وخصصت عضوة أكاديمية علم المرأة، نجيبة قرداغي، في الجزء الثاني من المقابلة، مساحة أكبر لمهندس شعار "المرأة، الحياة، الحرية"، القائد عبد الله اوجلان، متى وكيف تم استخدامه للمرة الأولى، وتطرقت أيضاً، إلى فشل الحركات النسوية التي أرادت تحت مسميات الشعارات المختلفة تحرير المرأة، ولفتت الانتباه أيضاً إلى استمرار الثورة الحالية في شرق كردستان وإيران.
"المرأة مستقلة، وتحتفظ بمكانتها في جميع مجالات الحياة"
وتحدثت عضوة أكاديمية علم المرأة نجيبه قرداغي، عن دور المرأة ضمن نظام الكونفدرالية، وقالت: "إن مرحلة كونفدرالية المرأة هي أيضاً في نفس الوقت ضمن الكونفدرالية العامة، والتي تضم النظام الكونفدرالي العام، والمرأة في ذات الوقت لديها استقلاليتها الخاصة، وهي تعيش استقلاليتها في جميع مجالات الحياة وتشارك فيها، ففي الوقت الحالي نرى بأن المرأة في إيران تنزل إلى الساحات، ففي الواقع إنهن يقمنَ بتغيير الدولة، فالهدف من هذه الفلسفة هو بناء مجتمع أخلاقي سياسي، فعلى المجتمع أن يحافظ على ذاته ويقود نفسه، فمن خلال طاقة المرأة والشبيبة تقود هذ الأمر وتشارك فيه بشكل مباشر، فالدولة بدلاً من هيكلة إيديولوجيتها وقوانينها وممارساتها على المرأة، تقوم بهيكلة واستعباد المجتمع في شخص المرأة، ولهذا السبب تثور المرأة عليها، وإن انتفاضة المرأة هذه ليس فقط من أجل الحجاب أما لا، فالحجاب هو مجرد حجة، والدولة عندما تهيكل المرأة وإرادتها، فإنها تهيكل جسد المرأة وحتى ما ترتديه من ملابس، وعندما تحدد لها ذلك، فإن ذلك ضد الشخصية الأخلاقية والسياسية للمجتمع، لأن الشخصية الأخلاقية والسياسية للمجتمع هي شخصية حرة، والمجتمع لا يقبل بسياسة الدولة والسلطة الحاكمة، فلماذا تهاجم الدولة بشكل كبيرالمرأة؟ لأنها تعلم جيداً بأن المرأة هي في نفس الوقت الحلقة الأضعف والأقوى، وتستطيع استعباد المجتمع بأكمله في شخص المرأة، فعندما تنتفض المرأة بالأساس هي الحلقة الأقوى ولديها القدرة على تغيير النظام."
أوجلان: كونوا ممثلين لفلسفة "المرأة ، الحياة ، الحرية"
وتابعت نجيبة قرداغي قائلةً: "إن مقولة "المرأة، الحياة، الحرية" والتي هي مثل صيغة سحرية، ذكرها القائد أوجلان بشكل صريح في العام 2013 أثناء لقائه مع المحامين، حيث يقول القائد أوجلان، "أدعو المرأة إلى تمثيل وتعلم الصيغة السحرية لـ "المرأة، الحياة، الحرية"، وهذا بحد ذاته حقيقة وعملية كانت قد ظهرت في السابق، ويتوجب علينا أن نتابع تمثيلها الحقيقي، فأينما تتواجد السلطة الذكورية وسلطة الدولة ضد المجتمع، يجب علينا أن نستلم القيادة الحقيقية، من أجل القضاء على تلك العوائق، وعلى المجتمع أن ينظم نفسه من خلال إرداته، فعندما نتحدث عن المراحل النظرية والعملية فهذا يعني أن آلاف النساء قد دفعنَ أثماناً باهظة لقاء ذلك، فمن خلال نضالها وجسدها دفعت الثمن لأجل ذلك وضحت بنفسها، ويمكن للمرء على المستوى الرمزي الحديث أيضاً عن بعض الشخصيات، فالمرأة أعادت بناء نفسها من جديد عبر رماد احتراق جسدها، وكمثال، اللواتي لم يستسلمنَ ويخنعنَ للخيانة كـ بريتان، واللواتي وقفنَ في وجه المؤامرة ضد القائد أوجلان وحركة الحرية، كـ الرفيقات زيلان، وفيان جاف، ورهشان، وزكية، وبريفان، وروناهي وآرين ميركان، وشيرين المولوي، التي لم تستسلم للنظام الإيراني، وكان لذلك الأمر أثمان باهظة جداً، فبحسب مقال نُشر على موقع البي بي سي بالنسخة الفارسية، أفاد شاهد عيان قائلاً: "لقد سمعنا مقولة "المرأة ، الحياة ، الحرية" لأول مرة من شيرين المولوي، وإن هذه بحد ذاتها شهادة عظيمة للغاية، وفي الوقت ذاته،
ففي ذات الوقت، وخلال الآونة الأخيرة، قرأتُ في مقالة للسيد محمد أمين بنجويني الذي زار عدة مرات القائد أوجلان في سوريا، ويقول فيها، " في المرة الأولى التي ذهبتُ فيها إلى البقاع عام 1991، كان يتواجد هناك حوالي ألف من الكريلا النساء والرجال، حيث سمع في ذلك شعار "المرأة ، الحياة ، الحرية" لأول مرة في حياته، ورأى بأم عينيه هذا الشعار."
"يريدون إفراغ الشعارات من محتواها، وإبعادها عن الحقيقة''
وأشارت نجيبة قرداغي في تقيّماتها إلى مخاطر وأفعال القوى الحاكمة من أجل إخماد الثورة والاحتجاجات التي تشوه وتسرق الشعارات، وقالت بهذا الخصوص: "هنالك مخاطر كبيرة للغاية، فالمحتل يريد ترسيخ استمرار الذهنية المقولبة والقومية والذكورية وسد الطريق أمام الشعارات، وهنالك أمثلة على ذلك عبر التاريخ، حيث يسدون الطريق أمام الشعارات ويسرقونها ويشوهنها ويفرغونها من محتواها ويجعلونها بدون معنى، وهذا بحد ذاته يمثل خطراً جدياً، فالكل يقول بأن هذا الشعار هو لي، وآخرون يقولون بأنه ليس للقائد أوجلان، وأطراف أخرى تقول بأن هذا الشعار هو شعار لهذه الحركة، والبعض الآخر يقول بأن نضال المرأة كان موجوداً في السابق، نعم، كان هنالك نضالٌ من أجل المرأة، فما هو مستوى أرداة المجتمع؟ وكيف كان مستوى إرادة المرأة؟ وكيف كان مستوى مشاركة المرأة؟
جانب آخر يقول إن هذا شعار شعار لهذه الحركة. يقول البعض أن نضال المرأة كان موجودًا من قبل. نعم كان هناك صراع من اجل المرأة ما هو مستوى ارادة المجتمع؟ ما هو مستوى إرادة المرأة؟ كيف كانت مشاركة المرأة؟ وكم كان حضور المرأة في جميع مجالات الحياة؟ وأي نوع من المقاومة كانت موجودة ضد الاحتلال الداخلي واحتلال الدولة؟ وهذه الحقيقة هي جانب من السرقة وإفراغ المحتوى والمعنى وهي بمثابة هجوم أيديولوجي، لذلك، يجب فهم هذا الأمر من هذا المنظور.
لا يمكن للحركات النسوية أن تفصل حرية المرأة عن السلطة والدولة
كانت هناك بعض الشعارات من قبل، ففي الثورة الفرنسية، كان شعار الثورة الفرنسية هو "الأخوة، المساواة، الحرية"، ونرى في المرحلة التي تلت ذلك إلى أي مدى يمكن أن تصبح المرأة بدون إرادة، وعلى عكس المرحلة التي تنظم فيها الدولة نفسها، كان يُأخذ بإرادة المجتمع كأساس في بعض مؤسسات وقوانين الدولة، ونرى بأن خروج المرأة ضد ذلك الأمر أدى إلى موتها، حيث جلبت معها مرحلة الإعدامات، والقضاء على إرادة المرأة، فالحركة النسوية ظهرت بالأساس ضد قمع إرادة المرأة، وتلى ذلك شعار "الخبز، العمل، الحرية"، وشعار اليساريين الماركسيين "اتحدوا يا عمال العالم" ، لقد كانت هذه الشعارات موجودة بالفعل في السابق، ولكن مع ذلك، لم يتم الأخذ بإرادة المرأة كأساس، ولا اعتبارها كطرف اجتماعي وسياسي، ولذلك ومع ظهور كل الثورات وحركات التحرر، قالت بإنهم يجب أن يعززوا في البداية السلطة، ومن ثم يجدوا حلاً لمسألة الحرية وحرية المرأة، وقد صادفت في جميع المراحل الثورية هذه الخدع، فالحركات النسوية الناشئة لا يمكنها أن تقيّم كل الناس على نفس المستوى، حيث ظهرت حركات مختلفة، تناولت معظمها قضية حرية المرأة، وقضية حرية المرأة كفرد، وليست كعملية حرية المجتمع ككل، وكان التركيز في الغالب على المرأة، وليس على المجتمع بأسره، ولم يتم اعتبارها كقضية اجتماعية وعامة، لذلك، كان الأمل هو أن يؤخذ بالحرية العامة وحرية المجتمع بعين الاعتبار ضمن الدولة وضمن نظامها، وإن هذا الأمر بحد ذاته خداع، فالدولة والسلطة الحاكمة ضد المرأة والحياة والحرية، ولذلك ، لا يمكن للمرء اعتبار الدولة والسلطة كمؤسسات حرية للمرأة والمجتمع، ولذلك فإن الاختلاف في مفهوم شعار "المرأة، الحياة، الحرية" للقائد أوجلان، هو في البداية حرية المرأة التي هي جوهر كل حرية، فإن لم تكن المرأة حرة، فلن يتحرر المجتمع، وهذا الأمر هو جوهر هذه القضية.
"أساس انتفاضة المرأة مع فلسفة" المرأة ، الحياة ، الحرية " في إيران هو أساس روح الأمة الديمقراطية"
ونوّهت عضوة أكاديمية علم المرأة نجيبه قرداغي إلى الانتفاضة التي أعقبت جريمة مقتل جينا أميني على يد "شرطة الأخلاق" التابعة للنظام الإيراني، وامتدت الاحتجاجات التي حملت شعار "المرأة ، الحياة ، الحرية" إلى جميع أنحاء المنطقة، وقدمت هذا التقييم، "إنه أمر طبيعي للغاية في مجتمع مثل المجتمع الإيراني، بشكل عام، والمجتمع الكردي الذي هو جزء أساسي من هذا المكان، ولا يمكن تمييزه عن أجزاء أخرى، فالنظام الإيراني هو أيضاً نظامٌ قمعي وسلطوي ويريد من خلال تشريع الدين الشيعي جعل المجتمع كطيف واحد، فإيران نفسها لديها تاريخ من ديناميكية التغيير الداخلي، لذلك، فمن الطبيعي أن يتبنى المجتمع هذا الشعار تحت قيادة المرأة، ويعبر عن نفسه بهذه الإرداة، فالمرأة تجمع كل الأطياف والأديان والثقافات وما إلى ذلك، واعتبار أولئك الذين تم قمعهم كـ إرادة وكـ هوية جديدة وكـ شراكة جديدة في إيران، وهذه الشراكة والهوية الجديدتين هي ضد هوية سلطة الدولة التي تُفرض على المجتمع، فأساس انتفاضة المرأة مع فلسفة "المرأة ، الحياة ، الحرية" هو روح الأمة الديمقراطية، وإدارة ذاتية ديمقراطية وتعايش حر على مدى أشهر، لأن الرجل أيضاً نزل إلى الساحات وبات ينادي بشعار"المرأة، الحياة، الحرية"، وهذا بحد ذاته طاقة عظيمة للمجتمع، وإن تبوأ المرأة والشبيبة للقيادة في وجه ذهنية وبنية الدولة هي حالة لحركة ثورية.
"إنها حركة ثورية"
إن ما نشاهده في الميادين هي حركة ثورية، وثورة اجتماعية ديمقراطية للمجتمع بأسره، ظهرت تحت سقف فلسفة، وجلبت معها بدون شك تطورات جديدة، وهنالك مخاوف من تدخل أيدي خارجية فيها، حيث إن الذهنية القومية وبقايا أزلام شاه بهلولي تحاول جاهدةً سرقة هذه الثورة، ويجب علينا ألا ننسى أنه جرت محاولات كثيرة في مرحلة سابقة، من أجل سرقة الثورة، وقد كنا شاهدين على كيفية سرقة الحركات السلفية المتطرفة لثورة الشعوب أو ثورة ربيع الشعوب في الشرق الأوسط، ولكن في غرب كردستان ظهر وضع آخر بسبب هذه الفلسفة، وهنالك خشية من أن الإرادة التي نشاهدها في الشوارع والأزقة والتي بدأت بشكل جيد، أن تجلب معها تطورات كبيرة إذا ما استمر الوضع الحالي على هذا النحو.
شعار "المرأة، الحياة، الحرية" هي فلسفة لنموذج، وبحث عن بديل ثوري
يريدون أن يقولوا إن المجتمع يدار من قبل جهة مركزية، وهناك طاقة قوية للغاية، فالجميع من لغات وثقافات وجنسيات مختلفة خرجوا إلى الساحة، وإن فلسفة "المرأة، الحياة، الحرية" هي القاسم المشترك الذي يجمعهم، ففي الأساس، كانت بداية شرارة اندلاع هذه الثورة هو مقتل جينا أميني، حيث تحول مصدرها لطاقة اجتماعية في الشرق الأوسط وجعل تأثيرها متبادل، فإذا تأثرت امرأة في الأرجنتين أوكتلونيا أوإنكلترا أو أي جزء آخر من العالم بثورة كردستان، فلماذا لا نسأل أنفسنا لما لا نتأثر معاً في نفس الجغرافيا، هنالك تأثير حقيقي، فنحن نعلم أن للثورة في إيران وشرق كردستان أولوية سابقة، ونعلم أيضاً كيف نزل المجتمع إلى الساحات في العام 1999، وثار ضد المؤامرة الدولية، وتمسك بالقائد أوجلان، وانتفض بعد ذلك أيضاً في وجه كل الأحداث التي جرت في أي جزء من أجزاء كردستان، وقد ظهرت هذا الطاقة مرة أخرى في شرق كردستان، فلهذه الطاقة جانب فلسفي أيضاً، فشعار "المرأة، الحياة، الحرية" هو بحد ذاته فلسفة ونموذج وبحث عن بديل ثوري."