المنظمة الأوربية لحقوق الإنسان التي وقعتها تركيا.

ووفقاً لغباشي فإنه وفقاً للفقرة الثالثة من المادة 15 من نصوص الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان يجب إخبار المفوضية الأوروبية أو الأمانة العامة للمجلس الأوروبي بالنظام الخاص لسجن إمرالي وآليات التعامل داخله وكيفية إدارته ولكن تركيا لم تقم بذلك.

ولفت إلى أنه تم تعديل بعض القوانين التركية وسميت هذه التعديلات بقوانين أوجلان مثل المادة 47 من القانون التركي بإلغاء ما يسمى بالإفراج المشروط وهو ما يعني وفقاً للنص المعدل أن يقضي أوجلان فترة عقوبته حتى الوفاة وهو أمر يخالف القوانين الأوروبية والدولية.

وطالب الخبير المصري بممارسة الضغوط من أجل إطلاق أوجلان وفق الأطر القانونية التي أقرها المجلس الأوروبي لحقوق الإنسان، مع تسليط الضوء على ممارسات تركيا بحق القائد الكردي والضغط على الدول التي تغض الطرف عن ممارسات تركيا وفضح التواطؤ الدولي تجاه قضية أوجلان.

احتجاز لا إنساني

بدورها، تحدثت المحامية اللبنانية، سوسن شومان، وهي الناطقة باسم مبادرة نون لحرية أوجلان بلبنان حول العزلة، من الناحيتين القانونية والإنسانية.

وأشارت إلى أن العزلة احتجاز لا إنساني فرضته السلطات التركية وكلما سعى محامو أوجلان لتخفيفها يتم تشديدها في تحد واضح للقانون الدولي.

وبحسب الناطقة باسم مبادرة نون لحرية أوجلان فإن السلطات التركية تسعى لطمس فكر أوجلان التنويري وحجبه في استمرار واضح للمؤامرة الدولية على القائد.

وأشارت إلى أن المحاكمة الصورية التي تعرض لها أوجلان تمت بمعزل عن وزارة العدل المنوط بها تحقيق العدالة، مشيرة إلى أن وضع أوجلان يفتقر لأدنى الحقوق الإنسانية ويمثل انتهاكاً واضحاً لحقوق السجناء السياسيين.

كما خالفت تركيا بحسب سوسن كل المواثيق التي تنص عليها الأمم المتحدة في قضية أوجلان، لافتة إلى أن الممارسات التركية تمثل انتهاكاً فاضحاً وفقاً للفقرة 5 من المادة 90 من القانون التركي التي تنص على أنه عند التعارض بين القانون التركي والاتفاقيات الدولية يتم تطبيق الاتفاقية الدولية وتعديل القانون التركي ليتوافق مع الاتفاقية وهو الأمر الذي لم يحدث في قضية أوجلان.

قضية الشعب الكردي

من جانبه قال الرئيس المشترك لحزب الاتحاد الديمقراطي، صالح مسلم، إن قضية أوجلان تمثل قضية الشعب الكردي الذي يتجاوز تعداده 50 مليون نسمة وكان على مدار تاريخه مشتتاً تستخدمه لخدمة مصالحها.

وأشار خلال كلمته إلى أن السيد أوجلان ظهر عام 1973 ودعا للم شمل الشعب الكردي وإحيائه من جديد وأسس حزب العمال ثم بدأ الكفاح المسلح عام 1984 وبدأ يؤلف أصدقاء بالشرق الأوسط كما فعل مع المقاومة الفلسطينية.

وأضاف: بعد غزو الكويت عام 1992 تحدثت القوى الدولية وقوى الهيمنة العالمية عن الشرق الأوسط الكبير أو الجديد وبدأ التخطيط للتخلص من الشعب الكردي وقيادته المتمثلة في أوجلان.

وبحسب مسلم، بدأت المؤامرة بقيام أمريكا عام 1997 بوضع حزب العمال على قائمة الإرهاب بعدها بعام بدأت المؤامرة على أوجلان خوفاً من فكره وخوفاً من قيامه بتعطيل المخطط الغربي لإعادة رسم الشرق الأوسط الجديد، وتم اعتقاله بمشاركة دولية في 1999 وتسليمه لتركيا ولكنهم رغم ذلك لم يستطيعوا إسكاته حيث بدأ كتابة المرافعات التي يتداولها الكرد ودعاة الحرية بالشرق الأوسط.

ويرى مسلم أن تركيا ليست سوى مجرد سجان في أزمة أوجلان مشيراً إلى أنه عند وصوله لسجن إمرالي وجد ممثلة عن الاتحاد الأوروبي ومنظمة حظر التعذيب قالت له "ستبقي هنا وسنرى ما نستطيع فعله"!

وأشار إلى أنه يجب التحرك في قضية أوجلان ليس ضد تركيا فقط بل يجب لوم القوى الدولية التي تسكت عن هذا الوضع ولا تطبق قوانينها، معتبراً أن الصمت يجعل من كل القوى متورطة ومجرمة بحق الشعب الكردي وليس أوجلان فقط.

وقال إن البعض يظن أن أوجلان موجود في زنزانة مغلقة عليه فقط ولكن هذا غير صحيح أوجلان مجرد عن الأخبار ومحروم من كل شيء ويومياً يلتقي به مسؤولون أتراك وينقلون له أخباراً ملفقة مثل الشعب استسلم والمقاتلون قتلوا ولا أحد يذكرك، لافتاً إلى أنهم يعزلونه كي لا تصل له أي أخبار ويطلبون منه التوقيع بالاستسلام وتوجيه رسائل استسلام لما تبقى من أنصاره.

وأضاف: إن قضية أوجلان تتطلب حراكاً جماعياً كما حدث مع الزعيم الأفريقي، نيلسون مانديلا حيث كان أنصاره يحتفلون بعيد ميلاده في ملاعب كرة القدم وهذا يمكن فعله مع أوجلان في الدول الصديقة للشعب الكردي من أجل إبقاء القضية حية وإثارتها في الدول الكبرى والمنظمات من أجل دفعها للتحرك.

وختم حديثه بالقول إن مصير أوجلان هو مصير الشعب الكردي فإذا كنا نريد العدالة والديمقراطية للشرق الأوسط فهذا يبدأ بالإفراج عن أوجلان.

 

المصدر: وكالة هاوار للأنباء