من هم "الحوثيون"؟
يختلف المراقبون حول مدى ارتباط الحوثيين بإيران إذ تملك الحركة الحوثية جذورا حقيقية في المجتمع اليمني، لكن الأكيد أن ارتباطهم بالجمهورية الإسلامية ازداد بشكل كبير في السنوات الأخيرة.
يختلف المراقبون حول مدى ارتباط الحوثيين بإيران إذ تملك الحركة الحوثية جذورا حقيقية في المجتمع اليمني، لكن الأكيد أن ارتباطهم بالجمهورية الإسلامية ازداد بشكل كبير في السنوات الأخيرة.
يوجد أكبر تجمع للزيدية في محافظة صعدة (على بُعد 240 كم شمال صنعاء)، وفي عام 1986م تم إنشاء "اتحاد الشباب"، وهي هيئة تهدف إلى تدريس المذهب الزيدي لمعتنقيه، كان بدر الدين الحوثي - وهو من كبار علماء الزيدية آنذاك- من ضمن المدرِّسين في هذه الهيئة.
وفي عام 1990م حدثت الوَحْدة اليمنية، وفُتح المجال أمام التعددية الحزبية، ومن ثَمَّ تحول اتحاد الشباب إلى حزب الحق الذي يمثِّل الطائفة الزيدية في اليمن، وظهر حسين بدر الدين الحوثي - وهو ابن العالم بدر الدين الحوثي- كأحد أبرز القياديين السياسيين فيه، ودخل مجلس النواب في سنة 1993م، وكذلك في سنة 1997م.
تزامن مع هذه الأحداث حدوث خلاف كبير جدًّا بين بدر الدين الحوثي وبين بقية علماء الزيدية في اليمن حول فتوى تاريخية وافق عليها علماء الزيدية اليمنيون، وعلى رأسهم المرجع مجد الدين المؤيدي، والتي تقضي بأن شرط النسب الهاشميّ للإمامة صار غير مقبولاً اليوم، وأن هذا كان لظروف تاريخية، وأن الشعب يمكن له أن يختار مَن هو جديرٌ لحكمه دون شرط أن يكون من نسل الحسن أو الحسين رضي الله عنهما.
اعترض بدر الدين الحوثي على هذه الفتوى بشدَّة، خاصة أنه من فرقة "الجارودية"، وهي إحدى فرق الزيدية التي تتقارب في أفكارها نسبيًّا مع الأثني عشرية. وتطوَّر الأمر أكثر مع بدر الدين الحوثي، حيث بدأ يدافع علانية عن المذهب الأثني عشري، بل إنه أصدر كتابًا بعنوان "الزيدية في اليمن"، يشرح فيه أوجه التقارب بين الزيدية والأثني عشرية؛ ونظرًا للمقاومة الشديدة لفكره المنحرف عن الزيدية، فإنّه اضطر إلى الهجرة إلى طهران حيث عاش هناك عدة سنوات.
وعلى الرغم من ترك بدر الدين الحوثي للساحة اليمنية إلا أن أفكاره الأثني عشرية بدأت في الانتشار، خاصة في منطقة صعدة والمناطق المحيطة، وهذا منذ نهاية التسعينيات، وتحديدًا منذ سنة 1997م، وفي نفس الوقت انشقَّ ابنه حسين بدر الدين الحوثي عن حزب الحق، وكوَّن جماعة خاصة به، وكانت في البداية جماعة ثقافية دينية فكرية، بل إنها كانت تتعاون مع الحكومة لمقاومة المد الإسلامي السُّنِّي المتمثل في حزب التجمع اليمني للإصلاح، ولكن الجماعة ما لبثت أن أخذت اتجاهًا
بشكل عام الحوثيون حركة سياسية دينية اجتماعية مسلحة تأسست عام 1992 وباتت تتخذ رسمياً اسم "أنصار الله"، وتمت تسميتهم بالحوثيين نسبة إلى مؤسسهم حسين الحوثي الذي قتل في 2004 ووالده المرشد الروحي للحركة بدر الدين الحوثي.
خاض الحوثيون ومعقلهم محافظة صعدة في شمال غرب اليمن، 6 حروب مع نظام الرئيس السابق علي عبدالله صالح في الفترة الممتدة بين عامي 2004 و 2010، بيد أن صالح تحول إلى حليفهم الرئيسي قبل مقتله وكان يعتبر القوة الحقيقية خلف صعودهم المثير منذ 2014.
وينتمي الحوثيون إلى الطائفة الزيدية الشيعية والتي يشكل أتباعها أغلبية في شمال اليمن وأكثر من ثلث سكان البلاد، إلا أنهم متهمون بالتقارب عقائديا مع المذهب الشيعي الأثني عشري الذي يسود في إيران والعراق ولبنان، وذلك مع حصولهم على رعاية من إيران.
وبدأ الحوثيون في 2014 حملة توسعية وضعوا يدهم خلالها على معظم معاقل النفوذ للقوى التقليدية في شمال اليمن، لا سيما آل الأحمر زعماء قبائل حاشد النافذة، وسيطروا على صنعاء في 21 سبتمبر مستفيدين من عدم مقاومة الجيش الموالي بنسبة كبيرة للرئيس السابق علي عبدالله صالح.
كما سيطروا على دار الرئاسة في يناير وحلوا البرلمان ومؤسسات الدولة في فبراير وفرضوا الإقامة الجبرية على الرئيس عبد ربه منصور هادي الذي تمكن من الفرار إلى مدينة عدن الجنوبية وأعلنها عاصمة مؤقتة.
وأتى التدخل العسكري الذي تقوده السعودية بينما كان الحوثيون قاب قوسين أو أدنى من السيطرة على عدن.
يختلف المراقبون حول مدى ارتباط الحوثيين بإيران إذ تملك الحركة الحوثية جذورا حقيقية في المجتمع اليمني، لكن الأكيد أن ارتباطهم بالجمهورية الإسلامية ازداد بشكل كبير في السنوات الأخيرة.
ومع سحب الدول الكبرى ودول الخليج سفاراتها من صنعاء، رد الحوثيون على العزلة الدولية بفتح جسر جوي مباشر مع إيران التي تعهدت بدورها بتأمين الوقود لمناطقهم وبناء محطات كهرباء، فضلا عن دعمهم في التصريحات الرسمية كـ"ثورة شعبية" يمنية داخلية.
ويذكر زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي بزعيم حزب الله اللبناني حسن نصر الله، من حيث الطريقة في التعبير أو في مضمون الخطاب الذي يركز على محاربة الفساد والعداء للغرب وإسرائيل. وشعار الحوثيين هو "الله أكبر، الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود، النصر للإسلام".
الأهداف الحقيقية للحوثيين تعيد الظاهرة الحوثية أشباح ماضي الإمامة الزيدية مع تأكيد آل الحوثي انتماءهم إلى آل البيت وانتسابهم الى إرث أئمة الممالك الزيدية التي حكمت شمال اليمن طوال 1000 عام تقريبا حتى العام 1962 حين أطاحت بالإمام البدر ثورة تهيمن عليها شخصيات سنية. واستمر الصراع في السبعينيات بين أنصار الزيدية والجمهوريين السنة.
ويتهم الحوثيون من قبل خصومهم عموما بالسعي إلى عودة الإمامة الزيدية ولو أن ذلك لا يشكل جزءا من خطابهم السياسي المرتكز على تمكين "إرادة الشعب" و"محاربة الفساد والمفسدين" ومحاربة التطرف السني.
وكان يعتقد في السابق أن حملتهم العسكرية في الشمال عام 2014 تهدف إلى ضمان أكبر قدر من الأراضي لهم في اليمن الاتحادي الذي يفترض أن ينشأ بموجب قرارات الحوار الوطني، إلا أن تمددهم إلى سائر أنحاء البلاد عزز المخاوف من سعيهم للسيطرة على سائر اليمن.