مظلوم عبدي: داعش تستعد للعودة من جديد

حذر القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي، في لقاء صحفي أجرته شبكة CNN الأمريكية، من مخاطر عودة تنظيم داعش الإرهابي وطالب بالدعم المتزايد من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية لمنع داعش من استعادة قوته.

وأشار عبدي إلى قرار الرئيس الأمريكي بسحب نصف القوات العاملة في سوريا، خلال رده على سؤال ما إذا كان يتفق مع تقرير المفتش العام في البنتاغون، الذي قال "أن داعش نشطت بعد قرار الرئيس ترامب" أجاب مظلوم عبدي " هذا رأينا أيضاً".

الوجود الفعلي لداعش على الأرض

وأضاف عبدي في حديثه، قائلاً " داعش استعدت وتأهبت للبدء بحملة جديدة، حتى قبل أن تفقد سيطرتها على آخر بقعة جغرافية، والآن تم تمكين العديد من مجموعات داعش وخلاياه، خاصة أن لديها حرية التنقل في بعض المساحات الواقعة على الحدود العراقية ومناطق غرب الفرات التي تسيطر عليها قوات النظام السوري ظاهرياً."

واستطاعت قوات سوريا الديمقراطية بدعم من القوات الجوية الأمريكية والمستشارين العسكريين، لعب دورًا رائدًا في طرد داعش من المدن والبلدات في مختلف مناطق شمال وشرق سوريا، إلى أن التقطت داعش آخر أنفاسها في آذار/مارس الماضي.

وركز القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي على فعالية تحالفهم مع قوات التحالف الدولي والقوات الأمريكية في حسم المعركة على تنظيم داعش الإرهابي، وقال " قواتنا إلى جانب التحالف الدولي والقوات الأمريكية، شكلت فعالية كبيرة في هزيمة داعش، وقرار الانسحاب الأمريكي قد أثر سلباً على قدرات القوات العاملة في محاربة داعش، وكذلك الأمر بالنسبة للوقت الراهن، بعض القوات الأمريكية المتبقية في سوريا مشغولة في إدارة مراكز المراقبة على طول الحدود السورية التركية وبالتالي فهي أقل مشاركة في مكافحة فلول داعش."

وحذر عبدي من مغبة التهاون والتقصير في مطاردة ومكافحة فلول داعش الساعية إلى استعادة قوتها من جديد في المناطق السالفة الذكر، وقال " على الولايات المتحدة أن تفي بالتزاماتها في الحرب على داعش حتى تحقيق النصر النهائي، وإن لم يوفوا بالتزاماتهم سيعود الضرر على الأمريكيين أيضاً كما سيعود علينا."

معتقلي داعش " قنبلة موقوتة"

وتعتبر قضية معتقلي تنظيم داعش الإرهابي، إحدى القضايا المعقدة التي تثقل كاهل قوات سوريا الديمقراطية، حيث يتواجد في السجون ما يقارب العشرة آلاف معتقل من تنظيم داعش الإرهابي.

وقال مظلوم عبدي " نعم لا زلنا نحتجز أعداد كبيرة من عناصر تنظيم داعش الإرهابي، ولكننا نلاقي صعوبة كبيرة في احتجاز هذا العدد الضخم، لأن إمكانيات قوات سوريا الديمقراطية محدودة للغاية."

وتقوم قوات سوريا الديمقراطية بحماية الأمن في مخيم الهول الذي تضخم كثيراً، بعد انهيار الخلافة المزعومة لتنظيم داعش الإرهابي، إلى حد يزيد عن 70 ألف نسمة من عوائل مقاتلي تنظيم داعش الإرهابي.

ووصف عبدي مخيم الهول بأنها "قنبلة موقوتة"، وقال " أننا لا نتلقى المساعدة والدعم الكافي من المجتمع الدولي في التعامل مع هذه المعضلة، وعلى الرغم من أن بعض الدول كانت قد وعدت بإعادة مواطنيها ولكنهم لم يتابعوا الأمر."

وكان رئيس هيئة الأركان المشتركة للجيش الأمريكي، الجنرال الأمريكي جوزيف دانفورد، قد اشار إلى معتقلي داعش الإرهابي في سجون قوات سوريا الديمقراطي وكذلك عوائلهم الذين في المخيمات، بقوله " يجب التعامل على وجه السرعة مع قضية معتقلي داعش وكذلك مخيمات عوائلهم، لأنها ستصبح بؤرة للتطرف المستقبلي، وهذه قضية استراتيجية حرجة من وجهة نظري."

وطالما سعت إدارة ترامب إلى مطالبة العديد من الدول بضرورة إعادة هذه البلدان لمواطنيها الذين ذهبوا إلى سوريا للقتال ضمن صفوف داعش الإرهابي، ولكن هذه المطالبات قد باءت بالفشل، مما يسبب في بقاء احتجازهم لدى قوات سوريا الديمقراطية مبعثاً للقلق.

وفي هذا الصدد قال مظلوم عبدي " إننا نريد أن تقوم الدول باستلام مواطنيهم وإعادتهم إلى بلدانهم أو إنشاء محكمة دولية في شمال وشرق سوريا، للتمكن من مقاضاة عناصر تنظيم داعش الإرهابي."

وأشار الجنرال جوزيف دانفورد أيضًا أن قوات سوريا الديمقراطية ستحتاج إلى دعم مستمر من الولايات المتحدة والتحالف الدولي، قائلاً: "أعتقد أنه في البيئة الحالية، ستظل القوات الديمقراطية السورية بحاجة إلى دعم التحالف حتى يكون فعالًا في التعامل مع الفلول المتبقية لداعش، لكن من المهم جداً تدريب القوات المحلية على تأمين تلك المنطقة التي تم تطهيرها من داعش في وقت سابق، لذلك لا يزال هناك عمل يتعين علينا القيام به، ونقدر أن حوالي 50 إلى 60 ألف من قوات الأمن المحلية سنحتاج إلى تدريبها للحفاظ على هذه الأرض، و يمكننا القول بأننا أحرزنا تقدماً في ذلك بحدود 50 ٪ من ذلك."

وصرح التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة في وقت سابق، أنه خلال الأشهر الأربعة الماضية، قام شركاؤنا، قوات سوريا الديمقراطية بالقبض على أكثر من 225 من عناصر داعش  الإرهابيين في سوريا، وركز التحالف على أن قوات سوريا الديمقراطية هم (الشركاء الموثوقون والقادرون والذين بذلوا آلاف الضحايا في القتال ضد داعش)، مضيفًا أنهم يحافظون على الاستقرار ويمنعون داعش من الظهور مجدداً في شمال شرق سوريا.

التهديد التركي

ومن الواضح أن التهديدات التركية على طول الحدود الواقعة ما بين تركيا وشمال شرق سوريا واحتمالية شن الدولة التركية لعملية برية عابرة للحدود، تعتبر الهاجس الأكبر لدى القوات العاملة في منطقة شمال وشرق سوريا، سواء وقات سوريا الديمقراطية أو حتى قوات التحالف الدولي والقوات الأمريكية.

حيث قال الجنرال الأمريكي جوزيف دانفورد في هذا الخصوص " لا أعتقد أن التهديدات التركية مفيدة لعلاقاتنا المشتركة، ولذلك نركز جهودنا من أجل إيجاد آلية مقبولة لمعالجة مخاوف تركيا من جهة والحفاظ على استمرارية الحملة ضد داعش على نفس الوتيرة."

وتعمل الولايات المتحدة والدولة التركية على مبادرة تصفها الولايات المتحدة بـ "آلية أمنية" وتصفها تركيا بأنها "منطقة آمنة" على طول الحدود التركية في شمال شرق سوريا.

 كجزء من المبادرة أنشأت القوات الأمريكية والجيش التركي مركزًا مشتركًا للعمليات وأجرت سلسلة من الرحلات الجوية الاستطلاعية بطائرات الهليكوبتر فوق المنطقة. من المتوقع أن تبدأ الدوريات المشتركة في وقت قريب.

ويشير قائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي إلى التهديدات التركية، بأنها ساعدت في تقوية الخلايا النائمة من داعش في شمال شرق سوريا، والتي ستحاول استغلال أي هجوم على قوات سوريا الديمقراطية، لتعود إلى نشاطها السابق."

وأضاف عبدي في حديثه " إننا على ثقة بأن الولايات المتحدة ستتوصل إلى اتفاق مع تركيا لتجنب مثل هذا الصراع، ولا نزال الأمور حتى الآن تسير على ما يرام".

وفي توضيح للمنطقة الخاضعة للآليات الأمنية لحفظ لحماية الحدود، قال عبدي وافقنا على منطقة على  طول حدودنا مع تركيا بعمق 5 كيلومترات، مع امتداد في بعض الأجزاء إلى 12 كم، وقد اظهرنا قدراً كبيراً من المرونة من جانبنا، ولكن البيانات الاستفزازية التي تصدرها الدولة التركية كل يوم، تعقد العملية وتجعلها صعبة."

وقد أصدرت القيادة المركزية الأمريكية، التي تشرف على القوات الأمريكية في الشرق الأوسط، صوراً تظهر فيها قيام قوات سوريا الديمقراطية بإزالة التحصينات الهندسية في المناطق الواقعة داخل المنطقة الآمنة.

وأشار مظلوم عبدي في رده على سؤال، ماذا لو انهارت الترتيبات بينكم وبين تركيا، وانسحبت الولايات المتحدة من سوريا؟ " سنفضل حينها التفاهم مع روسيا والنظام السوري لأن ذلك سيكون افضل من الاحتلال التركي".

ووصف مثل هذه الصفقة مع النظام وموسكو بأنه "حل سيء" لكنه قال إنه " الحل الأقل سوءاً."

وفي ختام حديثه، وجه القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي، رسالة قصيرة إلى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وقادة الكونغرس، قال فيها " ندعو إلى دعم الاستقرار والعملية السياسية في سوريا، والاعتراف بالحقوق الكردية داخل سوريا".