د. مختار غباشي: للأسف الشديد العالم العربي غائب عن الاحتلال التركي للأراضي السورية
حول الاحتلال التركي لجزء من الاراضي السورية تحدث إلينا الدكتور مختار غباشي نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية الاستراتيجية ومستشار بالتحكم الدولي مبدياً موقفه من التدخلات الاقليمية والدولية والصمت الدولي والعربي حيال ذلك
محمد ابراهيم عكاري
ANF
السبت, ١٠ سبتمبر ٢٠١٦, ٠٧:٤٩
...
القاهرة: تعيش المنطقة مستجدات كثيرة سريعا ويوميا, ولا ريب ان الاحتلال التركي السافر والمعلن تحت غطاء اعلامي واسع للأراضي السورية كان الابرز من نوعه نسبةً الى التدخلات الاقليمية والدولية في سوريا. هذا وتعيش الدول العربية صمتا عن كل ما يحدث حتى الان مما يجعل من بعض المراقبين والمهتمين التساؤل حول هل فقدت الدول العربية الموقف من كل القضايا في المنطقة؟.
أبدا الدكتور مختار غباشي نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية الاستراتيجية ومستشار بالتحكم الدولي موقفه من الاحتلال التركي لأراضي سوريا والتدخلات الاقليمية والدولية في حوار اجرته وكالتنا معه قال فيها: " انت تتحدث عن الموقف التركي او الاحتلال التركي ان صح التعبير. انا وجهت نظري ان الوضع داخل الساحة السورية هناك احتلال متعدد, يعني هناك احتلال تركي واحتلال روسي وامريكي وفرنسي والاحتلال الايراني. هذه المنطقة التي نتحدث عنها منطقة حلب او ادلب او الحسكة او دير الزور او كوباني او عزاز المناطق المتاخمة للحدود التركية السورية مرتع مهم جدا للكثير من القوى الدولية الموجودة فيها. اشرت الى وجود البعض من هذه القوى على الارض, كل قوة من هذه القوى لها مغازي متعددة. الوجود الروسي الايراني يضمن مصالحه داخل الساحة السورية, القاعدة التي كانت معمولة لروسيا سابقا في طرطوس ثم عندما دخلت روسيا بقواتها وانسحبت انسحاب شكلي, عملت قاعدة اخرى في مدينة القامشلي واخرى في مدينة حميميم فأصبح لروسيا داخل سوريا ثلاث قواعد عسكرية بشكل صريح. قاعدة في طرطوس وقاعدة في قامشلي ومن ثم قاعدة الحميمم. الى حد كبير جدا روسيا ترى بأن الساحة السورية هي الساحة الوحيدة التي يمكن من خلالها الدخول لهذه المنطقة الهادئة, واقصد منطقة الشرق الاوسط. فهناك وجود روسي فعال في المنطقة. كما هناك وجود ايراني بحكم العلاقات الاستراتيجية الثابتة على مدار سنوات طويلة بين ايران والارادة السياسية السورية. هناك مصالح تركية داخل الساحة السورية".
"تركيا منزعجة من علو صوت الاكراد في هذه المنطقة"
تطرق الدكتور غباشي في حديثه الى ماهية المصالح التركية في الداخل السوري مشيرا: " المصلحة التركية داخل الساحة السورية مرتبطة بأمرين. الامر الاول اطماع تركيا في بعض المناطق المتاخمة للحدود مع تركيا وترى تركيا ان هذه المناطق اخذت منها في ظروف دولية واقليمية متشابكة. والى حد كبير جدا تريد ان تعيد هذه المناطق اليها مرة اخرى اذا سمحت الطروف الاقليمية والظروف الدولية بذلك وعلى رأسها حلب.
الجزء الثاني هو ان تركيا منزعجة من علو صوت الاكراد في هذه المنطقة بالذات. كان هناك حديث بما يسمى بأتلاف شمال سوريا هو أأتلاف بطول 400 كم يضم عين العرب كوباني ومنطقة عزاز وجزء من الحسكة هذا الشريط المتعارف عليه. الجزء الثاني والحديث الذي كان اكثر ازعاجا وهو ان سوريا مستقبلا ستصبح دولة اتحادية او دولة فدرالية عبارة عن اقاليم ويكون من ضمنها الطرف الكردي له اقليم بشكل صريح وواضح. هذه المسألة الكل يعلم من قبل الاطراف الاقليمية والاطراف الدولية انها مسألة مزعجة لتركيا. لان تركيا بشكل او بأخر هي غير راغبة ولن تسمح ومستحيل انها تسمح بدولية كردية على الحدود المتاخمة لتركيا تكون جزء من كردستان العراق او ربما تشكل في النهاية الامل او الحلم الكردي في الدولة الكردية المترامية الاطراف او المتلاصقة الاطراف. فتركيا تدخلت لأمرين الامر الاول ان تمنع الحلم الكردي من تحقيقه, وان اقصى ما يمكن ان يصل اليه الطرف الكردي داخل الساحة السورية هو شكل من أشكال الحكم الذاتي, أياً كان شكله او أياً كانت معالمه".
"لا توجد احتكاكات مباشرة بين الاطراف المتداخلة في سوريا"
وذكر غباشي الأطماع التركية في سوريا تحت تناغم بين القوى الاقليمية والدولية مشيرا انه ليس هناك اي احتكاك مباشر بين هذه القوى: " الجزء الثاني ان سمحت لها الاطراف الاقليمية والاطراف الدولية وان سمحت لها الظروف السياسية الموجودة والظروف العسكرية على الارض بأخذ حلب او بأخذ جزء من التي تراه تركيا ان هي أحق به وتستطيع ان تحققه. دعني اقول لك هناك احتلال من قبل اطراف اقليمية واطراف دولية للأسف الشديد ان هذا الاحتلال الموجود، العالم العربي غائب عنه. ليس له مبادرة فيه وليس له اليات لمنعه ولا له دور بالحديث عنه بدرجة او بأخرى. وان هذه المنطقة بدرجة كبيرة جدا فيها اشياء احيانا غامضة واحيانا عليها الكثير جدا من علامات الاستفهام واحيانا بدرجات اخرى توجد فيها اشياء غير مفهومة. يعني هناك وبكل هذه الاطراف الموجودة على الارض لا توجد حالة من حالات الالتحام العسكري ما بينهم او حالة من الصراع العسكري ما بينهم بالعكس هناك شكل من اشكال التناغم ما بينهم. اي اننا لم نرى احتكاك روسي امريكي, او احتكاك روسي تركي, او احتكاك تركي ايراني او احتكاك ايراني امريكي مثلا بالرغم من التجاذبات التي بين هذه الاطراف الموجودة في هذه المنطقة".
"خرجت كل قضايا المنطقة من ايدي الطرف العربي"
وتأسف الدكتور مختار غباشي للموقف العربي وصمته من كل ما يحدث قائلا: " الشيء الذي يؤسف الانسان بصراحة هو غياب الدور العربي او الطرف العربي والطرف العربي بالمجمل خرجت كل قضايا المنطقة من ايديه. ليست القضية السورية فقط , الوضع داخل عراق هو وضع شائك ولا دور للوضع العربي فيه. انتخاب الرئيس اللبناني معطل وهي دولة عربية اصيلة العالم العربي بشكل او بأخر لا يستطيع حل هذه المعضلة, ومن المعلوم ان من يعطل انتخاب الرئيس اللبناني هي ايران صراحةً. الوضع داخل الساحة اليمنية اكثر تعقيدا, هناك حوثيين وهناك قوات علي عبدلله صالح وهناك الحكومة الشرعية وهناك الكثير جدا من القوى الاقليمية والقوى الدولية ايضا موجودة والطرف العربي غائب عنه. القضية الليبية وهي حدود متاخمة لمصر لدرجة كبيرة والى حد كبير ايضا دور العالم العربي مغيب لدرجة كبيرة. وأسفاً فإن القضايا العربية بوجهة نظري ليست بأيدي عربية بل متفرجين لحلها. دخلت اطراف اقليمية ودخلت اطراف دولية عقدت المسألة والكل تلعب لمصالحها. اما لمصالح استرايجية خاصة بها او لمصالح استنزاف. واما تعمل لتستطيع ان تضمن مصلح لها مستقبلاً او احلام بضم بعض الاطراف من هذا العالم المريض الغير قادر ولحد كبير لحماية مصالحه وغير قادر على الوصول الى الية مشتركة لحفظ الامن القومي, وغير قارئ للمشهد الاقليمي والمشهد الدولي وهذه الحالة من الصراعات الاقليمية والصراعات الدولية ليست ضد بعض. مشهد فيه الكثير من الالتباس ونحن نتمنى ان نرى في الافق امل او حل لكل ما يحدث داخل العالم العربي.
"العالم العربي غير قارئ لمسألة المشهد الكردي"
وفي رؤيته قال غباشي في المشهد الكردي ومدى رؤية العالم العربي لهذا المشهد المهم: " انا ارى ان العالم العربي غير قارئ لمسألة المشهد الكردي, المشهد الكردي بالنسبة للكثير من الساسة والمراقبين او المتحدثين في هذا الموضوع الى حد كبير جدا المشهد ملتبس. هناك مشهد يذاع بين العالم العربي ويتم تسويقه بدرجة او بأخرى ان الطرف الكردي طامع بالأرض العربية. وان الطرف الكردي يريد ان يحقق دولة كردية على حساب الأرض العربية وهذا شيء يذاع. الامر الثاني ان هناك اسرائيل وهي الطرف المستفيد من كل ما يحدث في العالم العربي تريد ان ترسل رسالة الى العالم العربي مداها ان اسرائيل متناغمة الى حد كبير مع الطرف الكردي وان عدم التعاون بينها وبين الطرف الكردي اهم بالنسبة للأكراد وبالنسبة لإسرائيل من العلاقات العربية الكردية او من تناغم عربي كردي او من مصالح عربية كردية مشتركة. اسرائيل تسوق لهذا. معلوم بحد كبير بأن الطرف الكردي يعتمد بأليات كبيرة جدا على الولايات المتحدة في تسليحه ودخل الطرف الروسي في هذه المسألة. كل هذه الامور عملت حالة من حالات الالتباس في العالم العربي, والعالم العربي غير مدرك ان الطرف الكردي من الممكن ان يكون اضافة للأمن القومي العربي ومن الممكن ان يكون عون لحل الكثير جدا من المشاكل العربية الشائكة. ومن الممكن ان يشكل مع الامن القومي العربي حائط امام هذه الاستقطابات الاقليمية والأستقطابات الدولية, وامام الحلم الغربي الامريكي والروسي وغيره في هذه المنطقة العربية ومن الممكن ان يكون الطرف الكردي طرف مساند للعالم العربي. للأسف الشديد هذه الحالة الاخير ليس لها صوت عالي في العالم العربي والى حد كبير جدا حجم وصولها الى الشريحة العربية او الى الأرضية العربية هي وصول ضعيف وبشكل او بأخر هناك شكل من حالة الالتباس للمشهد الكردي ولحقيقة علاقته بالأطراف الاقليمية والأطراف الدولية, وحقيقة الأطراف الاقليمية والدولية بالأكراد على وجه الخصوص".
"على العالم العربي ان يدرك ان مصلحته مع الطرف الكردي"
واخيرا طرح الدكتور مختار غباشي نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية الاستراتيجية ومستشار بالتحكم الدولي طرح رأيه متمنياً : "بشكل او بأخر على العالم العربي ان يقف ليس ضد الاحتلال التركي او الوجود التركي فقط, بل عليه أن يقف ضد الوجود الايراني والروسي والامريكي, والفرنسي والايطالي وضد الوجود الصيني الذي دخل مساندا لروسيا. فأنت تتحدث عن حالة من حالات التهافت الاقليمي والتهافت الدولي على الارض العربية. العالم العربي, هذا خطر الى حد كبير جداً ينهي جزء من مقدرات العالم العربي. الرسالة الثانية هي ان العالم العربي عليه ان يدرك ان مصلحته مع الطرف الكردي وليس مصلحته مع اسرائيل او ليست مصلحته مع اطراف اقليمية او اطراف دولية. لا بد ان يكون هناك حالة من حالات المشهد او حالة من حالات الوفاق او حالة من حالات الحديث يرقى الى حدود الامن القومي المشترك ويرقى الى حدود حقيقة العلاقة المفترض ان تكون بين العالم العربي وبين الطرف الكردي بالمجمل. ليس الطرف الكردي الموجود في الساحة السورية فحسب, انا اتحدث عن اطراف الكرد بمجمله اذا كان داخل الساحة العراقية او داخل الساحة السورية او حتى داخل الساحة الايرانية او اذا متاح داخل الساحة التركية ايضا. لان الطرف الكردي بمجمله هي حلقات متواصلة لكن بشكل او بأخر هناك غموض بينه وبين العالم العربي".