اختتمت أعمال المنتدى، حول المجازر في ميزوبوتاميا وتأثيرها على النساء، تحت شعار "بقوة وتضامن النساء سندحر سياسة التقسيم وإبادة لوزان بحق الشعوب" بمشاركة أكثر من 60 ممثلة وشخصية من كافة مكونات شمال وشرق سوريا ببيان ختامي يضم عدداً من التوصيات.
وقرئ البيان من قبل نائبة المجلس العام في حزب سوريا المستقبل سميرة العزيز.
وجاء فيه:
"لطالما كانت منطقة الشرق الأوسط، منطقة غنية جغرافياً ومتنوعة ثقافياً, و قد ساهمت ديمغرافيتها المتعددة من حيث المكونات والأديان والثقافات في غنى المنطقة. سادت علاقات الصداقة التاريخية وحسن الجوار بين مختلف الشعوب على الدوام ولا يزال إرثها داخل المجتمع واضحاً للعيان.
ولكن مع تدخل القوى الغربية المهيمنة تم ترسيم حدود الدول القومية الحالية. هذه الحدود التي تم ترسيمها لا تتوافق مع الواقع الجغرافي ولا التركيبة السكانية للمنطقة. حين تم تقسيم المنطقة التي نعيش فيها اليوم وتأسيس نظام الدولة القومية؛ لم يتم وضع آراء وإرادة شعوب هذه المنطقة في الاعتبار. مع الاتفاقيات المختلفة؛ كـ سايكس- بيكو قبل مئة عام وبمعاهدة لوزان، تم ترسيم الحدود بين الشعوب وترسيخ النزعة العنصرية بينهم.
بسبب فكر أمة واحدة, لغة واحدة, ثقافة واحدة وعلم واحد، والتي هي خصائص الدول القومية، ارتكبت العديد من المجازر والإبادات الجماعية في منطقة ميزوبوتاميا، والتي نفذت معظمها من قبل الدولة العثمانية وبعدها الجمهورية التركية والدولة الفارسية والعربية . لقد تم تطبيق الثقافة العنصرية، ليس فقط من خلال الحدود غير المنطقية، بل أيضاً من خلال سياسات التجزئة والتقسيم و أصبحت شعوب كالكرد والإيزيديين والأرمن والسريان الآشوريين والشعوب المضطهدة ضحيةً لهذه السياسات؛. بهذه الطريقة تم تدمير الصداقات القديمة، وأصبحت القوميات والديانات المختلفة في مناطقنا الآن تنظر إلى بعضها البعض بعين الريبة والشك، ونتيجة لذلك، سمح انقسام شعوب الشرق الأوسط للقوى الأجنبية بتحقيق مصالحها.
نحن، كشعوب ميزوبوتاميا والشرق الأوسط بأسره، ما زلنا نعاني من سياسات الانقسام والتناقضات في المنطقة. جميع الدول القومية تعاني من عدم الاستقرار وتنشأ الصراعات بين القوى والشعوب والديانات المختلفة. لقد تم فرض نظام الدولة القومية على الشعوب بالإكراه، والذي لا يناسب طبيعتها التاريخية. هذه الحروب والصراعات في كل من لبنان، سوريا، وأرمينيا، والسودان، والعراق، وتركيا وما إلى ذلك كانت ضحيتها النساء والأطفال. حيث حاولوا تحديد مصير شعوب المنطقة عن طريق هذه الاتفاقيات، لكن شعوب المنطقة لم ترضخ لذلك. فمنذ بداية الظلم والقمع الذي جلبه هذا الوضع، كان هناك دائماً انتفاضات ومقاومة ضد هذه الأنظمة. وقد اتخذت نساء رياديات مكانها في النضال ضد التجزئة والإبادة الجماعية.
ناهضت ثورة المرأة في روج آفا كردستان وشمال شرق سوريا, سياسات التجزئة والانقسام بشكل علني وواضح, منذ بدايتها وطالبت بحياة وعيش مشترك وسلمي. وقد أبدت حركات المرأة المختلفة بتكاتفها إمكانية بناء علاقات حسن الجوار للشعوب في مناطقها. فالنساء من مختلف المكونات والأديان والثقافات, ينظمن أنفسهن بهويتهن ويعملن معاً في الوقت نفسه من أجل حرية المجتمع.
فكر الأمة الديمقراطية ونظام الكونفدرالية الديمقراطية هو الحل الأنسب للمنطقة برمتها لتعيش جنباً إلى جنب في سلام وأمان وحرية, بثرواتها وثقافاتها وأديانها وكافة مكوناتها المتنوعة.
ونحن كنساء المنطقة وانطلاقاً من حقيقتنا التاريخية وقيادتنا للمرحلة يقع على عاتقنا إعادة بناء العلاقات الودية وحسن الجوار بين شعوب المنطقة في إطار الأمة الديمقراطية كنموذج للحل.
ويتطلب منا رفع وتيرة نضالنا ضد السياسات الناتجة عن الحداثة الرأسمالية والركائز الأيديولوجية للدولة القومية كالعنصرية, والتعصب الديني والتمييز الجنسي في سبيل بناء نظام ديمقراطي للشعوب.
توصيات :
1. في ظل أزمة الهويات المستمرة، التي عمادها ممارسة الإبادة بمختلف أنواعها ونشر ثقافة الكراهية، يتطلب تعزيز دور المرأة في قيادة وريادة المجتمع واستعادة دورها الطبيعي. لكون المرأة لوحدها قادرة على التصدي عبر الحفاظ على الهوية التاريخية والثقافية والمجتمعية في وجه ممارسة الصهر والإبادة وحالة الاغتراب المفروضة.
2. لمواجهة تداعيات اتفاقية لوزان. ولمنع تكرار اتفاقية لوزان أخرى بصيغ ومسميات جديدة في ظل المستجدات والتطورات ورسم سيناريوهات في إدارة المنطقة لمئوية قادمة، في ظل غياب متعمد لشعوب المنطقة يتطلب قراءة نقدية لتاريخ الوحدة والتكامل بين شعوب المنطقة.
3. لا يمكن تجاوز أزمة الهويات والإبادات وحالة الاغتراب إلا من خلال طرح مشاريع ديمقراطية متكاملة الأركان. وتجربة الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا التي عمادها فلسفة الأمة الديمقراطية القائمة على العيش المشترك وحرية المرأة جديرة بالاهتمام وتعميمها لمواجهة سياسات الإبادة والإنكار.
4. ضرورة أخذ المرأة مكانها في كافة مراكز صنع القرار
5- تشكيل مرجعية نسائية وتطبيق الكونفدرالية النسائية على مستوى الشرق الأوسط.
6- يستوجب حماية مكتسبات المرأة للتصدي لكافة السياسات التي تحاك ضد المرأة وجعل هذ المكتسبات إرثاً لكافة النساء لينتشر شعار المرأة الحياة الحرية إلى أنحاء العالم.
7- تقوية الجبهة الداخلية للمرأة في كافة الميادين من ناحية الدفاع وآلية الحماية والتصدي لكافة السياسات التي تحاك على المنطقة.
8-الوقوف على فضح السياسات التي ارتكبت عبر التاريخ وعلى المجازر التي ارتكبت بحق الشعوب والحفاظ على الثقافات.
9- تحقيق الوحدة الوطنية الكردية وعقد المؤتمر الوطني الكردستاني للنساء الكرد ليصبح أرضية لتحالف كافة النساء.