نائب المبعوث الأممي إلى سوريا سابقا: أردوغان في موقف ضعيف أمام بوتين

قال نائب المبعوث الأممي الخاص لسوريا سابقا الدبلوماسي المصري رمزي عز الدين رمزي، إن رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان يبدو في موقف ضعف أمام الرئيس الروسي بوتين، في القمة المنعقدة بينهما حول سوريا.

واعتبر السفير رمزي، في مقال منشور بصحيفة الشرق الأوسط اللندنية، أنه في الوقت الذي تتجه فيه الأنظار إلى القمة بين الرئيسين بوتين وإردوغان، وبصفة خاصة إلى من سيستطيع تحقيق أكبر قدر من النجاح بالمقارنة بالآخر، "في تقديري أنَّه سيكون الرئيس بوتين، ليس فقط لأنَّه في الموقف الأقوى، وإنَّما لأنَّ الرئيس إردوغان لم يبقَ لديه إلا عدد قليل من الحلفاء والأصدقاء الذين لن يتعدَّى دعمهم له، سوى إصدار البيانات وتقديم التعاون الاستخباراتي، وحتى ذلك ليس بهدف إحداث تغيير نوعي على الأوضاع في إدلب، وإنما لمجرد تعقيد الأمور أمام دمشق وموسكو، إضافةً إلى ذلك لم تعد أحلام إردوغان التوسعية العثمانية الجديدة في الشرق الأوسط تسيطر على مخيلة غالبية الشعب التركي، خصوصاً بعد تلاشي هدف فرض نظام في دمشق".

واشار نائب المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا سابقا، إلى أن إردوغان استنفد مناوراته لتدعيم موقفه من خلال التلاعب بكلٍّ روسيا والولايات المتحدة، الأمر الذي لم يترك أمامه سوى خيار التصعيد العسكري في سوريا، مع الحرص على عدم استعداء روسيا. وفي ذات الوقت، أخفق إردوغان في الحصول على دعم ملموس من أطراف أخرى مثل حلف شمال الأطلسي (ناتو)، وكذلك من كلٍّ من الرئيس الفرنسي ماكرون والمستشارة الألمانية ميركل، عندما دعا إلى قمة رباعية (تركية - روسية - ألمانية - فرنسية)، الأمر الذي رفضته موسكو وأصرت في المقابل على أن يأتي بمفرده إلى موسكو.

واعتبر السفير إن "موسكو تؤكد دوماً أنَّ اتفاقية أضنة الموقَّعة بين سوريا وتركيا عام 1998 هي السبيل الأمثل لضمان المصالح الأمنية لكلٍّ من دمشق وأنقرة. وأعتقد أنه في نهاية الأمر سيتم التوصل إلى نسخة معدلة من هذا الاتفاق. لكن إلى أن يتحقق ذلك فثمة حاجة إلى ترتيبات مؤقتة تحقق الأهداف قصيرة الأجل لكلٍّ من دمشق وأنقرة، وفي الوقت نفسه تخدم المصالح الاستراتيجية لروسيا. ومن أجل التوصل إلى تصور بشأن تلك الترتيبات، يتعيَّن تحديد الأهداف قصيرة وطويلة الأجل لكلٍّ من موسكو ودمشق وأنقرة. وهنا يجدر التنويه إلى أن إيران ليست طرفاً أساسياً في هذا السياق على الرغم من أنها عنصر مؤثر على الساحة السورية".

أما فيما يخص الأهداف الاستراتيجية لتركيا في سوريا، "فأصبحت الآن تنحصر في أمرين: حماية حدودها الممتدة مع سوريا ممّا تعدّه تهديداً كردياً، وأن يكون لها دور في أي تسوية سياسية.. أما الأهداف قصيرة الأجل، فتتمحور حول منع الجيش السوري من الوصول إلى حدودها للحيلولة دون تدفق أعداد إضافية من اللاجئين إلى داخل الأراضي التركية، وحماية حلفائها من الجماعات السورية المسلحة التي ستحتاج إليها لضمان استتباب الأمن في منطقة الحدود. وهذا ما يفسر حرص أنقرة على إقرار ترتيبات طويلة الأمد بالاتفاق مع موسكو، تسمح لها بالتدخل العسكري في سوريا".

وتابع: "أما الحكومة السورية فهدفها الاستراتيجي الذي لن تحيد عنه، هو ممارسة كامل سيادتها على الأراضي السورية كافة، ولذلك لن تقبل بأي ترتيب طويل الأجل يقنن الوجود التركي داخل الأراضي السورية. مع ذلك فليس من المستبعد أن تقبل دمشق بترتيب مؤقت في إدلب، مثلما هو الحال ضمنياً في شمال شرقي البلاد، ولكن على أن يحقق الأهداف الملحّة لدمشق في السيطرة على الطريقين الاستراتيجيين M4 وM5 والمنطقة المتاخمة لهما، من أجل تنشيط الدورة الاقتصادية وتأمين مدينتي حلب واللاذقية من هجمات الجماعات المسلحة، الذي كان أحد أهداف دمشق من قبول الاتفاق الموقّع في سبتمبر (أيلول) 2018 بين الرئيسين التركي والروسي بإنشاء منطقة خفض التصعيد في إدلب.

في ضوء ما تقدم، فإنه على موسكو العمل على الموازنة بين الأهداف قصيرة الأجل لكل من دمشق وأنقرة، في إطار تحقيق مصالحها الاستراتيجية التي تتمثل في: أن تظلَّ أهم قوى خارجية فاعلة في سوريا، الأمر الذي من شأنه دعم مكانتها في المنطقة، والحفاظ على وجودها العسكري في قاعدة «حميميم» الجوية وقاعدة «طرطوس» البحرية، وذلك إلى جانب تعزيز علاقاتها مع تركيا.

وفي إطار تحقيق تلك المصالح، تسعى روسيا نحو تحقيق أهداف قصيرة الأمد، تتمثل في الحفاظ على الدولة السورية والعمل على إيجاد حل سياسي يحظى بموافقة دولية، وفي الوقت ذاته حماية قاعدتها الجوية في «حميميم» التي لا تزال عرضة لهجمات من طائرات مسيّرة تنطلق من إدلب إلى جانب مكافحة الإرهاب الدولي، من خلال القضاء على المقاتلين الوافدين من روسيا وجمهوريات الاتحاد السوفياتي السابق.

وأعتبر الدبلوماسي المصري إنه فيما يخص الاتفاق الجديد حول الترتيبات المؤقتة في إدلب، فمن الممكن أن يأخذ الشكل الآتي: "وقف إطلاق نار مع سيطرة الحكومة السورية على طريقي M4 وM5، ولكن دون دخول مدينة إدلب، وإنشاء منطقة آمنة لحماية اللاجئين على طول الحدود السورية - التركية في إدلب تمتد إلى مدينة إدلب مع إيجاد ترتيبات تسمح باستمرار العمليات ضد الإرهابيين، وأخيراً التوصل في فترة لاحقة إلى تفاهم لتحديث اتفاقية أضنة".

واضاف: "لا شك أن التوصل إلى اتفاقية أضنة معدلة يأخذ في الاعتبار المصالح الأمنية لكل من تركيا وسوريا بشكل متوازن، ويتعامل مع البعد الكردي للأزمة، من شأنه تعزيز مكانة روسيا كقوة كبرى ونافذة في الشرق الأوسط".