بعد محاولة اغتيال وزير الدفاع المصري.. هل فشلت "القوة الغاشمة" فى مواجهة ولاية سيناء؟

رغم الحرب العسكرية التي أعلنتها مصر على الإرهاب منذ سقوط حكم الإخوان فى 2013 إلا أن تنظيم ولاية سيناء مازال قادرا على الصمود وتنفيذ عمليات نوعية وسط توقعات باستمرار هذه الحرب لأجل غير مسمى.

أثارت محاولة اغتيال وزيرا الدفاع والداخلية المصريين خلال زيارة لم يعلم عنها لمدينة العريش بمحافظة شمال سيناء الحدودية حالة من الحيرة حول كيفية حصول الإرهابيين على معلومة وجود أرفع مسؤولين أمنيين بمصر بالمدينة التي تشهد مواجهات عسكرية وأعمال إرهابية منذ أكثر من 4 سنوات.

وكان وزيرا الداخلية والدفاع بمصر قد تعرضا لمحاولة اغتيال مساء الثلاثاء أثناء زيارتهما لمطار العريش.

وحسبما ذكر المتحدث باسم الجيش المصري فى بيان له فقد قامت مجموعة من العناصر الإرهابية بإطلاق صاروخ على مطار العريش أثناء الزيارة السرية ما أسفر عن مقتل ضابطين وإصابة آخر فضلا عن حدوث تلف بطائرة هيلكوبتر كانت متواجدة بالمطار.

وأعلن تنظيم "داعش" تبنيه للعملية فى بيان رسمي، وكشف البيان أن التنظيم الإرهابي كان على علم مسبق بموعد وصول وزيرالدفاع والداخلية لنطار العريش.

وذكر "داعش" فى بيانه أنه تم استهداف إحدى طائرات الأباتشي المرافقة للوزيرين بصاروخ موجه من نوع كورنيت أثناء هبوطها بالمطار مما أدى إلي إعطابها ومقتل ضاطين وإصابة عنصرين أخرين.

وكان الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، قد أصدر أوامره للجيش ووزارة الداخلية أواخر تشرين الثاني/نوفمبر الماضي باستخدام "كل القوة الغاشمة" لتأمين شبه جزيرة سيناء خلال 3 أشهر، وذلك في أعقاب هجوم دام شنه متطرفون على مسجد الروضة وأسفر عن مقتل أكثر من 300 شخص.

كما وسبق للرئيس المصري أن أصدر قرارا منتصف تشرين الأول/أكتوبر الماضي بتمديد حالة الطوارىء بسيناء وعموم مصر لمدة 3 أشهر أخرى وذلك لمواجهة العمليات الإرهابية.

واعتبر مراقبون أن بيان "داعش" يمثل ناقوس خطر إذ يبدو أن التنظيم الإرهابي وصل الى مرحلة متقدمة للغاية فى الرصد والمتابعة وتحليل المعلومات والبيانات الخاصة بتواجد وعمل وإنتشار قوات الجيش والشرطة فى سيناء.

ويمتلك تنظيم "داعش" فى سيناء النظام الصاروخي الموجه عن بعد"كورنيت" وسبق واستهدف  يوم  الخميس 16 يوليو 2015 م فرقاطة بحرية من سلاح البحرية المصرى في سواحل البحر الأبيض المتوسط بسيناء.

وعقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ما يمكن تسميته بمجلس حرب عقب الهجوم على مطار العريش.

وقالت رئاسة الجمهورية المصرية في بيان الأربعاء 20 كانون الأول/ديسمبر إن الرئيس عبد الفتاح السيسي اجتمع بوزيري الدفاع والداخلية ومسؤولين أمنيين آخرين وتلقى تقريراً حول الأوضاع الأمنية في شمال سيناء والإجراءات التي تتخذها قوات الجيش والشرطة بالمنطقة.

وينشط بشمال سيناء متشددون بايعوا تنظيم الدولة "داعش"، عام 2014 وقتلوا المئات من قوات الجيش والشرطة في هجمات داخل المحافظة ومناطق أخرى في البلاد، واستهدفوا كذلك عدة كنائس.

ويقول الجيش إن مئات المتشددين قتلوا أو ألقي القبض عليهم في حملات أمنية يشنها بالتعاون مع الشرطة.

ورفض هشام النجار، الخبير في شؤون الحركات الجهادية فكرة وجود تقصير أمني أو فشل عسكري فى مواجهة التنظيمات الإرهابية بسيناء مشيرا إلى أن المشكلة تراكمية وليست وليدة اليوم ومتعلقة بالعديد من الملفات منها اتفاقية كامب ديفيد والمعوقات التي حالت دون السيطرة الأمنية والإستخبارية والعسكرية المكثفة على كامل جغرافيا سيناء، علاوة على طبيعة المرحلة التي أعقبت الثورة وما صحبها من فوضى وانفلات أمني ثم تلتها مرحلة حكم الإخوان التي سعت خلالها الجماعة لتسليم سيناء للجهاديين كورقة ضغط في يد الجماعة ضد مؤسسات الدولة.

 وقال النجار لوكالتنا " لا شك أن هناك مشاكل متعلقة بالحاضنة المحلية وبحرص التنظيم على التواجد في الكثافة السكانية بالعريش، لكن ما يجب التنبه له ليس التقصير التراكمي نتيجة عوامل مختلفة وهذا من الممكن تفهمه وتفهم مدى ما تبذله المؤسسة العسكرية والأمنية من جهود وتضحيات لتطوير الأداء وصولا لنتائج أقوى، لكن اللافت هو معلومة وجود الوزيرين كيف توصل لها الإرهابيون وكيف وصلتهم؟ وهنا لابد من عمل استخباراتي يكشف طبيعة مصادر معلومات التنظيم وسرعة التعامل معها.

لكن الشيخ حسن خلف، شيخ مجاهدى سيناء، يرى أن عملية الهجوم على المطار كانت عشوائية وغير مخططة، وذلك بعد رصد هبوط طائرات هليكوبتر بشكل مفاجئ بالتزامن مع قطع الاتصالات والتشويش على الشبكات، في إجراء اعتيادى خلال الزيارات الهامة أو الإعداد لعمليات عسكرية، ما دفع عناصر التنظيم للتحرك بسرعة في محاولة لإحراز انتصار إعلامى يعوض فشلهم في تنفيذ أي عمليات كبيرة ضد قوات الجيش خلال الأشهر الماضية.

وتوقع «خلف» لجوء التنظيم إلى عمليات عنيفة خلال الأيام المقبلة للتأكيد على تماسكه، ولتشجيع العناصر الأجنبية التي فرت من مناطق نفوذ تنظيم «داعش» الإرهابي السابقة في العراق وسوريا، ما تم رصده في عدة مناطق بسيناء، وتأكيده من شهادات الناجين من حادث قرية الروضة حول اللهجات الأجنبية للمنفذين.

 المفكر الأردني ميشيل الحاج مستشار المركز الأوربي لمكافحة الإرهاب يري أن عملية العريش تؤكد أن الأرهابيين بسيناء ما زالوا ناشطين  وقادرين على النجاح.

ورجح الحاج فى تصريحات لوكالتنا وجود عملاء للإرهابيين مندسين بين سكان المنطقة مؤكدا أن الأمن المصري القوات المسلحة يبذلون قصارى جهدهم لدحر الإرهاب والإرهابيين ولكن ماذا تفعل مع وجود الخونة بين صفوف المواطنين.

وأشار الحاج إلى أن المشكلة مع الإرهابيين في سيناء، أنهم كالذئاب المنفردة المتواجدين في أوروبا فهم يعيشون بين الشعب الأوروبي لكنهم كالأشباح، لا ترى بالعين المجردة وهذا حال الإرهابيين بسيناء فهم مندسين بين صفوف الناس، ولكنهم أشباح غير معروفة لرجال الامن المصري.