تحليل|| الاتفاق النووي الإيراني يتداعى.. وبيان الدول الأوروبية يحمل في طياته تلويح بالانسحاب

منعطف جديد لمسار الاتفاق النووي الإيراني يشكل أزمة جديدة قد تعصف بالاتفاق النووي لتخرج في إثره الدول الأوروبية الثلاث من الاتفاق وتنضم إلى الولايات المتحدة التي غادرت الاتفاق مبكراً.

جاء الإعلان الإيراني بشأن مخزون اليورانيوم ليكون بمثابة خطوة تصعيدية جديدة في وقتٍ بالغ الأهمية، ويمكن القول أن إيران بهذه الخطوة خسرت تعاطفاً أوروبياً أو لنقل محاولة أوروبية جاهدة من أجل الاستمرار والمضي قدماً في حل أزمة الاتفاق النووي بعد الانسحاب الأمريكي.

لكن ما يجري أن إيران تواصل التصعيد متصورة بذلك أنها تستخدم أوراق ضغط قد تمكنها من تحقيق انفراجة على المستوى السياسي والاقتصادي الداخلي.. فأزمة إيران مع العقوبات الأمريكية الأخيرة لا زالت لم تظهر بصورتها الواضحة حتى الآن، ومهما كانت درجة الالتفاف على العقوبات إلا أن الأمر سيشكل هزة كبيرة للاقتصاد الإيراني سيتلمس أثرها الشارع الإيراني مما قد يُعرض طهران إلى موجات احتجاج جديدة رغم الضغوط المفروضة (أمنياً) على الشارع الإيراني منذ الاحتجاجات الأخيرة.

والحقيقة أن الخطوة الإيرانية الأخيرة الممثلة في تجاوز إيران حدود مخزون اليورانيوم كانت بمثابة الصفعة الكبيرة للمجموعة الأوروبية المشاركة في الاتفاق النووي (فرنسا، بريطانيا، ألمانيا) والتي ظلت خلال الفترة الماضية تسير مع إيران على أمل أن تُحدث فارقاً في الاطار التفاوضي ولتحافظ على الاتفاق، الذي سعت هذه الدول إلى التوصل إليه منذ بداية الألفية.. رغم الإخفاق والانقطاع الذي رافقها فيما بعد.. وصولاً للاتفاق الذي تلقفته أوروبا وكان نظرها وقتها على السوق الإيرانية الواسعة الخارجة من عزلة دامت طويلا.. وهو الأمر الذي كان سيشكل نقلة اقتصادية مهمة أيضاً للدول الأوربية ولا سيما بريطانيا التي لازالت أزمة بريكست قائمة معها.

موقف إيران جاء عقب إخفاق فيينا

 وجاء هذا الموقف الإيراني بعد خيبة الأمل من اجتماع فيينا وعودتها بخفي حنين، معتبرة أن اللقاء الذي تم جاء مخيباً للآمال، لتعود لسياسة الابتزاز النووي واللعب على وتر تخصيب اليورانيوم.. وهو ما صعد جوانبه روحاني، اليوم، في خطابه متحدثاً عن السابع من يوليو كموعد وربما هو يشير في طيات حديثه إلى مهلة للمفاوضيين للبحث عن مخرج يسترضي إيران، لكن لم يعي أن الكثير من المردودات السلبية قد تحدث.

بيان الدول الأوروبية والبعد عن الهدف من استمرار الاتفاق

الآن ربما إيران في منعطف خطير وهي على شفا هاوية ستفقد فيها الدعم الأوروبي وسيكون وقتها على أوروبا التغريد في السرب الأمريكي الذي قرر من البداية سياسته تجاه إيران وانتهج أحد أصعب القوى المستخدمة على الصعيد الدولي وهي القوة الاقتصادية عبر فرض العقوبات بخطوات مرحلية تنفيذاً لأهداف حددتها الإدارة الأمريكية في سياستها تجاه إيران منذ البداية.

قلق أوروبي واضح

ولم يخف الأوروبيون حالة القلق الواضحة التي عبر عنها البيان المشترك لوزراء خارجية الدول الثلاث الاعضاء بالاتفاق النووي، إضافة إلى الممثلة العليا فريديكا موجريني، بشأن قرار إيران تجاوزها حدود المخزون من اليورانيوم المنخفض التخصيب (والمحدة بـ 300 كيلو)، ليتجاوز الحد المسموح به بموجب الاتفاق الموقع في 2015، وذلك بعد تأكيد الوكالة الدولية للطاقة الذرية لهذه المعلومات.

وشدد الوزراء الأوروبيون الثلاثة ومعهم الممثلة العليا للسياسة الأوروبية، في بيانهم، على أن التزامهم بالاتفاق النووي يعتمد على امتثال إيران الكامل.. وهو ما يعني أيضاً تلويحاً أوروبياً غير صريحاً بالانسحاب وانضمام للجانب الأمريكي وهي الإشارة القوية الأولى التي تظهر بهذا الشكل منذ الانسحاب الأمريكي، وذلك في وقت تدعي إيران أن هذه الخطوة ليست انتهاك للاتفاق النووي وإنما ممارسة لحقها في الرد على الانسحاب الأمريكي من الاتفاق.

بالمقابل جاء حديث روحاني عن رفع التخصيب بدءاً من 7 يوليو عقب البيان الأوروبي ليكون بمثابة رسالة تقول إن ثمة مُضي إيراني قائم على الخطوة التي أكدت المؤشرات الدولية أنها بدأت فعلاً وأن إيران تجاوزت الحاجز المتفق عليه ضمن الاتفاق النووي.

تأثير الإعلان الإيراني على المنطقة

بالتأكيد سيؤدي القرار الإيراني إلى مزيد من التصعيد والتوتر في المنطقة، كما لا يُستبعد أن تُصعد إيران من حدة عملياتها التخريبية في المنطقة عبر أذرعها وعبر المزيد من استهداف أماكن حيوية لاسيما في دول الخليج لاستفزاز الولايات المتحدة، التي بدورها لن تقبل بوجود قوة نووية جديدة في المنطقة، خاصة لما في ذلك من تهديد جديد لربيبتها في المنطقة (إسرائيل) التي تواصل هي الأخرى مساعيها الرامية إلى الإضرار ببرنامج إيران النووي.

ومن المتوقع في الفترة القادمة أن تشهد إيران حرباً من نوع مختلف سبق أن عاصرت جانباً منه وهو ما يتعلق بالحرب التكنولوجية، الإلكترونية عبر استهداف التكنولوجيا النووية الإيرانية بحرب فيروسات إلكترونية.