التلغراف: دعوة لمحاكمات دولية لمقاتلي داعش على غرار "نورنبيرغ" إذا رفضت دول أوروبية محاكمتهم

نقلت صحيفة التلغراف البريطانية عن مصادر في الإدارة الذاتية قولها إنه يمكن أن يتم مثول المقاتلين الأجانب التابعين لتنظيم داعش الإرهابي أمام محكمة دولية على غرار محكمة نورنبيرغ إذا رفضت بريطانيا وغيرها من البلدان إعادتهم إلى أوطانهم.

لا تزال مسألة المقاتلين الأجانب التابعين لتنظيم داعش الإرهابي، والمعتقلين لدى قوات سوريا الديمقراطية تشكل أزمة كبرى خاصة مع استمرار حالة الرفض من قبل الدول الأوروبية لتسلم مواطنيها المعتقلين، والذين قاتلوا في صفوف التنظيم في سوريا. ومن بين أبرز الدول الأوروبية التي لا تريد التعاون في هذا الشأن بريطانيا وألمانيا وفرنسا.

ووفقاً لتقرير نشرته صحيفة التلغراف البريطانية، الثلاثاء، فإن هناك حديث بأنه يمكن أن يتم مثول المقاتلين الأجانب التابعين لتنظيم داعش أمام محكمة دولية على غرار محكمة نورنبيرغ إذا رفضت بريطانيا وغيرها من البلدان إعادتهم إلى أوطانهم، وهو ما طرحه الدكتور عبد الكريم عمر، الرئيس المشترك لمكتب العلاقات الخارجية في الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا.

ومحاكمات نورنبيرغ من أشهر المحاكمات التي شهدها التاريخ المعاصر، وضمت في فترتها الأولى، محاكمات مجرمي حرب القيادة النازية بعد سقوط الرايخ الثالث، وفي الفترة الثانية، تمّت محاكمة الأطباء الذين أجروا التجارب الطبية على البشر.

واستهدفت محاكمات نورنبيرغ بشكل عام مجرمي الحرب الذين ارتكبوا فظائع بحق الإنسانية في أوروبا.

ويتصاعد الاهتمام بمسألة مصير الآلاف من المقاتلين الأجانب في وقت تتسارع المعركة التي تخوضها قوات سوريا الديمقراطية ضد الجيب الأخير للتنظيم الذي يقترب وجوده على الأرض في سوريا إلى النهاية.

وتشير التلغراف إلى أنه في ظل الوضع الراهن فإن الدول الغربية وحلفاءها الكرد موضوعون في مواجهة بشأن مصير الآلاف من المقاتلين الأجانب والزوجات اللاتي يُحتجزن الآن لدى الجانب الكردي. وتواصلت مطالبات قوات سوريا الديمقراطية للبلدان الأجنبية بإعادة مواطنيها إلى أوطانهم وسجنهم لديها، ولكن بريطانيا ودول أخرى قاومت الدعوة بسبب الصعوبات القانونية التي واجهتها في ملاحقتهم، وفقاً لما أفادته الصحيفة البريطانية.

وتشير الصحيفة إلى أنه وفي محاولة للخروج من المأزق، يقترح الكرد في سوريا الآن إنشاء محكمة دولية مثل المحكمة التي حاكمت كبار القادة النازيين في نهاية الحرب العالمية الثانية.

وقال عبدالكريم عمر الرئيس المشترك لمكتب العلاقات الخارجية في الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا: "إذا كانت أوروبا ودول التحالف لا يريدون استعادة مواطنيهم، إذا فإن هناك بديل آخر هو إنشاء محكمة ترعاها الدول مثل نورمبرغ".

ووفقاً لوزارة الداخلية البريطانية، فقد سافر نحو 900 بريطاني إلى المنطقة للانضمام إلى تنظيم الدولة الإسلامية، ويعتقد الآن أن نحو عشرين منهم موجودون في السجون والمخيمات الكردية في شمال شرق سوريا، وفقاً لما نقلته التلجراف.

ونقلت الصحيفة عن عبدالكريم عمر تأكيده أن الكرد مستعدون لرؤية المجاهدين الأجانب يحاكمون ويسجنون في الأراضي الكردية، ولكن المجتمع الدولي سوف يحتاج إلى بناء السجون وتوفير الأمن لهم، مستبعداً في الوقت ذاته تسليم السجناء إلى الحكومة السورية. ولفت الصحيفة إلى أن مسألة تسليم السجناء إلى الدولة السورية أثارت المخاوف بين الدبلوماسيين الغربيين، لاسيما أن النظام الذي يتزعمه بشار الأسد له تاريخ طويل في تعذيب السجناء، ولكنه أيضاً يطلق سراح الجهاديين تكتيكياً لتقويض الجماعات المتمردة الأكثر اعتدالاً.

وشدد عمر على أن الإدارة الذاتية لن تسلم هؤلاء إلى النظام أو إلى أي طرف إقليمي آخر. وتذهب الصحيفة إلى أن إنشاء محكمة دولية سوف يكون معقداً من الناحية القانونية كما أنه الصعب توجيهه سياسياً عبر الأمم المتحدة، حيث يتمتع حليف الأسد (روسيا) بحق النقض في مجلس الأمن.

وقال الدكتور عمر إن الإدارة الذاتية لن تفرج عن المقاتلين الأجانب، ولكن هناك خطراً في أن يتمكنوا من الفرار إذا نفذت تركيا تهديداتها بمهاجمة شمال سوريا.

زوال تنظيم داعش في سورية والعراق

وعبر عمر عن شعوره بالإحباط لأن المملكة المتحدة والدول الأخرى لا تقوم بأي تحرك تجاه هؤلاء المقاتلين وأسرهم.

وقال: "إن شركائنا في أوروبا بشكل خاص تملصوا من مسؤولياتهم .. لو لم نحارب تنظيم داعش بشراسة لكان من الممكن أن تحدث العديد من الهجمات الإرهابية في بريطانيا وغيرها من البلدان الأوروبية".

وأوضح عمر، الذي يحمل الجنسية البريطانية، أنه لا يوجد اتصال دبلوماسي رسمي بين المملكة المتحدة والإدارة الذاتية، في حين أنه كان على اتصال رسمي بكل من الولايات المتحدة وفرنسا اللتين أرسلتا دبلوماسيين إلى شمال شرق سوريا.

وتقول الصحيفة إن فكرة إنشاء محكمة دولية اكتسبت طابعاً ملحاً جديداً بعد أن طالب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الدول الأوروبية بإعادة مقاتلي تنظيم داعش إلى أوطانهم، ولكن طلبه قوبل بالصمت من جانب دول الاتحاد الأوروبي.

نهاية تنظيم داعش

وقال عمر إنهم اقترحوا هذا البديل بعد أن ظهر لهم الرفض الأوروبي لتغريدة ترامب، التي حث فيها الأوروبيين على إعادة مواطنيهم. وأوضح عمر أن الإدارة الذاتية تتطلع إلى "سوريا ديمقراطية فيدرالية"، تظل فيها الأجزاء الكردية جزءاً من سوريا، ولكنها تتمتع بدرجة عالية من الاستقلال الذاتي عن دمشق. وتشير الصحيفة إلى أن الإدارة الذاتية الممثلة للجانب الكردي لديها مخاوف من أن يحاول الأسد إعادة بسط سلطته على المنطقة بالقوة، ولاسيما أن النظام السوري لا يزال يحتفظ بنفس العقلية، التي كانت سائدة قبل عام 2011، وهو ما يؤكده عبدالكريم عمر، الذي يرى أن نظام الأسد سيبذل قصارى جهده للسيطرة العسكرية على هذه المنطقة.