أبو الغيط: الأوضاع العالمية تفاقم متاعب دولنا.. وأطراف إقليمية تواصل التدخل لبسط النفوذ والهيمنة

أكد أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية أن الأوضاع العالمية تفاقم من متاعب الدول العربية التي قدر لها أن تكون في قلب العالم، لافتا إلى أن أطرافا إقليمية تواصل التدخل لبسط النفوذ والهيمنة.

في كلمته خلال الجلسة الافتتاحية للقمة العربية التي تستضيفها الجزائر، اليوم وغدا، وبحضور ١٦ قائد عربي، قال أحمد أبوالغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية: إن الأوضاع العالمية تفاقم متاعب دولنا، فهي تداهم المنطقة العربية وهي لم تخرج بعد من واحدةٍ من أخطر الأزمات والتحديات في تاريخها الحديث.

وأضاف "لقد مرّ على المنطقة عِقدٌ صعب، ولا زالت بعضُ دولِنا تعيش أوضاعاً لا تُهدد فقط أمنها واستقرارها، بل وجودها ذاته، لا زالت الدولة الوطنية، ذات السيادة والاستقلال والقرار المستقل، تتعرض لهجمة شرسة في بعض أركان منطقتنا من الإرهاب والميلشيات والجماعات المسلحة، وأيضاً من أطراف غير عربية، في جوار الإقليم العربي، تُحرض وتُمارس تدخلاتٍ غير حميدة في المجتمعات العربية بهدف بسط النفوذ والهيمنة".

وأكد أن "الدفاع عن الدولة الوطنية، دولة المواطنة وحكم القانون التي لا يكون ولاء مواطنيها سوى لعلمها ومصالحها وعروبتها، هو دفاع عن مستقبلنا جميعاً، وهذه الصراعات الدامية التي تُدمي قلب الأمة، هي تهديد لنا جميعا".

وتابع: إنني أناشدكم، زعماء الأمة وقادتها، ألا تتركوا هذه الجراح النازفة تأتي على حاضر الأمة ومستقبلها.

وأردف: أعرف أن دولاً عربية تقوم بالكثير من أجل التخفيف من وطأة الأزمات، ومن أجل نجدة إخوانهم العرب في وقت الشدة. هناك، على سبيل المثال، دول تستضيف مئات الآلاف – وأكثر- من اللاجئين السوريين، ودول تفعل كل ما بوسعها لكي لا يسقط إخواننا في اليمن والصومال في هوة المجاعة. ولكن أقول بكل صراحة إن إطفاء الأزمات العربية المشتعلة وليس فقط التخفيف من حدتها أو التعايش معها، أصبح واجباً أكثر من أي وقتٍ مضى.

لم يعد مقبولاً الإلقاء بأزماتنا العربية على كاهل مجتمع دولي ينوء بأحمال ثقال، وينشغل بقضايا أخرى ضاغطة ومُلحة.

وأكد على أن الإرادة العربية قادرةٌ على التدخل الفعال لتسوية الأزمات العربية، إن هي استجمعت قوتها الإجمالية، وهذه الجامعة العربية هي محصلةُ إراداتكم. وقدرتها على التحرك والفعل مرهونة بحجم الدعم والتفويض الممنوح لها من الدول. ويقيني أنها قادرة على التحرك إن اجتمعت الإرادة وتحقق التوافق المطلوب.

واستطرد: إنني من أشد أنصار تعريب حلول وتسويات الأزمات التي تواجه بعض دولنا، صحيحٌ أن المشكلات معقدة وتتشابك فيها المصالح والأيدي الإقليمية والدولية، لكن يبقى أننا كعرب نفهم بعضنا، ونعرف حدود مصالحنا أكثر من أي طرف خارج منظومتنا. وهذه دعوةٌ لتكثيف الانخراط العربي في تسوية المشكلات والأزمات العربية، نأمل أن تُفضي إلى تحقيق نتائج إيجابية.

وحول الوضع في سوريا قال: لا زالت التطورات في سوريا تحتاج إلى جهد عربي رائد ومبادر يضع البصمة العربية على خارطة تسوية الوضع المأزوم في هذا البلد العربي المهم، ويحتاج الأمر إلى إبداء المرونة من جميع الأطراف المعنية حتى يُمكن تبديد ظلمة الانهيار الاقتصادي والانسداد السياسي وغلق صفحة الماضي بآلامها، والسعي نحو وضع جديد يُتيح انخراط سوريا في محيطها العربي الطبيعي، وفي جامعتها العربية التي هي من دولها المؤسسة.

وحول الوضع في ليبيا، قال: إننا نتابع عن كثب كافة التطورات، ونقول إن الأمور تحتاج إلى مزيدٍ من المرونة من كافة الأطراف الليبية -وبمساعدةٍ عربية أساساً وهي ممكنة- من أجل تخطي العقبات التي تحول دون إجراء الانتخابات في القريب، وستستمر الجامعة في متابعة الأمر بكل تجردٍ، واضعةً نصب أعينها هدف تحقيق تطلعات الليبيين على أساس قرارات مجلسكم الموقر.

وأكد أن المنطقة العربية، شئنا أم أبينا، تقع في قلب الأزمات فهي، من ناحية، ركيزةٌ أساسية في معادلة إمدادات الطاقة وأسعارها العالمية، ومن ناحية أخرى، هي ضحية أولى للتغير المناخي وآثاره المُدمرة، من حيث الجفاف وغيره. ومن ناحية ثالثة، تُعاني المنطقة من تهديد خطير لأمنها الغذائي، كما تقع غالبية دولُها في نطاق الفقر المائي، فضلاً عما تواجهه بعض دولها من تصرفات غير قانونية من جانب جيرانها من شأنها تعريض أمنها المائي للخطر.

وشدد على أن "هذه الثلاثية الخطيرة؛ الغذاء والطاقة والمناخ، تُمثل حلقة متصلة، ومنظومة مترابطة. فإنتاج الغذاء يعتمد على أسعار الطاقة واستقرار المناخ. والتغير المناخي يتأثر في الأساس بالانبعاثات المتولدة عن انتاج الطاقة. والعناصر الثلاثة صارت عنواناً للأزمة العالمية التي نشهدها حالياً. بكل تبعاتها الاقتصادية والإنسانية التي تتحملها الشعوب، والتي قد تشتد وطأتها في هذا الشتاء. ولا شك أننا نتابع جميعاً الآثار المزدوجة للجائحة والحرب في أوكرانيا. وما أفرزته ولا تزال من تبعاتٍ اقتصادية سلبية. صار واضحاً أن العالم أجمع سيضطر للتعامل معها لفترةٍ طويلة قادمة".

ولفت إلى أن الدول العربية في حاجة ماسة لاستراتيجية شاملة للتعامل مع "حالة الأزمة الممتدة"، يحتاج الأمر في تقديري إلى تفكير طويل المدى من أجل تحصين المجتمعات العربية وتعزيز صمودها في مواجهة صدماتٍ داهمة ونوازل مفاجئة.