السودان سيحاكم البشير على إتهامات "الجنائية الدولية".. ومبعوث واشنطن يبدأ الوساطة

قال المجلس العسكري الإنتقالي السوداني، إن الرئيس المعزول عمر البشير، سيحاكم على كافة الجرائم المتهم بها من قبل المحكمة الجنائية الدولية في الخرطوم، ليحسم الجدل حول مطالب تسليمه للمحكمة.

وشدد المجلس العسكري السوداني على عدم السماح بمحاكمة أي سوداني في الخارج. وأكد المجلس العسكري: "محاكمة البشير في العاصمة الخرطوم سيجري بثها على الهواء مباشرة".

وبحسب صحيفة "الإنتباهة" السودانية، فقد أوضح رئيس اللجنة الفئوية والاجتماعية بالمجلس صلاح عبد الخالق، أن مدعي المحكمة الجنائية الدولية طالبت الخرطوم بتقديم البشير إلى المحكمة أو محاكمته داخل السودان، لافتا إلى أنهم يرحبون بمحاكمته بالداخل، ولفت إلى أن عمر البشير سيحاكم على كل القضايا التي يواجه فيها اتهامات بارتكاب جرائم في دارفور، وستكون محاكمته منقولة على الهواء مباشرة.

وفي الوقت الذي أعلنت فيه عدة أطراف سودانية رفض الوساطة الإثيوبية بدأ المبعوث الأمريكي للسودان دونالد روث جولة جديدة من المباحثات مع المجلس العسكري الانتقالي وقوى إعلان الحرية والتغيير،  وقال المبعوث الأمريكي في تصريح صحفي اليوم الثلاثاء، إن المشاورات تستهدف دفع الطرفين لاستئناف التفاوض المباشر، مؤكدا أن الأطراف السودانية قادرة على الدخول في الفترة الانتقالية في أقرب وقت ممكن، مشيرا إلى أن الوساطة الأفريقية تحركت نحو الوصول إلى توافق بين الطرفين .

وفي سياق متصل، وصل وفد الترويكا الأوروبية إلى الخرطوم اليوم لدعم التوصل لاتفاق سلمي.

وأكد نائب رئيس المجلس العسكري السوداني الإنتقالي الفريق محمد حمدان دقلو إن بلاده لا تتحمل الفراغ الدستوري أكثر من ذلك، داعيا جميع أطياف الشعب والأحزاب للحوار للتشكيل الحكومي.

وأوضح الفريق الملقب بـ"حميدتي" أنه لم يتم التوصل إلى اتفاق على نسبة التمثيل في المجلس السيادي مع قوى الحرية والتغيير، كما أعلن الجانب الإثيوبي موضحا أن مهمة الوسيط الأثيوبي اقتصرت على تهيئة الأطراف لاستئناف المفاوضات، داعيا إلى حوار وطني شامل للتوصل إلى دستور يرضي تطلعات الشعب، مطالبا الشباب بالمشاركة بفاعلية في تحقيق التغيير الذي نادى به الشعب السوداني.

كما دعا حميدتي "الحركة الشعبية قطاع الشمال"، وهي ميليشيا، للانضمام لـ"مسيرة السلام"، وأكد إطلاق سراح جميع المعتقلين من الحركات المسلحة وأنه لا يوجد أي معتقل سياسي بالبلاد.

إلقاء اللوم على أنصار النظام السابق

واتهم نائب رئيس المجلس العسكري الفريق أول محمد حمدان دقلو الملقب بحميدتي أعضاء للمؤتمر الوطني (حزب الرئيس السابق) بالوقوف خلف الاضرابات والمظاهرات لمداراة ملفات فسادهم وتغطية فضائحهم، بحسب قوله.

ولوّح حميدتي بإجراءات سريعة ومستعجلة لمعالجة ارتفاع أسعار الدولار والذهب قائلا: "العلاج سيكون جذرياً وليس بالبندول(مسكن الآلام)"، وذلك حسبما نقلت عنه صحيفة "الإنتباهة" السودانية اليومية. وأشار حميدتي الى غياب الرقابة في الأسواق مما فاقم من زيادة الأسعار بنسب كبيرة، وجزم بأن الدولة ستتجاوز محنتها، وقال حميدتي في خطاب أمام حشد جماهيري أمس، إنهم سمعوا بمقترحات الوساطة الإثيوبية من التلفزيون قبل أن يصل الوسيط من بلاده، وتابع بالقول "الإملاءات جاتنا جاهزة مثل الجلابية مفصلة بمقاس محدد". وطالب حميدتي باقتسام مقاعد المجلس التشريعي 50% للحرية والتغيير ومثلها لباقي الأحزاب.

مبادرة وطنية ورفض للمبادرة الإثيوبية

تجمع عشرات المحتجين السودانيين، يوم الإثنين، أمام مقر السفارة الإثيوبية بالخرطوم للتنديد بالتدخل في شؤون البلاد الداخلية، في وقت تتسع فيه دائرة الرفض للوساطة الإثيوبية، كما تنشغل أديس أبابا بالاضطراب الذي شهدته البلاد هذا الأسبوع بعد محاولة إنقلاب فاشلة.

وأعلن رئيس حزب الأمة القومي، والمعارض التاريخي الدكتور الصادق المهدي عن تبنيه لمبادرة وطنية جديدة لإحتواء الأزمة السودانية الحالية وأعتبر أن المُبادرة الإثيوبية لا تؤثر بصورة إيجابية على ما يمكن تحقيقه في البلاد.

وقال المهدي خلال إجتماع مع الحزب الإتحادي الديمقراطي برئاسة دكتور حسن هلال، والإتحادي الأصل برئاسة هاشم عمر بمنزله بأم درمان، أمس: "نعول على المبادرات الوطنية ولكنها تتطلب موافقة كل الأطراف المجلس العسكري، وقوى الحرية والتغيير، والأطراف خارجها".

وشدد على ضرورة قبول ما أسماها بالوساطة التحكيمية، وقال: "إما قبول التحكيم الوطني، أو مواجهة الجحيم" موضحا أن قوى الحرية والتغيير تمتلك سلاح العصيان والتحرك المدني، بينما المجلس العسكري يمتلك سلاح الإجراءات الأمنية، ووصف الموقف في البلاد بـ"الخطير".

وحذر المهدي من تخوّف المجتمع الدولي مما قد يحدث في السودان، وحذر من أنه حال حدوث أي اضطراب في السودان، سيتوسع إلى أبعد نطاق، لكونه في منطقة وسط، قربية لجماعة "بوكو حرام"، و "حركة الشباب الصوماليين"، و"تنظيم القاعدة بجزيرة سيناء"، وغيرها من الحركات المتطرفة. وذلك في الوقت الذي أعلن رئيس دائرة الإعلام بجهاز الأمن والمخابرات السوداني اللواء عبد القادر حسان أن قوة من الجهاز ضبطت شحنة أسلحة كبيرة كانت في طريقها من تخوم كردفان إلى شرق النيل.

وتكررت تصريحات قيادات المجلس العسكري السوداني ضد المبادرة الإثيوبية، لعدم تطابقها مع تصريحات رئيس الوزراء الإثيوبي الذي شهدت بلاده هذا الأسبوع محاولة إنقلاب فاشلة سقط خلالها رئيس أكان الجيش الإثيوبي، وقال المجلس العسكري الانتقالي في السودان، إنه كان ينتظر مبادرة موحدة من الوسيطين الإثيوبي والإفريقي، ولفت المتحدث باسم المجلس العكسري، شمس الدين كباشي،  إلى إن رئيس المجلس لم يطلع على الورقة الإثيوبية التي وصفها بأنها تخالف الاتفاق مع رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد.

وكان "حميدتي" قد أكد أن رئيس وزراء إثيوبيا لم يكن وسيطا، مشيرا إلى أن مهمته كانت جعل الطرفين يجلسان سويا، وتهيئة الظروف للمفاوضات.

وشارك آلاف المحتجين اليوم بدعوة من تجمع المهنيين السودانيين وقفات إحتجاجية أمام مكان عملهم مطالبين بمحاكمة المتورطين في فض الاعتصام أمام مقر القيادة العامة للقوات المسلحة بالقوة مما أسفر عن سقوط عشرات الضحايا بين قتلى وجرحى.

وأعلنت حركتان مسلحتان في السودان ترحيبهما بقرار المجلس العسكري الخاص بتشكيل لجنة عليا للتواصل مع المسلحين، لتحقيق السلام في دارفور ومنطقتي جبال النوبة والنيل الأزرق.