الدكتور صلاح السروي: تركيا "الأردوغانية" تعيد بعث الحلم العثماني

الدكتور صلاح السروي: تركيا تكشف عن وجهها القبيح المعادي للديمقراطية وتسير وراء أطماعها وخوفها من المكتسبات الكردية .

 

...

 تسارعت وتيرة الأحداث في شمال سوريا خاصة مع الاتفاق الذي ظهر على السطح بين تركيا وسوريا خلال محاولة عنصرية واضحة لكبح جماح التجربة الديمقراطية الوحيدة داخل المنطقة والتي تقوم بمحاولة صياغتها "قوات سوريا الديمقراطية" ومع التدخل التركي في شمال سوريا صار من الواضح أن الأطماع التركية في سبيلها للتضخم وان الانتصارات التي تحققت في شمال سوريا لصالح القوات الكردية ازعجت الدولة التركية التي اضطرت إلى التدخل بشكل سافر لتكشف عن وجهها القبيح المعادي للديمقراطية.

وفي محاولة لقراءة الوضع القائم وما قد يفضي إليه التقت صحيفة "الفرات نيوز" بالناقد الأدبي المصري المعروف دكتور صلاح السروي، وهو أحد القيادات المؤسسة للحزب الشيوعي المصري وأستاذ الأدب المقارن في جامعة حلوان للوقوف على رؤيته للأوضاع بصفته أحد الرموز السياسية والأدبية البارزة في مصر.

 

وصرح الدكتور صلاح السروي للـ"فرات نيوز" أنه: يعد التدخل التركي في شمال سوريا أمرًا متوقعًا نظرًا إلى أن هناك خشية تركية دائمة من تمدد النفوذ الكردية في شمال تركيا حيث أنهم يعتبرون أن معركتهم مع حزب العمال الكردستاني تمتد إلى المعركة مع قوات سوريا الديمقراطية والقوى الموجودة داخل المنطقة الكردية في شمال سوريا.

ومن ناحية ثانية يترجم التدخل الطموحات التوسعية لتركيا في شمال سوريا وهي قد ظهرت من قبل بأهمية تحت مزاعم بأهمية أقامة منطقة عازلة أو منطقة حماية للاجئين إلا أن هذا كله يظهر المطامع التركية في الشمال السوري.

ويضيف "السروي": أظن أن تركيا قد استثمرت رغبة أمريكا في استرضائها مرة أخرى وخاصة بعد الرضا الأمريكي المبدئي عن الانقلاب في تركيا، واتهامات تركيا لأمريكا بإيواء فتح الله جولن وما إلى ذلك من عناصر توتر بين البلدين ومن ثم الاتجاه التركي نحو روسيا الأمر الذي أدى بالولايات المتحدة إلى استرضاء تركيا عن طريق التخلي عن قوات سوريا الديمقراطية التي كانت تستعد لدخول جرابلس.

أمريكا تبارك التدخل التركي في شمال سوريا

وأشار القيادي في الحزب الشيوعي المصري إلى انه: أظن أن التدخل التركي الذي جرى أثناء وجود "جو بايدن" في أنقره يعلن المباركة الأمريكية لهذا التدخل وهو ما يؤكده قول جو بايدن أن على القوات الكردية الموجودة غرب الفرات أن تعود أدراجها إلى شرق الفرات وهو ما أدى إلى انسحاب قوات سوريا الديمقراطية من على مشارف جرابلس وهذا يعني ان الأمريكان تخلوا عن الورقة الكردية لصالح الورقة التركية وأنا لا أراه تخلي بشكل كامل ولكنه لعب بالأوراق وهو امر مؤقت حتى حين وأظن أن القوى الكردية والقوى المتحالفة معها أذكى بكثير من أن يأمنوا للتحالف مع أمريكا بشكل عام.

ويستطرد الدكتور صلاح السروي: نعود ثانية إلى التدخل التركي الذي يحاول أن يوقف التمدد الكردي في الشمال السوري بقطع الطريق أمام إقامة حزام كردي متاخم لتركيا وهو ما يهدد الدولة التركية بحسب تصورها إلى انه يحل جماعات متشددة بأخرى موجهة من قبل تركيا وممولة من قبلهم وهو ما يعتبر استبدال إرهاب داعش بإرهاب ليس اقل عنفًا يتمثل في جماعات مثل نور الدين زنكي وجيش الإسلام وجيش الفتح وما يزال الأتراك يستثمرون في الإرهاب كذلك أمريكا التي تبحث عن مصالحها باستعمال ورقة الإرهاب.

تركيا "الأردوغانية" تعيد بعث الحلم العثماني

ويضيف: أتصور أن التدخل التركي بهذا الشكل الواضح عن طريق دبابات ونخبة وقوات تحمل العلم التركي يؤكد ان تركيا العثمانية الأردوغانية تسفر عن وجهها بما لم يعد يقبل الشك ووجود القوات التركية من قبل في شمال العراق يوحي بالأطماع التركية القديمة في الموصل وأظن أن هذه الأطماع في شمال العراق أو شمال سوريا يؤكد أن الحلم العثماني أعيد بعثه على يد أردوغان.

المعركة في سوريا لم تعد معركة بين مسلحين وإرهابيين والدولة السورية بل معركة ما بين أقطاب دولية تتقاتل على جثة الوطن السوري ولذلك أتصور أن على جميع الشرفاء والمناضلين والأذكياء أن يرفضوا هذا التدخل التركي وان يؤمنوا أن حل الأزمة السورية لابد أن يكون سوريًا وعلى النظام السوري أن يعترف بان فرض لغة واحدة او أنماط التعليم والحزب الواحد  على الثقافات والقوميات الأخرى المختلفة قد انتهى زمنه ورأينا إلى أين افضى بنا في جميع الدول العربية التي مرت بمرحلة الربيع العربي.

عصر القومية الواحدة والحزب الواحد انتهى زمنه

ويتساءل صلاح السروي إلى أي شئ افضى نموذج صدام حسين بالعراق وكذلك نموذج القذافي في ليبيا وحافظ الأسد وبشار من بعده إلى أي طريق افضى ببلدانهم، وإن كان والأمر اقل ضررًا في مصر نظرًا لبعض الظروف الاستثنائية ، غير أن الحكم عن طريق الحزب الواحد أدى فيما بعد إلى تراجع الدور المصري الدولي بالإضافة إلى الدمار الاقتصادي.

ويؤكد السروي بأن:  عصر الحزب الواحد انتهى زمنه وقد اصبح علينا أن نتعلم من هذه المرحلة أن الدولة المدنية الديمقراطية التي تحترم التنوع وحقوق الأقليات والقوميات والمذهبيات المكونة للنسيج الوطني والتعامل مع تلك المكونات بقدم المساواة دون اعتبار احدها مواطنة من الدرجة أولى والثانية هو الأمر الوحيد الذي يحمي بلداننا من المصير الذي يجري التخطيط والتنفيذ له الآن على المستوى الواقعي الذي نلمسه بأيدينا ألا وهو توظيف مكونات أو جلبها من الخارج لتمزيق جثة الوطن بدلًا من إعادة بناءه.

هنا تصبح الدولة المدنية الديمقراطية هي الحل والعلاج وقيام الدولة على المساواة والعدالة هو الحماية الوحيدة لتلك الدول من التمزق الذي يهددنا جميعاً.