خبيرة في الشؤون الصينية: صراع استخباراتي كبير بين الصين وإسرائيل على معركة تل أبيب الانتخابية 

اعتبرت الدكتورة نادية حلمى، مدرس العلوم السياسية بكلية السياسة والإقتصاد جامعة بني سويف، المصرية، ومديرة وحدة دراسات جنوب وشرق آسيا أن المعركة الانتخابية في إسرائيل كشفت حجم الصراع المحتدم بين الاستخبارات الصينية والموساد الاسرائيلي من أجل حسم العملية.

وخلصت الدكتورة نادية حلمي، خبيرة الشؤون السياسية الصينية، وهي أيضا محاضر وباحث زائر بمركز دراسات الشرق الأوسط/ جامعة لوند بالسويد، في تحليل موسع حول حالة الصراع الاستخباراتي الصيني الإسرائيلي، إلى أن الطريقة المعقدة لأجهزة الإستخبارات الصينية فى إسرائيل والمنطقة وتغلغلها فى كل أركان الدولة سياسياً وإقتصادياً وثقافياً واجتماعياً وغيرها، مع عجز وعدم قدرة أجهزة الاستخبارات الأمريكية والغربية عن فك شفراتها وحل ألغاز تواجد عملاء الاستخبارات الصينية اللاعبين سواء فى الغرب أو منطقة الشرق الأوسط وإسرائيل، فى الوقت الذى تنظر فيه جميع شعوب المنطقة للصين على أنها (الملجأ الأخير) للتخلص من تلك الهيمنة الأمريكية، التى عانت منها المنطقة لعقود.

وأرجعت السبب إلى ما يجعل للاستخبارات الصينية دوراً نشطاً (غير مرئياً) فى إسرائيل والمنطقة فى انتظار ما ستسفر عنه عدداً من الأنشطة التعاونية بين الصين وعدد من الدول الإقليمية الهامة فى منطقة الشرق الأوسط كالقاهرة والرياض وطهران وتل أبيب مع حكومة أو لنقل استخبارات بكين.

وتلفت دكتورة حلمي، في تحليلها إلى أن "اجتياح الصين لإسرائيل" كما وصفته القناة العاشرة الإسرائيلية فى تحقيق خاص لها حول هذا الملف تابعته الباحثة المصرية بدقة منذ فترة، تتفق على نقطة مشتركة ألا وهى أن الإستثمارات الصينية ليس هدفها مجرد الربح، فالإستثمار فى دولة ما يمنح الصين القدرة على التأثير فى سياسات تلك الدول، وهو السبب الذهنى - الذى ربما - دفع الباحثة المصرية للربط بين انتخابات إسرائيل الدائرة وتدخل الإستخبارات الصينية لحسم تلك المعركة الإنتخابية لصالح حليفها المقرب "نتنياهو" من خلال إستثماراتها ومشروعاتها العملاقة لدى حكومة تل أبيب.  

 وكانت تقارير أمنية إسرائيلية أعلنها "فعلياً" رئيس جهاز الأمن الداخلي "الشاباك" الإسرائيلى (أرغمان) قد حذرت "صراحة" فى تقرير منشور للصحافة العبرية من تدخل دولة أجنبية فى الإنتخابات الإسرائيلية المرتقبة خلال شهر إبريل، وقد ردّت روسيا على ذلك بنفى أن يكون لديها نية بالتدخل، فيما بقيت أصابع الإتهام موجهة بالأساس إلى الصين بهذا الخصوص.

وسعت الباحثة في تحليلها إلى السعي للوصول إلى طبيعة العلاقة التي يمكن أن تربط بين جهازي الاستخبارات في البلدين، الصين من جانب، والموساد – خارجياً- والشاباك- داخلياً- من جانب آخر، لافتة إلى أن هناك حالة كبيرة من التخوف الاسرائيلي من دور الصين الاستخباراتي وإمكانية تأثيرها على العملية الانتخابية منذ وقت سابق، وهو ما يتفق مع التحذير الذى أطلقه رئيس جهاز "الشاباك" الإسرائيلى الجنرال "ناداف أرغمان" وتحذيره من قدرة الصين على التأثير فى إسرائيل وفى سياساتها المستقبلية.

وجاءت تحذيرات (أرغمان) خلال محاضرة علنية له فى جامعة تل أبيب، حذّر فيها أيضاً من نية دول أجنبية - كالصين - من التدخل فى الإنتخابات الإسرائيلية (ربما) عبر قراصنة إلكترونيين للتحكم فى سير الإنتخابات فى تل أبيب.

وتُشير الباحثة إلى وجود "جالية صينية" كبيرة فى شوارع "تل أبيب" وهو ما يثير قلقاً إسرائيلياً واسعاً.

وتتطرق الباحثة في تحليلها إلى التعريف بجهاز الاستخبارات الصيني، MSS، لافتة إلى أن تقاريراً استخباراتية تؤكد أن ما لا يقل عن (120) ألف عميل تابعين لها يعملون تحت غطاء غير رسمى فى الولايات المتحدة وكندا وأوروبا واليابان معظمهم رجال أعمال ومصرفيين وعلماء، وهو ما يدل على الرقعة الجغرافية الكبيرة التى تنتشر فيها كوادر الوكالة.

وتقول الباحثة في دراستها إن إسرائيل وأجهزتها الاستخباراتية لديها تخوف من دور الصين لديها وهو ما دفع إلى خروج أحاديث تقول إن إسرائيل بحاجة لإنشاء نظام إشراف لمنع سيطرة الشركات الصينية على بنية تحتية مركزية؛ كما أن الولايات المتحدة ذاتها تنادى إسرائيل لإتخاذ خطوات تجاه تنامي التواجد الصيني في إسرائيل، كون الشركات الصينية سوف تسيطر على تشغيل جزء من ميناء حيفا وبناء القطار السريع فى تل أبيب، فضلاً عن السعى الصينى لشراء شركات إسرائيلية كبرى.

وقد دعا مستشار الأمن القومى الأمريكى "جون بولتون" خلال زيارته إلى إسرائيل فى يناير 2019، المسؤولين الإسرائيليين لإتخاذ موقف أشد ضد الشركات الإلكترونيات الصينية.

وبحسب تقارير إعلامية إسرائيلية، أدت المخاوف من التدخل الصينى المتنامى فى قطاعات هامة للأمن القومى الإسرائيلى إلى إلغاء وزارة المالية الإسرائيلية صفقات صينية كبيرة لشراء شركتى التأمين العملاقتين الإسرائيلتين، وهما: "كلال" و "فينكس" عامى 2016 و2017 على التوالى. مع وجود "اتهامات صينية صامتة" بأن "ناداف أرغمان" مدير جهاز "الشاباك الإسرائيلى" قد شارك فى إتخاذ هذه القرارات ضد مصالح الصين.

لا يقف الأمر، وفقاً للتحليل، عند هذا الحد بل إن الصين يبدو أنها تسعى بشكل كبير، عبر استخباراتها، لدعم نتنياهو ضد منافسه، وهو ما ترجعه الباحثة إلى رغبة بكين فى السيطرة على موقع إستراتيجي كبير فى ميناء (حيفا) بالقرب من قاعدة عسكرية بحرية إسرائيلية، وهو الأمر - الذى إذا ما حدث – فإنه قد يضر بالوجود وبالقواعد الإستخباراتية الإسرائيلية، بل والأفدح أن ذلك التواجد الصينى – إذا ما نجح فى ذلك – فإنه قد يمنع السفن العسكرية الأمريكية من دخول ميناء حيفا نفسه، وهو ما تحاربه الاستخبارات المركزية الأمريكية "السى آى إيه" CIA بقوة داخل الأراضى الإسرائيلية لمواجهة هذا النفوذ الإستخباراتى الصينى المتغلغل.

وتثير الإستثمارات الصينية فى إسرائيل، وخصوصاً فى ميناء حيفا، قلقاً أمريكياً كبيراً، استدعى زيارةً من مستشار الأمن القومى الأمريكى (جون بولتون) إلى "تل أبيب" فى 7 يناير 2019، وذكرت صحيفة "يسرائيل هيوم" العبرية أن "موضوع الاستثمارات الصينية شكل "الوجبة الرئيسية" خلال اللقاء الذى جمع بين "بولتون" و "نتنياهو"، وهو صلب الإهتمام الأمريكي.