وذكر موقع "بزنس إنسايدر" الأمريكي، في تقرير حديث، أن الولايات المتحدة تحذر حلفائها الخليجيين بهدوء من تكلفة اقتناء الأسلحة الصينية، إذ أنه لا يمكن أن تجتمعا الأسلحة الصينية والأمريكية في مكان واحد معاً، حتى وإن كانت بكين لا تقدم بدائل للأسلحة الأمريكية لكن واشنطن لا تزال حذرة بهذا الشأن.
قلق خليجي متزايد تجاه واشنطن
ويقول الموقع إن الصين لا تقدم أسلحة بديلة لتلك التي تقدمها الولايات المتحدة لدول الشرق الأوسط، لكن الاهتمام المتزايد بالأسلحة الصينية يأتي ليعكس رغبة طويلة الأمد لدى دول الشرق الأوسط من أجل تنويع مصادر التسليح، وأيضاً القلق البالغ لدى تلك الدول بشأن مدى التزام واشنطن بتلبية احتياجات المنطقة وأمن دول الخليج تحديداً.
ويلفت موقع بيزنس إنسايدر إلى أن مبيعات الأسلحة الصينية إلى الشرق الأوسط قفزت بنسبة 80% خلال العقد الماضي، نتيجة لتوسيع بكين علاقاتها مع دول الشرق الأوسط، إلى جانب استعدادها الدائم لإرسال الأسلحة في أسرع وقت ممكن، وأيضاً باشتراطات أكثر سهولة وأقل من تلك التي تطلبها واشنطن.
وحذر كولين كال، مساعد وزير الدفاع الأمريكية السابق لشؤون السياسة، مؤخراً من أن التبني الواسع النطاق للمعدات العسكرية الصينية وخصوصاً منظومات الدفاع الجوي المتطورة، يمكن أن يتداخل مع إنشاء شبكة أنظمة الدفاع الجوي التي تناقشها إدارة جو بايدن مع شركاء الولايات المتحدة في المنطقة.
هذا ما تخشاه أمريكا
في هذا السياق، يقول الدكتور حامد فارس الخبير في العلاقات الدولية، لوكالة فرات للأنباء، إنه على الرغم من أن الولايات المتحدة لا تزال أكبر شريك عسكري لدول الخليج، إلا أن التحركات الصينية والتقارب مع تلك الدول يجعل القلق الأمريكي يتزايد خلال السنوات الأخيرة، بسبب المخاوف من أن تحتل بكين مكانة واشنطن في تصدير الأسلحة.
ويلفت "فارس" إلى هذا الأمر يعود إلى إعادة دول الخليج العربي تنظيم سياساتها الخارجية لخدمة أهدافها الاقتصادية والعسكرية، وأيضاً توزيع وتنويع شراكاتها الاستراتيجية، كما أن واشنطن لم تعد شريكاً موثوقاً لديها وبالتالي لم تعد تعول عليه كشريك أوحد في ظل التغيرات العالمية التي تتجه إلى عالم الثلاثية القطبية، نتيجة السياسات الأمريكية الخاطئة في التعامل مع دول الخليج وغيرها من دول العالم.
الأسلحة الصينية كبديل
وتستخدم دول الخليج العربي أسلحة متطورة أمريكية الصنع مثل منظومة باتريوت ونظام الدفاع الجوي عالي الارتفاع، والذي ظهر لأول مرة عندما استخدمته الإمارات العربية المتحدة لإسقاط الصواريخ الباليستية التي تم إطلاقها من قبل القوات التابعة لجماعة أنصار الله "الحوثيين" في اليمن في كانون الثاني/ يناير من عام 2022، لكن الصين تقدم أيضاً بدائلها.
وفي هذا يشير خبير العلاقات الدولية حامد فارس إلى أن الإمارات في عام 2021 علقت محادثاتها مع الولايات المتحدة لشراء طائرات إف 35 وأسلحة أخرى قيمتها نحو 23 مليار دولار أمريكي، وهذا بعد رفض أبو ظبي شروطًا أمريكية أبرزها إزالة شركة هواوي الصينية من شبكة الاتصالات الإماراتية.
وأضاف أن هذا الأمر دفع الإمارات للجوء إلى الصين وشراء طائرات إل 15، وفي النهاية لا يمكن إغفال الرغبة والاهتمام المتزايد للحصول على الأسلحة الصينية، وهذا انعكاس حقيقي لما وصلت إليه درجة القوة في العلاقات السياسية والاقتصادية بين بكين ودول الخليج، لدرجة أن مبيعات الأسلحة الصينية للشرق الأوسط زادت بنسبة 80%، بل ومن المتوقع أن تزيد إلى أكثر من ذلك خلال الفترة المقبلة.
وفي ختام تصريحاته لوكالة فرات للأنباء، يرى الدكتور حامد فارس أن الأمور قد فلتت من يد أمريكا في الشرق الأوسط ومع دول الخليج العربي، مدللاً على ذلك برغبة المملكة العربية السعودية في الحصول على أسلحة صينية بعيداً عن الإدارة الأمريكية لا سيما طائرات إل 15.
ويرى مراقبون أن الحرب الروسية الأوكرانية خلقت مساحة من الخلافات بين الدول الكبرى أتاحت للصين العمل فيها، خصوصاً الجوانب التجارية والعسكرية، في ظل اتباع بكين سياسة متزنة منفتحة على جميع الأطراف المتناقضة في الشرق الأوسط، فتعطي الأسلحة لدول الخليج ولا تمنعها عن إيران عكس ما تقوم به الولايات المتحدة.