خبير مصري: تجربة الإدارة الذاتية للشمال السوري وقفت كحائط صد أمام أطماع أردوغان وجرائم مرتزقته

أكد الباحث المصري المتخصص في الشؤون الأمنية أحمد أبوزيد أن قرار الانسحاب الأمريكي غير المدروس من سوريا، له تداعيات سياسية خطيرة، وأن أكثر خطورة هذا القرار من الناحية العسكرية البحتة، مستنكراً في الوقت ذاته موقف دمشق من التهديدات التركية.

قال الدكتور أحمد أبوزيد الباحث في إدارة الأزمات والأمن الاقليمي أنه لولا تشبث أهل شمال وشرق سوريا بأرضهم من خلال تجربة الإدارة الذاتية في هذه المنطقة التي جمعت كافة المكونات من عرب وكرد وسريان وغيرهم في ظل سنوات فوضى الأزمة السورية، لكانت الدولة التركية قد تمكنت من احتلال تلك المناطق أو بقائها تحت سيطرة تنظيم داعش الإرهابي، مؤكدا أن "الأخوة الكرد"، يمثلون حائط صد أمام الأطماع ومخططات فرض الهيمنة والنفوذ من جانب القوى الإقليمية غير العربية في المنطقة، وسيما تركيا وإيران.

وأكد أبوزيد في مقابلة مع وكالة فرات للأنباء ANF، أن تركيا بدأت تتعرض للعزلة خلال السنوات الأخيرة، ولم تعد مهتمة بادعاءاتها السابقة كنموذج ديمقراطي إسلامي، أو على الأقل الظهور كدولة إقليمية مسؤولة، فبات كل ما يهمها هو استغلال الفوضى لتحقيق أطماعها علنا وبدون غطاء كما كانت تفعل خلال العقد الماضي، وخلق مزيد من الفوضى وزعزعة استقرار الأوضاع الأمنية في البلاد كلما اتجهت تلك الأوضاع الاحتواء والتسوية والاستقرار النسبي، وشدد على أن عداء القوميين المتطرفين الأتراك للعرب لا يقل مطلقا عن عداءهم للكرد والقوميات الأخرى في تركيا وخارجها، كما أن تلك العنصرية الفجة يغذيها نظام سلطوي فاشي مأزوم داخلياً، ويسعى لشن الحروب الخارجية للتغطية على فشله أو الدخول في اي معادلة تسوية إقليمية تحقق لنظامه بعض المكاسب وتؤخر نهايته التي أضحت قريبة.

وأكد أبوزيد أن الجميع من حيث المبدأ يؤكد على ضرورة خروج القوات الأجنبية كافة من سوريا، إلا أن هذا الانسحاب سواء الأمريكي أو غيره ينبغي أن يكون منظماً وليس انسحاباً عشوائياً مفاجئا يسمح بفراغ يعيد التنظيمات الإرهابية ويتيح الفرصة لتدخلات إقليمية جديدة تعقد الأزمة، كما أن هذا الانسحاب يجب أن يكون ضمن عملية سياسية جادة ومثمرة تضع الأزمة السورية على طريق الحل السياسي وعدم ترك ملفات عالقة توفر ذرائع للتدخلات المستقبلية.

وحول تداعيات القرار عسكريا، أوضح أن أبرز تداعياته ليست متعلقة مباشرة بالتأثير العسكري على القرار، فالوجود العسكري للولايات المتحدة في الشمال السوري لم يكن وجوداً ضخما، حيث تظل محتفظة بوجود أكبر في العراق، كما أن التأثير الأكبر لوجودها كان جويا وليس على مستوى الوجود البري.

وأكد الخبير المصري أنه دائما ما تربك الولايات المتحدة حلفاءها قبل أعداءها بقراراتها العسكرية، فالولايات المتحدة تبقى هي الدولة الأكثر إثارة للجدل إذا قررت التدخل العسكري أو الانسحاب في أي أزمة، إلا أن قرارها الأخير بالانسحاب من سوريا يعد الأشد خطورة من حيث حجم الفراغ الذي سيتركه، والرسائل السياسية السلبية التي يبثها، وأبرزها منح ضوء أخضر للتهديدات التركية التي لا تتوقف باجتياح شرق الفرات، مما سيوفر إنعاش للدواعش وظروف مواتية لإعادة انتاج انفسهم من جديد.

ونفى أبوزيد القول بأن الانسحاب الأمريكي سيؤدي إلى وأد تجربة سوريا الديمقراطية في الشمال السوري، معتبراً أن هذه التجربة هي تجربة محلية بالأساس، اعتمدت على مشاركة واسعة من القوى المؤمنة بالديمقراطية وحق المجتمعات المحلية في إدارة شؤونها وتقديم نموذج تشاركي للحكم في ظل أوضاع الفوضى التي غابت معها الدولة السورية، مستنكراً الموقف الرسمي الغامض سواء في دمشق أو بغداد من التحركات التركية الأخيرة في الشمالين العراقي والسوري على حد سواء.

ولفت الباحث في الأمن الإقليمي إلى أنه ليس هناك حاجة للتدليل على خطأ القرار الأمريكي وعدم اتساقه مع الاستراتيجية والمصالح الأمريكية ذاتها، إذ أن الولايات المتحدة كانت قد حددت عدة شروط لانسحاب قواتها من سوريا، أولها تحقيق كامل انسحاب القوات الإيرانية من البلاد، والقضاء على داعش، وبدء عملية سياسية قابلة للحياة، وهم ثلاثة شروط منطقية لم تتحقق أي منها حتى الأن بصورة مطمئنة، ولعل ذلك ما دفع وزير الدفاع الأمريكي ومبعوث ترامب للتحالف الدولي الى الاستقالة لينضموا لمزيد من كبار المسؤولين بالإدارة الأمريكية المعترضين على القرارات غير المدروسة للرئيس الأمريكي.