اصدرت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان حكماً قبل أيام تقضي فيه بأن فترة الانتظار البالغة 300 يوم تنتهك المادة 8 الخاصة بالحق في احترام الحياة الخاصة والمادة 14 الخاصة بحظر التمييز، جنبًاً إلى جنب مع المادة 12 الخاصة بالحق في الزواج من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان.
فترة الانتظار للمطلقة
ويعود شرط فترة الانتظارهذا إلى اعتقادات بشأن تشريعات الشريعة الإسلامية في العهد العثماني، وهو مقنن في المادة 132 من القانون المدني التركي باسم "iddet"، وقد تم فرضه في الأصل لتجنب نزاعات النسب من قبل الآباء، إلا أنه في المقابل فإن الآباء ليس عليهم الانتظار بعد الطلاق.
وكان يمكن رفض الانتظار لتلك الفترة إذا وافقت المرأة على الخضوع لفحص طبي لإثبات أنها ليست حاملاً أو إذا عادت مرة أخرى لزوجها الذي كان طلقها، كما أن تلك الفترة كانت تنقضي إذا كانت المرأة حاملاً عند طلاقها بمجرد ولادة الطفل.
نقطة تحول
ووفقاُ لقرار المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان الأخير، فإن هذا التشريع لم يكن يلبي أي حاجة اجتماعية ملحة، ولم يكن قائماً على أسس كافية تبرر الغرض منه، كما أنه ليس له معنى في مجتمع ديمقراطي كما أنه يشكل شكلاً من أشكال التمييز المباشر على أساس الجنس.
وقالت حبيبة يلماز كيار، وهي محامية مؤسسة لمركز دعم قانوني للمرأة، ومثلت المتقدم بالدعوى في القضية التي رفعت إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، إن القرار كان خطوة كبيرة في حماية حقوق المطلقات وضمان المساواة بين الجنسين في تركيا.
وقال المحامي المستقل أوزجيكان سيرما، الذي أعلن أن وجود البند في الإطار القانوني التركي "غريب قانونياً"، مضيفاً أنه على الرغم من أن قرار المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان كان "تطوراً إيجابياً"، إلا أنه جاء "بعد فوات الأوان" وأضر بسمعة البلاد الدولية .
ونظراً لأن هذا قرار أولي من قبل المحكمة، فإن لدى جميع الأطراف المعنية ثلاثة أشهر لطلب القرار النهائي، والحكم النهائي الصادر عن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان ملزم قانوناً للدولة المدعى عليها.
ورأت نوراي كاراوغلو، رئيسة منظمة تدعم التمثيل المتساوي للمرأة في جميع المجالات، أن القرار كان "نقطة تحول" وأن "تنفيذه سيقضي على الممارسات التمييزية القائمة على تقييد حرية المرأة في الزواج و تعزيز المساواة بين الجنسين في المجتمع".
حزب "أردوغان" وواقع المرأة
يقول التقرير إن حزب العدالة والتنمية الحاكم الذي يقوده رجب طيب أردوغان اتخذ على مدار السنوات الماضية عدداً من المواقف المثيرة للجدل ضد المساواة بين الجنسين في السنوات الأخيرة أحدثها في يناير 2023، قالت الهيئة الدينية التركية، التي استهدفت النساء في الماضي، إن المرأة لا يمكنها السفر بمفردها.
وفي الفترة التي سبقت الانتخابات، عقد حزب العدالة والتنمية تحالفات مع العديد من الأحزاب التي تسعى إلى تفكيك حقوق المرأة في البلاد، بما في ذلك رفع القانون 6284، الذي يحمي المرأة من العنف الأسري.
ووفقاً لتقرير مؤشر الفجوة بين الجنسين العالمي لعام 2022 الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي، احتلت تركيا المرتبة 124 من بين 146 دولة شملها البحث، على الرغم من أن البلاد قد قطعت أشواطا كبيرة منذ عام 2021، عندما احتلت الدولة المرتبة 133، إذ كان هناك انخفاض عام منذ عام 2006، عندما احتلت تركيا المرتبة 105.
والنساء في تركيا، وفقاً لأحدث الإحصاءات الحكومية، يتخلفن بالفعل عن الرجال عندما يتعلق الأمر بفرص العمل، فمعدل المشاركة في القوى العاملة، محسوبا من خلال الجمع بين السكان العاملين والعاطلين عن العمل أو الباحثين عن عمل، هو 70.3٪ للرجال و 32.8٪ للنساء، في حين أن 10.7% من الرجال عاطلون عن العمل، فإن هذا المعدل يرتفع إلى 14.7% للنساء.