وأعرب الأمين العام للأمم المتحدة خلال الاجتماع عن سعادته بإطلاق مجموعة العمل، مشدداً على ما يمثله الإرهاب من تهديد عالمي بما يجعل من حماية حقوق ضحايا الإرهاب أحد أولويات الأمم المتحدة.
وأكد ضرورة دعم ضحايا الإرهاب إلى جانب العمل على محاسبة الإرهابيين وتقديمهم إلى العدالة مع تجنب إفلاتهم من العقاب، مشيراً إلى ضرورة التنفيذ الكامل للإستراتيجية العالمية لمكافحة الإرهاب بالأمم المتحدة، فضلاً عن أهمية التصدي للأيديولوجيات المرتبطة به.
"من الهجمات الإرهابية الأخيرة في كينيا ومالي ونيوزيلندا إلى نيجيريا وسري لانكا وأماكن أخرى، التي راح ضحيتها الآلاف من الأبرياء، يمثل الإرهاب بجميع أشكاله ومظاهره تحديا عالميا عابرا لحدود الدول"، هذا بحسب أمين عام الأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، الذي أشار في كلمته الافتتاحية في فعالية إطلاق "مجموعة أصدقاء ضحايا الإرهاب" إلى استخدام الإرهابيين باستمرار للعنف الجنسي من أجل نشر الخوف وتأكيد سيطرتهم. "وغالبا ما يجبر الأطفال على الانضمام إلى الجماعات الإرهابية للبقاء على قيد الحياة"، حسب تعبيره.
وتطرق الأمين العام إلى زياراته لضحايا الإرهاب في كرايست تشيرتش في نيوزيلندا ومالي وأفغانستان والعديد من الأماكن الأخرى، مؤكداً أن الضرر الذي يلحق بالأفراد والأسر والمجتمعات جراء الإرهاب يستمر ويدوم.
وقال في بيان للأمم المتحدة: "الندوب عميقة. وفي حين أنها قد تتلاشى مع الوقت، إلا أنها قد لا تختفي أبدا. لا يمكننا محو تلك الذكريات، لكن يمكننا مساعدة الضحايا والناجين على التأقلم والشفاء من خلال الاستماع إليهم ودعمهم".
ونقل الأمين العام عن عدد لا يحصى من ضحايا الإرهاب رغبتهم الشديدة في تحقيق العدالة في الجرائم التي ارتكبت ضدهم لمساعدتهم على التأقلم والتغلب على الصدمات، مؤكداً في هذا الصدد ضرورة وحيوية تقديم الدعم النفسي والاجتماعي لهم ودعم سبل عيشهم بشكل مناسب.
ولذلك يعد إطلاق "مجموعة أصدقاء ضحايا الإرهاب" خطوة مهمة لمواجهة كل هذه التحديات، كما ذكر غوتيريش. وقال عن دور المجموعة:
"من خلال دورها القيادي في الأمم المتحدة، يمكن لهذه المجموعة أن تضمن سماع أصوات الضحايا، وحماية حقوقهم، وتلبية احتياجاتهم المتعلقة بالتأهيل وإعادة التأهيل. لدينا بالفعل أساس قوي للبناء عليه".
ويشمل ذلك الأساس الذي أشار إليه غوتيريش اليوم الدولي لإحياء ذكرى ضحايا الإرهاب وتكريمهم، واعتماد الجمعية العامة قرارا في القريب العاجل بشأن ضحايا الإرهاب، والمؤتمر العالمي الأول للضحايا الذي سينظمه مكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب خلال "أسبوع الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب" في يونيو 2020.
ولكن مع ذلك، أوضح الأمين العام أن الأمر لا يخلو من العديد من التحديات، وأكد أهمية تطوير هيكل تنظيمي جديد يقع الضحايا في صميمه، فضلا عن خلق مجال أكبر لمشاركة المجتمع المدني والجهات الفاعلة الأخرى بصورة فعالة، كل ذلك في سياق التزام أكبر بحقوق الإنسان للضحايا في القوانين والسياسات الوطنية.
يذكر أن استراتيجية الأمم المتحدة العالمية لمكافحة الإرهاب والتطرف العنيف ترتكز على أربعة محاور رئيسية، ركنها الأساسي هو حماية حقوق الإنسان وتعزيزها، بما في ذلك حقوق الضحايا واحتياجاتهم، وكذلك وضع الضحايا في صميم جهود منع الإرهاب ومكافحته.
وشدد الأمين العام على أهمية العمل معاً من خلال الاستراتيجية بطريقة شاملة ومتوازن، وضمان تنفيذ جميع أركانها بشكل متساو. وقال غوتيريش: إن الأمم المتحدة تقدم الدعم لضحايا الإرهاب بطريقتين ملموستين، هما: "أولا، من خلال برنامج عالمي مصمم خصيصا لتعزيز أصوات الضحايا وضمان الدعم الشامل. ثانيا، من خلال تحسين تنسيق المساعدة المقدمة إلى نظم العدالة لمساعدة البلدان على مكافحة الإفلات من العقاب والسعي لتحقيق العدالة لضحايا الإرهاب بطريقة تتفق مع القانون الدولي".
ونادى أمين العام الأمم المتحدة بضرورة مساعدة الضحايا وإعلاء أصواتهم، قائلا "بتقديم الدعم لهم، سوف نمضي قدما في الحفاظ على مسؤوليتنا في الدفاع عن الكرامة الإنسانية وإنسانيتنا المشتركة".
مصر: يجب التعامل مع ضحايا الإرهاب كأولوية
وشارك السفير محمد إدريس، مندوب مصر الدائم لدى منظمة الأمم المتحدة في نيويورك، في الاجتماع الذي عُقد بمقر المنظمة يوم الثلاثاء للدول المؤسسة لمجموعة أصدقاء "ضحايا الإرهاب" بالأمم المتحدة.
وأكد مندوب مصر الدائم خلال الاجتماع على ضرورة الاهتمام بضحايا الإرهاب وذويهم، مشدداً على أهمية عدم تجاهل تضحياتهم، فضلاً عن ضرورة تعامل الدول والأمم المتحدة والمجتمع الدولي بأسره مع حقوق ضحايا الإرهاب كأولوية قصوى. فيما استعرض "إدريس" الجهود التي تقوم بها الدولة والمؤسسات المصرية المختلفة لحماية حقوق ضحايا الإرهاب وذويهم، حسبما ذكر بيان لوزارة الخارجية المصرية.
جدير بالذكر أن بعثة مصر لدى الأمم المتحدة في نيويورك قد انخرطت منذ عدة أشهر في جهود ومشاورات إنشاء مجموعة الدول أصدقاء "ضحايا الإرهاب"، وذلك إنطلاقاً من حرص مصر على المبادرة بإنشاء هذه المجموعة وإلقاء المزيد من الضوء وتقديم الدعم والترويج لضرورة حماية حقوق ضحايا الإرهاب، واتصالاً بالمقاربة الشاملة التي تتبعها الدولة المصرية في التعامل مع قضية الإرهاب بمختلف أبعادها سواء على المستوى الوطني أو الإقليمي أو الدولي.
وكان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش قد اقترح إنشاء مكتب جديد لمكافحة الإرهاب عام 2017، من أجل تعزيز قدرة الأمم المتحدة على مساعدة الدول الأعضاء في مكافحة الإرهاب بطريقة متوازنة. وتولى إدارة المكتب الروسي فلاديمير فورونكوف.