تحت عنوان "أردوغان يوجه ضربة لاقتصاد تركيا"، تناولت افتتاحية صحيفة الفايننشال تايمز البريطانية، الأخطاء الكارثية التي يرتبكها الرئيس التركي نتيجة قراراته الإقتصادية الخاطئة، وقالت الصحيفة إن إقالة الرئيس رجب طيب أردوغان لمحافظ البنك المركزي مراد تشيتن، وتعيين نائبه مكانه، ستنعكس سلبا على الاقتصاد.
وأعتبرت الصحيفة البريطانية أنه بعدما تعرض الرئيس التركي لأكثر من خسارة في صناديق الاقتراع، كان يجب عليه توخي الحذر في قراراته لاسيما تلك المتعلقة باقتصاد البلاد "الهش".
"قرار الرئيس التركي المتهور بإقالة حاكم مصرف البلاد السبت يثبت أنه لن يخفف من ميوله الاستبدادية أو كبح جماح سياسته الاقتصادية غير التقليدية"، حسبما ذكرت الفايننشال تايمز.
وأشارت الصحيفة إلى أن القرار الإقتصادي الخاطئ يأتي في ظل تهديد الاقتصاد التركي بعقوبات جديدة من الولايات المتحدة، لافتة إلى إن تركيا بصدد استلام منظومة الصواريخ الروسية إس-400، التي تعتبر واشنطن أنها تشكل تهديدًا لطائراتها من طراز إف-35، وهو م يجعل آخر شيء تريده تركيا اليوم هو زعزعة ثقة المستثمرين أو زيادة الضغط على الليرة التركية.
وقالت الصحيفة إن أر دوغان لم يقدم أي تفسير رسمي يذكر لسبب إقالة حاكم البنك المركزي الذي يشيد المستثمرون بكفاءته. وختمت الافتتاحية بالقول إن "الرئيس التركي يلعب بالنار، ويخاطر بمنصبه في حال تسبب بانهيار الاقتصاد في البلاد".
وأكدت وكالة بلومبرغ تراجع قيمة الأصول التركية والعملية الوطنية مع فقدان المستثمرين الثقة في مصداقية البنك المركزي بعد قرارات أردوغان، ووصفة الوكالة الأمريكية الأصول التركية بأنها "تغرق" وسط قلق المستثمرين بشأن مصداقية البنك المركزي التركي، وقالت: :"إن الليرة والأسهم التركية قد انخفضت بشكل ملحوظ بعد قرار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بتغيير محافظ البنك المركزي، الأمر الذي أثار مخاوف بشأن خفض تكاليف الاقتراض بشكل أسرع من المتوقع".
وتابع التقرير: "إن الليرة التركية قد انخفضت بأكثر من 3٪ مقابل الدولار، وهو أكبر انخفاض له منذ شهر مارس الماضي، منهياً صعودها العالمي خلال الشهرين الماضيين".
أما "نيويورك تايمز" الأمريكية فأكدت أن الأزمة الاقتصادية المؤلمة للإقتصاد التركي مستمرة، وأستشهدت بإغلاق شركة ليبتون لأحد مصانعها في البلاد، وتابعت: "ألغت شركة ليبتون العملاقة متعددة الجنسيات الإنتاج في أحد مصانعها الثلاثة لتصنيع الشاي في المنطقة. فقد خفضت مشتريات الشاي من المزارعين المحليين، مما عطل التجارة في البلدات والقرى المحيطة."
واضافت: "بعد مرور أكثر من عام على بداية الكارثة الاقتصادية التي هزت قبضة رئيس تركيا القوي رجب طيب أردوغان التي كانت لا تقهر ، فإن هذه الدولة التي يبلغ عدد سكانها 80 مليون نسمة لا تزال عالقة في مكان غير مريح من هذه الأزمة الإقتصادية".
"لقد تجنبت تركيا الانهيار الذي بدا ممكنًا في الصيف الماضي عندما تراجعت الليرة بقوة، لكن استعادة الاستقرار أصبح بعيد المنال.. لا تزال عملة تركيا محطمة، بينما تظل ديونها الخارجية كبيرة. ومعدلات التضخم والبطالة مرتفعة بشكل مثير للقلق. النمو الاقتصادي ضئيل للغاية، والقلق كبير وسط شعور بأن هناك المزيد من المتاعب في المستقبل"، بحسب نيويورك تايمز.
وتابعت: "هذا الأمر يبدو واضحًا حيث تواجه تركيا حالة من عدم اليقين السياسي بعد الاهانة المفزعة التي تعرض لها حزب أردوغان الحاكم في الانتخابات البلدية الأخيرة في اسطنبول. إن الرئيس الذي يتمتع بسمعة طيبة بتجاهل الحقائق غير المستساغة، أو سحق أولئك الذين يمارسونها، يظهر الآن تحت رحمة القوات التي لا يستطيع قيادتها: وهي الأسواق الدولية".
"إنشقاق" مهندس الإقتصاد التركي
ويأتي الإنهيار الاقتصادي الذي تسببت فيه قرارات أردوغان بالتزامن مع إنشقاق أحد حلفاءه السابقين عن حزب العدالة والتنمية، وقال نائب رئيس وزراء تركيا السابق علي باباجان يوم الاثنين إنه استقال من حزب العدالة والتنمية الحاكم الذي يتزعمه الرئيس رجب طيب أردوغان بسبب "خلافات عميقة" حول توجه الحزب مضيفا أن تركيا تحتاج إلى رؤية جديدة، حسبما أفادت رويترز.
وقال باباجان في بيان "في ظل الظروف الحالية، تحتاج تركيا إلى رؤية جديدة تماما لمستقبلها. هناك حاجة إلى تحليلات صحيحة في كل مجال، واستراتيجيات مطورة حديثا وخطط وبرامج لبلادنا". وتابع: "صار محتما بدء جهد جديد من أجل حاضر تركيا ومستقبلها. كثير من زملائي وأنا نشعر بمسؤولية عظيمة وتاريخية نحو هذا الجهد".
ونقلت الوكالة عن مصادر إن باباجان والرئيس السابق عبد الله جول يعتزمان تشكيل حزب سياسي منافس هذا العام في خطوة يمكن أن تزيد من تراجع شعبية حزب أردوغان بعد الهزيمة الانتخابية الصاعقة التي مني بها في اسطنبول الشهر الماضي.
وشغل باباجان منصبي وزير الاقتصاد ووزير الخارجية في السنوات الأولى من حكم حزب العدالة والتنمية قبل تعيينه نائبا لرئيس الوزراء وهو المنصب الذي شغله في الفترة من 2009 إلى 2015. وشغل جول منصب الرئيس من 2007 إلى 2014 قبل أن ينتقل أردوغان من رئاسة الوزراء إلى رئاسة تركيا، بحسب رويترز.