التون: الوحدة الوطنية تضمن مكانة الكرد في التوازنات الإقليمية والدولية 

أكد عضو اللجنة التنفيذية لمنظومة المجتمع الكردستانيKCK رضا التون أن تحقيق الوحدة الوطنية بين الكرد وحدها تضمن مكانة الشعب الكردي ضمن التوازنات الإقليمية والدولية ودونها سيكون الشعب مضطهداً ومستضعفاً في الشرق الأوسط.

تحدث عضو اللجنة التنفيذية لمنظومة المجتمع الكردستانيKCK رضا التون خلال برنامج ميديا خبر لقناة ستيرك TV، عن الأزمة العراقية وشمال كردستان، والمصاعب التي تعيق مساعي تحقيق الوحدة الوطنية الكردية وسبل التغلب عليها.
وأوضح التون في بداية حديثه أن الأزمة التي يمر بها العراق هي أحد أصعب الأزمات في الشرق الأوسط.
وقال: إننا "نستبعد حل الأزمة العراقية وعودة الاستقرار في فترة قريبة، لأن هدف القوى الإقليمية والدولية هو تعقيد هذه الأزمة بشكل أكبر وتمديها قدر المستطاع". 
وأضاف "رغم إجراء الانتخابات العراقية وإعلان نتائجها إلا أن الأوضاع غير المستقرة حتى الآن وتؤثر على مساعي تشكيل الحكومة وحتى مع تشكيل الحكومة نستبعد عودة الاستقرار في مرحلة قريبة. وهذا لآن العراق تحت التأثير الإيراني من جانب ومن آخر تحت تأثير أمريكا منذ سقوط نظام صدام حسين".
وتابع: "أمريكا تريد خلق شرق أوسط جديد لمحاربة التمدد الإيراني وعلى هذا الأساس تمارس سياساتها وتضع استراتيجياتها في المنطقة، وفي المقابل فإن إيران أيضاً بدورها تحاول حماية هيمنتها السياسية والإيديولوجية وتمديد نفوذها على كامل دول الشرق الأوسط". 
وأشار إلى أنه وفقاً لهذا تحول العراق إلى ساحة صراع بين الطرفين، لافتاً إلى أن "العراق ولأسباب جيوسياسية، منها مجاورتها لحدود إيران وتعدد المجتمعات الدينية، العرقية والمذهبية تتمتع بموقع هام جداً. لهذا نعتقد أن حل الأزمات في العراق غير ممكنة ونستبعد عودة الاستقرار نظراً للصراع بين إيران وأمريكا على الساحة العراقية".
وتابع التون: "حل الأزمة العراقية وعودة الاستقرار مرتبط بشكل مباشر بحل أزمة الشرق الأوسط وإعادة الاستقرار إليه، فما لم تُحل الأزمة بين إيران وأمريكا وفي الغالب ستكون هذه التوازنات تكتيكية وليست استراتيجية. لأن استراتيجيات الطرفين تتمحور حول فرض الهيمنة".
وأشار التون إلى الحالة الاجتماعية في العراق قائلاً: "العراق يمتاز بتعدد مجتمعاته وموقعه الاستراتيجي جداً، وهذه الأهمية أصبحت وبالاً على المجتمعات العراقية وأدى إلى انتشار الفقر والعداء فيما بينها، من كرد، سنه، شيعة وآشور".
وتطرق التون إلى الأوضاع غير المستقرة في إقليم كردستان أيضاً وقال: إن "الأوضاع في المنطقة الكردية لا تختلف عن باقي المناطق العراقية بشكل كبير، وفي بعض الأحيان ينتفض الشعب المشرد ضد الحكومة لأسباب سياسية واقتصادية عميقة. وحكومة إقليم كردستاني تعاني بشكل أكبر من الحكومة العراقية المركزية. حكومة الإقليم تعاني من أزمة اقتصادية حادة وخطيرة، مع ارتفاع نسبة الذين يعيشون تحت خط الفقر، الرواتب التي لا تصرف لشهور، إضافة لأزمات الكهرباء، المياه، والبطالة المنتشرة. كما أنها دون دعم القوى الخارجية غير قادرة على تمثيل نفسها، لهذا هي ضعيفة وغير مؤثرة في المرحلة. مجمل هذه الأسباب تُغضب الشارع الكردي في جنوب كردستان وهذا مشابه لما يحصل في عموم العراق".
وحول دور تركيا في الأزمة في العراق وجنوب كردستان قال رضا التون: إن "تركيا تحاول استغلال المشاكل في العراق وشرعنة وجودها في جنوب كردستان، وكانت في السابق تعتمد إلى حد كبير على الوجود العسكري، لكنها تولي، اليوم، أهمية كبيرة للجانب السياسي وتتدخل في شؤون العراق".
وأضاف "تركيا تتقرب، اليوم، من حكومة بغداد وآخر زيارة رسمية للمسؤولين الأتراك إلى العراق كانت لبغداد ولم يتوجهوا إلى جنوب كردستان، أي أنها لم تعد حكومة هولير لم تعد أولوية بالنسبة لتركيا في حين أنها كانت في السابق تستخدم حكومة هولير للضغط على بغداد، لكن اليوم وعبر حكومة بغداد تحاول فرض سياسات الإنكار على الشعب الكردي. تركيا تحاول استغلال الفرص المتاحة وتمارس سياساتها وفق المتغيرات لكنها رغم كل هذا لا تستطيع إيجاد مكان ودور فعال لها على الساحة العراقية".
وأوضح التون أن رسالة تركيا- أردوغان المعادية للشعب الكردي في جنوب كردستان واضحة جداً، لكن ورغم هذا الأطراف في الكردية جنوب كردستان وخاصة حزب الديمقراطي الكردستاني PDK لم يستخلصوا العبر من التاريخ ولم يفهموا بالشكل الصحيح ماذا يعني بناء الدولة القومية بالنسبة لتركيا. 
ولفت التون إلى علاقة تركيا ودعم التدخل في جنوب كردستان على أساس النقاط الثلاثة التي تريد تركيا إيصالها إلى الكرد وهي:
أولاً: الموقف التركي واضح جداً من استفتاء استقلال إقليم جنوب كردستان عن العراق، إضافة إلى التدخل والخطوات العملية التي بادرت تركيا إلى تنفيذها ضد الاستفتاء.
ثانياً: أعلنت تركيا موقفها الداعم لتدخل العراق في جنوب كردستان وهذه رسالة واضحة أخرى.
ثالثاً: تنظيم وتسليح الأتراك في كركوك، والمطالبة بحقوق الأتراك في كركوك في الأساس هي فكرة مبنية على سياسة إنكار حقوق الشعب الكردي.
وأضاف: "هذه هي رسالة تركيا إلى الكرد: سأعتمد على بغداد، أي أنها تدعم الدولة القومية التي تنكر حقوق باقي المجتمعات. بمعنى آخر تركيا تقول أنها ستعمل دائماً ضد حقوق الشعب الكردي وتدعم القوى التي تحارب منح الشعب الكردي حقوقه وهي بالفعل تمارس هذه السياسة. لهذا فإن القوى في جنوب كردستان تنظر إلى تركيا على أنها حليف استراتيجي، إذاً فأن نجاح وفشل هذه القوى مرتبط بشكل مباشر مع تركيا. وإذا ما تمكنت تركيا ومن لعب دور وإيجاد موطئ قدم في العراق فحينها سيكون بمقدورها توجيه ضربه قوية للكرد في جنوب كردستان، وهذا واضح من المواقف التركية تجاه الإقليم". 
وتطرق التون إلي السياسات الخاطئة التي تديرها القوى السياسية في جنوب كردستان قائلاً: إنه "في ظل الأزمة الراهنة في الشرق الأوسط، اقترفت هذه القوى خطأً سياسياً فادحاً، وفي ظل هذه الأزمة كان من الممكن أن يتحول إقليم جنوب كردستان إلى منطقة قوية ومستقرة. وكان من الممكن إظهار تلك القوة ولعب دور أكبر في المنطقة من خلال توحيد القوة السياسية الكردية في ظل هذه المتغيرات. وكانت تلك القوة سيكون لها دورها الكبير من أجل النظام الفدرالي في جنوب كردستان، وحينها كان الكرد في جميع أجزاء كردستان ومختلف قواها ستدعم قرار إقليم جنوب كردستان، واستقرارها وقوتها".
وأشار التون إلى فتح القنصليات التابعة للقوى الدولية والاستثمارات الدولية التي توجهت نحو الإقليم وأضاف: "هذه التغيرات منحت الإقليم إمكانيات كبيرة، لكن رغم وجود هذه القوى السياسية في الإقليم لم تتمكن لعب دورها الأهم من خلال أزمة الشرق الأوسط والإمكانيات والدعم الدولي الكبير للإقليم. إذاً ما الذي حصل؟ أدى الصراع على السلطة إلى خلق أزمة كبيرة، وخلقت أزمة اقتصادية داخل المجتمع. داعش كان على مسافة قريبة من السيطرة على المنطقة ولولا تدخلنا في الوقت المناسب لما كان هناك شيء اليوم من جنوب كردستان. لتدخلنا ودعم الشعب الكردي لنا تم منع داعش من التقدم نحو الإقليم".
وأوضح التون أن عدم تغيير الذهنية والفكر دائماً ما أدى إلى الوقوع في الأخطاء وهذا بدوره يؤدي إلى تعميق الأزمة. 
وأشار إلى الصراع ما بين القوى في جنوب كردستان من أجل الهيمنة والنفوذ قائلاً: إنه "رغم كل المحاولات لم يتمكنوا من بناء دولة فدرالية. حزبي الديمقراطي الكردستاني PDK والاتحاد الوطني الكردستاني YNK والأحزاب الأخرى تحولوا إلى قوة لكن لم يتمكنوا من بناء وحدة وبناء دولة فدرالية بسبب الصراع على السلطة".
وأضاف: "كل طرف ومن أجل مصالحه ساهم في خلق وتعميق الأزمة. فرض النفوذ على الموارد الاقتصادية دائماً ما تحولت إلى نقطة خلاف بين الأطراف. وهذه الخلافات تعمقت خاصة بعد إجراء استفتاء استقلال الإقليم".
وأشار التون إلى أهمية تحقيق الوحدة الوطنية الكردية مؤكداً على أن الوحدة شرط ضمان بقاء الوجود الكردي. 
وأوضح أن القائد الكردي عبد الله أوجلان شدد على ضرورة تحقيق الوحدة الوطنية، لكن وللأسف لم تبادر الأطراف الكردية الفاعلة إلى دعم هذه الفكرة.
وأضاف "لم لا يتم حل المشاكل في جنوب كردستان؟ ولماذا لا توجد هناك مبادرة لحلها. في المقابل هناك محاولات من أجل تعميق الخلافات سواء كان بشكل مدروس أو غير مدروس، وللحفاظ على وجود تنظيم صغير وامتيازات صغيرة يتم التضحية بكل البلاد. لهذا عندما نتحدث عن ضرورة التخلي عن المصالح الضيقة وتحقيق الوحدة الوطنية لا أحد يلبي النداء. وهذه هي أصل المشكلة".
وأكد أن "المشكلة الأساسية للحركة الكردية هي مشكلة الوحدة الوطنية، وأنه ما لم يتمكن الكرد من تحقيق هذه الوحدة فمن غير الممكن تحقيق الحرية في أي جزء من أجزاء كردستان. وجنوب كردستان جزء من هذه القضية. الأصل وقبل كل شيء هو تحقيق الوحدة الوطنية فهي السبيل إلى بناء قوة تنال مكانتها في التوازنات الإقليمية والدولية في المنطقة. لكن دون تحقيق الوحدة الوطنية ستكون القوى الكردية مستضعفة من قبل الجميع وتتحول من لاعب إلى أداة في يد الغير. ويجب أن يعمل الكرد على أن لا يكونوا أداة في يد القوى التي تحاول الهيمنة على الشرق الأوسط".