آلتون: للمرة الأولى في الشرق الأوسط تتأسس أرضية حرّة

صرّح القيادي في منظومة المجتمع الديمقراطي (KCK), رضا آلتون بأنّ العلاقات بين وحدات حماية الشعب (YPG) والتحالف الدولي ضد الارهاب قد اكتسبت شرعية دولية, تماماص كما حصل التحالف بين أمريكا والاتحاد السوفيتي في حربهم ضد فاشية هتلر.

في حوار خاص مع وكالة الفرات الاخبارية (ANF), تحدّث عضو الهيئة القيادية في منظومة المجتمع الديمقراطي (KCK). رضا آلتون عن العلاقات بين القوى الكردية في غرب كردستان (روج آفا) والتحالف الدولي ضد الارهاب بقيادة الولايات المتّحدة الامريكية, وكيف أن تلك العلاقات لاقت قبولاً وشرعية لدى الرأي العام العالمي, حيث قال: "يجب أن نقيم هذه العلاقات كسياسة تكتيكية واستراتيجية ضمن النضال, المقاومة والوضع السياسي الذي تغيّر. حين بدأت الأزمة في الشرق الأوسط, كان نضال حزب العمال الكردستاني PKK قد تجاوز ال40 عاماً".

وقد ذكر آلتون بأنّ الكثير من القوى السورية, تحت عنوان المعارضة, بادرت في بداية الأزمة إلى بناء علاقات مع القوى الامبريالية الدولة والاقليمية "وبهذا الشكل دخلوا صراعاً مسلّحاً مع النظام السوري. في الوقت الذي قام الكرد باجراءات الحماية الذاتية, بدون عقد أي اتفاق مع أي طرف خارجي, لم يستمدّوا أيّ دعمٍ من الخارج" وأضاف "لكن بعد فتح دول كتركيا والسعودية المجال للأزمة السورية, بدأوا بشنّ هجماتهم على الكرد من خلال أدواتهم. وعلى خطى فكر القائد أوجلان, بدأ الكرد بالمقاومة, وقابلتها قوى المعارضة والنظام السوري بكل مالديها من قوّة. فالنظام السوري دعم تنظيمات ارهابية كداعش, النصرة وأحرار الشام لتهاجم على المناطق الكردية في سوريا, لكنّ الكرد وسيراً على خط القائد والPKK تصدّوا لتلك الهجمات. ومن هناك بدأت المقاومة".

مقاومة كوباني أصبحت نقطة بارزة

وأشار القيادي في KCK إلى دعم قوى مثل تركيا, ايران والنظام السوري وغيرها للحركات الجهادية التي حاربت الكرد في مناطقهم "بدايةً قدمت أمريكا واسرائيل الدعم للحركات السلفية, لكي تحارب وفقاً لمصالحها. ومن خلال الدعم الذي تلقته من تلك الدول, باشرت تلك الحركات بالهجوم على المناطق الكردية, واستمرّت حتى الهجوم على كوباني, التي أصبحت نقطة بارزة". وأضاف قائلاً: "حتى قبل بدء الحرب على كوباني, لم تتلقى القوى الكردية أيّة مساعدة من القوى الدولية والاقليمية, ولم تتواجد أية قوّة عسكرية للتعاون التكتيكي معهم. الكلّ تحالف لتصفية حركة الحرية الكردية, وايران ايضاً تحرّكت لصالح النظام بغية تحقيق هذا الهدف".

مقاومة شنكال جعلت مقاومة ارهاب داعش ممكنةً

وأوضح آلتون في حديثه كيف أنّ تلك القوى حاولت عن طريق تنظيم داعش السيطرة على الشرق الأوسط واتّبعت لأجل هذا الغرض سياسة ذكيّة "فرضوا استراتيجية كتلك التي اتّبعها تيمورلنك وجنكيزخان وأرادوا أن يسيطروا على عموم الشرق الأوسط في وقت قصير, من خلال عنفِ ووحشيّةٍ قلّ نظيرهما. داعش لم تقطع المئات من الرؤوس أمام الكاميرات عن عدم معرفة, لكنها تلك الممارسات كان الأداة الأساسية لتلك الاستراتيجية, استراتيجية نشر الرعب والخوف. فقبل أن يصل مسلّحو داعش لأيّة منطقةٍ, كان اسمهم الوحشي يصل قبلهم, وكان سكان تلك المناطق يسسلّمونها لهم بدون مقاومة. المقاومة الأولى والوحيدة التي قابلها تنظيم داعش, كانت من شنكال, لدى هجومهم على المجتمع الايزيدي هناك. تلك المقاومة التي سطّرها مقاتلو PKK,YPG وYPJ. دول كبرى كأمريكا, روسيا ودول الاتحاد الأوربي كانت تراقب المجازر المرتكبة بحق الشعب الايزيدي, دون أن تتحرك. في القوت الذي أنقذت فيه القوى الكردية الآلاف من الايزيديين, المسيحيين والمسلمين من مجازر داعش. مقاومة شنكال جعلت من العالم يتنفّس ويفكر بأنّه من الممكن مقاومة ارهاب داعش, من الممكن التحرّر من الخوف والهلع الذان نشرهما هذا التنظيم الارهابي. بالاضافة الى طرح سؤال مفاده: لماذا تسمح القوى العالمية مثل أمركيا, أوربا روسيا وغيرهم من بمثل هكذا مجازر؟ ولمّ لاتتدخل لمنعها؟ هل لديهم مصالح في ذلك؟. هذا الوضع جعل شرعية للقوى الكردية آنفة الذكر موضع نقاش. بات اسم PKK واسم قائدنا محط اعتبار كبير. مسحت التصنيف الذي وضعته تركيا لحزبنا "منظمة ارهابية" طيلة 40 عاماً. بعد ذلك, لم تعد القوى الدولية التي كانت تدعم داعش قادرة على الاستمرار بعلاقاتها معها, وأُجبروا على فتح علاقات أخرى".

وتابع آلتون كلامه عن كيفية استخدام القوى الأقليمية لداعش كأداة لخدمة مصالحها حيث وجّهت مسلّحي التنظيم باتجاه كوباني "وحاولوا اسقاط واحتلال كوباني, كي يدمّروا انجازات شعب روج آفا, وانجازات خط الحرّية في الشرق الأوسط. وهذا مايحقق مصالح النظام السوري, والقوى الداعمة له بشكل غير مباشر, من جهة, ومصالح تركيا والسعودية من جهة أخرى. وقد بنا تنظيم داعش علاقاته الاستراتيجية مع كل تلك القوى على اساس محاربة الكرد. لذا قامت بالهجوم على كوباني. في مواجهة الهجوم, ظهرت مقاومة لا مثيل لها من قبل الكرد في شمال, شرق وجنوب كردستان, وبحسّهم الوطني دعموا مقاومة كوباني. تلك المقاومة التي دامت فترة طويلة, لفتت انظار القوى الاقليمية والدولية. فمن خلال استمرار المقاومة ل100 يوم, باتت كوباني مركز اهتمام العالم. لذا لم يتمكن تنظيم داعش من تحقيق اهدافه, وتعرضت قوى عناصرها لانكسار كبير. ومع ظهور ذلك الانكسار, بدأت القوى العالمية والاقليمية بتقييم وضعهم السياسي والعسكري من جديد, ليبدأوا مرحلةً جديدة".

بعد مقاومة شنكال وكوباني تحرّك ضمير المجتمع الدولي

وأشار القيادي في KCK الى بدء ضغوطات الرأي العام الدولي على الولايات المتّحدة الأميركية والقوى الدولية الأخرى للتدخّل "كيف تحالفت أمريكا مع الاتحاد السوفيتي في الحرب العالمية الثانية ضد فاشيّة هتلر, ولاقى ذلك التحالف قبولاً عامّاً, كذلك اكتسب الاتفاق بين التحالف الدولي و YPG شرعيّةً. وبذلك بدأ التحالف برسم الاستراتيجيات الحرب على داعش بناء على القوى الكردية التي تحارب على الأرض. وتقييم مثل هذا الاتفاق ضروري للغاية, فبداية العلاقات الجديدة بين التحالف الدولي وYPG كانت نقطة هامة على صعيد الحرب على الارهاب.

في عالم تم استعباده, نرغب بتأسيس أرضيّةٍ حرّة

وللرد على سؤالٍ يتعلق بتحالف القوى الفدرالية في روج آفا\شمال سوريا مع أمريكا من جهة ومع روسا من جهة أخرى, وكيفية التعاون العسكري والسياسي معهم بوصفهم قوى امبريالية, وفي الوقت نفسه الحفاظ على الهوية الاشتراكية, أجاب آلتون قائلاً:

"من الناحية التاريخية, نحن نضع بعين الاعتبار مراحل نضالنا التاريخية, ونستمرّ بكفاحنا على هذا الأساس. بالنسبة للواقعية الاشتراكية, فهمنا غير متاح. الواقعية الاشتراكية قسمت العالم الى قسمين, وضعت نفسها في قسم وواجهت القسم الثاني. في الواقع العملي للاشتراكية, فهمنا أنّه لايمكن استمرار النضال بهذا الشكل. لايمكننا البقاء منعزلين عن النظام الرأسمالي الذي يحكم العالم, ونحن نقوم بحربنا لأجل الحرية. نحن نريد أن نؤسّس لأرضية حرّة في هذا النظام العالمي. في عالم تم استعباده, نحن نسعى لفتح الطريق أمام تأسيس تلك الأرضية, وهي بيد أطراف معينة وتحت قيادتها.

لكن لدى الأطراف السياسية والاجتماعية المختلفة في المنطقة خلافات عميقة. من أجل الفكر الاشتراكي, علينا الاستفادة من تلك الخلافات والتناقضات وعليه نسير في نضالنا. إذا تحركنا وفقاً للذهنية الاشتراكية البربرية, فإنّنا سنجد أنفسنا فجأة في مواجهة القوى الامبريالية والاستعمارية. في الحقيقة القوى الامبريالية ليست موحّدة, بل بينها خلافات عميقة".

أثر منحى الحرية للمجتمع الكردي بشكلٍ كبير على الشرق الأوسط

ولفت القيادي النظر الى عدم وجود لا مناطق ولا قوى تملك حرّية قرارها في عموم الشرق الأوسط "تم مسح مفهوم الحرّية من ذهنية المجتمعات في الشرق الأوسط, كل البلدان والخرائط تم نهبها من قبل قوى الاستعمار, وباسم سلطة الدولة, تم قطع الطريق أمام الحرّية. وفي ظروفٍ كهذه, ينجز الكرد نضالهم لأجل الحرّية. في ظلّ أحتلال 4 دول لأراضيهم. نحن نريد تأسيس أرضٍ حرّة, لذا نحن مضطرون لأن نتحرّك وفق حسابات دقيقة. إذا قلنا عن هذا امبريالي وعن ذاك استعماري, آنذاك نضع انفسنا في مواجهة الجميع, ونقبل بالفشل عنواناً لنضالنا. لكن لايجب علينا أن نترك خط الحرية الذي رسمناه بفكر القائد أوجلان, ومن ينظر الى تاريخ كفاحنا, سيتستقي منه الدروس والعبر".

وتابع قائلاً: "منحى الحرية الذي حمله الشعب الكردي أثّر بشكل كبير على شعوب الشرق الأوسط. هذا الشعب الذي أرادت قوى الأحتلال إنهاء وجوده, وفشلت في تحقيق ذلك, أصبح رمزاً للمقاومة, من خلال مقاتليه الكريلا, سياسته الديمقراطية وتنظيمه الجماهيري, وحقّق الكثير من النتائج الايجابية".

منجزات روج آفا وشمال سوريا تشكّل سياجاً استراتيجياً لكلّ القوى الاشتراكية

وأوضح آلتون أنّ وجود خلافات بين القوى التي تناضل لأجل حرّيتها من جهة, والقوى التي تمتلك السلطة لتحقيق مصالحها الساسية فقط من جهة أخرى, أمرٌ واقع "ممكن أن يكون هذا الأمر اتفاقاً أحياناً, ومن الممكن أن يكون خلافاً وقتالاً أحياناً أخرى. كمثال, أمريكا لم تكن تتقرب إلى الكرد أبداً, لكن من خلال وحدات حماية الشعب (YPG) أضطرت أن تفتح علاقات مع الكرد. 

لكن في تلك العلاقات, تحاول أمريكا دوماً أن تبعدهم عن هويّتهم الاشتراكية وتضعهم ضمن النظام الامبريالي الرأسمالي. هذا هو هدف امريكا من اقامة العلاقات مع YPG. لكنّ الكرد ينتهجون مسار الحرّية من خلال تلك العلاقات. من جهة أخرى, فإنّ القيمة الاستراتيجية والتكتيكية لنتائج تلك العلاقات ضرورية للطرفين. لذا فإن منجزات الكرد في روج آفا والقوى المتحالفة معهم في الشمال السوري تشكّل سياجاً استراتيجياً للقوى الاشتراكية".

على أرضٍ صغيرة, ندعوها بروج آفا, تأسست أرضية للحرّية

ونوه القيادي في منظومة المجتمع الديمقراطي, رضا آلتون إلى تواجد قوّة التحالف الدولي بقيادة أمريكا في المنطقة "تقف القوى الرأسمالية خلف التحالف الدولي. هناك روسيا أيضاً, والتي تشكّل قوّة منفصلة في النظام ذاته, وخلفها تقف قوى أخرى. إذا ماوضعنا قوى حلف الشمال الأطلسي (الناتو) في جهة وقوى أفراسيا في الجهة المقابلة, سنجد أن أمريكا وروسيا تمثلان القوى الامبريالية والسلطوية الرأسمالية في العالم. تلك القوى لديها خلافات وعلاقات مع دول المنطقة, وتحاول أن تسيطر على النظام العالمي الرأسمالي من جهة, ومن جهة أخرى لأجل مصالح سلطتها تفتعل الحروب والخلافات.

في وضع كهذا, وعلى أرضٍ صغيرة تدعى روج آفا, تأسست أرضية جديدة للحرّية, وهي المرة الأولى في الشرق الأوسط, التي تولد فيها أرضية كهذه. يعني توجد قوّة على الأرض تدير الأمور من الناحية الأجتماعية, السياسية والأقتصادية, ولو بشكل غير كلّي. هذه القوّة تعتمد في حربها على القوى المعنوية والمادية من المجتمع. في الوقت ذاته, تقف في وجه كل القوى الرأسمالية في العالم وتبدي مقاومة أيديولوجية, أقتصادية وسياسية للحفاظ على وجودها. علينا أن نفكر مامعنى هذه الأرضية الحرّة بالنسبة للأحرار!. القوى الامبريالية الرأسمالية تريد أن تنهي هذه الأرضية. لكن في الجهة المقابلة, فأن القوى الداعية للحرّية مستمرّة في نضالها لتوسيع تلك الأرضية. يجب فهم عمق الخلافات وطبيعة القتال هنا, فبدون فهمها لايمكن تفهّم طبيعة المسألة. لذا يجب أن يتم شرح علاقات YPG مع أمريكا وروسيا في هذا الاطار".