تهديدات أردوغان الأخيرة للشعب الكردي "تحليل" 

تهدف تهديدات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للشعب الكردي بالأساس إلى قمع الأصوات المناهضة للعزلة المفروضة على إيمرالي، قمع حملات الإضراب، وكل من يتحدث عن حقوق الشعب الكردي وكردستان وكسر إرادة الشعب الكردي.

وسط أجواء الحرب العالمية الثالثة الدائرة بشكل متخفي، يبرز صراع وحرب أعلنها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على الشعب الكردي. إلى جانب تهديدات ومحاولات إبادة الكرد وقمعهم هناك محاولات للخلاص من مشكلة تاريخية في المنطقة. 
فمنذ معاهدة لوزان وحتى اليوم هناك مناقشات حول إبادة الشعب الكردي، وقضية من هو الأحق بضم الموصل، كركوك وحلب إلى حدود بلاده لا يمكن فصلها عن مسألة رفض تركيا الاعتراف بحقوق ووجود الشعب الكردي وبقائه على أرضه التاريخية. 
بعد أسر القائد الكردي عبد الله أوجلان من خلال المؤامرة الدولية، بدأت كل من أمريكا، روسيا، إسرائيل، ألمانيا وغيرهم من الدول والقوى الكبرى بوضع مخطط ترتيب المنطقة وإعادة التوازنات في الشرق الأوسط بعيد المدى. بهذا تم تمديد الحرب الدائرة على الشعب الكردي. لكن ومن خلال مقاومة ونضال الشعب الكردي تمكن من إحداث تغيرات كبيرة في المنطقة ومن خلال مقاومة الـ PKK بدأت معركة الوجود في كردستان والشرق الأوسط. رغم عدم القدرة على تحقيق الوحدة الكردية إلا أن الكرد تمكنوا من الصمود ومواصلة المقاومة في وجه محاولات الإبادة الثقافية والفكرية. 
وتمكن الشعب الكردي، الذي كان يواجه بمفرده الإبادة، من بناء قوته وبناء علاقات أكثر من جيدة مع جميع المكونات في المحيط، الذي يعيشون فيه ومثال على هذا روج آفا وشمال سوريا. 
لهذا وفي الأيام الأخيرة ازدادت التهديدات المباشرة للكرد ومناطق شمال سوريا. بسبب الاتفاق الصلب وقوة المقاومة التي أبداها المقاتلين الكرد والعرب في صف واحد في كوباني، منبج والرقة ضد أعنف تنظيم إرهابي في العالم وقدرتهم على إعادة الاستقرار إلى المنطقة وتصعيد النضال من أجل الحقوق عبر كل تلك المحاولات للنيل والإبادة، تعود تركيا اليوم لتهدد الكرد وترفض أي وجود لهم أينما كانوا، وترفض وجود قوة للكرد ونيلهم حقوقهم وتعلن الشعب الكردي في كل مكان على أنهم إرهابيين. 
وفي هذه المرحلة يخطط أردوغان لمشاريع طويلة وقذرة، فالقضية ليست قضية الوجود الكردي في سوريا وشرق الفرات فقط، لكن هناك انتخابات محلية في تركيا آذار العام القادم، حملة الإضراب المفتوح عن الطعام احتجاجاً على العزلة المشددة المفروضة على إيمرالي بقيادة البرلمانية ليلى كوفن، مقاومة المعتقلين السياسيين في تركيا، مقاومة الكريلا ضد محاولات الاحتلال التركية، كل الشعب الكردي في كردستان والعالم يناضل ويدعو إلى رفع العزلة المفروضة على إيمرالي، بالمختصر المفيد نفذ صبر الشعب الكردي حيال العزلة المشددة المفروضة على أوجلان.
الجميع بات يدرك أن أوضاع المنطقة ستسوء بشكل أكبر وأن الأزمة ستتعمق مع استمرار سياسات الحرب تجاه الكرد واتهامهم بالإرهاب.
مرة أخرى أردوغان وفي ظل كل ما ذكرناه يصعد من تهديداته ويسعى إلى شن هجوم على مناطق شرق الفرات وتنفيذ المزيد من المجازر هناك، وهو يرفض وجود أي تمثيل للشعب الكردي في سوريا ويرفض وجود أي قوة كردية تدافع عن نفسها ونظامها الإداري الديمقراطي. أيضاً أردوغان مستاء جداً من العلاقات الجيدة بين الشعب الكردي والعربي وفي كل تصريحاته يقول: "لن نسمح ببناء دولة كردية في سوريا ولن نسمح بوجود ممر أو منفذ للكرد على الحدود التركية". 
والواضحة في مواقف تركيا بشكل كبير من الشعب الكردي واحتلالها عفرين أنه كله إثبات على نية تركيا وموقفها من الكرد. أردوغان يرفض الاعتراف بالكرد على الساحة الدولية ويرى أن مقاومة ونضال الشعب الكردي الكبيرة تشكل تهديداً على نظامه الاستبدادي، وحاول عبر الجماعات المرتزقة في سوريا، وسخر كل الإمكانيات لكسر إرادة الشعب الكردي وإخراجه من المعادلة السورية المتأزمة وبهدف فرض هيمنه واحتلاله للمنطقة ووجه كل سياساته إلى محاربة الكرد وبهدف منع التمثيل الكردي في العملية السياسية لحل الأزمة السورية استخدم كل السبل وسخر كل الإمكانيات فحيناً يلجأ إلى إرضاء روسيا وبعض الأحيان يعود إلى الولايات المتحدة الأمريكية وأخرى يلجأ إلى ألمانيا والغرب. 
ملامح هذه المرحلة تشير إلى أن سياسات أردوغان ستواجه صعوبات ليس في قضية الهدنة المعلنة في إدلب ولا حتى في تدخلاته في الأزمة السورية بشكل عام، إذا ما الذي يسعى إليه أردوغان في هذه المرحلة من خلال هذه التهديدات؟
أردوغان يحاول إيصال رساله مفادها: أنه "يوجد في شرق الفرات إرهابيين ويجب القضاء عليهم. في جبال كردستان توجد قوات الكريلا ويجب القضاء عليهم". 
وأردوغان ومن خلال هذه التهديدات يقول: يجب أن لا يطالب أحد برفع العزلة المفروضة على إيمرالي، يجب أن لا ينضم أحد إلى حملة الإضراب المفتوحة في تركيا، يجب أن لا يتحدث أحد عن حقوق الشعب الكردي وكردستان، يعلن الكرد الاستسلام والخضوع لنظامه الاستبدادي، هذه هي رسالة أردوغان في هذه المرحلة.