عاطف سعداوي: شجاعة الكرد كان له الدور الاكبر في القضاء على داعش.. والانسحاب الأمريكي وجه رسائل سياسية سلبية لحلفائها في المنطقة

أعتبر الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية عاطف سعداوي قرار الرئيس الامريكي دونالد ترامب بسحب قوات بلاده من سوريا "يمثل خيانة كبيرة للكرد وطعنة في الظهر بالنسبة لهم، حيث كانوا في طلعية المقاتلين ضد تنظيم داعش وهم من قاموا بالدور الأكبر في القضاء عليه".

وقال السعداوي في حوار مع وكالة فرات للانباء ANF ان " هذا القرار ايضا يمثل خيانة كبيرة للكرد وطعنة في الظهر بالنسبة لهم.. فلا جدال على ان الكرد كانوا في طلعية المقاتلين ضد تنظيم داعش وهم من قاموا بالدور الأكبر في جهود القضاء عليه.. ولولا شجاعتهم لكان داعش لا يزال ينشط في مناطقه.. وبالتالي فإنه بدلا من مكافأة الكرد على دورهم جاء العقاب وتركهم لقمة سائغة في فم السلطان العثماني".

وأوضح " فإن القرار الأمريكي بالنسبة لتركيا يمثل لها رسالة صريحة للاستمرار في معاركها في شمال سوريا، وفي ارتكاب المزيد من المذابح ضد الكرد، وفي التسليم بنفوذ مستقبلي لها في تلك المنطقة، بعد أن اتسعت رقعة نفوذها شمالي سوريا على نحو غير مسبوق، منذ أن أطلقت أنقرة عملية درع الفرات في أغسطس 2016، ودخلت دباباتها للأراضي السورية لأول مرة، ومن وقتها لم تتوقف الأطماع التركية في السيطرة على المزيد من الأراضي السورية، بذريعة مواجهة المقاتلين الكرد، في محاولة لاستعادة ماضيها الاستعماري البغيض واستدعاء الحقبة العثمانية في سوريا، فلوحت مؤخرا بوجود وثائق تؤكد أحقيتها في بسط سيطرتها على 15 قرية بمحافظة إدلب المتاخمة للحدود التركية، لذلك دفعت بتعزيزات عسكرية لإنشاء نقاط مراقبة على الطريق الدولي الواصل بين إدلب والحدود السورية مع تركيا والحدود السورية مع الأردن، بعد أن اعتمدت على وثائق عثمانية مشابهة لتبرير سيطرتها على مدينتي جرابلس ومنبج في محافظة حلب، كما تذرعت بوجود مقابر تعود لقادة عثمانيين في مناطق أخرى شمالي سوريا، لبسط نفوذها"...

اما عن الموقف الروسي قال "يكفي للدلالة على مدى استفادة روسيا من القرار الأمريكي الإشارة فقط إلى تصريح المتحدثة باسم وزارة خارجيتها التي وصفت القرار بأنه "سيؤدي إلى آفاق حقيقية وصادقة لتسوية سياسية في سوريا".

وشدد على ان تنظيم داعش "كان على رأس قائمة المستفيدين من هذا القرار، إذ لا توجد فرصة مواتية أكثر من ذلك لإعادة تنظيم ما تبقى من مقاتليه وتجنيد عناصر جديدة بين صفوفه، في ظل إحصائيات تقول إن التنظيم لا يزال يحتفظ بنحو 15 ألف مقاتل على الأراضي السورية، وفي ظل توقعات أن التنظيم سيلجأ إلى أساليب حرب العصابات ما إن يفقد كل أراضيه".

وحول تبيعات القرار اوضح ان "المشكلة ليست في البعد العسكري للانسحاب الأمريكي من سوريا، فعدد القوات الأمريكية في سوريا ضئيل مقارنة بوجودها في أماكن أخرى، ولا تزال تحتفظ في العراق المجاور بضعف ما تريد أن تسحبه من قوات في سوريا، ويمكنها أن تعيد نشر قواتها مرة أخرى داخل سوريا في أي وقت أرادت، ولكن المشكلة الحقيقية تتمثل في الرسائل السياسية السلبية التي أرسلتها واشنطن لحلفائها في المنطقة، ورسائل الطمأنة التي أرسلتها لخصومها من هذا القرار، الذي بدا أنه انسحاب عشوائي أقرب لانسحاب المهزومين".

ووختم حواره معبرا عن قناعته بان "قرار الانسحاب ربما كان سيلاقي بترحيب كبير إذا كان قرارا مواكبا لخروج كافة القوات الأجنبية من سوريا بما فيها القوات الإيرانية والتركية والروسية، وربما كان سيحظى بتقدير لو جاء في وقت لاحق، وكان نتيجة اتفاق سلام شامل وعادل ينهي هذه الحرب الوحشية، ويحفظ وحدة سوريا وما تبقى من شعبها ويبقيها بعيدا عن مخططات التقسيم والتجزئة ومناطق النفوذ، لكن في هذا التوقيت وفي مثل هذه الظروف لا يمكن النظر إلى هذا القرار سوى من ناحية ما سيتركه من فراغ وما سيخلفه من فوضى".