عبدي: أردوغان يريد توطين اللاجئين لتشريد الشعب الكردي وتخريب وحدة الشعب السوري

حذر القائد العام لـ"قوات سوريا الديمقراطية" مظلوم عبدي من مخطط أردوغان في شمال شرقي سوريا الخاص بتوطين اللاجئين السوريين، مؤكداً أن هدفه هو تشريد الشعب الكردي والديمقراطيين من ديارهم، وبعدها استقدام مرتزقة واستخدامهم في تخريب وحدة الشعب السوري.

نشر معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدني مقابلة أجراها فلاديمير فان ويلجنبرغ المؤلّف المشارك في كتاب نُشر مؤخرًا بعنوان "أكراد شمالي سوريا: الحكم والتنوع والصراعات"، مع القائد مظلوم عبدي القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية.

وتتناول المقابلة التي أجريت في ديسمبر الماضي مستقبل الوضع في شمال شرقي سوريا في ظل التصعيد الراهن في المنطقة.

واعتبر الكاتب في تقديمه للمقابلة أن الأشهر  القليلة الماضية كانت بمثابة اختبار لقبضة قوات سوريا الديمقراطية على المنطقة.

وشرح عبدي خلال المقابلة موقف ومخاوف قسد الراهنة، وكيف ساهم اتفاقا وقف إطلاق النار اللذان يحكمان حالياً الوضع على الحدود السورية-التركية في الحدّ من خطر شن أي هجوم تركي في المستقبل، مؤكداً أنه رغم أن خطر شنّ تركيا لهجوم إما على الجزيرة (محافظة الحسكة) أو كوباني لا يزال قائمًا، إلا أن هذا السيناريو لن يكون سهلًا بالنسبة لتركيا.

وقال عبدي: "إنهم يعلمون أننا سنقاتل بشراسة، لكن ثمة اتفاقات أكبر الآن. هناك اتفاقات مع الروس وكذلك مع الولايات المتحدة تمنع تركيا من شنّ هجمات. ويقول الأمريكيون إنه في حال نفذت تركيا هجمات (على كوباني) ستفرض عليها عقوبات – ناهيك عن وجود قوات روسية أيضًا في المنطقة".

ويلفت الكاتب خلال المقابلة أنه علاوةً على ذلك، بالنسبة للإدارة الذاتية شمال شرق سوريا، لم تتغيّر الأحوال بشكل كبير خلال الأشهر التي تلت أحدث توغّل قامت به تركيا. ورغم أنها اضطرت إلى إخلاء مركزها في عين عيسى والانتقال إلى الرقة، إلا أن "قوات سوريا الديمقراطية" لا تزال تسيطر على عدد من حواجز التفتيش والمعبر الحدودي مع العراق فيش خابور. ويُعتبر المعبر الحدودي بشكل خاص أساسيًا بما أنه يشكّل منفذًا مستمرًا إلى شمال شرق سوريا أمام الصحافيين الأجانب والمنظمات غير الحكومية من دون الحاجة إلى الاستحصال على تأشيرة دخول من الحكومة في دمشق. وما تغيّر هو أن القوات الروسية شغلت مواقع الجيش الأمريكي، وأصبحت القوات السورية تمدّ خط المواجهة حاليًا بقوات مدعومة من تركيا، رغم أنها لا تقيم حواجز تفتيش. علاوة على ذلك، قامت تركيا بالسيطرة على تل أبيض ورأس العين.

في غضون ذلك، بدّل الجيش الأمريكي في الوقت الراهن موقعه بحيث توغّل أكثر في عمق أراضي شمال شرق سوريا – فبين تشرين الأول/أكتوبر وتشرين الثاني/نوفمبر، انسحب الجيش الأمريكي من مناطق قرب الرقة وكوباني ومنبج، وأعاد نشر جنوده في محافظة الحسكة ومنطقة دير الزور الغنية بالنفط. والآن، أصبحت مهمة هذه القوات تتمثل بحماية البنية التحتية النفطية ومواصلة المعركة ضد تنظيم "داعش".

 

صمود "قوات سوريا الديمقراطية"

ويلفت الكاتب إلى أنه رغم خسارة الأراضي، برزت نتيجة مهمة للقتال ألا وهي إثبات الوحدة بين الغالبية الكردية والأقليات غير الكردية في شمال شرق سوريا، رغم توقعات بحدوث خلاف ذلك. وقد ذكر مسؤولون في "قوات سوريا الديمقراطية" أنه لم تحدث انشقاقات كبيرة في صفوف المقاتلين العرب أو انتفاضة في أوساط السكان العرب في شمال شرق سوريا لدعم سواء قوات النظام السوري أو تركيا في مناطق على غرار الرقة أو دير الزور. 

ونقل عن القائد مظلوم قوله: "لقد تمّ تقويض خطط تركيا؛ كانوا يتوقعون أنه فور شن هجوم، ستنتفض المناطق التي يقطنها العرب ضدنا (قوات سوريا الديمقراطية) على سبيل المثال الرقة ودير الزور ومنبج والطبقة.

وحول الحديث عن توقعات أشارت إلى احتمال انشقاق عناصر "قوات سوريا الديمقراطية" من غير الكرد شدد عبدي على أن "ذلك لم يحدث قط، لا بل ازدادت في الواقع وحدة الصفوف. وفيما نحن نتحدث، ينضم مقاتلون عرب إلى "قوات سوريا الديمقراطية" بوتيرة أكثر من الفترة التي سبقت الغزو التركي". 

ورداً على طلب رئيس "جهاز أمن الدولة" في سوريا اللواء علي مملوك من القبائل العربية الانضمام إلى صفوف الحكومة السورية، أشار عبدي، وفقاً لما أفادته المقابلة إلى أن الجهدين المبذولين للحث على الانشقاق – سواء من جهة دمشق التي ترسل تهديدات أو تركيا التي تشنّ هجمات – باءا بالفشل.

وأوضح عبدي أن قسد "رفضت تلبية نداء" الحكومة السورية، عازيًا السبب إلى نظرة مشتركة: "أن الذين انضموا إلى قوات سوريا الديمقراطية يؤمنون بأفكارها وأهدافها".

ولفت الكاتب إلى  إعلان "قوات سوريا الديمقراطية" أنها ستنضم إلى الجيش السوري فقط في حال وضع دستور جديد للبلاد يكفل حق القوات بـ"الحفاظ على استقلاليتها في منطقة قيادتها ومؤسساتها". ونقل عن عبدي في هذا السياق قوله: إن "محادثاتنا مع الروس والحكومة السورية ستستمر فقط ضمن هذا الإطار".

 

قضية اللجوء

وحول إعلان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن رغبته بوضع مليون لاجئ سوري موجودين حالياً في سوريا ضمن مناطق سورية خاضعة لسيطرته، قال القائد عبدي: "إن هدف أردوغان هو جلب مواطنين من غير السكان المحليين وإرغامهم على الاستقرار، وتشريد الشعب الكردي والديمقراطيين من ديارهم – وبعدها استقدام مرتزقة من أولئك الذين تمّت إعادة توطينهم لاستخدامهم بغية تخريب وحدة الشعب السوري، واستخدام السوريين لتطبيق أجندات أردوغان في سوريا". 

ولفت قائد "قوات سوريا الديمقراطية" إلى أن الظروف الأساسية الضرورية لإعادة توطين اللاجئين السوريين لم تتوافر بعد، موضحاً: "أولًا، لا بدّ من إنهاء الحرب السورية كي يتمكّن الجميع من العودة إلى ديارهم".

وشدد عبدي خلال المقابلة على أن غالبية السوريين في تركيا هم من مناطق دمشق وحمص ودرعا جنوباً، معتبراً أن خطة تركيا لإعادة التوطين لن تعود بالفائدة سواء على سكان الإدارة الذاتية أو على الذين يعاد توطينهم، بما أن هؤلاء اللاجئين المتواجدين حاليًا في سوريا "لا يريدون الاستقرار شمال شرق سوريا".