حمو: الضربة الجوية الثلاثية غيرت بوصلة الحل في سوريا

وصف السياسي و الكاتب الكردي ،دوزدار حمو الضربة العسكرية الأمريكية البريطانية الفرنسية بالضربة  " الغير الجدية " مؤكدا أن الضربة كانت رسالة إنذار لثلاثي الضامن في عملية الأستانة.

في حديث خاص لوكالة فرات لأنباء، أكد حمو أن الكرد سوف لن يقف إلى جانب من يعزز الحل في سوريا بأساليب عسكرية و استخدام الغاز الكيماوي، و سوف لن يكون مؤيدا لمداخلة القوى العظمى و الدولية المجردة من الأطراف السورية في سوريا وإنما سوف يصمد أمام هذا النوع من الحلول التي تعمق من الأزمة السورية دون حلها.

و اعتبر حمو أن ضربة العسكرية الثلاثية التي استهدفت سوريا، لم تكن بضربة جدية ، حيث أنها استهدفت الدول الضامنة الثلاث لأستانة ،وليس إنهاءا لتموضع الأسد ونظامه " حيث قامت الولايات المتحدة الأمريكية بالتحالف مع فرنسا و بريطانيا وذلك بحجة استخدام الأسد و نظامه غازالسارين و الكلور و الأسلحة الكيماوية، بشن ضربة عسكرية على سوريا ، لتستهدف بها ثلاثي منصة أستانة تركيا وروسيا وإيران و الإتفاقات الدائرة فيما بينهم, ، هذا يعني الضربة على سوريا دخلت في إطار دولي و تحولت سوريا إلى ساحة للحرب العالمية الثالثة ،لذا فالقوى والتنظيمات المسلحة الممولة خارجا لم يعد لها تأثير بالغ في المشهد السوري و ذلك بانتقال مسار الحرب السورية من حرب بالوكالة إلى دخول الدول الإقليمية و الدولية في حرب مباشرة مع خصومها في سوريا.   

لذا استغلت روسيا هذا الوضع لتوسع من نفوذها العسكري و الدبلوماسي في سوريا، وذلك تحت مسماة مخرجات الأستانة و مناطق خفض التصعيد، و بهذا الشكل تمكن الضامنين الأخريين تركيا و إيران أيضا أن تسطيع من توسيع نفوذهما و مناطق سيطرتها و ذلك بحجج واهية.

وسرد حمو أهداف الضربة الجوية الثلاثية في ثلاث أبعاد وقال: البعد الأول، حيث استهدف ضامني أستانة و إرسال رسالة لهم  مفادها أن الأزمة السورية سوف لن تحل تحت مظلة إقيلمية فقط و إنما هي مشكلة دولية و ستحل على أسس دولية وبهذا الشكل غيرت بوصلة الحل نحو جنيف و الأمم المتحدة  و أعادت الإعتبار لهم ، و لا سيما أن جنيف فقدت ثقلها مقارنة مع أستانة و ما كانت تحققها على أرض الواقع من خطوات عملية . أي أن ضربة محاولة من الغرب لتصحيح مسار الحل الذي حرفه أستانة بمحاولاتها و خطواتها العسكرية.

والهدف الأخر وضع حد لدول الإقليمية التي باتت تعمل على إرجاع أمجاد السلطنة الصفوية من ناحية و العثمانية من ناحية أخرى و ذلك على حساب الفراغ الدولي الذي كان يسود في المشهد السوري ،تارة بالإستفادة من التناقضات التي كانت تتخلل العلاقات القوى و الدول العظمى ، و ما عقد المشهد السوري و المسار الحل، ما هي صلة التي تجمع تركيا بالمجموعات المرتزقة و المسلحة المتواجدة في الساحة السورية والممولة بأموال قطرية، والتي ما زالت مستمرة حتى الأن.

البعد الثالث هو تقليص الدور الروسي في سوريا و لا سيما أن روسيا ترى في سوريا ساحة متاجرة روسية الملك و الدعاية لأسلحتها واستخدامها أو بيعها بأسعار رخيصة و عرضها على أنها بديلة لأسلحة الناتو وأن أي قوة  ليست بحاجة إلى ناتو و تحمل صعوبة إجراءاتها المعقدة و تقديم روسيا تسهيلات حصول أي قوة على أسلحة روسية ، لذا التجأ الكثير من القوى لشراء أسلحة روسية دون العودة إلى الناتو.

الضربة الثلاثية وضعت تركيا أمام خيارين لا ثالث لهما في سوريا

فيما أكد حمو أن أحد أهم الأهدف الأساسية التي جعلت كل بريطانيا وأمريكا و فرنسا  بشن ضربة جوية على سوريا هو تحجيم الوجود التركي في سوريا وقال: الضربة استهداف الوجود التركي في سوريا و المنطقة لأن تركيا بسياساتها و خطواتها أخرقت جميع المواثيق و القوانين الدولية وقوانين سيادة الدول و حسن الجوار،  دون أن ترى من يردعها عن مغبة سياساتها التي لاقت تأييدا روسيا مما أتاحت لها فرصة التوسع هيمنتها في منطقة شرق الأوسط بأجمعها ،و تحركاتها في جنوب أفريقيا و توسعها الملاحظ في العراق بالإضافة إلى مداخلاتها الأخيرة في الخليج العربي و تهديداتها الغير المبررة لدول المنطقة . هذا ما جعل من تركيا لاعبا إقليميا يهدد باسم الناتو و القيام بالخروقات دون علم حلف الناتو. هذه المواقف و الأفعال أزعجت الناتو، كما أنها أفقدت أعضائها ثقلهم في الساحة الدولية و الإقليمية. هذا يعني أن تركيا لم تعد تسيطيع الإستمرار بسياساتها الإزدواجية ،فيما بين القطب الروسي و الحلف الناتو ،إن كانت تركيا تصر في الحصول على صورايخ س 400 هذا يعني أنها اختارت روسيا. أو عليها أن تتخلى بشكل من أشكال عن شراكتها بروسيا وتعود لحضن الناتو لتتحرك حسب مقايس الناتو . من الأن فصاعدا فإن تركيا ستتلقى صعوبة في البقاء في الناتو إلى جانب حليفتها الأمريكية الأعظم من دون أن تبتعد عن روسيا.

 و الأهم أن هذه الضربة موجهة إلى تركيا لإيضاح مواقفها و هذا سيؤثر حتما على التطورات في الساحة السورية لأن تركيا و إيران يشكلان عائقا أمام مسار حل سياسي في سوريا .

الكرد في المعادلة الجديدة

شدد حمو أن الكرد لم يشكلوا في يوما من الأيام  قوة تبعية لأي طرف كان ،وسوف يناضلون للحفاظ على نهجهم الثالث، وقال: الكرد سوف لن يقف إلى جانب من يعزز الحل في سوريا بأساليب عسكرية و استخدام الغاز الكيماوي، و سوف لن يكون إلى مؤيدا لمداخلة القوى العظمى و الدولية المجردة من الأطراف السورية في سوريا وإنما سوف يصمد أمام هذا النوع من الحلول التي تعمق من الأزمة السورية دون حلها.

وفي سياق متصل، أشاد حمو بالدور الكردي المؤيد و المشجع على حوار سوري سوري ، فالكرد على أمل و استعداد لإيجاد حل مع إخوانهم السوريين فضلا عن الخارج وقواها العظمى الغريبة عن الواقع السوري، و ذلك لانتهجاهم فلسفة الأمة الديمقراطية التي تهدف إلى سوريا إتحادية برلمانية و متعددة تمثل كل الأصوات و الألوان السورية و ما نضلالها إلا لوصول إلى سوريا المستقبل التي لا تستقصي أحد و لا تفضل مكون على الأخر.

و أشار حمو أن تقليص الدور التركي في سوريا، سيفسح المجال كي يتخذ الكرد نفسا ،وهذا ما سيؤدي إلى ضمان نجاح المشروع الكردي في سوريا المستقبل.

اتفاق دولي لم يعلن حتى الأن

وأكد حمو أن الدول الغربية و الولايات المتحدة الأمريكية، ستحافظ على الدور الروسي في سوريا وقال:  سوف لن تغض الطرف عن الدور الروسي في مشروع حل الأزمة السورية،  كما أن ستسمح  لدول الإقليمية أيضا بالمشاركة على طاولة النقاشات حول سوريا ، لكن الحل سيكون كما يتوضح لنا حسب مؤشرات الحالية ، بطليعة من المجلس الأمن الدولي و الدول الغربية، وهذا يعني أنه هناك إتفاق ضمني دولي لم يعلن عنه، و الأيام ستكون خير شاهد على ذلك .

و أضاف حمو، أنه ينبغي ألا تنخاذل بالحرب الكلامية و المشادات اللفظية ما بين روسيا و أمريكا،ما أريد قوله هو أنه هناك استراتيجية مرسومة ومخططة لها و هذا ما ينفذ الأن، من قبل اللاعبين الدوليين ، وهذا يعني أنه سنكون أمام مشاركة دولية إقليمية وسورية من كافة الأطراف في مشروع الحل الملف السوري.

وتابع حمو قائلا" إن لاحظتم لم تعد أي قوة من هذه القوى تطالب برحيل الأسد ، الكل يسعى جاهدا إلى جمع الأطراف السورية و الأسد حول طاولة حوار، لإيجاد حل معتدل و معقول يرضي جميع الأطراف".

وفي رده  على سؤال فيما أن الإتحاد الأوربي بما فيها فرنسا تأخرت أم لا في تدخلها بشكل مباشر في سوريا ؟ أجاب حمو بالقول" بلا شك ، أن الإتحاد الأوربي بما فيها فرنسا، تأخرت في سياساتها ، لتلعب دورا فعالا في سوريا ، على الرغم من من أن فرنسا كانت حاضرة في التحالف الدولي التي قادتها الولايات المتحدة الأمريكية في حربها ضد داعش، إلا أنها غابت سياسيا و تأخرت  في استخدام نفوذها لمشاركة في الحل ، أمريكا الأن تسعى جاهدة  لرصد غطاء دولي لضرباتها في سوريا،كما أنها تريد إشراك الإتحاد الأوربي في مشروع الحل المزعوم. ومن ناحية أخرى، بات الإتحاد الأوربي أيضا يعلم جيدا أن المشاركة فقط في إطار التحالف الدولي لمحاربة داعش، لم يعد يلبي مطالبها في سوريا .فقط بات يكلفهم ثمنا باهظا دون أي جدوى و هذا ما لا يمكن أن يتحمله الإتحاد الأوربي و أعضاءه، من هذا المنطلق قامت فرنسا في الأونة الأخيرة لتمثيل رؤية  الإتحاد الأوربي في حل في سوريا، عبر محاولاتها الأخيرة و مشاركتها المفاجئة في الضربات العسكرية الأخيرة بالتحالف مع بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية.على الرغم من بعض إختلافات فرنسا في بعض الملفات مع الولايات المتحدة الأمريكية ،إلا أنها في المحصلة هناك مصالح أمريكية فرنسية مشتركة ، تترجم إلى مواقف و أفعال مشتركة بين الحليفين في يومنا الراهن في سوريا".     

في جردة سريعة، لما مر به الإتحاد الأوربي في سنواته الأخيرة ،وضفها حمو ب"الأعوام العصيبة" وقال: نرى أن ألمانيا والتي تشكل العماد الأساسي لإتحاد الأوربي  تعرضت لوضع مأزوم و فراغ سلطوي  في الفترة الأخيرة، ولا سيما أن ميركل وسياساتها فشلت في تمثيل الإتحاد الأوربي و ما يتطلب منها القيام به، ليبقى الإتحاد مؤثرا و ذات مرجعية أولية لمشاكل المنطقة و حلها، وهذا ما دفعت ألمانيا لتأسيس حكومة إئتلافية ،فيما سارعت فرنسا لإستفادة من هذا الضعف و الوهن الذي أصيبت بها ألمانيا، نتيجة سياسة ميركل الفاشلة، و لتنفرد فرنسا وبروزها القوة الوحيدة، لتمثيل الإتحاد الأوربي في سوريا و المنطقة ،ولكن هذا  الظهور الفرنسي أيضا لا يعني أن فرنسا لم تعش مراحل صعبة هي أيضا مرت بمرحلة تغير الرئاسة الجمهورية صعبة في ظل تنافس حاد مع اليمين المتطرف ، فرنسا انتهجت سياسة مراقبة أوضاع و مجريات المنطقة عن بعد ، لكنها رأت بإبتعادها و عدم مشاركتها بشكل فعال، سيفسح المجال أمام الدول الإقليمية وتوسع  نفوذهم في المنطقة. و هذا ما يفقدها الكثير،كما سيلحق الضرر بمشاريعها المستقبلية الضرر. لذا تريد الأن أن تكون لاعبا قويا في البعد الدبلوماسي أيضا إلى جانب مشاركتها في التحالف الدولي ضد داعش، أعتقد أن الوضع الفرنسي الأن مساعد  من أي وقت مضى ،لتلعب دورا في الأزمة السورية .و هذا يعني أننا سنكون أمام إتفاق أقوى يجمع ما بين بريطانيا و فرنسا و أمريكا لإستخدام نفوذهم في سوريا لوصول إلى حل وسط يرضي جميع الأطراف الدولية والإقليمية.

وفي رده على سؤال حول فرص نجاح فرنسا فيما ترمي إليه في سوريا ، قال حمو : بلا شك أننا نعيش في عالم السياسة و عندما نذكر السياسية، هذا يعني التشابك و الإنعقاد ، لكن جميع القوى تعلم أنه في ختام مطاف الأزمات، لا بد من حل سياسي وسط يرضي جميع الأطراف المتواجدة في سوريا ، فالجميع بات يعلم أنه لا يمكن السير مع نظام إستبدادي بعثي،نظام يستقصي طرف أو مكون من المكونات السوري لتوسع من رقعة سلطتها ، جميع القوى باتوا على قناعة  أن الشعب السوري بحاجة إلى  نموذج اتحادي برلماني يشمل على ممثلين من جميع المكونات السورية.