انتخابات البرلمان الأوروبي: الضبابية تطغى على المشهد السياسي للاتحاد

كانت نسبة المشاركة في الانتخابات البرلمانية الأوروبية في الأعوام السابقة ضئيلة وكانت دائما في تراجع مستمر، إلا أن إحصائيات العام الحالي تشير إلى أن نسبة المشاركة في الانتخابات الأوروبية هي الأعلى منذ عشرين عاماً وقد بلغ معدلها 51 بالمئة.

وأظهرت نتائج الانتخابات في العام الحالي تفاوتاً من بلد لآخر، ويمكن القول بصفة عامة إن الوضع بات غير واضح داخل البرلمان الأوروبي، حيث أن أحزاب الوسط تنهار واليمينيون الشعبيون يفوزون في بعض البلدان، لكن ليس على المستوى الأوروبي، والموضوع الفائز في الانتخابات هو حماية البيئة. هذه هي الحصيلة الأولية لردود الفعل على نتائج انتخابات البرلمان الأوروبي.

وفي هذا السياق، قال رئيس الكتلة المنتكسة لحزب الشعب الأوروب، مانفريد فيبر: "نحن أمام تراجع أحزاب الوسط في البرلمان الأوروبي، الأحزاب التي تؤمن بمستقبل أوروبا وتريد تقويتها ولديها أهداف واعدة بالنسبة لأوروبا".

وتؤكد النتائج حصد "حزب الشعب الأوروبي" الذي يضم أحزابا مسيحية ديمقراطية ومحافظة، أكبر حصة في البرلمان بـ182 مقعدا من 751، يليه "التحالف التقدمي للاشتراكيين والديمقراطيين" بـ147 مقعدا، فيما احتل المرتبة الثالثة بـ109 مقاعد ائتلاف "تحالف الليبراليين والديمقراطيين من أجل أوروبا" وحزب "الجمهورية إلى الأمام" الفرنسي الذي يتزعمه الرئيس إيمانويل ماكرون، وتحالف USR PLUS الروماني. وحقق تحالف "أوروبا الأمم والحريات" الذي يضم الأحزاب القومية وقوى أقصى اليمين تقدما ملموسا وحصل على 58 مقعدا في البرلمان الجديد.

وتراجعت نسبة أصوات الاشتراكيين الديمقراطيين في كثير من البلدان. ومرشحهم الأول فرانس تيمرمانس يقول "لذلك يجب أن نقول بكل تواضع ووضوح أي برنامج نتبع". ويضيف أن الناخبين كان "ينقصهم معرفة بأننا نقوم بشيء ملح من أجل معالجة أزمة المناخ". ويبدو أن حزبه وكذلك المحافظين اهتموا قليلا بهذا المجال. ففي ألمانيا وبلدان عديدة أخرى تكبدت الأحزاب الشعبية القديمة خسائر لصالح الخضر، الذين هم أحد الفائزين الكبار في هذه الانتخابات. وقالت مرشحتهم الثانية سكا كيلر "التزمنا في الحملة الانتخابية بحماية البيئة وحماية التنوع البيولوجي وكذلك بأوروبا اجتماعية وأن يتم الالتزام بحقوق المواطنين في كل أنحاء الاتحاد الأوروبي... ونحن نريد الآن تنفيذ هذه الأمور داخل البرلمان الأوروبي".

والفائز الكبير الآخر هم اليمينيون الشعبويون، لكن ليس في كل بلدان الاتحاد الأوروبي. ففي إيطاليا تجاوز حزب الرابطة، الشريك الصغير في التحالف في روما حركة خمس نجوم وغيرت موازين القوى. ويرى زعيم حزب الرابطة ووزير الداخلية الإيطالي، ماتيو سالفيني، أنه الآن وعلى المستوى الأوروبي هناك إمكانيات جديدة "ليس فقط أن الرابطة هي الحزب الأول في إيطاليا، بل وإن حزب مارين لوبين هو كذلك الأول في فرنسا وحزب نيجل فاراج هو الأول في المملكة المتحدة، إذن إيطاليا وفرنسا وانجلترا، هكذا تتغير أوروبا".

وبالفعل هزم التجمع الوطني بقيادة مارين لوبين في فرنسا بفارق ضئيل حزب الرئيس إيمانويل ماكرون. لكن الشعبويين اليمينيين لم يحققوا النجاح الذي حققوه في الانتخابات السابقة حتى ولو أنهم أصبحوا أقوى حزب في بعض البلدان. ودعت لوبين إلى إجراء انتخابات جديدة في فرنسا، وقالت موجهة كلامها للرئيس ماكرون "هو الذي وضع مصداقيته في هذه الانتخابات في كفة الميزان بجعلها استفتاء شعبيا على سياسته وشخصيته".

نتائج الانتخابات في بعض دول الاتحاد:

ألمانيا.. الخضر يحصد المركز الثاني في الانتخابات

حسب النتائج النهائية، حققت الأحزاب الحاكمة في ألمانيا التي تملك أكبر حصة في البرلمان (96 مقعدا) أسوأ نتائج لها في الانتخابات منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، إذ استطاع التحالف الذي يضم "الاتحاد الديمقراطي المسيحي" للمستشارة أنغيلا ميركل و"الاتحاد الاجتماعي المسيحي البافاري" الحصول على 28.9% فقط من أصوات الناخبين.

من جانبه، احتل حزب الخضر المرتبة الثانية بـ20.5% من أصوات الناخبين على خلفية زيادة مخاوف المجتمع بشأن تغيرات المناخ، فيما حصل حزب "البديل من أجل ألمانيا" من أقصى اليمين على 11% من الأصوات.

فرنسا.. فوز لوبان يجهض طموحات ماكرون لـ"أوروبا موحدة"

تبدو نتائج الانتخابات في فرنسا التي لديها 74 مقعدا في البرلمان الأوروبي مخيبة لأمال القوى الحاكمة، إذ هزم "ائتلاف النهضة" الذي يتزعمه حزب الرئيس إيمانويل ماكرون أمام "التجمع الوطني" اليميني بزعامة مارين لوبان بـ23.31% مقابل 24.41% من أصوات الناخبين.

وتهدد هذه النتائج تطلعات ماكرون لبناء "أوروبا أكثر وحدة"، إذ يعتمد برنامج حزب لوبان على التحذير من مخاطر الهجرة والتكامل غير المسيطر عليه.

إيطاليا.. فوز ساحق لقوميي سالفيني

في إيطاليا بمقاعدها الـ73، عزز حزب "الرابطة" اليميني الذي يتزعمه نائب رئيس الوزراء ووزير الداخلية ماتيو سالفيني مواقعه على الصعيد الأوروبي، وحقق فوزا في الانتخابات حاصدا 34.33% من الأصوات حسب النتائج الأولية بعد بـ6% فقط في انتخابات 2014.

وحقق "الحزب الديمقراطي" تقدما مفاجئا في الانتخابات، ليحتل المرتبة الثانية بـ22.69% من الأصوات ويتغلب على شريك سالفيني في الائتلاف الحاكم "حركة خمسة نجوم" التي حصدت 17.07% من أصوات الناخبين.

بريطانيا.. دعاة البريكست يتصدرون المشهد

في المملكة المتحدة، تظهر التوقعات المنشورة على موقع البرلمان الأوروبي تقدم "حزب بريكست" بزعامة نايجل فراج على منافسيه في الانتخابات حاصدا 31.71% من الأصوات، ليتغلب بفارق كبير على "الديمقراطيين اللبراليين" (18.55%) و"حزب العمال" (14.05%).

 

 

 

وكالات