جثمان الفلسطيني ضحية نظام أردوغان يصل القاهرة لبدء رحلة تحقيق ومسائلة دولية

وصل القاهرة، فجر اليوم الثلاثاء، جثمان القتيل الفلسطيني الدكتور زكي مبارك، الذي تُتهم السلطات التركية بتصفيته جسديا بعد تعذيبه حتى الموت في سجن سيليفري الواقع قرب إسطنبول، بعد اختطافه واحتجازه واتهامه بالتجسس لصالح الإمارات.

وقال زكريا مبارك شقيق الفلسطيني زكي مبارك، الذي قُتل داخل السجون التركية، في تصريحات لوكالة فرات للأنباء ANF بعد استلامه الجثمان، أن التقارير الخاصة بالوفاة المرفقة بمستندات نقل الجثمان تشير إلى أن سبب الوفاة إصابات وجروح، بعد أن كانت التقارير لا تذكر سبب الوفاة لعدم تصديق الأطباء على رواية "الانتحار" التي زعمها النظام والإعلام التركي.

وكتب زكريا وهو رجل قانون دولي مقيم في بلغاريا، على حسابه على "الفيس بوك"، صباح اليوم، "بالأمس استلمت جثمان الشهيد زكي مبارك حسن ورإيته ..لا أعرف كيف أحتمل كم التعذيب الذي رأيته في جسده ولكن تذكرت عندما قال لي علي الهاتف (أنا عند كفار قريش).. وكل ما اقوله أن لو أحدا رأي مظلوم تعرض للتعذيب الجسدي الذي راه اخي لشك في دين الإسلام الذي يدعي أردوغان أنه ينتمي إليه ولقد قرأنا التقرير الطبي التركي الذي أستحي من رواية الإعلام التركي وقال سبب الوفاة جروح وإصابات" .

وعلمت "ANF" أن أسرة القتيل الفلسطيني قامت باستلام جثمان المواطن بحضور ممثلين عن السفارة الفلسطينية في القاهرة، حيث تم نقله إلى قسم حفظ جثث الموتى في إحدى المستشفيات "لتبدأ مرحلة تشكيل فريق دولي لتشريح الجثة والخروج بتقرير دولي معتمد حول أسباب الوفاة لإدانة النظام التركي وتحميله المسؤولية الكاملة عن التصفية الجسدية للمواطن الفلسطيني لأسباب سياسية وانتقامية تدل على نهج النظام التركي المجرم"، حسبما أكد مصدر ضمن فريق القانوني والحقوقي الذي تم تشكيله والمعني بالقضية والتحرك الدولي لمحاسبة النظام التركي.

وفي بداية تحركاته في القاهرة، ألتقى زكريا مبارك بمراسل وكالة فرات للأنباء ANF في القاهرة، حيث أكد أن هناك تحرك دولي لإدانة المسؤولين الأتراك في الشرطة والمخابرات بل ورأس النظام التركي الذي أمر بقتله بلا محاكمة وخارج نطاق القانون بعد اختطافه واحتجازه بدون وجه حق نتيجة وشاية زائفة تورط فيها اعضاء من حماس وتغاضي عن السفارة التابعة للسلطة الفلسطينية في أنقرة والتي كانت على علم بالاحتجاز، وحتى بعدما تم ادعاء انتحاره لم تتحرك للدفاع عنه، وشدد زكريا على أن جريمة التعذيب لا تسقط بالتقادم، مؤكدا أن سجل النظام التركي الأسود وخاصة بعد سجن وتعذيب آلاف الأتراك منذ محاولة الانقلاب الفاشلة في منتصف تموز/ يوليو 2016، مما يؤكد على أن هذا هو نهج واسلوب النظام التركي الغاشم.

وكان زكريا قد طلب من السلطات المصرية منحه تصريح بتنظيم مظاهرة أمام السفارة التركية في القاهرة، والتي لا تعمل بكامل طاقمها منذ قرار تخفيض التمثيل الدبلوماسي على خلفية التوتر بين مصر وتركيا، وذلك في حال أي مماطلة في تسليم جثمان شقيقه رغبة من النظام التركي في طمس آثار التعذيب من جسد زكي مبارك، واشار زكريا شقيق القتيل إلى أنه سيتم تدشين حملة دولية مكثفة للتظاهر والاحتجاج أمام السفارات التركية في الخارج، وذلك بعد اقامة وقفة احتجاجية بداية هذا الاسبوع أمام السفارة التركية في لندن.

خفايا الواقعة

أقر زكريا بأن شقيقه كان يعمل ضابطا بجهاز المخابرات الفلسطينية بالفعل وهو ما اعترف به زكي شقيقه وزميله سامر شعبان الذي كان يعمل ضابطا أيضا في نفس الجهاز وعمل كضابط أتصال بالسفارة الفلسطينية في الامارات مما يعني مشاركته في التنسيق الأمني بين الدولتين بصورة شرعية وتواصله مع زملائه في الأجهزة الإماراتية ضمن طبيعة عمله الذي تقاعد عنه منذ فترة، واستنكر زكريا الاتهامات التركية قائلا: "فكرة ان يقوم ضابط متقاعد أو بالخدمة بالدخول إلى بلد بغرض التجسس بهويته الحقيقة ووثيقة سفره المثبت فيها وظيفته بالفعل وهويته بشكل كامل، تبدو لأي شخص فكرة غير منطقة، فقد كان بإمكانه إخفاء هويته إذا كان له غرض خفي، وهو التجسس، كما زعم الأتراك".

وأكد زكريا أن شقيق حضر لتركيا بغرض التجارة، حيث لديه استثمارات صغيرة في مجال الاستيراد والتصدير، مشيرا إلى أن شقيقه كان يقوم بمشاركة صوره في تركيا على حسابه على مواقع التواصل الاجتماعي، حين بدأت تقارير الوشاية تصل إلى المخابرات التركية، ليتم اختطافه من خلال نحو 15 شخص يرتدون ملابس مدنية، من امام احد المطاعم في أسطنبول، موضحا أنه "يعلم تماما وبالأسماء والانتماءات من كتبوا فيه شقيقه تقارير وشاية ومن بينهم اعضاء بحركة حماس وآخرين في السلطة الفلسطينية".

وشدد على أن هذه التقارير الزائفة قد قدمت هدية للنظام التركي، حيث تم استغلال ذلك من أجل إظهار أن البلاد تتعرض لمؤامرة خليجية ضدها، إذ استغل النظام التركي هذه الاحداث لتبرير هزيمته المهينة في الانتخابات المحلية التركية التي تمت خلال الشهر الماضي.

واعتبر زكريا أن السبب وراء حرص النظام التركي على تصفية شقيقه، هو خوفه من الفضيحة، "فالشهيد الدكتور زكي مبارك كان استاذ علوم سياسية وضابط مخابرات سابق، وكان معروف بشخصيته القوية، ودفاعه عن الحق، وكونه رجل شجاع، لا يُصدق عنه مزاعم الانتحار التي روجها الاتراك، وهو يعلم كيف كان سيقوم بفضح النظام التركي الذي روّج الاتهامات الباطلة خلال الانتخابات المحلية، وفي ظل توتر علاقاته مع دولة الامارات، فحرص النظام على تصفية زكي، بينما احتفظ بسامر الذي سبق له العمل بدولة الامارات، لتعذيبه وارهابه والحصول منه على أي اعتراف يتابع به مسار القضية الملفقة".

يذكر أنه يوم 3 نيسان/ أبريل 2019 اختفي زكي مبارك يوسف في تركيا، وبعد ذلك بثلاثة أسابيع كاملة (يوم 22 نيسان/ أبريل 2019 ) اضطرت الشرطة التركية أن تعلن أنها ألقت القبض عليه وأودعته زنزانة انفرادية في سجن سيليفري قرب اسطنبول، واتهمته بالتخابر لصالح دولة الإمارات العربية المتحدة دون تقديم أي دليل على ذلك، ومنذ هذا التاريخ تم حجب المتهم تماما ولم يتم تمكين أسرته أو محاميه أو حتى سفارة بلاده من التواصل معه، لتقوم السلطات التركية بعد أقل من أسبوع واحد بالإعلان عن أنه انتحر بشنق نفسه.