وقد جاء الحديث من أردوغان عن تلك الزيارة المحتملة وهو مفعم بما حصل عليه من اتفاقيات خلال جولة خليجية له يحاول بها إنقاذ اقتصاده المتعثر، في وقت أودعت حكومة طرابلس 8 مليارات دولار في تركيا دون فوائد، فيما كان عبد الحميد الدبيبة رئيس تلك الحكومة – المشكوك في شرعيتها – أبرز الوجوه المشاركة في حملة أردوغان الدعائية قبيل الانتخابات وحتى في احتفالات الفوز.
موقف القاهرة
وقد أثار الحديث بشأن تلك الزيارة جدلاً واسعاً، لا سيما وأنها تعني مزيداً من الدعم لحكومة الغرب الليبي غير المتجاوبة بقدر كاف مع مسار الحل السياسي، كما أنها تأتي في وقت يشهد تطبيع العلاقات المصرية – التركية، ما فرض سؤالين رئيسين حول إمكانية قيام أردوغان بتلك الزيارة فعلياً وما تفكر فيه القاهرة إزاء تلك الخطوة.
ويرى مراقبون لتطور العلاقات المصرية – التركية أن القاهرة وأنقرة يبدو أنهما اتفقتا على ترحيل الملفات الخلافية لا سيما أزمتي سوريا وليبيا إلى مرحلة لاحقة بعد تطبيع العلاقات، أي حدث التفاهم في الملفات المشتركة بين البلدين وتم تهيئة البيئة من خلال تطبيع العلاقات ثم يأتي لاحقاً مناقشة الملفات الخلافية الكبيرة ومحاولة التوصل إلى حلول بشأنها.
الأرض ممهدة في طرابلس
يقول رضا شعبان الخبير في الشأن الليبي، في تصريح لوكالة فرات للأنباء، إن زيارة أردوغان إلى طرابلس أو الغرب الليبي ممكنة، ولا يوجد ما يمنع حدوثها؛ لأن التواجد العسكري والاستخباراتي التركي في ليبيا لا يزال كما هو، حتى رغم أن الوضع في ليبيا ملف خلافي بين مصر وتركيا ولا يزال استكمال التقارب في العلاقات متعلق على تطورات هذا الملف.
وأضاف الخبير في الشأن الليبي أنه من الوارد أن تكون ليبيا إحدى محطات أردوغان في جولته بدول شمال أفريقيا، إن لم تكن هي الوجهة الرئيسية ومحطته لمناطق أخرى ضربتها التوترات مثل النيجر وتشاد، خصوصاً أن هناك تواجد تركي بشكل كبير وليبيا مرتكز لشمال أفريقيا بالكامل، وهناك تنسيق على مستوى ما بين أنقرة وموسكو فيما يخص الشمال الأفريقي.
أردوغان يتحدى إرادة الليبيين
وعما تعنيه تلك الزيارة إن تمت، يقول رضا شعبان إنها تعني استمرار تركيا في الوقوف ضد إرادة الليبيين، فحكومة عبد الحميد الدبيبة انتهت ولايتها، ومجلس النواب كان قد كلف فتحي باشاغا بتشكيل حكومة جديدة، لكن سحبت الثقة منه كذلك، وتم التكليف بتشكيل حكومة مصغرة، وبالتالي بصفة عامة هذه الزيارة إن تمت فإنها تعني تحدي لإرادة الليبيين.
ويلقى باللوم بصفة أساسية على الدور التركي في تأخير الحل السياسي للأزمة الليبية المندلعة منذ عام 2011، عندما تمت الإطاحة بنظام العقيد معمر القذافي ضمن ما عرف بـ "الربيع العربي"، إذ دعمت الميليشيات المنتشرة في غرب ليبيا في مواجهة قوات الجيش الوطني الليبي بقيادة خليفة حفتر المقرب من مصر والمدعوم من مجلس النواب المعترف بشرعيته.
قاعدة الخمس
وشهدت الأيام الماضية أنباء متداولة عن استئجار أردوغان ميناء الخمس الليبي من حكومة طرابلس لمدة 99 عاماً، بهدف إقامة قاعدة عسكرية هناك في تلك المنطقة الواقعة على ساحل البحر الأبيض المتوسط، بحسب ما ذكر أحد مراكز الأبحاث البحرية التركية، وهي خطوة بالتأكيد تعكس ردة من قبل الرئيس التركي عما كان يقال إنها سياسات تهدئة يتبعها خلال الشهور الماضية.
إلا أن محمد حمودة المتحدث باسم حكومة طرابلس ظهر على الفور وأدلى بتصريحات لوكالة سبوتنيك الروسية ينفي فيها ما ذكره مركز الدراسات التركي، مشدداً على أنه لا صحة على الإطلاق لتأجير هذا الميناء لتركيا، لكن النفي لا يعني صدق تلك الحكومة، لا سيما وأنها نفت من قبل وجود مرتزقة تركيا التي دعمتها في حربها أمام قوات الشرق الليبي.