"محمد خان" قصة مناضل كرس حياته في خدمة حركة التحرر وترسيخ اسسها

يعتبر محمد خان، وهو من المناضلين القدامى ضمن صفوف المقاومة من اجل حرية كردستان، أحد الأمثلة الحية من تجربة ثورة روج افا والذي كرس حياته لخدمة الحركة وترسيخ اسسها في البلاد.

مضت على الثورة في شمال وشرق سوريا وغرب كردستان 9 سنوات، والنهج والفلسفة التي انطلقت الثورة على اساسها، باتت مجال للحديث والنقاش في العديد من المرات، وما تزال الانظمة الديكتاتورية التي تهاب هذه الثورة، تشن هجمات ضدها، والذين قاموا بالثورة ناضلوا وما يزالون يناضلون حتى اخر قطرة من دمائهم ولم يتخلوا عن هذا النضال المقدس.

حسناً، ما هو الخط والأيديولوجية والفلسفة ومفهوم الحرية الذي تعتمد عليه هذه الثورة؟ كان هذا الخط الفلسفي الأيديولوجي بالتأكيد خط القائد عبد الله أوجلان، حيث وضع هذا النظام والنهج لخدمة جميع  الشعوب والثقافات وجميع المكونات والمعتقدات العرقية، كما وضع أسس هذا النظام وبناها بنفسه.

هذه الخطوة التي خطاها عدد من الطلاب في شمال كردستان كان لهذا تأثير على شمال كردستان بأكملها، حيث قام الجنرالات الفاشيون بانقلاب عسكري لمنع توسع هذه الحركة، وقبل البدء بالانقلاب، غادر القائد اوجلان من سروج متوجهاً إلى كوباني في 2 تموز 1979، وانتشر هذا الخط من الثورة الديمقراطية والمحبة للحرية من شمال كردستان إلى الشرق الأوسط، وكانت المحطة الأولى هي روج افا.

بعد أن غادر القائد اوجلان كوباني  متوجهاً إلى لبنان، غادر معه خط الثورة وانتشرت هناك دون استئذان، لكنه بدأ بتنظيم الشعب في روج افا بالرغم من تواجده في لبنان، حيث  أراد أن يظهر أن خط الثورة يمكن تأسيسه من خلال التنظيم  الممنهج وشعب وطني تواق للحرية، لهذا كان يتواصل مع الجميع الى ان اصبح مكاناً للثقة بين شعبه.

لذلك  تجدر الإشارة إلى أن الأسس الأساسية للثورة التي اندلعت في 19 تموز 2012 في كوباني، قد وضعها الشخص الذي نظم شعبه واحداً تلو الاخر، الا وهو القائد اوجلان، القائد الذي زرع بذور الثورة في الأرض مع تنظيم الشعب في كوباني، ديريك، قامشلو، تربه سبي، عامودا، سري كانيه، عفرين وجميع أنحاء روج آفا، وكان سببا في الثورة  في شمال وشرق سوريا.

محمد خان كان اول من انضم الى تنظيم حركة الحرية

 بالطبع، ادى الفكر الذي نشره القائد اوجلان بين شعبه في كل جزء من روج افا، الى تنظيمهم وترسيخ مشروع الثورة بينهم منذ أوائل الثمانينيات، حيث انخرط الجميع ضمن النضال من اجل الثورة  دون هوادة، وقضى قسم كبير منهم عمره في هذا الطريق، ولعبوا دوراً ريادياً في تشكيل هذه الثورة، والبعض منهم لم يتمكنوا من عيش هذه اللحظات من الثورة  التي حققت انتصاراً عظيماً، والبعض الآخر عاش هذه اللحظات وذاقوا نشوة الانتصار وبعدها بعام او عامين وافتهم المنية؛ اصبح كل شخص شارك في نشر هذا الفكر وهذه الفلسفة الفاضلة، ثوريا لعصره وخلقوا  جيل لا يرضى بالظلم والاستبداد، جيل انتفض بكل ما اوتي من قوة ضد النظام الديكتاتوري الذي هدف ويهدف لإنكار الهوية الكردية، وشارك في ثورة الحرية التي انطلقت في 19 تموز 2012، ومن بين هؤلاء الثوريين، محمد محمود من كوباني، المعروف باسم محمد خان، لأن القائد كان يناديه بهذا الاسم.

ولد محمد خان عام 1960 في قرية قره موخ  بكوباني، وبدأ المراحل الاولى من الدراسة في القرية ذاتها، لم يكمل محمد خان دراسته بسبب الظروف الاقتصادية وعدم توفر فرص التعليم في قريته وفي كوباني.

ذهب محمد خان إلى دمشق للعمل وهو في ريعان شبابه بحثاً عن فرص العمل التي لم يجدها في كوباني؛ لكن قبل ذهابه إلى دمشق سمع باسم حزب العمال الكردستاني، وكان يعلم بقدوم مجموعة عبرت الحدود من شمال كردستان الى كوباني، لكن لم تتح له الفرصة للتعرف عليهم؛ عمل محمد خان في دمشق في ظل ظروف صعبة للغاية، وقام بتربية ابنائه ضمن هذه الظروف سعياً منه لتأمين مستقبل لهم؛ عاش مع أقاربه في دمشق فترة، ثم بنى منزلاً وعاش هناك حتى عام 1983.

العضو في حزب العمال الكردستاني حسن بيندال كان اول من تعرف عليه محمد خان

 تغيرت أشياء كثيرة في حياة محمد خان بعد بدء مقاومة الكريلا  في 15 آب 1984، وبعد بضعة أشهر من بدء قفزة 15 أب، يأتي صديق له ويخبره بوجود بعض الرفاق ويرغبون في رؤيته، وحينها يدرك انه حسن بيندال، وحينها وجد انه ليس الوحيد الذي اجتمع به، حينها عقد حسن بيندال اجتماعاً معهم، لقد كان لحديث حسن بيندال تأثيرا كبيراً على محمد خان ورفاقه لدرجة أنه ذهب لرؤية حسن بيندال مرة أخرى بعد بضعة أيام.

كان والد لخمسة ابناء عندما انضم لصفوف حركة الحرية

ينضم محمد خان إلى الحزب بناءً على اقتراح حسن بيندال، وهو أب لخمسة أطفال، كان يعمل في البناء لرعاية ابنائه الخمسة من جهة، من جهة أخرى كان يعمل في التنظيم، حيث كانت خطاباته مسموعة من الجميع  نظرًا لأنه  كان محبوباً، وكل ما يقوله كان يُنظر إليه بشكل إيجابي من قبل الجميع، حينها كان يرغب بشدة للانضمام لصفوف الكريلا، لكن لم يسمح له الرفاق لانه كان اب لخمسة ابناء.

اضطر محمد خان للالتحاق بالخدمة العسكرية اثناء تعرفه على حزب العمال الكردستاني، وخدم في الجيش السوري لمدة عامين، كان يحاول تنظيم الكرد اثناء خدمته وكان يعمل على ايصال فكر حزب العمال الكردستاني لهم واستمر في ذلك الى ان اتم خدمته.

يتعرف على القائد عبدالله اوجلان عام 1989

التقى محمد خان مع القائد اوجلان لأول مرة عام 1989 وحينها ينضم الى الاجتماع الذي عقد بمناسبة الذكرى السنوية لتأسيس حزب العمال الكردستاني وهناك يلتقي به، وكان يتواجد ضمن الاجتماع مجموعة من مقاتلي الكريلا، وحينها يتعرف القائد عليه؛ تم النقاش في الاجتماع الذي استغرق ساعتين، تاريخ كردستان وأوضاع الشعب، وفي نهاية الاجتماع  سأل القائد إذا كان لدى أي شخص سؤال، حينها يطلب محمد خان الانضمام لصفوف الكريلا، اجابه القائد "لديك ابناء، قم بتربيتهم ، واجعلهم ثواراً، وسنذهب جميعنا للانضمام لصفوف الكريلا".

ينضم ثلاثة من ابنائه الى صفوف الكريلا

يكبر أطفاله وينضم ثلاثة منهم مع شقيقه  إلى صفوف الكريلا، اما هو فيواصل العمل التنظيمي. انضم رمزي أفجي الى أكاديمية الشهيد محسوم قورقماز في عام 1992 عندما أطلق سراحه من السجن، وحينها يطلب منه محمد خان الذهاب إلى الجبل، قال له رمزي أفجي ، "سنوصلك الى هناك"، وبدوره يستعد محمد خان للذهاب، وحينها  يتم إغلاق الأكاديمية في لبنان وإنشاء معسكر جديد في دمشق في تشرين الاول عام 1993، بدأ محمد خان العمل في بناء هذا المعسكر لساعات متواصلة لإكماله في وقت قصير. نظراً لأن عمال البناء في أكاديمية محسوم قرقماز كانوا من شمال كردستان، فقد أرادوا أن يدير محمد خان وظائف العلاقات الخارجية لأنه من روج افا.

زار القائد عبدالله اوجلان اكاديمية الشهيد محسوم قورقماز اثناء تشييد المعسكر في دمشق، حيث يشرف محمد خان على بنائه من عام 1993 إلى عام 1998 بالإضافة إلى اعماله مع القائد اوجلان؛ تم إغلاق المعسكر عام 1998 بعد بدء المؤامرة الدولية ضد القائد اوجلان، حيث قال  حينها لمحمد خان، "هذا هو منزلك، عليك ان تحافظ عليه"، بعد مغادرة أوجلان سوريا، بقي محمد خان في المخيم لبعض الوقت، واستشهد أحد أبنائه، الذين انضموا إلى المقاتلين، في عام 2003 في كلارشي.

محمد خان وآخرون من أمثاله هم من وضعوا حجر إرساء أسس الثورة في شمال وشرق سوريا، حيث يعد محمد خان وابنائه الثلاث وشقيقه والعديد من اقاربه  الذين انضموا إلى صفوف حركة الحرية، البذور الاساسية للثورة