محي الدين ارسلان: اللغة الكردية تثير مخاوف الاتراك والاستعمار الثقافي هو الاشد خطراً

أشار المخرج السينمائي والمسرحي،محي الدين أرسلان،بأن الدولة التركية تنظرمن خلال مضمونها الامني بأن وجودها مبني على إمحاء تراث وثقافة ولغة الشعب الكردي ودائماً ماتقلب جميع المعاهدات الدولية بحجة محاربة الارهاب.

منعت السلطات التركية خلال الشهر الجاري،عرض مسرحية باللغة الكردية كان مقرراً أن تُعرض في مسرح في مدينة إسطنبول،وكانت مسرحية "بيرو"، وهي ترجمة كردية لمسرحية "الأبواق والتوت البري" للكاتب الإيطالي داريو فو، مدرجة في برنامج أكتوبر الجاري، في المسرح البلدي في إسطنبول الذي يضم عشرات القاعات الموزعة بكافة أنحاء المدينة، وأسس عام 1914.
وكان يفترض، أن يتم العرض الذي تقدمه الفرقة المستقلة "تياترا جيانا نو"، أو "مسرح الحياة الجديدة"، ، وللمرة الأولى في القاعة الواقعة بحي غازي عثمان باشا.

وحول هذا التطور والتصعيد الخطير قال المخرج السينمائي والمسرحي،محي الدين أرسلان، من خلال حواراً مع وكالة فرات للانباءANF ،بأن المسرحية قُدمت بلغات عدة وفي أماكن عدة وفي مجتمعات عدة أعتقد المشكلة الامنية التي يعاني منها الاتراك لاتكمن في المضمون الامني الذي يقصدونه إنما يكمن فيما يقدمه هذا العرض،منوهاً بأن السلطات التركية تخاف من اي نشاط كردي وخاصة في مجال الثقافة الكردية ومشدداً بأن الثقافة الكردية غنية بكل محتوياتها.

وفيمايلي نص الحوار:

-منعت السلطات التركية مؤخراً عرض مسرحية(دايو نيو بيرو)في احدى مسارح مدينة اسطنبول،وداهمت المبنى قبل ساعات من عرضه حيث تقول السلطات بأنها منعت العرض بسبب مخاوف تتعلق بالامن العام،برأيك مامدى صحة هذا الادعاء وكيف لهذه المسرحية أن تُخل بالامن لعام؟

اعتقد بأن هذه المسرحية قُدمت بلغات عدة وفي أماكن عدة وفي مجتمعات عدة أعتقد المشكلة الامنية التي يعاني منها الاتراك لاتكمن في المضمون الامني الذي يقصدونه إنما يكمن فيما يقدمه هذا العرض، من الجهة التي تقدم العرض،ماهي لغة هذا العرض،هذا العرض يعتبر من النصوص المسرحية العالمية وعُرض في آماكن عدة،عندما تقوم الدولة التركية بمنع هكذا عرض فاعتقد بأن لغة العرض كانت السبب الاول والرئيسي والتي هي اللغة الكردية،فالوضع الامني الذي يثير مخاوف الاتراك هي لغة الكرد وهذا ليس بجديد عليهم ففي عام 1985 قام الكاتب البريطاني هارولد بينتر بدعم من منظمة العفو الدولية بزيارة الى تركيا لتقصي الحقائق حول الحريات في تركيا وقضية الاقليات حينها وبعد عودته بثلاثة سنوات كتب مسرحية بعنوان لغة الجبل هذه المسرحية تتحدث عن منع اللغة الكردية في هذه البلاد بعد ان عاد بثلاثة سنوات كتب هذا العرض ويقول في حديث له عندما أتيت كتبت بعض الوريقات وثم قمت برميها في سلة المهملات لكن زوجتي أعادت الاوراق وقامت بقرائتها وأصرت بأنه يجب ان نثير هذا الموضوع،فبعد سنوات يخرج بعرض اسمه لغة الجبل، وعندما كتب هارولد بنتر هذه المسرحية كان يخاطب الكرد بالاقليات وهومخطئ بهذا الوصف لان الكرد ليسو باقلية في تركيا فالدولة التركية تنظر من خلال مضمونها الامني بان وجودها مبني على إمحاء تراث وثقافة ولغة هذا الشعب فهو بالمرصاد ودائماً مايقلب جميع المعاهدات الدولية بحجة محاربة الارهاب وهذا مانعيشه حاليا في روجافا،اذا الموضوع هو الخوف او الفوبيا الكردية عند الاتراك، لم نرى اي كردي يهدد قومية اخرى انما كانوا دائما دعاة سلام دائما يدعون الى وحدة الشعوب الى التنوع الثقافي الى الالوان الثقافية المتنوعة لان الحياة هي موزاييك من الثقافات والمجتمعات والاديان والاعراق فهذا مانجده في الانسان الكردي بشكل عام لكنها الفوبيا الكردية وهي التي تأتي على فكرة وجود الدولة التركية على امحاء هذا الشعب العريق .

-القائمون على هذه المسرحية أشاروا للوسائل الاعلامية بأن الحظر هو حظر للمسرح الكردي بشكل عام ووصفو ماحدث بأنه عار على مجتمعات المسرح والفن كيف تقرأ هذه التصريحات؟

بالضبط هو منع للمسرح الكردي، ذكرت بأنهم يخافون من اي نشاط كردي وخاصة في مجال الثقافة الكردية فالثقافة الكردية غنية بكل محتوياتها هي ثقافة تعايش ثقافة محبة وكما قلت فأن الدولة التركية تعاني من الفوبيا الكردية اذا القصد هو المسرح الكردي ومحاربته. 

-حزب الشعوب الديمقراطي أصدربيان حيال هذا المنع وقال من خلال بيانه اينما وجدت ثلاثة شجرات وستارة فهو مكان للمسرح الكردي،هل نستطيع ان نسمي هذا التصريح بالتصعيد الثقافي او الفني ان صح التعبير؟

اعتقد بانهم اصابو حينما قالو اينما يوجد ثلاثة شجرات وستارة فهو مكان للمسرح الكردي وانا اضيف اينما وجد اناس، يمكن ان يقام مسرح كردي يعني اذا عدنا قليلا الى الوراء نشاهد بأن                                   المجتمع الكردي بقي مقسماً بين أربعة دول وثقافتهم ممنوعه في أربعة دول، لغتهم مُحاربة في أربعة دول فأين سيقيم المسارح المؤلفة من إنارة وخشبات مسارح والاجهزة التي توصل اليه العالم في مجال المسرح فالكردي يفتقرهذه المقومات فكان دائما العراء هو الحل نتذكر نوروز اكبر احتفال شعبي يقام عند الشعب الكردي فالمسرح هو المسرح، آلية نوروز كلها منذ اشعال النيران في المساء وخروج الشعب الى الطبيعة والاندماج مع الطبيعة هو مسرح بحد ذاته، فالمسرح الكردي هو ليس بجديد، علينا نحن الكرد ان يكون مسرحنا أينما وجد الشعب، وهنالك تجارب عدة في القديم والحديث تثبت بأن الشعب الكردي عاشق للمسرح وهو دائما يحاول ان يقدم أفضل مالديه ،نشاهد بأن معظم مسارح العالم قد تكون عبارة عن ديكورات ضخمة وممثلين مبدعين إخراج رائع وعندما تريد أن تشاهد عرضاً تنظر الى الصالة الفارغه من الجمهور نشاهد عدد قليلاً من الجمهور والمهتمين فقط ،يعني المسرح في العالم محصور في فئة معينة ولكن الشعب الكردي كله يعشق المسرح عندما تقول المسرح وتقدم عرضاً في الشارع ستلاحظ تجمهراً كبيراً قد احاط بك هذا التجمهر يدل على ان الشعب الكردي هو شعب منفتح على المسرح وحتى متقبل لمعظم الثقافات فالمسرح الكردي يستطيع ان يخاطب جمهوره بمعظم الثقافات وبمعظم الارث الحضاري وبمعظم اللغات يستطيع ان يتحاور مع شعبه واينما وجد الجمهور وتجمع بسيط المسرح الكردي يستطيع ان يقدم عرض مسرحياً .

-بالتزامن مع هذا المنع خرج بعض المسؤولين الاتراك وصرحوا بأن تركيا لاتحارب المسرح الكردي والثقافة الكردية اليست هنالك من امثلة تاريخية تؤكد كذب هذه الادعاءات،هل النظام التركي الحالي يختلف عن النظام التركي القديم الذي حارب يلماز كوناي واحمد كايا؟

أعتقد باننا لانحتاج للعودة الى التاريخ كثيراً الى الوراء لنثبت بان الدولة التركية كاذبة في جميع إدعاءاتها منذ أيام قليلة صرح مسؤولون اتراك بانهم يعتبرون الكرد بشكل عام إرهابيين فكيف لايحارب  الكرد ويدعي بأن الشعب الكردي ارهابي في داخل البلاد او خارجها البلاد التي لاينتمي اليها هو نفسه،أذا هو في كلتا الحالتين يحارب هذا الشعب وثقافته ولغته يعني لسنا بحاجه للعودة الى التاريخ .

-تطرقت في حديثك الى محاربة تركيا للثقافة واللغة الكردية هنا نتسائل برأيك الى اي مدى تؤثر الثقافة على المتلقي في ظل الثورات من الناحية الايديولوجية هل هي ضرورة برأيك في تثقيف الشعوب بمبادئ الثورة مثلا؟

اجزم بأن لاثورة مكتملة بدون ثقافة، فالسلاح وحده لايبني مجتمعاً،السلاح وحده لايحافظ الحضارة وإنما التناقل الثقافي الحفاظ على إرث الاجداد هو الاساس نرد على فوهات البنادق والتطور التخريبي الهائل الذي شهدته الاسلحة بالثقافة،فالثقافة هي السلاح الاكثر بقاءاً والاكثر إنسانية والاكثر سلاماً هي سلاح كل شعب مضطهد فأدعو جميع الشعوب المضطهدة بأن نرد على النار بالثقافة بثقافة التعايش بثقافة الاجداد والاباء الثقافة، الكردية رغم إنقسامها الى دول تعيش شتات بين أربعة دول، ثقافتنا مُحاربة من قبل أربعة دول،في المقابل استطعنا الحفاظ نوعاً ما وبشكل كبير على ثقافتنا ولغتنا لو كان شعب اخر يعايش ماعايشه الشعب الكردي لكانت لغتنا قد اندثرت وانقرضت منذ زمن بعيد لكن اعتقد الذي حافظ على اللغه هي الثقافة الكردية هي الفن الكردي بشكل اساسي الادب الشفاهي الذي تم تداوله من الاجداد والاباء الى الابناء وهذا كان مهم جداً إرثنا الغنائي يحتفي بكلماته الكردية وآساطيرنا وملاحمنا اعتقد ان الحفاظ على إرث هذا الشعب جاء من خلال الفن والثقافة الكردية اذا هما سلاحان شديدان واثبتا بانهما السلاح الذي يجب ان يُحتذى به.

-اذا هل نستطيع القول بانه هنالك صدام ازلي وحالي مابين الاستعمار والفن؟

الاستعمار له عدة انواع التطور الحاصل استطيع تسميته بازدياد الجشع الانساني وفقدان الانسانية،لقد تطور شكل الاستعمار واعتقد بأن النوع الاخير وهو الاشد خطراً هو الاستعمار الثقافي دائماً المستعمر يمكن ان يستعمرك ثقافياً وهذا مانشاهده في التطور الهائل في وسائل الاعلام،هناك في الوقت الحالي إستعمار من نوع آخر قد لايتواجد المستعمر كمان كان حاضراً قديماً وإنما تغيرت أدواته وهي أدوات أشد فتكاً وهي أن تستعمر عقول البشر يعني يحاولون إستعمارالعقول وزرع أفكارهم وثقافاتهم .

-ليس بعيداً عن الاستعمار، يُعرف بأن الفن لايعترف بأية قيود ولايخضع لها،في المقابل الاستعمار لايجيد سوى إقامة الجدران وغلق الافاق وهذا ماتجسد من خلال مهرجان ليلون السينمائي والذي اقيم في الشهباء منذ مدة وسجل نجاحاً باهراً رغم الحصار ورغم الامكانيات الذاتية وأنتم اصحاب تجربة كبيرة في هذا المجال،برأيك هل سيتأثر كل من الفن الكردي والثقافة الكردية في شمال كردستان وتركيا بهذا التصعيد التركي الخطير أم ستناضل الجهات والفعاليات الثقافية هناك ضد هذا التصعيد،وستنتصر؟

أعتقد بأن الثقافة الكردية لم ترفع راية الاستسلام قط منذ الازل ولو كانت رافعة لتلك الراية والاستسلام الكامل للمستعمر لكانت لغتنا وثقافتنا أندثرت منذ الازل ولكن اعتقد كلما ازدادو جشعاً في طمس ثقافتنا وهويتنا كلما كانت الثقافة والفن لهم بالمرصاد وماشهدناه من خلال تجربتنا مؤخراً من خلال مهرجان ليلون كان خير إثبات على مانقول،حيث استطعنا رغم نزوحنا ورغم تعرض مدينتنا للدمار والاحتلال، ان نخلق او نكسر الحصار الذي نعيشه في هذه المنطقة الجغرافية الضيقة وأن نوصل صوت عفرين المحتلة الى كل فنان ينبض في داخله روح الانسانية فكانوا خير سنداً لنا، الفن والثقافة هما السلاح الاشد تأثيراً على المجتمعات هذا ماقصدناه يلغي الحدود لاحدود طبيعيه ولا مصطنعه إستطاعت ان تقف سداً أمام إيصال صوتنا الى العالم وكانت رسالتنا واضحة جداً بتجربتنا التي لاقت صدى كبيراً، أعتقد بأن عفرين كانت لفترة ما قد غابت عن الاعلام والرأي العام الدولي، ليلون أعاد إحياء هذا الموضوع وسنستمر في المقاومة بالثقافة والفن .