مخاوف من زيادة الهجرة وتضاعف مخاطرها في المتوسط 

فيما تتخذ الدول الأوروبية إجراءات وقائية مشددة للغاية للحد من جائحة كورونا، بات البحر الأبيض المتوسط مسرحاً لحوادث مأساوية تبقى طي الكتمان، فيما تتخوف المنظمات الغير حكومية من تزايد أعداد الغرقى من المهاجرين.

قوارب المهاجرين الفارين من العنف في ليبيا لم تتوقف عن الإبحار باتجاه السواحل الأوروبية، فيما أغلقت إيطاليا ومالطا موانئها أمام المهاجرين وسفن الإنقاذ، مبررة ذلك بأنه جزء من خطتها لمكافحة فيروس كورونا المستجد.

حتى بعد أن أغلقت الدول الأوروبية أبوابها، استمرت سفينتا إنقاذ بالابحار أمام السواحل الليبية. في أوائل نيسان/أبريل الماضي أنقذت "آلان كردي" التابعة للمنظمة غير الحكومية الألمانية "سي آي" و"آيتا ماري" الإسبانية عشرات المهاجرين الذين كانوا على وشك الغرق.

المتوسط يخلو من سفن الإنقاذ

لكن منذ أكثر من إسبوع، توقفت جميع عمليات الإنقاذ بعد أن احتجزت السلطات السفينتين لأسباب وصفتها بأنها "فنية" وتعرض حياة المهاجرين للخطر.

المنظمات غير الحكومية استنكرت القرار الأخير معتبرة أن تلك الأسباب "غير مبررة" ولا تهدف سوى لـ "تعطيل مهام الإنقاذ".

وقال المبعوث الخاص لمفوضية اللاجئين في منطقة البحر الأبيض المتوسط، فنسنت كوشيتيل " إذا لم تكن هناك عمليات إنقاذ في البحر وتقاعست البلدان عن إنقاذ الناس، فسوف ينتهي الأمر إلى ظروف إنسانية خطيرة".

أكثر من 6600 محاولة عبور من ليبيا

مفوضية اللاجئين قدرت عدد الغرقى في المنطقة بـ 179 شخصا منذ بداية العام

الوضع أصبح أكثر تعقيدا مع ازدياد محاولات الهجرة من السواحل الليبية بنسبة 290%، فمنذ بداية العام وحتى نهاية نيسان سجلت 6629 محاولة عبور. كذلك الأمر بالنسبة للسواحل التونسية، التي بلغت نسبة الزيادة فيها 156 منذ كانون الثاني، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.

"سواء كان في البحر سفن إنقاذ أم لا، فذلك ليس له تأثير حقيقي على مغادرة المهاجرين، فقد أُثبت لنا ذلك بوضوح خلال هذه الفترة من جائحة كورونا، بينما كنا نسمع في العواصم الأوروبية أن تواجد المنظمات غير الحكومية يحث عمليات الهجرة"، وأوضح كوتشيل أن "75% من المهاجرين في ليبيا فقدوا وظائفهم منذ تدابير احتواء كورونا، ما قد يؤدي إلى شعورهم بالمزيد من اليأس".

صوفي بو مديرة منظمة "إس أو إس ميدتيرانييه" التي تدير سفينة "أوشن فايكنغ"، نددت بالسياسة الأوروبية حيال ملف المهاجرين، ووصفت ما يحدث بأنه "مشهد درامي"، ويتعارض مع القانون البحري الدولي الذي يفرض مساعدة أي شخص في محنة بأسرع وقت ممكن. " حالياً لا يوجد شهود ولا نعرف مدى المأساة المحتملة في منطقة البحر الأبيض المتوسط". ممر البحر الأبيض المتوسط، "لا يزال أخطر طريق للهجرة البحرية في العالم"، بحسب المنظمة الدولية للهجرة، ونظرا للظروف الحالية ازدادت احتمالية تحطم قوارب المهاجرين المتهالكة بشكل "غير مرئي بعيدا عن أنظار المجتمع الدولي".

هذه "الفترة معقدة للغاية، والصعوبات تتراكم"، تقول صوفي بو "إدارة الجائحة، إغلاق الموانئ والحدود ... بالإضافة إلى هذه القيود، نفتقد وجود آلية استجابة متفق عليها"، بالإشارة إلى اتفاقية توزيع المهاجرين بين الدول الأوروبية، والتي تمت صياغتها في نهاية عام 2019 في مالطا ولكنها بطيئة التحقيق

في رسالة مشتركة بعثتها المفوضية الأوروبية، واطلعت عليها وكالة الأنباء الفرنسية، دعا وزراء الداخلية الفرنسيون والإيطاليون والإسبان والألمان إلى إنشاء "آلية تضامن" من أجل "البحث والإنقاذ" في البحر.

حتى يتم التوصل إلى اتفاق أوروبي، وفي ظل غياب السفن الإنسانية، ينتظر حاليا على متن سفينتين سياحيتين 162 مهاجراً عالقين أمام سواحل القارة العجوز.