من القاهرة.. منتدى غاز شرق المتوسط يرسم خط أحمر جديد أمام أطماع أردوغان

شهدت القاهرة يوم الثلاثاء توقيع الدول المؤسسة لمنتدى غاز شرق المتوسط على الميثاق الخاص بالمنتدى والذى بمقتضاه يصبح منظمة دولية حكومية فى منطقة المتوسط، ما اعتبره مراقبون بمثابة رد قاسي على "الاستفزازات" التركية.

 

وسط توترات يونانية-تركية متصاعدة حول حقول الغاز بشرق المتوسط، وقَّعت يوم الثلاثاء في العاصمة المصرية 6 دول على ميثاق تحويل منتدى غاز شرق المتوسط رسمياً إلى منظمة حكومية بمنطقة البحر المتوسط، بهدف تطوير التعاون في مجال الغاز الطبيعى، والاستغلال الأمثل للموارد بين الدول الأعضاء التي ضمت اساسا مصر واليونان وقبرص واسرائيل بالاضافة إلى الولايات المتحدة وفرنسا والاتحاد الأوروبي  لمراقبين، أو ضيوف بحسب نص بيان وزارة البترول المصرية.

ويرى تامر أبو بكر، رئيس لجنة الطاقة بالاتحاد المصري للصناعات، إن تدشين منتدى غاز المتوسط بشكل رسمي ليُصبح منظمة دولية حكومية، ضربة قاصمة، ووضع خطاً أحمرَ جديداً لتركيا.

واعتبر الدكتور عبد الخالق عبد الله، أستاذ العلوم السياسية الاماراتي، إن تأسيس منظمة غاز شرق المتوسط بالقاهرة، مكونة من مصر والسلطة الفلسطينية وقبرص واليونان وإيطاليا والأردن، بأنه جعل من تركيا دولة منبوذة كالعادة، و"لا محل لها من الاعراب".

شارك في مراسم التوقيع، التي تمت من خلال لقاء افتراضي عبر تقنية الفيديو كونفرانس، وزراء البترول والطاقة بالدول الأعضاء، وهم وزير البترول المصري طارق الملا، ووزيرة الطاقة والتجارة والصناعة القبرصية ناتاشا باليديس، وكوستيس هاتدزاكيس وزير البيئة والطاقة اليوناني، ووزير الطاقة الإسرائيلي يوفال شتاينيتز، ووزيرة التنمية الاقتصادية الإيطالية أليساندرا تودي، بالإضافة إلى وزيرة الطاقة الأردنية هالة الزواتي، وبصفة مراقب حضر مستشار أول وزير الطاقة الأمريكي ومدير إدارة الطاقة نيابة عن مفوض الطاقة بالاتحاد الأوروبي.

اعتبر مستشار الطاقة في Hawk Energy خالد مال الله العوضي، في مقابلة مع قناة "العربية"، أن تأسيس منظمة غاز شرق المتوسط يشكل أهمية اقتصادية كبرى للدول التي وقعت على هذا الاتفاق. وأشار العوضي إلى أن هناك تحديات اقتصادية واستثمارية لإنتاج الغاز في المتوسط، كما تحديات سياسية لجهة تركيا.

وفي سياق ذي صلة، علقت صحيفة "العرب" اللندنية على الخطوة، معتبرة أنها توجه صفعة لتركيا التي حاولت تعطيل هذا التعاون بكافة الوسائل على غرار توقيعها مذكرتي تفاهم بحري ولأمني مع حكومة الوفاق الليبية قبل أشهر.
ومن جانبه، قال وزير البترول المصري، طارق الملا، إن المنتدى أصبح رسمياً منظمة دولية حكومية كبيرة في منطقة المتوسط، ومقرها القاهرة، لافتاً إلى أن ذلك يمثل انطلاقة كبيرة في رحلة تأسيس هذا الكيان الذي تطور تدريجياً ليصل إلى هذه المكانة، موضحاً أن هذه المنظمة تهتم بتعزيز التعاون وتنمية حوار سياسي منظم ومنهجي بشأن الغاز الطبيعى إسهاماً في الاستغلال الاقتصادي الأمثل لاحتياطات الدول من هذا المورد الحيوي باستخدام البنية التحتية الحالية، علاوة على إقامة بنية تحتية جديدة عند الحاجة من أجل المنفعة المشتركة ورفاهية الشعوب.

وكشف وزير البترول المصري، إن بلاده مؤهلة لتكون مركزا عالميا لصناعة الغاز، كاشفا عن احتياطي الغاز في منطقة شرق المتوسط. وأشار إلى أن احتياطي شرق المتوسط يقدر بـ320 تريليون قدم مكعب من الغاز، مشيرا إلى أن مصر تسعى للتحول إلى مركز لصناعة الغاز في المنطقة.

وقال وزير البيئة والطاقة اليوناني كوستيتس هاتدزاكيس التوقيع على ميثاق منتدى غاز المتوسط بالحدث التاريخي لدول شرق المتوسط، موضحا هذا المنتدى يُعد أول منظمة دولية في إقليم شرق المتوسط، وأن إنشاءه يؤكد قدرة الدول على التغلب فعلياً على المشاكل والتحديات ونجاحها في استثمار الطاقة كوسيلة للسلام والتعاون البناء بين دول المنطقة بدلاً من أن تكون وسيلة لإشعال النزاعات والتوترات، مضيفاً أن ما تم اليوم لا يُعد نهاية لمسيرة عمل امتدت لعامين، وإنما يمثل بداية حقيقية نحو تعاون أكثر استدامة من أجل زيادة الاستثمارات.

بدوره، أعتبر رئيس المؤسسة العربية للدراسات الاستراتيجية العميد سمير راغب، أن تحويل منتدى غاز شرق المتوسط لمنظمة إقليمية سيقطع الطريق على تركيا، موضحا أن المنظمة الإقليمية ستشهد تنسيق سياسي بين الدول الأعضاء حول التعامل مع ثروات شرق المتوسط. وأشار إلى أن هناك تدريبات عسكرية مشتركة بين عدد من الدول أعضاء منتدى غاز شرق المتوسط.

في سياق متصل، قالت مجلة دير شبيجل الألمانية، في تقرير لها، إنه في حال فشلت وساطة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في إخماد  صراع غاز المتوسط، سوف يفرض الاتحاد الأوروبي مباشرةً عقوبات على تركيا.
وشدد البيان التأسيسي على أن "المنتدى يتطلع لعضوية دول أخرى بالمنطقة طالما أنها تتماشى مع أهداف المنتدى وتتشارك نفس الأهداف لتحقيق الغاية المشتركة من أجل رفاهية دول المنطقة وشعوبها".
في 14 يناير كانون الثاني 2019 اجتمع وزراء الطاقة لكل من قبرص ومصر واليونان وإسرائيل وإيطاليا والأردن وفلسطين في القاهرة كأعضاء مؤسسين لمنتدى شرق المتوسط الاجتماع الوزاري الأول، بحضور ممثلي الاتحاد الأوروبي والبنك الدولي، وشهد الاجتماع إطلاق المنتدى كمنظمة حكومية مقرها القاهرة.