واشنطن بوست: حديث جراهام حول خطة ترامب يكشف نية البقاء لأجل غير مسمى في سوريا

ذكر تقرير تحليلي نشرته صحيفة "واشنطن بوست" أن وصف ليندسي جراهام لخطة ترامب بالانسحاب من سوريا تبدو مثيرة للشكوك حول كونها في واقع الأمر خطة للبقاء في سوريا، وذلك بعد أن قال السيناتور الشهير أن الانسحاب سيكون بطيئا.

وقال المحلل السياسي البريطاني أدم تيلور المتخصص في الشؤون الخارجية في "واشنطن بوست" أن السيناتور ليندسي جراهام المعروف أنه أحد الحلفاء الرئيسيين للرئيس ترامب، كان قد استهزأ بقرار الرئيس الأمريكي بسحب القوات الأمريكية من سوريا، وذلك في البيان الذي أصدره وقال فيه أن قرار الانسحاب يعتبر "خطأ أوباماوي قامت به إدارة ترامب"، في إشارة إلى سياسة ادارة أوباما المترددة التي جاء ترامب لتصحيحها.

ولكن بعد لقاء السيناتور بترامب خلال نهاية الأسبوع الماضي، أعلن جراهام أن الرئيس قال له أشياء لم يكن يعرفها جعلت وجهة نظره تتغير تماما حول ما يقوم به ترامب حاليا في سوريا، وقد آثر هذا التفاؤل الأسئلة حول خطة ترامب لمغادرة سوريا.

واعتبر الكاتب أن هناك سبب واحد كبير ولكنه مربك إلى حد ما في رواية جراهام، إذ تبدو معه أن خطة ترامب لمغادرة سوريا، هي بصورة أخرة خطة يمكن تمديدها إلى أجل غير مسمى أيضا، وهو ما يعبر عنه جراهام في حديثه للصحفيين بعد خروجه من البيت الأبيض ووصفه لخطة ترامب بأنها "خطة للتوقف" بدلا من الانسحاب.

وأشارت تغريدات السيناتور الأمريكي إلى مزيد من التفاصيل حول خطة ترامب، الذي أكد أن أي انسحاب من سوريا، سيتم بأسلوب دمار دائم لداعش، وأن إيران لن تملئ الفراغ الأمريكي، والهدف الثالث هو "حماية حلفائنا الكرد".

واعتبر الكاتب أنه بالنظر إلى هذه العناصر الثلاثة، لن يكون الانسحاب الكامل ممكنا في المستقبل القريب، مشيراً إلى أن لغة ترامب حول "هزيمة داعش" قد تغيرت، وكان ترامب اقترح سابقاً أن جماعة "داعش"، قد هُزمت، وهذا هو السبب في أنه يشعر بالارتياح لسحب القوات الأمريكية من سوريا.

ومع ذلك، قال العديد من المحللين إن داعش لم تهزم تماماً كما قد يبدو؛ وقالت الحكومة الأمريكية أن داعش قد لا يزال لديه عشرات الآلاف من المقاتلين في سوريا والعراق، ولفت الكاتب إلى أن ترامب قد خفف من نبرته حول الهزيمة واصبح يشير فقط إلى أن هذه المجموعة "ماتت في الغالب" وأن القوات الأمريكية ستُعاد إلى بلادها "ببطء".

وأكد الكاتب أن هزيمة داعش بشكل حاسم ليست بالمهمة السهلة، ولكن ما يصعب القيام بذلك هو أن يتم هزيمتها وتقليص نفوذ ايران في سوريا في نفس الوقت، معتبراً أن هناك بعض الدلائل على أن القوات الأمريكية في سوريا أعادت تشكيل نفسها للعمل على احتواء القوات الإيرانية في البلاد، لكن إعلان ترامب المفاجئ يشير إلى أن المهمة انتهت.

ويخشى بعض المحللين من أنه في حال ترك القوات الإيرانية في سوريا، التي ساعدت في دعم جيش الرئيس السوري بشار الأسد، دون رقابة، فلن يكون بمقدورها التأثير على ذلك البلد فحسب، بل أيضًا على إنشاء ممر بري من طهران إلى البحر المتوسط يسمح لهم بتحدي حلفاء الولايات المتحدة الآخرين في المنطقة، وبالأخص إسرائيل دعم الحلفاء الكرد السوريين يضيف تجعدًا آخر إلى أي خطة للانسحاب.

وكان التهديد التركي الشهر الماضي لغزو المناطق الكردية في سوريا قاد الولايات المتحدة إلى القيام بدوريات على عجل على طول الحدود.

وجاء إعلان ترامب للانسحاب بعد وقت قصير من حديثه عبر الهاتف مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، مما أثار تكهنات بأن غزو تركيا وشيك.

هذه المخاوف الثلاثة ليست جديدة. في الواقع، ويبدو وصف جراهام لخطة انسحاب ترامب وكأنه الخطة التي وصفها وزير الخارجية آنذاك ريكس تيلرسون قبل عام تقريبًا، وهي خطة اقترحت نشرًا عسكريًا أمريكيًا لأجل غير مسمى في سوريا، وذلك في المقام الأول في محاولة لاحتواء إيران.

كما يبدو الأمر شبيهًا بالخطة الأحدث عهداً التي تبناها جيمس جيفري، وهو ضابط كبير متقاعد، والذي تم تسميته كممثل للوزير مايك بومبيو بشأن سوريا، كما وصف جيفري استمرار وجود الولايات المتحدة في سوريا لضمان هزيمة داعش ومكافحة التأثير الإيراني، بقوله "هذا يعني أننا لسنا في عجلة من أمرنا".

هذا الوجود لأجل غير مسمى في سوريا لم يتناسب حقاً مع انتقادات ترامب المتكررة للانتشار الأمريكي في الخارج. ولعل ذلك ما دفع ترامب لتأكيد ذلك، أمس الأثنين، على "تويتر" بقوله أنه قام بحملة ضد الحروب اللانهائية.

لكن وصف جراهام لخطة انسحاب ترامب لا يبدو وكأنه نهاية لوجود أمريكا في سوريا.

وحتى إذا كان تقرير السناتور عن خطة ترامب ليس دقيقًا في نهاية المطاف، فإنه يضيف فقط مزيد من الارتباك لكل من الحلفاء والأعداء بشأن دور أمريكا في الشرق الأوسط في المستقبل.