عشرات الضحايا في فيضانات جارفة في عدة مدن اسبانية

أحصت السلطات الإسبانية عشرات الضحايا اليوم، بسبب هطول أمطار غزيرة اجتاحت جنوب شرق إسبانيا، في فالنسيا ومنطقة الأندلس.

وقالت أجهزة الطوارئ إنها تواجه صعوبة في الوصول إلى العديد من المدن والقرى. وتعدّ هذه الفيضانات الأكثر خطورة في إسبانيا منذ آب/أغسطس 1996. ويحذر العلماء من أن الظواهر الجوية المتطرفة مثل موجات الحر والعواصف صارت أكثر تواتراً وأطول أمداً وأكثر شدة بسبب تغير المناخ.

تسببت الفيضانات الناتجة عن هطول أمطار غزيرة اجتاحت جنوب شرق إسبانيا مساء أمس في وفاة 62 شخصاً وخلقت حالة من الفوضى في المناطق المتضررة، التي باتت معزولة عن بقية البلاد.

وأفادت الهيئة الرسمية المسؤولة عن تنسيق عمليات الإغاثة ظهر اليوم بأن "عدد الوفيات بلغ حالياً 62 شخصاً". وذكرت أجهزة الطوارئ سابقاً أنها تواجه صعوبة في الوصول إلى العديد من المدن والقرى.

وتشهد مناطق جنوب وشرق إسبانيا، منذ بداية الأسبوع، أمطاراً غزيرة مصحوبة برياح قوية، مما أدى إلى فيضانات مميتة في فالنسيا ومنطقة الأندلس.

وصرح رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز "لن نترككم وحدكم ... لا يمكننا أن نعتبر أن هذه الحلقة المدمرة قد انتهت".

خلال الليل، كتب سانشيز على منصة إكس "أتابع بقلق المعلومات المتعلقة بالمفقودين والأضرار التي سببتها العاصفة في الساعات الأخيرة"، داعياً السكان إلى اتباع توجيهات السلطات. وأضاف "توخوا الحذر الشديد وتجنبوا السفر غير الضروري".

وحذر الملك فيليبي السادس في خطاب قصير من أنه "ما زالت هناك صعوبات في الوصول إلى مواقع معينة، مما يعني أننا لا نملك بعد بيانات كاملة عن حصيلة" العاصفة وأضرارها.

وتضمنت رسالة قصيرة نشرها القصر الملكي، أن ملك إسبانيا فيليبي السادس قال إن حصيلة الفيضانات "صادمة".

ومن جهته، قال الرئيس الإقليمي لمنطقة فالنسيا كارلوس مونزون إن الكهرباء والاتصالات الهاتفية انقطعت عن أجزاء من منطقة فالنسيا، مشيراً إلى انتشال العديد من الجثث. وأضاف في تصريح أدلى به خلال الليل "نحن أمام وضع لم نشهد له مثيلاً من قبل".

وقالت وزيرة الدفاع مارغريتا رويس للصحافيين إن "الوضع مروِّع"، وأضافت أن ألف جندي، تدعمهم طائرات هليكوبتر، متواجدون في المنطقة للمساعدة في جهود الإنقاذ.

ومن بين البلدات الأكثر تضرراً ألكدية، في منطقة فالنسيا، وليتور، في مقاطعة البسيط المجاورة في منطقة كاستيا لا مانشا، حيث أعلن عن ستة أشخاص مفقودين بعد أن اجتاحت الفيضانات المباغتة الشوارع وجرفت السيارات وأغرقت المباني.

وأعلن مندوب الحكومة المركزية في كاستيا لا مانشا، ميلاغروس تولون، أن "الأولوية هي للعثور على المفقودين"، مشيراً إلى أن خدمات الطوارئ، مدعومة بالمسيَّرات، عملت طوال الليل بحثاً عنهم.

ووصف كونسويلو تارازونا، رئيس بلدية هورنو دي ألسيدو، وهي بلدة تقع في ضواحي فالنسيا، الوضع بأنه "رهيب ... لم أرَ مثل هذا من قبل". وأضاف أن المياه ارتفعت إلى مستويات عالية. وقال "غمرتنا المياه فجأة، ولم نتمكن من تحذير الجيران".

وقالت شركة تشغيل المطارات الإسبانية إن 12 رحلة كان من المقرر أن تهبط في مطار فالنسيا تم تحويلها إلى مدن أخرى في إسبانيا بسبب الأمطار الغزيرة والرياح القوية. وتم إلغاء عشر رحلات جوية أخرى كان من المقرر أن تغادر أو تصل إلى المطار.

وأوقفت شركة "أديف" المشغلة للسكك الحديد الوطنية، القطارات عالية السرعة بين مدريد وفالنسيا مساء الثلاثاء جراء تأثيرات العاصفة على النقاط الرئيسة لشبكة السكك الحديد.

وخرج قطار فائق السرعة يحمل 276 راكباً عن مساره بعد ظهر الثلاثاء بسبب سوء الأحوال الجوية في منطقة الأندلس الجنوبية، لكن لم يصب أحد، وفقاً للحكومة الإقليمية.

ووضعت وكالة الأرصاد الجوية الوطنية، مساء الثلاثاء، منطقة فالنسيا في حالة تأهب أحمر وأعلنت ثاني أعلى مستوى تأهب في أجزاء من الأندلس، محذرة من أن الأمطار ستستمر حتى الخميس على الأقل.

تشهد منطقة فالنسيا وساحل البحر الأبيض المتوسط الإسباني بشكل عام في فصل الخريف الظاهرة الجوية المسماة "غوتا فريا" ("النقطة الباردة") وهي منخفض جوي منعزل على ارتفاعات عالية يتسبب بهطول أمطار مفاجئة وعنيفة جداً تستمر أحياناً لعدة أيام.

ويحذر العلماء من أن الظواهر الجوية المتطرفة مثل موجات الحر والعواصف صارت أكثر تواتراً وأطول أمداً وأكثر شدة بسبب تغير المناخ.

يؤكد جيس نيومان، أستاذ الهيدرولوجيا في جامعة ريدينغ بالمملكة المتحدة، في رسالة عقب فيها على ما جرى "هذه الفيضانات المفاجئة في إسبانيا هي تذكير رهيب آخر بتغير المناخ وطبيعته الفوضوية".

وحذر من أن هذه الكوارث يمكن أن "تؤثر على أي شخص في أي مكان ... يجدر بنا أن نفكر جدياً في تحسين تصميم مدننا وبلداتنا".