الجيش الليبي يضع حد للنهب التركي ويحدد شروط فتح الموانئ وحقول النفط لصالح الشعب

وجه الجيش الليبي ما وصف بأنه "صفعة" جديدة للنظام التركي في ليبيا، بعد أيام من ضرب منظومة الدفاع الجوي التركية بقاعدة الوطية، حيث أغلق الباب أمام مساعي أردوغان لنهب "قوت" الليبيين.

القاهرة

وأعلن اللواء أحمد المسماري المتحدث باسم القيادة العامة للجيش الليبي، في كلمة متلفزة، شروط الجيش الوطني لإعادة فتح الموانئ والحقول النفطية. وقال إنه ينبغي وضع آلية شفافة، وبضمانات دولية، لضمان عدم ذهاب عوائد النفط لـ "دعم الميليشيات والمرتزقة" الموالين لتركيا.

وأصدرت القيادة العامة للجيش الليبي بيانا مساء السبت "بشأن التزامها بتنفيذ أوامر الشعب الليبي المتعلقة بالموانئ والحقول النفطية في الوقت الذي تثمن فيه القيادة العامة للقوات المسلحة العربية الليبية ثقة الشعب الليبي العظيم ، في قواته المسلحة، من خلال تفويضها للتفاوض مع المجتمع الدولي، للوصول لتحقيق المطالب العادلة  للقبائل والشعب الليبي، والتي حددها كشروط لإعادة فتح الموانئ والحقول النفطية" والمتمثلة في الآتي:-

أولاً / فتح حساب خاص بإحدى الدول تودع به عوائد النفط مع آلية واضحة للتوزيع العادل لهذه العوائد، على كافة الشعب الليبي بكل مدن وأقاليم ليبيا وبضمانات دولية. 

ثانياَ / وضع آلية شفافة وبضمانات دولية للإنفاق تضمن أن لا تذهب هذه العوائد لتمويل الإرهاب والمرتزقة وان يستفيد منها الشعب الليبي دون سواه وهو صاحب الحق في ثروات بلاده. 

ثالثاً / ضرورة مراجعة حسابات مصرف ليبيا المركزي بطرابلس لمعرفة كيف وأين انفقت عوائد النفط طيلة السنوات الماضية والتي حرم الشعب من الاستفادة منها ومحاسبة من تسبب في إهدارها وإنفاقها في غير محلها.

وأكدت القيادة العامة في بيان تلقت وكالة فرات للأنباء ANF نسخة منه، أنها ملتزمة بحدود التفويض الممنوح لها من قبل القبائل والشعب الليبي بشأن التفاوض لتحقيق هذه المطالب والتي بدون تحققها لن يكون بالإمكان إعادة الفتح ، وشركائنا الدوليين والإقليميين يتفهمون مطالب الشعب بهذا الصدد.

كما اشارت القيادة العامة انه وفي إطار التعاون مع المجتمع الدولي والدول الصديقة والشقيقة والتي طلبت السماح لناقلة نفط واحدة بتحميل كمية مخزنة من النفط متعاقد عليها من قبل الإغلاق وخشية على الصالح العام من قواتكم المسلحة وحتى لا تتأثر المنشآت النفطية بطول التخزين فقد استجابت لذلك مراعية مصلحة الشعب الليبي أولاً وأخيراً على إن يستمر إغلاق الموانئ والحقول النفطية لحين تنفيذ مطالب وأوامر الشعب الليبي بشأنها والقيادة العامة ملتزمة بذلك كونها المنوط بها حماية مقدرات الشعب والمفوضة منه بذلك مؤكدة استعدادها التام للتعاون مع المجتمع الدولي وكل الشرفاء من أبناء الوطن بهذا الصدد، حريصة على تلبية تطلعات الشعب منفذة لأوامره دون سواه.

وبإعلانه شروط استئناف الانتاج النفطي، قطع الجيش الطريق على ادعاءات حكومة الوفاق المدعومة من أنقرة، إذ قبل أيام قليلة وجّه مصطفى صنع الله، رئيس مؤسسة النفط الوطنية الليبية، اتهامات للجيش بمحاولة إجهاض عملية استئناف إنتاج النفط في حقل الشرارة، جنوب طرابلس، من خلال مرتزقة روس وآخرين دخلوا إلى المنطقة، وذلك كتمهيد لدخول الأتراك للحقل الواقع جنوب مناطق سيطرتهم غربي البلاد. 

ترحيب وتحذير

ويوم الثلاثاء، قال قائد الجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر، إن الجيش سيواصل "بناء قواته المسلحة من أجل حماية ليبيا من الغزو التركي". وأشار حفتر في تصريحات صحفية إلى "استمرار أنقرة في إنشاء غرف عمليات داخل البلاد، ونقل سلاح ومرتزقة"، محذراً من أن "تركيا تسعى إلى السيطرة على مقدرات وثروات البلاد لمعالجة أزماتها الاقتصادية".

وفي اليوم التالي، أظهرت وثيقة نشرتها وكالة رويترز أن المؤسسة الوطنية للنفط الليبية رفعت الأربعاء حالة القوة القاهرة لتحميلات النفط من مرفأ السدر النفطي. ويخضع الميناء لحالة القوة القاهرة منذ 18 كانون الثاني يناير وذكرت الوثيقة أن رفع حالة القوة القاهرة يعني أن سفينة في حالة استعداد في الميناء يمكنها تحميل الخام.

ورحبت العديد من الدول والجهات الدولية باستئناف تصدير النفط الليبي، الذي بدأ من ميناء السدرة، يوم الجمعة، ومن بينها جامعة الدول العربية، التي جددت دعوتها للحفاظ على ثروات الشعب الليبي والبيئة النفطية.

وفي ذات السياق، رحبت الأمانة العامة لجامعة الدول العربية يوم السبت، بإعلان المؤسسة الوطنية للنفط الليبية عن رفع حالة القوة القاهرة وإستئناف عمليات تصدير النفط في عموم الأراضي الليبية. 

وأثنى مصدر مسئول بالأمانة العامة للجامعة على الجهود الليبية والأممية والدولية التي أفضت إلى الوصول إلى هذه النتيجة، بما يمكن من عودة عمليات إنتاج وتصدير النفط لصالح جميع الليبيين بشكل عادل ويتسم بالشفافية.  وجدد المصدر دعوة الجامعة إلى الحفاظ على ثروات ومقدرات الشعب الليبي والبنية النفطية للبلاد وإخراجها من التجاذبات السياسية والأمنية وبما يساهم في توظيفها لخدمة الاستقرار والتنمية لجموع الليبيين ويدفع بجهود الوصول إلى تسوية سياسية وطنية خالصة للأزمة الليبية.   

وبدوره، قال نائب رئيس المجلس الأعلى لمشايخ وأعيان ليبيا الشيخ السنوسي الحليق، إن كافة الحقول ما زالت مغلقة، وإن ما تم تصديره الجمعة هي كميات موجودة بالخزانات منذ فترة. وأضاف الحليق، فى تصريحات صحفية، أن مطالبهم بفتح تصدير النفط تكمن في ضرورة أن تذهب عوائده إلى حساب ترعاه الأمم المتحدة، وألا تذهب إلى مصرف ليبيا المركزي في طرابلس.

وقال رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي بالبرلمان الليبي طلال الميهوب، في تصريح لوكالة "سبوتنيك" الروسية، إنه مع استئناف تصدير النفط الليبي، مضيفا: "نحن مع فتح النفط ومصلحة ليبيا وشعبها، لكن بشرط إيداع العائدات في مكان أو صندوق حيادي تحت رعاية أممية حتى لا يتم العبث بهذه الأموال".

ضربة لمطامع أردوغان

وعقب إصدار بيان القيادة العامة، قال اللواء أحمد المسمارى، المتحدث باسم الجيش الليبى، إن الشعب الليبى، يطالب المجتمع الدولى بوضع آلية وهى منع الميليشيات من الاستفادة بالنفط الليبى وهم يسيطرون على العاصمة طرابلس، موضحاً في مداخلة هاتفية مساء السبت، أن هناك مطالب أخرى وردت من الشعب الذى فوض القيادة العامة للتفاوض مع المجتمع الدولى.

جدير بالذكر إن قرار الجيش الوطني الليبي بوقف تصدير النفط يعود إلى أن عائدات النفط كلها يتم تحويلها إلى مصرف ليبيا المركزي في العاصمة "طرابلس"، والخاضع لسيطرة حكومة فايز السراج المدعومة من تركيا، حيث تنتقل الأموال عن طريق حلفاء أنقرة إلى حاسابات خاصة لنظام أردوغان لدعم وضعه الاقتصادي المتهالك الذي أثر على شعبيته في الشارع التركي وخاصة خلال العامين الماضيين.

وأكد المسمارى، خلال مداخلة هاتفية لبرنامج "الحكاية"، تقديم الإعلامى المصري عمرو أديب، أن الشعب حمل القيادة العامة للقوات المسلحة المسئولية، كما يجب مراجعة حسابات المصرف المركزى، موضحاً أن خسائر ليبيا وصلت لنصف لمليار دولار والشعب يعانى من أزمة سيولة.

وأشار المتحدث باسم الجيش الليبى، إلى أن الجيش يثمن ثقة الشعب الليبي في قيادة الجيش الوطني، موضحاً أن أردوغان يسعي بكل الطرق لفتح حقول النفط الليبي لأن الاقتصاد التركي بدأ ينهار، وكذلك توقف صرف رواتب المرتزقة.

وتمكن الجيش خلال الشهور الأخيرة من منع الوفاق والاحتلال التركي من السيطرة على حقل الشرارة النفطي الأكبر في ليبيا، فقد كان ينتج 300 ألف برميل يومياً، ويمثل إنتاجه نحو ثلث إنتاج ليبيا من النفط الخام. وسيطر الجيش الوطني الليبي على الحقل في شباط/ فبراير 2019، لكن تم فرض إغلاق الحقل منذ كانون الثاني يناير الماضي بعد العدوان التركي على ليبيا، لاستخدامه كوسيلة ضغط في المفاوضات مع حكومة الوفاق. وفي حال استئناف التصدير ستتعزز خزانة حكومة الوفاق وبالتالي البنك المركزي التركي، مما يدعمها في نزاعها مع الجيش الليبي، غير أن استمرار وقف الإنتاج أو اعاته ضمن شروط معينة يعد ورقة ضغط فعالة للعودة إلى المفاوضات وأنهاء الحرب وضمان حرمان تركيا من نيل اطماعها، بحسب مصادر ليبية.

ومع تأكيده على الاستمرار بإغلاق الحقول والموانئ حتى الاستجابة لمطالب الشعب، اشترط الجيش الليبي، يوم السبت، وضع آلية تضمن عدم وصول عوائد النفط ليد الميليشيات والمرتزقة.

وبدوره، المستشار الإعلامي لمجلس النواب الليبي فتحي المريمي، في تصريحات صحفية، إن المستشار عقيلة صالح رئيس مجلس النواب الليبي عقد اجتماعا مهما في جنيف بسويسرا مع مبعوث الأمم المتحدة بالوكالة السيدة ستيفانى ويليامز، حيث تم مناقشة أهم التطورات المتعلقة بالشأن الليبي، وأهمها استئناف الحوار السياسي بين الليبيين وفق مخرجات مؤتمر برلين وكذلك تم مناقشة مباردة رئيس مجلس النواب، وكذلك إعلان القاهرة.

وفيما يتعلق بانتاج النفط، قال إنه تم مناقشة استئناف تصدير النفط الليبي ووضع حساب مصرفي بنكي خاص بهذه الإيرادات لتوزيعها بشكل عادل وبالتساوي بين أفراد الشعب الليبي في كل أنحاء ليبيا.

وشدد المستشار الاعلامي لمجلس النواب الليبي إلى مباحثات صالح تركز أيضا على رفض الشعب الليبي وسلطاته المنتخبة للاعتداء التركي على ليبيا، وضرورة وقف هذا الاعتداء و"التدخل التركي الذي جلب للبلاد الميلشيات الإرهابية والأسلحة والمرتزقة والطائرات المسيرة وسبب لنا فوضى وتسبب في تفاقم الأزمة الليبية وتعقيدها".

من سيدفع فاتورة الدعم التركي الباهظة؟

وتشكّل أجور الميليشيات عبئاً ماليّاً على معسكر الوفاق، إذ يكبد المرتزقة القادمون من سوريا، حسب صحيفة "الغارديان" البريطانية، تركيا وحكومة طرابلس، أجوراً باهظة، تصل إلى 2000 دولار شهريّاً لكل مرتزق. وأكد المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن الحكومة التركية عمدت في الفترة الماضية إلى "إعادة تقييم الأجور وخفضها"، بعد أن تجاوز أعداد المقاتلين السوريين المنتدبين إلى ليبيا ضعفي العدد المخطط له. وتداولت وسائل التواصل الاجتماعي، مقطع يتحدث فيه رجل بلهجة سورية، مدّعياً أنه ورفاقه في ليبيا "تعرّضوا للخداع"، بعد أن وجدوا أن أجورهم التي يتلقونها مقابل قتالهم بجانب حكومة الوفاق "لا تتجاوز الـ 566 دولاراً"، مؤكداً "عدم تسلّمهم أجورهم منذ أربعة أشهر".

وأعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن أعداد المجندين السوريين التابعين للفصائل المشاركة في حرب سوريا، الذين جرى إرسالهم من قِبل تركيا إلى ليبيا بلغ 15800 مرتزق، وحسب المرصد، فقد باشرت تركيا إرسال المقاتلين السوريين إلى ليبيا منذ يناير (كانون الثاني) من هذا العام، إذ تجاوز عدد الدفعة الأولى التي أُرسلت للمشاركة في حماية طرابلس الـ 1000 مجند.

وفيما يتعلق بالمرتزقة الموالين لتركيا، أكد المسماري أنه خلال الأسبوع الماضي فقط نقلت تركيا ما يقرب من ألف عنصر إلى ليبيا، وأوضح أن هذه العناصر تم تدريبها بشكل متقدم على القتال، موضحاً أن إجمالي أعداد المرتزقة الذين نقلهم إردوغان من سوريا إلى ليبيا بلغ 17 ألفاً، بالإضافة إلى ألفي عسكري تركي، وأعداد أخرى تتراوح ما بين 2500 إلى ثلاثة آلاف مقاتل.