اندبندنت: الشراكة العسكرية والأمنية بين الولايات المتحدة وقبرص تغضب تركيا وتردعها

اعتبرت صحيفة اندبندنت في تقرير لها إن الشراكة الأمنية والتعاون العسكري المتنامي بين الولايات المتحدة وقبرص من شأنه ردع تركيا وإثارة غضبها في ظل تحجيمها للتحركات الاستفزازية التركية في شرق المتوسط.

وذكرت الصحيفة إنه "في إعلان يحمل رسالة واضحة من واشنطن بشأن شراكتها الإستراتيجية مع دول شرق المتوسط، أعلنت الولايات المتحدة، الأربعاء، أنها تعتزم إجراء تدريبات عسكرية مع قبرص للمرة الأولى، بعد عام من قرار الكونغرس إنهاء حظر استمر أكثر من ثلاثة عقود، على بيع الأسلحة إلى الجزيرة الواقعة في شرق البحر المتوسط، الأمر الذي أثار غضب تركيا."
ونقلت "اندبندنت عربية"، عن سفير قبرص لدى الأمم المتحدة، أندرياس مافرويانيس، قوله أن أهمية قرار الولايات المتحدة بإجراء تدريبات عسكرية مع قبرص يأتي أكثر في اتجاه الاعتراف بقبرص كشريك إستراتيجي لواشنطن في المنطقة، كما يمثل اعترافاً بقبرص كلاعب وعامل للسلام والاستقرار في شرق البحر المتوسط.
واعتبر سفير قبرص الخطوة الأمريكية بتوطيد الشراكة الأمنية مع بلاده بمثابة رسالة قوية إلى تركيا التي تحاول تجاهل قبرص كدولة وتمارس ألاعيب من خلال تقديم الجزء المحتل من الجزيرة ككيان منفصل وتقديم نفسها كمحاور. مضيفاً أن الأمر في حد ذاته يعكس، بشكل غير مباشر، موقف الولايات المتحدة والمجتمع الدولي الداعم لقبرص بشأن مسألة تعيين المناطق البحرية واستكشاف واستغلال الموارد الطبيعية فيها.
وأكدت الولايات المتحدة مراراً دعمها حقّ قبرص في مناطقها البحرية الخالصة واستنكرت أنشطة الحفر غير القانونية. وفي تعليقات للصحافة اليونانية، الأربعاء، قال ماثيو بالمر نائب مساعد وزير الخارجية الأمريكي للشؤون الأوروبية والأوراسية، إن أنشطة الحفر غير القانونية التي تقوم بها تركيا، إلى جانب توقيعها مذكرة تفاهم مع حكومة طرابلس بشأن تعيين الحدود البحرية "تأتي بنتائج عكسية" ولا تسهم في استقرار شرق البحر الأبيض المتوسط وأمنه.
وأشار بالمر إلى قلق واشنطن العميق بشأن تصرفات تركيا في المنطقة، مؤكداً أن الدبلوماسية الأمريكية أوضحت موقفها جلياً في أنقرة. وقال "كنا واضحين بشأن توقعاتنا في رسائلنا الخاصة والعامة، حول كيف نتوقع من الجميع في شرق البحر المتوسط أن يتصرفوا ويدعموا القانون الدولي بطريقة تفضّل الأمن. نحن واضحون للغاية في مناقشاتنا مع شركائنا الأتراك حول مخاوفنا".
وقال وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، إن وزارته ستقوم للمرة الأولى بتمويل تدريبات عسكرية لقبرص كجزء من "علاقتنا الأمنية الآخذة في التوسع". وأفاد في تعليقات للصحافيين بأن "هذا جزء من جهودنا لتعزيز العلاقات مع الشركاء الإقليميين الرئيسيين لتعزيز الاستقرار في شرق البحر المتوسط".
بحسب بيان السفارة الأمريكي في نيقوسيا، فإن الولايات المتحدة تخطط لتوسيع برامج التعليم والتدريب العسكري الدولي IMET لجمهورية قبرص، مع خطط لتقديم دورات مهنية وتقنية خلال عام 2021، تخضع لمخصّصات الكونغرس. وقال منشور للسفارة على فيسبوك إن الخطوة تهدف إلى تعزيز الشراكة الأمنية الأمريكي مع جمهورية قبرص، ووصفها بأنها "شريك مهم" في منطقة شرق البحر المتوسط.
ويأتي الإعلان الأمريكي في وقت يتصاعد التوتّر في منطقة شرق المتوسط في ظل إصرار تركيا على القيام بعمليات غير قانونية للتنقيب عن الغاز بالمياه الإقليمية الخاصة بجمهورية قبرص، فضلاً عن استمرار الحصار التركي مدينة فاروشا القبرصية التي تعدُّ جزءاً من منطقة فاماجوستا في الشرق، التي هجرها سكّانها بعد الاحتلال التركي للشطر الشمالي للجزيرة عام 1974.
وأعرب سفير قبرص عن أمله أن يكون توطيد الشراكة الأمنية بين البلدين "رادعاً لتركيا التي تمارس سلوكاً عدوانياً ليس فقط تجاه قبرص ولكن أيضاً ضد اليونان ودول أخرى، إذ يهدّد سلوكها السلام والاستقرار في المنطقة". مضيفاً "نحتاج إلى دعم جميع أصدقائنا والمجتمع الدولي ككل".
وفي سياق ذي صلة، أكد وزير الدفاع القبرصى خارالامبوس بيتريدس، يوم الجمعة، أن المشاركة فى برنامج التدريب العسكرى الأمريكى لا يعنى قطع العلاقات مع روسيا. وقال بيتريدس، فى تصريحات نقلتها وكالة الأنباء القبرصية، إن الهدف الدائم لوزارته هو التعاون مع جميع الدول الصديقة بلا استثناء، مشيراً إلى أن مشاركة قبرص فى البرامج الدولية تساهم فى تنمية العلاقات الثنائية، وأن برنامج التدريب العسكرى الأمريكى لا يتضمن بأى شكل قطع العلاقات القبرصية مع الدول الأخرى.
ومع اكتشافات الغاز الضخمة قبالة السواحل القبرصية واتجاه قبرص واليونان ومصر وغيرها إلى تشكيل تحالف متنامي للطاقة في المنطقة، دعمت واشنطن هذا الاتجاه بالفعل حيث تستثمر شركاتها في المنطقة، فضلا عن دعمها عسكريا لليونان وقبرص لمواجهة التصرفات العدوانية التركية، إذ تمثل طفرة الطاقة الناشئة في شرق المتوسط بديلا يحجم من هيمنة الغاز الروسي على أوروبا عبر تركيا، بحسب رؤية الإدارة الأميركية التي عبر عنها عديد من المسؤولين خلال العامين الماضيين.
وخلال اعلان التعاون العسكري المرتقب مع قبرص، قال بومبيو للصحفيين "هذا جزء من جهودنا لتعزيز العلاقات مع الشركاء الإقليميين الرئيسيين لتعزيز الاستقرار في شرق البحر الأبيض المتوسط".
"سيكون هذا التعاون جزءًا من برنامج التعليم والتدريب العسكري الدولي الأمريكي ، الذي يسعى إلى تدريب الضباط الأجانب وزيادة قابلية الدول الصديقة للعمل المتبادل مع الجيش الأمريكي."
وحذرت تركيا وما يسمى جمهورية قبرص التركية غير المعترف بها دوليا، من إنهاء الحظر المفروض على السلاح إلى قبرص، قائلة إنه سيخل بتوازن القوى في الجزيرة.
وقالت وزارة الخارجية التركية عن إعلان بومبيو "كما أكدنا مرارا وتكرارا في الماضي ، فإن هذا النوع من الخطوات لا يسهم في جهود إيجاد حل لمشكلة قبرص بل يعزز الموقف السلبي للجانب القبرصي اليوناني".
وفرضت الولايات المتحدة الحظر في عام 1987 في محاولة لتجنب سباق التسلح والتشجيع على حل سلمي في الجزيرة، التي يشكل غالبية سكانها يونانيين، بحسب موقع "ذا ديفينس بوست".